جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

المصالح المرسلة (2)

زمان مطالعه: 3 دقیقه

تنقسم المصالح بالنظر لاعتبار الشرع لها و عدم اعتباره الی ثلاثة أقسام:

مصالح معتبرة، و مصالح ملغاة، و مصالح مرسلة.

أولا: المصالح المعتبرة:

و هی التی شرع الشارع أحکاما لتحقیقها. دل الدلیل علی أنه قصدها عند تشریعه کحفظ الدین، و النفس، و العقل، و العرض و المال فقد شرع الشارع الجهاد لحفظ الدین و القصاص لحفظ النفس، و حد الشرب لحفظ العقل، و حد الزنی و القذف لحفظ العرض، و حد السرقة لحفظ المال.

و هذه المصالح لا خلاف بین علماء المسلمین فی بناء التشریع علیها، لأن اعتبار الشارع لها بمثابة اذن منه یجعله أساسا للتشریع، فالاستدلال بها علی الأحکام یعتبر اقتداء بالشارع.

ثانیا: المصالح الملغاة:

و هی المصالح التی دل الشارع علی الغائها، و علم مخالفتها لمقتضی الأدلة الشرعیة، و من أمثلتها: القول بمساواة الابن و البنت فی المیراث علی ظن أن هذه مصلحة ولکنها مصلحة دل الدلیل علی الغائها و هو قوله تعالی: «یوصیکم الله فی أولادکم للذکر مثل حظ الانثیین»(1)

و یدخل فی ذلک أیضا: کل مصلحة تبدو للناس أنها مصلحة لکنها تصادم نصا فی الشریعة، أو مبدأ مقررا فیها. و هذه لا خلاف فیها بین العلماء: فی انه لا یبنی علیها تشریع و لا یصح أن یقصد تحقیقها بحکم من الأحکام.

ثالثا: المصالح المرسلة:

هی المصالح التی یحصل من ربط الحکم بها، و بنائه علیها جلب مصلحة أو دفع مفسدة عن الخلق و لم یقم دلیل معنی یدل علی اعتبارها أو الغائها.

و هذا التعریف: اختاره الأستاذ زکی‏الدین شعبان فی أصوله.

و سمیت مرسلة لأنها مطلقة عن اعتبار الشارع أو الغائه، و یسمیها بعضهم (الاستدلال المرسل) کما یطلق علیها البعض الأخر اسم (الاستصلاح).

و واضح من هذا التعریف: ان المصالح المرسلة لا تکون الا فی الوقائع التی سکت الشارع عنها، و لیس لها أصل معین تقاس علیه و یوجد فیها معنی مناسب یصلح أن یکون مناطا لحکم شرعی.

حجیة المصالح المرسلة:

لا خلاف بین العلماء: فی أن العبادات لا یجری فیها العمل بالمصالح

المرسلة، لأن أمور العبادات سبیلها التوقیف، فلا مجال فیها للاجتهاد و الرأی لأن المقصود من العبادات الانقیاد لله تعالی و الخضوع و الامتثال لأمره دون النظر الی المصالح فیها.

أما فی المعاملات: التی لا نص فیها و لا اجماع، و لم یسبق لها نظیر تلحق به.

فقد اختلف العلماء فی حجیتها و جعلها دلیلا من أدلة الأحکام.

و قال الدکتور عبدالکریم زیدان: و هذا الخلاف یحکی فی کتب الأصول علی نحو واسع، ولکننا لا نجد آثاره بهذه السعة و الکثرة فی کتب الفقه، فالفقهاء المنسوب الیهم عدم الأخذ بالمصالح المرسلة، وجدت لهم اجتهادات قامت علی أساس المصلحة المرسلة، کما نجده فی فقه الشافعیة و الحنفیة، و علی أیة حال: فمما لا شک فیه أن فریقا من العلماء أنکر حجیة المصالح المرسلة و من هؤلاء الظاهریة فهم ینکرون القیاس فمن الأولی أن ینکروا المصالح المرسلة و قد نسب الی الشافعیة و الحنفیة القول بانکار المصلحة المرسلة، ولکننا نجد فی فقههم اجتهادات الشافعیة و الحنفیة القول بانکار المصلحة المرسلة، ولکننا نجد فی فقههم اجتهادات قامت علی أساس المصلحة… و فریق آخر أخذ بالمصالح المرسلة، و اعتبرها حجة شرعیة و مصدرا من مصادر التشریع، و أشهر من عرف عنه هذا الاتجاه الامام مالک ثم أحمد بن حنبل و بین هذین الفریقین من قال: بالمصلحة بشروط تجعلها من قبیل الضرورات التی لا یختلف العلماء فی الأخذ بها، کالغزالی فقد أخذ بالمصلحة بشروط أن تکون ضروریة، قطعیة کلیة(2)

و مما تجدر الاشارة الیه:

هو أن الامام أحمد، علی الرغم من أن أتباعه لم ینصوا علی اسم المصالح المرسلة فی جملة ما نصوا علیه من أصوله التی اعتمدها فی الاجتهاد،

فانه لم یکن بمنجاة عن الأخذ بها، و سبب عدم ذکرها فی أصول اجتهاده أنه لم یعد المصالح المرسلة أصلا بل کان یعتبرها معنی من معانی القیاس(3)

و اذا عرفنا ذلک: فانی قد وجدت فی فقه الامام جعفر الصادق ما یدل علی اعتماده علی المصلحة المرسلة کمصدر من مصادر التشریع. و فیما یأتی أسوق هذا النموذج علی ذلک:


1) سورة النساء: آیة 11.

2) الوجیز: 200.

3) ینظر تفاصیل هذا المبحث فی مصادرها الآتیة: المصدر السابق: 198 و ما بعده، المستصفی: 1 / 284 و ما بعده الأحکام للآمدی: 4 / 215 و ما بعدها، روضة الناظر: 86، 87، المسودة فی أصول الفقه: 450، أصول الفقه لزکی الدین شعبان: 168، الامام أحمد بن حنبل للشیخ أبی‏زهرة: 297، أصول الفقه لبدران أبی‏العینین بدران 312، وما بعدها.