و فیه سبع مسائل:
المسألة الأولی: التعریض فی خطبة المتوفی عنها زوجها و المطلقة ثلاثا فی العدة:
مذهب الامام جعفر الصادق: یجوز التعریض فی المتوفی عنها زوجها و المطلقة ثلاثا، نقل ذلک عنه صاحب البحر الزخار(1) و یجوز التعریض بالخطبة للمعتدة عن وفاة، قال جمهور الفقهاء:
و للمعتدة عن طلاق بائن قال به المالکیة و الشافعیة فی الأظهر و الحنابلة فی قول(2)
و الحجة لهم:
قوله تعالی: «و لا جناح علیکم فیما عرضتم به من خطبة النساء أو أکنتم فی أنفسکم»(3)
و قال الشافعیة فی قول ضعیف لهم: ان کانت عدة الوفاة بالحمل لم یعرض لها خوفا من تکلف القاء الجنین.
ذهب الحنفیة: الی أنه لا یحل التعریض بمعتدة من طلاق بنوعیه لافضائه الی عداوة المطلق.
و نقل الاجماع بین فقهاء الحنفیة علی حرمة التعریض بالمعتدة من طلاق مطلقا و یجوز عندهم التعریض للمعتدة من نکاح فاسد، و وطء شبهة(4)
المسألة الثانیة: نکاح المتعة:(5)
عن الامام صادق روایتان:
الروایة الأولی: أن نکاح المتعة مباح. نقل ذلک عنه الشوکانی و غیره(6)
و روی ذلک عن: أسماء بنت أبیبکر و جابر بن عبدالله و ابنمسعود و ابنعباس و معاویة بن أبیسفیان و عمرو بن حریث و أبیسعید الخدری و سلمة و معبدا ابنی أمیة بن خلف و طاوس و عطاء و سعید بن جبیر و سائر فقهاء مکة. و ابنجریج و الباقر. و الامامیة(7)
و الحقیقة أن فی هذا النقل نظر. و أن ذلک کان قبل علمهم بنسخها ثم قالوا بحرمتها کسائر الصحابة(8)
و الحجة لهم:
قوله تعالی: «فما استمتعتم به منهن فاتوهن أجورهن»(9)
قد فسره ابنعباس: بالمتعة.
الروایة الثانیة: أن نکاح المتعة زنا: نقل ذلک عنه البیهقی فی السنن
الکبری.
روی البیهقی بسنده عن بسام الصیرفی قال: «سألت جعفر بن محمد عن المتعة، فوصفتها، فقال لی: ذلک الزنا»(10)
و نقل بعض العلماء اجماع الأمة علی تحریمها(11)
و الحجة لهم:
1- قوله تعالی: «والذین هم لفروجهم حافظون (5) الا علی أزواجهم أو ما ملکت أیمنهم فانهم غیر ملومین (6)»(12)
2- قوله صلی الله علیه و سلم: «یا أیها الناس انی کنت قد أذنت لکم فی الاستمتاع بالنساء و ان الله قد حرم ذلک الی یوم القیامة، فمن کان عنده شیء منهن فلیخل سبیله، و لا تأخذوا مما آتیتموهن شیئا» رواه مسلم(13)
و قد وردت أحادیث أخری کثیرة فهی النهی عن المتعة. جمعها الحافظ ابنحجر فی الفتح(14)
روی عن الحسن بن یحیی بن زید فقیه العراق أنه قال: «أجمع آل رسول الله صلی الله علیه و سلم علی کراهیة المتعة و النهی عنها»(15)
المسألة الثالثة: اشتراط الولی لصحة عقد النکاح:
سبق الکلام عنها عند الاحتجاج بمفهوم المخالفة.
المسألة الرابعة: اشتراط الشهود فی عقد النکاح:
مذهب الامام جعفر الصادق: أن الشاهدین شرط فی عقد النکاح و لا
یصح الا بهما. نقل ذلک عنه صاحب الروض النضیر(15)
و روی ذلک عن: سیدنا عمر و علی و ابنعباس و ابنعمر و ابنالزبیر و عروة و الحسن و النخعی و جابر بن زید و قتادة و الباقر و الثوری و زید بن علی و الأوزاعی و ابنالمسیب. و الیه ذهب أبوحنیفة و مالک و الشافعی و أحمد و الظاهریة و الزیدیة(16)
الا أن أبوحنیفة و الشافعی و أحمد فی المشهور منه. اشترطوا مقارنة الشهادة للعقد(17)
و أما الامام مالک فیقول: یجوز تأخر الشهادة عن العقد و علیه لو تم العقد بدون شهادة ثم أقر به المتعاقدان أمام الشهود کفی ذلک لکن یجب أن یکون هذا قبل الدخول فان لم یشهدوا متی حصل الدخول انفسخ النکاح و وجب الحد اذا أقر بالدخول أو ثبت بشهادة أربعة شهود.
لکن لو أعلن النکاح بولیمة أو نحو ذلک فان الحد فی هذه الحالة یدرأ(18)
و هذا هو مذهب الامام مالک کما ذکرته کتب المالکیة بخلاف کتب غیرهم: من عدم اشتراط الشهادة لصحة النکاح عند مالک و أن الاعلان یغنی عنهما. فالاعلان یدرأ الحد فقط، أما صحة النکاح فلا بد من
الشهادة لکن لا تشترط مقارنتها للعقد. هذا ما أوضحه الدکتور هاشم جمیل(19)
و الحجة لهم:
1- ما روی عن عائشة قالت: قال رسول الله صلی الله علیه و سلم: «لا نکاح الا بولی و شاهدی عدل»(20)
2- ما روی عنها أیضا قالت: «أیما امرأة نکحت بغیر اذن ولیها و شاهدی عدل فنکاحها باطل»(21)
3- ما روی عن ابنعباس أن النبی صلی الله علیه و سلم قال: «البغایا اللاتی ینکحن أنفسهن بغیر بینة»(22)
و خالف ذلک جماعة: فذهبوا الی أن الشهادة لیست شرطا فی النکاح. روی ذلک عن الحسن بن علی و سالم و حمزة ابنی عبدالله بن عمر و یزید بن هارون و عبدالله بن ادریس و عبدالرحمن بن مهدی و أبیثور و ابنالمنذر(23)
المسألة الخامسة: حکم نکاح الکتابیة:
مذهب الامام جعفر الصادق: یجوز لمسلم نکاح الکتابیة من الیهود
و النصاری. نقل ذلک عنه صاحب الروض النضیر(24)
و قد نقل بعض العلماء الاجماع علی ذلک(25)
و الحجة لهم:
قوله تعالی: «الیوم أحل لکم الطیبات و طعام الذین أوتوا الکتاب حل لکم وطعامکم حل لهم والمحصنات من المؤمنات و المحصنات من الذین أوتوا الکتاب من قبلکم اذا ءاتیتموهن أجورهن»(26)
و ذهب بعضهم الی: عدم جواز نکاح المسلم الکتابیة.
روی ذلک عن: سیدنا عمر و ابنعباس و عطاء و الهادی و القاسم و النفس الزکیة.
و قد حمل القرطبی النهی الوارد عن ابنعمر رضی الله عنهما فی ذلک علی التنزیه(27)
المسألة السادسة: فسخ النکاح بسبب العنة(28)
مذهب الامام جعفر الصادق: أن العنة عیب یفسح به النکاح بعد تحققه(29)
روی ذلک عن: سیدنا عمر و علی و ابنمسعود و المغیرة و معاویة و سعید بن المسیب و عطاء و الحسن و النخعی و ربیعة و الباقر و شریح و عمرو بن دینار و زید بن علی و حماد و الأوزاعی و الناصر و أحمد بن عیسی و هو قول الحنفیة و الشافعیة و مالک و غیرهم(30)
و الحجة لهم:
1- قوله تعالی: «فامساک بمعروف أو تسریح باحسان»(31)
وجه الدلالة:
أنه قد تعذر المعروف فتعین التسریح کالمجبوب(32)
و کذلک أن العنة عیب یمنع الوطء الذی من أجله شرع الزواج و لا یتم الا به و هنا قد انتفی الغرض منه(29)
و القائلون ان العنة یفسخ بها النکاح و هم جمهور الفقهاء منهم الأئمة الأربعة اتفقوا علی أن العنین یؤجل سنة.
و قال بعض العلماء: ان النکاح لا ینفسخ بعیب العنة و لا یؤجل.
روی ذلک عن: علی و داود و الحکم و أهل الظاهر روایة عن أحمد.
و قال ابنحزم: ان النکاح لا ینفسخ بعیب مطلقا(33)
المسؤلة السابعة: حکم وطء المرأة ولها ولد من غیره فیموت:
مذهب الامام جعفر الصادق: أن من وطء فیجوز الحمل ثم مات ربیبه و لا مسقط للأخوة لأم و لا حاجب لها کف عن جماعها ندبا لا وجوبا حتی تبین الحمل أو عدمه(34)
روی ذلک عن: سیدنا علی و ابنه الحسین و الحسن البصری و الهادی
و الامام یحیی(35)
الحجة لهم:
ما روی عن جعفر بن محمد عن أبیه یرفعه الی علی (أنه کره أن یکون للرجل امرأة ولها ولد من غیره فیموت ولدها أن یطئها حتی تحیض حیضة أو حیضتین أو یتبین حملها)(36)
1) البحر الزخار: 4 / 8.
2) اعانة الطالبین: 3 / 267، 268 – نهایة المحتاج: 6 / 203 – قلیوبی: 3 / 213، 214.
3) سورة البقرة: 235.
4) المغنی: 6 / 618 – روضة الطالبین: 7 / 30، 31 – حاشیة ابنعابدین: 2 / 219 – رد المختار: 2 / 619 – نهایة المحتاج: 6 / 199.
5) نکاح المتعة: هو النکاح الی أجل: کأن یتزوج الرجل المرأة الی شهر أو سنة غیر ذلک. فاذا انقضت المدة وقعت الفرقة بینهما من غیر طلاق. انظر: القرطبی 5 / 132 – شرح مسلم: 9 / 181 – المغنی: 7 / 517.
6) نیل الأوطار: 6 / 154 – البحر الزخار: 4 / 22.
7) المحلی: 9 / 519 – المغنی: 7 / 571 – نیل الأوطار: 6 / 154 – البحر الزخار: 4 / 22.
8) مسائل من الفقه المقارن: 2 / 117 – فقه سعید بن المسیب: 3 / 189 و ما بعدها – الروض النضیر: 4 / 25 و ما بعدها – فتح الباری: 9 / 138 – فقه الأوزاعی: 2 / 30.
9) سورة النساء: 24.
10) السنن الکبری: 7 / 207.
11) القرطبی: 5 / 133، 12 / 106 – فتح الباری: 9 / 138 – المنتقی: 3 / 336 – عمدة القاری: 7 / 246 – شرح مسلم: 9 / 181 – نیل الأوطار: 6 / 136.
12) سورة المؤمنون: 6، 5.
13) مسلم هامش النووی: 9 / 186.
14) فتح الباری: 9 / 135.
15) الروض النضیر: 4 / 26.
16) المصدر السابق – المغنی: 7 / 339 – المنتقی: 3 / 313 – نیل الأوطار: 6 / 108 – الهدایة: 1 / 137 – الأم: 5 / 19 – مغنی المحتاج: 3 / 144 – حلیة العلماء: 6 / 365 – بدائع الصنائع: 2 / 252 – الأنصاف: 8 / 102 – الشرح الصغیر للدردیر: 2 / 335 – السیل الجرار: 2 / 270 – تحفة الفقهاء للسمرقندی: 2 / 181 – زخ 36 / 27.
17) الهدایة: 1 / 137 – الاختیار: 3 / 83 – المهذب: 2 / 40 – مختصر الطحاوی: 169.
18) الأشراف: 4 / 46 – الشرح الصغیر بهامش بلغة المسالک: 1 / 376 – الأحوال الشخصیة لأبی زهرة: 56.
19) مسائل من الفقه المقارن القسم الثانی: 100.
20) سنن الترمذی: 2 / 282 – الدارقطنی: 2 / 227 – السنن الکبری (البیهقی): 7 / 125 – مجمع الزوائد: 4 / 285.
21) السنن الکبری (البیهقی): 7 / 125 – الدارقطنی مع التعلیق المغنی: 2 / 383 – نصب الرایة: 3 / 167 – المحلی: 9 / 465، و قال ابنحزم: لا یصح فی الباب شیء غیر هذا الحدیث.
22) الترمذی بشرح تحفة الأحوذی: 2 / 177 – السنن الکبری (البیهقی): 7 / 126.
23) القرطبی: 3 / 79 و 13 / 280 – نیل الأوطار: 6 / 144 – الحاوی: 1 / 48 – تکملة المجموع: 15 / 331، 335 – البحر الزخار: 4 / 27 – حلیة العلماء: 6 / 365 – بدایة المجتهد: 2 / 21.
24) الروض النضیر: 4 / 64.
25) المغنی: 7 / 500 – بدایة المجتهد: 2 / 47.
26) سورة المائدة: 5.
27) البخاری مع الفتح: 9 / 337 – الروض النضیر: 4 / 64 – القرطبی: 3 / 68.
28) یقال: رجل عنین أی لایقدر علی اتیان النساء. انظر: المصباح: 2 / 663.
29) البحر الزخار: 4 / 64 – الروض النضیر: 4 / 81، 82.
30) المصدران السابقان – المغنی: 7 / 226 – المؤطا هامش الزرقانی: 3 / 215 – شرح الدردیر: 1 / 309 مغنی المحتاج: 3 / 205 – المدونة: 4 / 114 – البدائع: 3 / 1527 – تکملة المجموع: 16 / 279 – المحلی: 1 / 190 – الهدایة: 2 / 20 – الأشراف: 4 / 81 – حلیة العلماء: 6 / 403 – سبل السلام: 3 / 136.
31) سورة البقرة: 229.
32) یقال: رجل مجبوب اذا استؤصلت هذا مذاکیره. انظر: المصباح: 1 / 140.
33) المصادر السابقة.
34) البحر الزخار: 4 / 96.
35) المصدر السابق.
36) مصنف عبدالرزاق: 6 / 220.