و فیه مسألتان:
المسألة الأولی: حکم من جامع فی نهار رمضان و عجز عن الکفارة: أجمع العلماء علی فساد الصوم بالجماع عمدا فی الفرج(1)
و اختلفوا فی حکم من أفطر عامدا فی رمضان و هو معسر فهل تجب
علیه الکفارة أمتسقط؟ و عن الامام جعفر الصادق فی هذه المسألة روایتان:
الروایة الأولی: أن من عجز عن العتق و الصیام و الاطعام سقطت عنه الکفارة، و لا شیء علیه و ان أیسر بعد ذلک. نقل عنه ذلک صاحب البحر الزخار و غیره(2)
روی ذلک عن: عطاء و سعید بن جبیر و ابنسیرین و النخعی و الشعبی و ابنعلیة و الأوزاعی و زید بن علی و الهادی و الناصر و الباقر و أحمد بن عیسی و النفس الزکیة و الیه ذهب أحمد فی روایة عنه(3)
و الحجة لهم:
ما روی عن أبیهریرة رضی الله عنه: «أن رجلا جاء الی النبی صلی الله علیه و سلم فقال: یا رسول الله هلکت. قال: و یحک و ماذا؟ قال: وقعت علی أهلی فی یوم رمضان فقال: أعتق رقبة. قال: ما أجد. قال: فصم شهرین متتابعین. قال: ما أستطیع. قال: فطعام ستین مسکینا. قال: ما أجد. قال: فأوتی النبی صلی الله علیه و سلم بعرق تمر فیه خمسة عشر صاعا قال: خذه فتصدق به قال: علی أفقر من أهلی فوالله ما بین لابتی المدینة أحوج من أهلی. فضحک رسول الله صلی الله علیه و سلم حتی بدت أنیابه ثم قال خذه و استغفر الله و أطعمه أهلک.».
وجه الدلالة:
أن النبی صلی الله علیه و سلم لما دفع الیه التمر و أخبره بحاجته الیه قال: «أطعمه أهلک»، و لم یأمره بکفارة أخری. و ما یقال ان هذا الحکم خاص بالأعرابی لا یتعداه غیر مقبول لأن دعوی الخصوصیة لا تسمع الا بدلیل(4)
و قال أبوحنیفة: بوجوب الکفارة فی الجماع و الأکل و الشرب و ما
یتغذی أو یتداوی به.
و قال مالک: بوجوب الکفارة فی کل فطر علی وجه الهتک لحرمة الصوم الا الردة.
و قال الشافعی: و هو الصحیح من مذهب أحمد: بوجوب الکفارة علی من أفسد صوم رمضان بالجماع، دون من أفسده بغیر ذدلک(5)
الروایة الثانیة: أن من جامع فی نهار رمضان عامدا یفسد صومه و لا کفارة علیه. نقل ذلک عنه صاحب البحر الزخار و غیره.(6)
و روی ذلک عن: عطاء و سعید بن المسیب و النخعی و ابنعلیة و زید بن علی و الباقر و الهادی و الناصر و المؤید بالله و المرتضی و النفس الزکیة و أحمد بن عیسی.
و الحجة لهم:
قوله صلی الله علیه و سلم «أطعمه أهلک» فی الحدیث السابق.
وجة الدلالة:
فیه اشارة علی سقوط الکفارة عنه لأنه یمکن أن یصرف کفارته الی نفسه.
المسألة الثالثة: حکم من مات و علیه صیام من رمضان أو نذر:
اختلف العلماء فی هذه المسألة.
و مذهب الامام جعفر الصادق: أن من مات و علیه صیام من رمضان، أو نذر، صام عنه ولیه. نقل ذلک عنه صاحب الروض النضیر و غیره.(7)
و روی ذلک عن: ابنعباس و سعید بن المسیب و الأوزاعی و الباقر و الناصر و المنصور و طاوس و الحسن و الزهری و قتادة و هو قول للشافعی،
و به قال الظاهریة(8)
و الحجة لهم:
ما روی عن عائشة رضی الله عنهما أن النبی صلی الله علیه و سلم قال: «من مات و علیه صیام صام عنه ولیه» متفق علیه(9)
و قال بعض العلماء: من مات قبل امکان الصیام اما لضیق أو لعذر من مرض أو سفر أو عجز عن الصیام فهذا لا شیء علیه لا من صیام و لا من اطعام.
روی ذلک عن: ابنعباس و عکرمة و روایة عن الحسن.
و قال بعضهم ان صح أیاما و لم یصم، صام عنه و لیه قدر الأیام التی صح فیها، و ان لم یصم أطعم عنه ولیه. و حکی عن طاوس و قتادة أنهما قالا بوجوب الاطعام لأنه صوم واجب سقط بالعجز عنه، فوجب الاطعام عنه کالشیخ الهرم اذا ترک الصیام لعجزه عنه.
و قال بعضهم: ان من مات بعد امکان القضاء و لم یقض لا یجوز الصیام عنه.
روی ذلک عن النخعی و الثوری و أصحاب الرأی و الیه ذهب مالک و هو قول للشافعی.
و فرق بعضهم: بین قضاء رمضان و قضاء النذر، فان کان علیه قضاء رمضان أطعم عنه، و ان کان علیه صوم نذر صام عنه ولیه.
و قال الأئمة الأربعة: بجواز الاطعام عنه و لم یقولوا بجواز الصیام(10)
1) المغنی: 3 / 54.
2) البحر الزخار: 3 / 249 – الروض النضیر: 2 / 501.
3) المصدران السابقان – المغنی: 3 / 69 – عمدة القاری: 11 / 94 – معالم السنن: 2 / 116 – المجموع: 6 / 344 – فتح الباری: 4 / 119 – نیل الأوطار: 4 / 183 – بدایة المجتهد: 1 / 33.
4) المغنی: 3 / 69.
5) ینظر المجموع: 6 / 329 – المغنی: 3 / 50 – الهدایة: 1 / 89 – المنتقی: 2 / 54 – المدونة: 1 / 218 – الاشراف: 1 / 200.
6) البحر الزخار: 3 / 248، 249 – الروض النضیر: 2 / 502، 501.
7) الروض النضیر: 2 / 487، 488 – البحر الزخار: 3 / 257.
8) المصدران السابقان – الاشراف: 1 / 209 – المحلی: 7 / 7 – الهدایة: 1 / 91 – المجموع: 6 / 372 – المغنی: 3 / 81، 83 – شرح السنة: 8 / 25 و 6 / 327.
9) البخاری هامش الفتح: 4 / 138 – مسلم هامش النووی: 8 / 23.
10) انظر: المصادر السابقة – المدونة: 1 / 334 – مغنی المحتاج: 1 / 424 – نیل الأوطار: 4 / 250.