و فیه ست مسائل:
المسألة الأولی: خیار المجلس:
مذهب الامام جعفر الصادق: ثبوت خیار المجلس للمتبایعین ما لم یتفرقا فقد نقل عنه صاحب البحر الزخار، أن المراد بالتفریق بین المتبایعین: التفرق بالأبدان(1)
روی ذلک عن سیدنا علی و ابنعباس و ابنعمر و أبیهریرة و الشعبی و الحسن البصری و عطاء و طاووس و الزهری و علی بن الحسن و الباقر و الناصر و الأوزاعی و اسحاق و أبیثور.
و الیه ذهب الشافعی و أحمد(2)
و الحجة لهم:
1- ما روی عن ابنعمر عن رسول الله صلی الله علیه و سلم أنه قال: «اذا تبایع الرجلان فکل واحد منهما بالخیار ما لم یتفرقا و کانا جمیعا، أو یخیر أحدهما الآخر فتبایعا، و لم یترک واحد منهما البیع فقد وجب البیع»(3)
وجه الدلالة:
أن النبی صلی الله علیه و سلم لا یخاطب أمته بما لا یفیدهم فمعنی قوله «ما لم یتفرقا» لا یخلو ذلک اما أن یکون بالقول أو بالبدن، و حمله علی القول لا یفید معنی، لأنه لا معنی للقول للبائع بأن الخیار فی بیع سلعته و هی عنده و لا معنی للقول للمشتری بأن له الخیار فی شراء سلعة الغیر لأن کل ذلک معلوم
لهما، فیحمل الحدیث علی ما یفید المخاطبین معنی لم یکن یعتقدونه قبل أن یخاطبوا به، و هو أنه بعد تمام العقد بالایجاب و القبول یکون لهما الخیار ما لم یتفرقا عن مکانهما الا اذا اختارا لزوم البیع(4)
و قال أبوحنیفة و مالک والنخعی و الثوری و ربیعة: لا یثبت خیار المجلس أصلا.
و قالوا: بلزوم البیع بالایجاب و القبول(5)
المسألة الثانیة: بیع أم الولد:
اختلف الفقهاء فی هذه المسألة.
مذهب الامام الصادق: جواز بیع أمالولد فی حیاة سیدها و له منها ولد.
نقل ذلک عنه صاحب ضوء النهار و غیره(6)
و روی ذلک عند سیدنا علی و ابنعباس و ابنالزبیر و الباقر و المزنی و داود و الامامیة(7)
و الحجة لهم:
عن جابر قال: «بعنا أمهات الأولاد علی عهد رسول الله صلی الله علیه و سلم و أبیبکر فلما کان عمر نهانا فانتهینا»(8)
و خالف ذلک جماعة: فذهبوا الی عدم جواز بیع أم الولد أو التصرف
فیها بما ینقل الملک من هبة و غیرها فاذا مات سیدها أعتقت من رأس المال.
روی ذلک عن: سیدنا عمر و عثمان و عبیدة السلمانی و عمر بن عبدالعزیز و سعید بن المسیب و به قال جمهور العلماء و الیه ذهب الأئمة الأربعة.(9)
المسألة الثالثة: بیع الخنزیر:
مذهب الامام جعفر الصادق: جواز بیع الخنزیر.
نقل ذلک عنه صاحب البحر الزخار(10)
روی ذلک عن: الباقر(11) و نقل عن الأوزاعی و أبییوسف و بعض المالکیة الترخیص فی القلیل من شعره.
و قال الحنفیة بجواز بیع الخنزیر لأهل الذمة(12)
و وجه هذا المذهب:
أن الخنزیر مباح الانتفاع به شرعا لأهل الذمة. کالخل والشاة لنا، فکان مالا فی حقهم فیجوز بیعه.
و روی عن سیدنا عمر رضی الله عنه: «أنه کتب الی عشاره بالشام: أن ولوهم بیعها و خذوا العشر من أثمانها».
و لو لم یجز بیعها منهم لما أمرهم بتولیتهم البیع(13)
و قال أکثر أهل العلم لایجوز بیع الخنزیر(14)
المسألة الرابعة: السلم فی الحیوان:
و قد سبق الکلام عنها فی موضوع الاحتجاج بالاستحسان.
المسألة الخامسة: القرض فی الحیوان:
أجمع الفقهاء علی جواز القرض فیما له مثل من المکیل و الموزون و الأطعمة(15) و اختلفوا فی جواز القرض فی الحیوان.
و مذهب الامام جعفر الصادق: أنه یصح القرض فی الحیوان.
نقل ذلک عنه صاحب البحر الزخار(16)
و روی ذلک عن: الأوزاعی و الباقر و الامام یحیی و اللیث. و الیه ذهب مالک و الشافعی(17)
و الحجة لهم:
1- ما روی عن أبیرافع «أن رسول الله صلی الله علیه و سلم استلف من رجل بکرا فقدمت علیه ابل الصدقة فأمر أبارافع أن یقضی الرجل بکرا فرفع الیه أبورافع لم أجد الا خیارا رباعیا، فقال: أعطه ایاه ان خیار الناس أحسنهم قضاء»(18)
2- ما روی عن أبیهریرة قال: «کان لرجل علی النبی صلی الله علیه و سلم جعل سن من الابل فجاءه یتقاضاه. فقال: أعطوه فطلبوا سنه فلم یجدوا له الا سنا فوقها فقال: أعطوه فقال: أوفیتنی أوفی الله بک، فقال النبی صلی الله علیه و سلم: ان خیارکم
أحسنکم قضاء»(19)
المسألة السادسة: البیع الی العطاء(20)
مذهب الامام جعفر الصادق: جواز البیع الی العطاء.
نقل ذلک عنه صاحب الروض النضیر(21)
و روی ذلک عن: أمهات المؤمنین – رضی الله عنهن – و ابنعمر و ابنه سالم و الشعبی و سلیمان بن یسار و علی بن الحسین و أبیثور و ابن أبیلیلی.
و الیه ذهب مالک و أحمد فی روایة له(22)
و الحجة لهم:
1- ما روی عن جعفر بن محمد عن أبیه: أن دهقانا بعث الی علی بن أبیطالب ثوب دیباج منسوجا بالذهب فابتاعه عمرو بن حریث الی العطاء بأربعة آلاف درهم(23)
2- ما روی عن عبد الله بن عمرو بن العاص: «أن النبی صلی الله علیه و سلم أمره أن یشتری الابل الی خروج المصدق»(24)
3- أنه أجل یتعلق بوقت من الزمن یعرف فی العادة، و لا یتفاوت تفاوتا کثیرا فالغرر فیه یسیر معفو عنه فأشبه اذا قال الی رأس السنة کما أن وقت خروج العطاء ملعوم بالعرف لا یتأخر الخروج عنه الا نادرا فکان هذا بیعا بأجل
معلوم، فیصح البیع(25)
و قال الحنفیة و الشافعیة و ابنالمنذر: لا یجوز البیع الی أجل مجهول و لو کانت الجهالة متقاربة لأن الأجل عندهم یجب أن یکون معلوما مضبوطا و مقدرا(26)
1) البحر الزخار: 4 / 345، 346 – الروض النضیر: 3 / 262، 263.
2) المصدران السابقان – اختلاف الفقهاء: 14 – عمدة القاری: 11 / 194 – تحفة الأحوذی: 2 / 224 – المحلی: 8 / 409 – المغنی: 4 / 8 – المغنی المحتاج: 2 / 45.
3) البخاری بشرح الفتح: 4 / 229 – مسلم بشرح النووی: 10 / 174.
4) اختلاف الفقهاء للطبری: 36، 35.
5) المصادر السابقة – الموطأ مع تنویر الحوالک: 2 / 161 – المدونة: 10 / 188 – شرح معانی الآثار: 4 / 17 – البنایة علی شرح الهدایة: 6 / 650 – شرح مسلم للنووی: 10 / 173 – القوانین الفقهیة: 235.
6) ضوء النهار: 3 / 1154 – البحر الزخار: 4 / 310 – نیل الأوطار: 6 / 224 – الروض النضیر: 3 / 569.
7) المصادر السابقة – المغنی: 2 / 492، 494.
8) سنن أبیداود: 4 / 27 – سنن ابنماجه: 2 / 55 – المستدرک: 2 / 19.
9) السنن الکبری: 10 / 344 – المغنی: 12 / 492 – الأشراف للبغدادی: 2 / 314 – المهذب: 2 / 20 – الهدایة 2 / 51.
10) البحر الزخار: 4 / 308.
11) المصدر السابق – سبل السلام: 3 / 6.
12) نیل الأوطار: 5 / 141، 142 – بدائع الصنائع: 5 / 143 – رد المحتار: 4 / 104.
13) بدائع الصنائع: 5 / 143.
14) نیل الأوطار: 5 / 142 – الهدایة: 3 / 42 – الاختیار: 2 / 23 – مواهب الصمد فی ألفاظ الزبد: 85 – البیان الشافی: 2 / 474 – حاشیة ابنعابدین: 4 / 104، 106 – الهدایة مع فتح القدیر: 6 / 45، 46 – المجموع: 9 / 230 – شرح الخرشی علی مختصر خلیل بحاشیة العدوی: 5 / 15 – تحفة المحتاج: 4 / 238 الشرح الکبیر مع المغنی: 4 / 13.
15) المغنی: 4 / 355.
16) البحر الزخار: 4 / 393.
17) المصدر السابق. – عمدة القاری: 12 / 134 – شرح مسلم: 11 / 37 – شرح الدردیر: 3 / 222.
18) مسلم بشرح النووی: 11 / 36.
19) البخاری بشرح الفتح: 4 / 322.
20) العطاء: وقت تقسیم نفقات الجند و أرزاقهم. انظر: الروض النضیر: 3 / 265.
21) الروض النضیر: 3 / 265، 266.
22) المصدر السابق. – المغنی مع الشرح الکبیر: 4 / 328 – حاشیة الدسوقی علی الشرح الکبیر: 3 / 205 – المدونة: 4 / 292 – المنتقی شرح الموقع للباجی: 5 / 15.
23) الروض النضیر: 3 / 266.
24) الدارقطنی: 3 / 69 – المستدرک: 2 / 56.
25) المبسوط: 13 / 27 – المجموع: 9 / 340 – المغنی مع الشرح الکبیر: 4 / 329 – الروض النضیر: 3 / 266.
26) رد المحتار علی الدر المختار: 4 / 126 – مغنی المحتاج: 2 / 105 – المهذب: 1 / 299 – کشاف القناع: 3 / 189، 300.