اختلف الفقهاء فی المرأة اذا کانت بالغة عاقلة حرة هل یصح أن تتولی عقد زواجها بنفسها أو لابد من ولی یتولی عقد النکاح علیها؟
و مذهب الامام جعفر الصادق أن الولی شرط و لا یصح عقد النکاح الا به نقل ذلک عنه صاحب الروض(1)
و روی ذلک عن: سیدنا عمر و علی و ابنعباس و ابنمسعود و عائشة و أبیهریرة و ابنعمر و سعید بن المسیب و الحسن و البصری و النخعی و عمر بن عبدالعزیز و شریح و الثوری وابن شبرمة و ابنالمبارک و ابن أبیلیلی و قتادة و الأوزاعی و الباقر و زید ابنی علی و اسحاق و الیه ذهب الشافعی و أحمد و هو روایة عن مالک و أبییوسف(2)
و الحجة لهم:
1- قوله تعالی: «و أنکحوا الأیامی منکم و الصالحین من عبادکم»(3)
وجه الدلالة:
ان الله تعالی أسند الانکاح الی الأولیاء و هذا فیه دلالة علی اعتبار الولی فی عقد النکاح و الا لما کان لهذا الاسناد معنی.
2- قوله تعالی: «و اذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ینکحن أزواجهن اذا تراضوا بینهم بالمعروف»(4)
وجه الدلالة:
ان هذا النص صریح فی اعتبار الولی فی النکاح و الا لما کان للعضل معنی، اذ لو کان لها أن تزوج نفسها لما احتاجت الی الولی(5)
قال الامام الشافعی: انما ما یؤمر بأن یعضل المرأة من له سبب الی العضل بأن یکون یتم به نکاحها من الأولیاء. و الزوج اذا طلقها فانقضت عدتها فلیس بسبیل منها فلیعضلها. و انتقاض عدتها فقد یحرم علیها أن تنکح غیره. و هو لا یعضلها عن نفسه. و هذا أبین ما فی القرآن من أن الولی مع المرأة فی نفسها حق و أن علی الولی أن لا یمنعها اذا رضیت أن تنکح بالمعروف(6)
3- ما روی عن أبیموسی أنه قال: رسول الله صلی الله علیه و سلم: «لا نکاح الا بولی»(7)
4- ما روی عن عائشة أن النبی صلی الله علیه و سلم قال: «أیما امرأة نکحت بغیر
اذن ولیها فنکاحها باطل»(8)
وجه الدلالة:
فهذه الأحادیث بمفهومها تدل علی أن المرأة اذا نکحت باذن ولیها فنکاحها صحیح.
5. عمل الصحابة فقد روی عن سیدنا عمر رضی الله عنه أنه رد نکاح امرأة نکحت بغیر ولی و جلد الناکح(9)
و قال بعض العلماء: ان الولی غیر شرط فی صحة النکاح فمن زوجت نفسها فنکاحها صحیح، الا أن للأولیاء الاعتراض و التفریق بینهما. اذا وضعت نفسها عند غیر کفء.
و الیه ذهب أبوحنیفة و زفر و الحسن بن زیاد و هو روایة عن أبییوسف و یروی عن محمد بن الحسن أنه رجع الیه.
و قال بعضهم: ان المرأة اذا نکحت بغیر اذن الولی کان النکاح موقوفا علی اجازته.
روی ذلک عن: ابنسیرین و القاسم بن محمد و الحسن بن صالح و به قال محمد بن الحسن.
و قال ابنالمنذر: و أما ما قاله النعمان أی (أبوحنیفة) فمخالف خارج عن قول أکثر أهل العلم(10)
1) الروض النضیر: 4 / 26.
2) المصدر السابق؛ المغنی: 7 / 5؛ المحلی: 9 / 451؛ الحاوی: 11 / 66؛ القرطبی: 3 / 7؛ نیل الأوطار: 6 / 102؛ مغنی المحتاج: 3 / 147؛ معالم السنن: 3 / 200؛ الهدایة: 1 / 213؛ الأم: 5 / 11؛ شرح الدردیر: 1 / 285؛ المنتقی: 3 / 270؛ زاد المعاد: 453؛ الاشراق: 4 / 34؛ المهذب: 2 / 36؛ المدونة: 2 / 165.
3) سورة النور: 32.
4) سورة البقرة: 232.
5) فتح الباری: 9 / 148.
6) أثر الاختلاف فی القواعد الأصولیة: 573.
7) أبوداود: 1 / 606؛ الدار قطنی: 3 / 225.
8) أبودود: 2 / 48؛ الترمذی بشرح العارضة: 5 / 13؛ المستدرک: 2 / 168 و اللفظ له و قال: صحیح علی شرط الشیخین.
9) أثر الاختلاف: 573؛ فقه جابر بن زید: 383.
10) المصادر السابقة؛ الاختیار: 3 / 128؛ بدایة المجتهد: 2 / 11؛ حلیةالعلماء: 6 / 324؛ سبل السلام: 3 / 117؛ المبسوط 5 / 10؛ اختلاف أبیحنیفة و ابن أبیلیلی: 175؛ الأحوال الشخصیة لأبی زهرة: 136- 135؛ مختصر الطحاوی: 171؛ تحفة الأحوذی: 4 / 332، الأشراف: 34.