و فیه أربع مسائل:
المسألة الأولی: حکم من أمنی عن تفکر و هو صائم:
اختلف الفقهاء فی هذه المسألة.
مذهب الامام جعفر الصادق: أنه من أمنی عن تفکر و هو صائم فقد فسد صومه نقل ذلک عن صاحب البحر الزخار و غیره(1)
و روی ذلک عن الامام الباقر و الامام یحیی والقاسم و الهادی و عطاء
و الحسن و الناصر.
و الیه ذهب مالک و الامامیة(2)
و الحجة لهم:
1- قوله صلی الله علیه و سلم «العینان تزنیان»(3) فجعل لهما حکم الفرج فی استدعاء الشهوة، فکذلک القلب کمن لمس(4)
2 – و وجه هذا المذهب: أن الفکرة تستحضر فتدخل تحت الاختیار(5)
و خالف ذلک جماعة فذهبوا الی: أنه لا یفسد الصوم اذا أمنی عن تفکر. روی ذلک عن جابر و الثوری و ابنالمنذر و الیه ذهب أبوحنیفة والشافعی و هو روایة عن أحمد(6)
المسألة الثانیة: دخول ماء المضمضة و الاستنشاق:
اجمع الفقهاء علی أن دخول ماء المضمضة و الاستنشاق عمدا الی الجوف یفسد الصوم(7) واختلفوا فی دخوله خطأ.
و مذهب الامام الصادق: أن دخول ماء المضمضة و الاستنشاق لا یفسد الصوم اذا کان فی وضوء الصلاة نقل ذلک عنه صاحب البیان الشافی و غیره(8)
و روی ذلک عن: الحسن البصری و النخعی(2)
و وجه هذا المذهب:
أنه حصل ما فعل مأمور به بغیر اختیار و لم یبق له تمکین فلا یفسد به الصوم(9)
و قال الحنفیة و مالک والشافعی و المزنی: ما دخل من ماء المضمضة و الاستنشاق أفسد الصوم و لو خطأ أو مکرها و قال أحمد و اسحاق و الأوزاعی و أصحاب الشافعی: لا یفسد مطلقا کالناسی(10)
المسألة الثالثة: حکم الحجامة(11) للصائم:
اختلف الفقهاء فی هذه المسألة.
و مذهب الامام جعفر الصادق: أن الحجامة لا تفسد الصوم. نقل ذلک عنه صاحب البحر الزخار(7)
و روی ذلک عن: أمالمؤمنین عائشة و أمسلمة و ابنعباس و ابنمسعود و معاذ بن جبل و سعد بن أبیوقاص و زید بن أرقم و الحسن و الحسین ابنی علی و ابنعمر و أنس و أبیسعید الخدری و عروة و الشعبی و النخعی و طاوس و الحسن البصری و سعید بن جبیر و محمد الباقر و زید ابنی علی و الثوری و أبی عبدالرحمن السلمی.
و الیه ذهب أبوحنیفة و مالک و الشافعی(12)
و الحجة لهم:
1- ما روی عن ابنعباس قال: «احتجم رسول الله صلی الله علیه و سلم و هو صائم»(13)
2- ما روی عن ثابت البنانی: قال: سئل أنس بن مالک رضی الله عنه أکنتم تکرهون الحجامة علی عهد النبی صلی الله علیه و سلم قال: «لا الا من أجل الضعف»(14)
3- ما روی عن أبیسعید الخدری قال رخص رسول الله صلی الله علیه و سلم فی الحجامة للصائم(15)
قال بعض العلماء: ان الحجامة تبطل صوم الحاجم و المحجوم. روی ذلک عن الأوزاعی و اسحاق و أبیثور و ابنسیرین و الیه ذهب أحمد(16)
المسألة الرابعة: الأکل و الشرب نسیانا:
مذهب الامام جعفر الصادق: أن الصوم لا یبطل بالأکل و الشرب نسیانا. نقله عنه صاحب الروض و غیره(17) و روی ذلک عن: سیدنا علی و زید بن ثابت و أبیهریرة و ابنعمر و زید بن علی و الباقر و عطاء و طاوس و الأوزاعی و الثوری و اسحاق و مجاهد و الحسن البصری و أبیثور و ابنالمنذر و غیرهم.
و الیه ذهب أبوحنیفة و الشافعی و هو قول أحمد و ابنحزم(18)
و الحجة لهم:
1- حدیث أبیهریرة رضی الله عنه قال: قال رسول الله صلی الله علیه و سلم: «من نسی و هو صائم فأکل أو شرب فلیتم صومه فانما أطعمه الله و سقاه»(19)
2- قوله صلی الله علیه و سلم: «تجاوز الله عن أمتی الخطأ و النسیان و ما استکرهوا علیه»(20)
وجه الدلالة:
أن النبی صلی الله علیه و سلم أمر من أکل أو شرب ناسیا بالاتمام و سمی الذی یتم صوما و ظاهره حمله علی الحقیقة الشرعیة لعدم ما یدل علی ارادة غیرها و مما یدل علی صحة الصوم أیضا قوله: «فانما أطعمه الله و سقاه» لأنه یشعر بأن الفعل الصادر منه مسلوب الاضافة الیه فلو أفطر لأضیف الحکم الیه(21)
و قال ربیعة و مالک: یجب القضاء علی الناسی و لا کفارة علیه(22)
1) البحر الزخار: 3 / 251 – البیان الشافی: 1 / 598.
2) المصدران السابقان.
3) مسند أحمد: 1 / 412 – ابنحبان: 1 / 267 – مجمع الزوائد: 6 / 256.
4) البحر الزخار: 3 / 251.
5) الشرح الکبیر هامش المغنی: 3 / 41 – القوانین الفقهیة: 119.
6) الشرح الکبیر هامش المغنی: 3 / 40 – الهدایة: 1 / 122 – المجموع: 6 / 342 – المحلی: 6 / 302.
7) البحر الزخار: 3 / 253.
8) البیان الشافی: 1 / 596 – البحر الزخار: 3 / 253.
9) البیان الشافی: 1 / 596 – فقه الامام الأوزاعی: 1 / 391.
10) المصادر السابقة – المغنی: 3 / 44 – نیل الأوطار: 4 / 179 – عون المعبود: 1 / 280 – مغنی المحتاج: 1 / 492.
11) الحجامة: المداواة و المعالجة بالمحجم: آلة الحجم و هی شیء کالکأس، یفرغ من الهواء و یوضع علی الجلد فیحدث تهیجا و یجذب الدم بقوة. و قیل: هو فی اللغة: المص. و الحجام هو المصاص. انظر المنجد 646 – السان العرب: 15 / 6.
12) المصدر السابق – المجموع: 6 / 349 – عون المعبود: 2812 – الرحمة فی اختلاف الأئمة / باب ما یجوز للصائم، فتح الباری: 4 / 126 – الروض النضیر: 2 / 649 – الهدایة: 1 / 88 – شرح الدردیر: 1 / 170 – الزرقانی علی الموطأ: 2 / 429.
13) البخاری: 1 / 332 – أحمد: 1 / 222 – ابنماجة: 2 / 1029 – مختصر سنن أبیداود: 3 / 246.
14) البخاری هامش الفتح: 4 / 127.
15) سنن الدارقطنی: 1 / 339.
16) انظر: المصادر السابقة – المغنی: 3 / 36 – المحلی: 6 / 205 – الانصاف: 3 / 302 – نیل الأوطار: 4 / 11.
17) الروض النضیر: 3 / 20 – البحر الزخار: 3 / 255.
18) المصدران السابقان – المحلی: 6 / 204 – المغنی: 3 / 23 – المجموع: 6 / 367 – الهدایة: 1 / 132 – البدائع: 2 / 1007.
19) البخاری هامش الفتح: 4 / 194 – مسلم هامش النووی: 8 / 35.
20) المستدرک: 2 / 198 – ابنماجه: 1 / 659.
21) فتح الباری: 4 / 111.
22) المدونة: 1 / 208 – الشرح الصغیر للدردیر: 1 / 703 – نیل الأوطار: 5 / 212.