اختلف الفقهاء فی حکم الجماعة اذا اشترکوا فی قتل رجل واحد هل یقتص منهم جمیعا أم لا.
و مذهب الامام جعفر الصادق: أن الجماعة لا تقتل بالواحد، بل یختار الورثة واحدا من الجماعة(1)
و روی ذلک عن: معاذ بن جبل و ابن الزبیر و الزهری و ابنسیرین و الباقر و الناصر و هو روایة عن الشافعی و الامامیة(2)
و الحجة لهم:
قوله تعالی: «و کتبنا علیهم فیها أن النفس بالنفس»(3)
و مقتضی هذا الحکم أن لا یؤخذ بالنفس أکثر من نفس واحدة.
و قال ابن المنذر: لا حجة لمن أوجب قتل الجماعة بالواحد(4)
و هذا فیه نظر: و ذلک لما روی عن ابنعمر قال: ان غلاما قتل غیلة فقال عمر: لو اشترک فیها أهل صنعاء لقتلهم(5) و لم یعرف له مخالف فی عصره فکان اجماعا(6)
ثم ان الحکمة من تشریع القصاص بین العباد و هو حمایة النفس من الاعتداء علیها. و أن فیه حیاة للناس کما قال الله تعالی «و لکم فی القصاص حیوة»(7)
فلو قیل بعدم قتل الجماعة بالواحد لکن هذا سببا یتذرع به أهل الشر الی قتل النفوس.
و قال الجمهور و منهم أبوحنیفة و مالک و الشافعی و روایة عن أحمد: نقتل الجماعة بالواحد.
و قال بعضهم: لا یقتل الجماعة بالواحد و انما تجب علیهم الدیة.
و روی ذلک عن ربیعة و هو قول داود و ابن المنذر و روایة عن أحمد(8)
1) البحر الزخار: 6 / 218.
2) المصدر السابق، الأشراف: 3 / النفر یقتلون الواحد، المغنی: 9 / 336، حلیة العلماء: 7 / 457، بدایة المجتهد: 2 / 402، الانصاف: 9 / 448، ضوء النهار: 4 / 2343، سبل السلام: 3 / 243، شرائع الاسلام: 4 / 202.
3) سورة المائدة، آیة 45.
4) المغنی: 8 / 230.
5) البخاری مع الفتح: 15 / 249، الموطأ مع تنویر الحوالک: 3 / 73.
6) المغنی: 8 / 230، عمدة القارئ: 24 / 55.
7) سورة البقرة: آیة 179.
8) المصادر السابقة فی الرأی الأول: شرح منح الجلیل: 4 / 356، حاشیة ابنعابدین: 6 / 556، السیل الجرار: 397، الهدایة: 4 / 168، المهذب: 2 / 186، أعلام الموقعین: 3 / 125، معالم السنن: 4 / 5، اللباب: 242، الاختیار: 4 / 29، نصب الرایة: 4 / 354.