ولاه المنصور المدینة 145 ه – 146.
و ما أن تولی الامارة الا وعثا جنده فسادا فی المدینة بالسرقة من التجار، أو بشراء الأمتعة مع الامتناع عن اعطاء العوض، و لما فشی ذلک، اشتکی التجار الی الوالی لعله یحمیهم من جنده، أو یکف شرورهم.
فما کان منه الا أن انتهر التجار، فرجعوا خاسئین.
و هنا تمادت الجنود فی سرقتها بل و ضرب من یمتنع عن اعطائهم ما یشتهون.
فما کان من السودان الا أن أخذتهم الحمیة و الانفة و الاباء، فانتصروا للتجار و ثاروا علی الجنود، و أوقعوا فیهم القتل الشدید، و هرب عبدالله الحارثی.
لکن التجار اسقطوا حقهم و شکروا للسودان مساعیهم، و انتهت الفوضی فی المدینة، و ارجع التجار الوالی الی المدینة.
ولکن الحقد الذی لازم الحارثی، جعله ینتقم من رؤساء السودان، فأرسل الیهم، و قطع أیدیهم(1)
و هکذا تمثل المنصور و أعوانه بفرعون مصر، و لولا الحیاء من الناس لم یکن من الصعب أن یقول الکثیر منهم: أنا ربکم الأعلی.
1) الامامة و السیاسة ج 2 / 200 – الکامل فی التاریخ ج 3 / 589.