إن أعظم شیء علی الشیعة هو حمل فرق الغلاة علیهم و اضافتها إلیهم؛ و أستطیع أن أثبت بأن تلک الفرق الضالة آزرتهم السیاسة، و سهلت لهم الطرق لیصلوا إلی غایات فی نفوسهم من الوقیعة فی الشیعة، و الحط من کرامة أهل البیت، إذ کانوا لا یستطیعون أن ینالوا من عقائدهم أو ینقصوهم بشیء، و الأمر واضح کل الوضوح؛ فان مذهب أهل البیت لا یأتیه الباطل من بین یدیه و لا من خلفه، و تعالیمهم هی المحور الذی یدور علیها نظام الإسلام فکان دخول الغلاة فی صفوف الشیعة حرکة سیاسة أوجدتها عوامل من جهة، و الفتک بالإسلام من جهة اخری، لأن دخول الغلاة فی الإسلام کان انتصاراً لمبادئهم، إذ لم یجدوا طریقاً للانتقام من الإسلام إلا باختراع المغالاة فی بعض العقائد الاسلامیة عندما عجزوا عن مقابلته بالقوة وجهاً لوجه، و انهزموا أمام قوم و طأوا أرضهم باقدام لا تتأخر خطوة إلی الوراء إما الموت أو الفتح، فأذلوا عزیزهم، و أسروا ذراریهم، و أخذوا منهم الجزیة عن یدوهم صاغرون.
و قد عالج أهل البیت هذه المشکلة الخطرة، و عرفوا الدوافع التی دعت هؤلاء الکفرة إلی الالتحاق بصفوف الشیعة، و اتضح لهم غایات خصومهم الذین یریدون أن یوقعوا بهم، فکان أهل البیت علیهمالسلام یعلنون للملأ البراءة من الغلاة و جاهروا بلعنهم، و امروا شیعتهم بالتبرؤ منهم و الابتعاد عنهم، و تلقی الشیعة تلک الأوامر الشریفة بالقبول و الامتثال، فاعلنوا البراءة و ملأوا کتبهم من التبریء منهم، و افتوا بحرمة مخالطتهم، و اجمعوا علی نجاستهم و عدم جواز غسل و دفن موتاهم و تحریم اعطائهم الزکاة، و لم یجوزوا للغالی أن یتزوج المسلمة، و لا المسلم أن یتزوج الغالیة، و لم یورثهم من المسلمین و هم لا یرثون منهم.
و کان الإمام الصادق علیهالسلام یلعن المغیرة بن سعید و یصرح بکذبه و کفره، و لعن اباالخطاب و اصحابه و جمیع الدعاة إلی المبادیء الفاسدة، و کان هذا الإعلان من الإمام الصادق علیهالسلام قد أوقف سریان دائها القاتل، ولم یبق من تلک الفرق إلا الاسم فی التاریخ و بادت بمدة قصیرة.
و قال علیهالسلام لمرازم: قل للغالیة توبوا إلی الله فانکم فساق کفار مشرکون، و قال علیهالسلام له: إذا قدمت الکوفة فأت بشار الشعیری و قل له یقول لک جعفر
ابن محمد: یا کافر یا فاسق انا بریء منک.
قال مرازم: فلما قدمت الکوفة قلت له یقول لک جعفر بن محمد: یا کافر یا فاسق یا مشرک انا بریء منک، قال بشار: و قد ذکرنی سیدی. قلت: نعم ذکرک بهذا، قال: جزاک الله خیراً.
و لما دخل بشار الشعیری علی أبیعبدالله الصادق علیهالسلام قال له: اخرج عنی لعنک الله، و الله لا یظلنی و ایاک سقف ابدا، فلما خرج قال علیهالسلام: ویله ما صغر الله أحدا تصغیر هذا الفاجر، انه شیطان إبن شیطان خرج لیغوی اصحابی و شیعتی فاحذروه، و لیبلغ الشاهد الغائب انی عبدالله و ابن امته ضمتنی الاصلاب و الأرحام، و انی لمیت و مبعوث ثم مسؤول.
و کتب الإمام الحسن العسکری علیهالسلام ابتداء منه إلی احد موالیه: إنی أبرأ إلی الله من ابننصیر الفهری و ابن بابه القمی فابرأ منهما، و انی محذرک و جمیع موالی، و مخبرک انی العنهما علیهما لعنة الله، یزعم ابن بابا انی بعثته نبیاً و انه باب، ویله لعنه الله سخر منه الشیطان فاغواه فلعن الله من قبل منه، یا محمد إن قدرت أن تشدخ رأسه فافعل.
و قال ابوعبدالله الصادق علیهالسلام یوماً لاصحابه: لعن الله المغیرة بن سعید لعن الله یهودیة کان یختلف الیها یتعلم منها الشعر و الشعبذة و المخاریق، ان المغیرة کذب علی ابی، و ان قوماً کذبوا علی ما لهم! أذاقهم الله حر الحدید، فوالله ما نحن إلا عبید خلقنا الله و اصطفانا ما نقدر علی ضر و لا نفع إلا بقدرته، ان رحمنا فبرحمته، و ان عذبنا فبذنوبنا، و لعن الله من قال فینا ما لا نقول فی أنفسنا، و لعن الله من أزالنا عن العبودیة لله الذی خلقنا و إلیه مآبنا و معادنا و بیده نواصینا.
و قال علیهالسلام ان ابامنصور کان رسول ابلیس: لعن الله ابامنصور، قالها ثلاثاً.
و قال علیهالسلام: إنا أهل بیت صادقون لا نعدم من کذاب یکذب علینا عند الناس یرید ان یسقط صدقنا بکذبه علینا، ثم ذکر المغیرة و بزیغ و انسری و اباالخطاب، و معمر و بشار الشعیری و حمزة الیزدی و صائد النهدی، فقال: لعنهم الله اجمع و کفانا مؤنة کل کذاب.
و عن حمدویه قال: کنت جالساً عند ابیعبدالله و میسرة عنده فقال له میسرة: جعلت فداک عجبت لقوم کانوا یأتون إلی هذا الموضع فانقطعت اخبارهم و آثارهم و فنیت آجالهم.
قال علیهالسلام: و من هم؟ قلت: ابوالخطاب و اصحابه، فقال علیهالسلام – و کان متکئاً و رفع بنظره إلی السماء -: علی ابیالخطاب لعنة الله و الملائکة و الناس اجمعین، فاشهد بالله انه کافر فاسق مشرک، و انه یحشر مع فرعون فی اشد العذاب.
و ذکر عنده اصحاب ابیالخطاب و الغلاة فقال علیهالسلام: لا تقاعدوهم، و لا تواکلوهم، و لا تشاربوهم، و لا تصافحوهم و لا توارثوهم.
و قال علیهالسلام: ان من الغلاة من یکذب حتی ان الشیطان یحتاج إلی کذبه.
و قال علیهالسلام: إن قوماً یزعمون أنی لهم إمام، والله ما أنالهم بإمام مالهم لعنهم الله! أقول کذا و یقولون کذا، إنما أنا إمام من أطاعنی، و من قال باننا انبیاء فعلیه لعنة الله، و من شک فی ذلک فعلیه لعنة الله.(1)
هذا بعض ما ورد فی الغلاة الذین حاول خصوم آل محمد الحاقهم بالشیعة لغایة الحط من کرامة المبدأ، و لیظهروهم للملأ بابشع المظاهر و أشنعها، و یعلنوا للعالم ان الشیعة یعتقدون فی الأئمة الألوهیة، فلا یصلح عدهم من المسلمین فتراق بذلک دماؤهم و تنهب أموالهم، و کم حدثنا التاریخ عن تلک الفظایع السود؛ و من أراد أن یعرف موقف الشیعة من طوائف الغلاة فلیرجع إلی کتاب «روض الجنان» للشهید الثانی المتوفی سنة 996 ه، و «نهج المقال» للمیرزا محمد الاستربادی المتوفی 1026 ه و «الانتصار» للسید المرتضی المتوفی سنة 436 ه، و «التهذیب» للشیخ الطوسی المتوفی سنة 460 ه، و «السرائر» لابن ادریس المتوفی سنة 598 ه و «المنتهی» و «نهایة الأحکام» و «التذکرة» و «القواعد» و «التبصرة» للعلامة الحلی المتوفی سنة 726 ه، و «البحار» للشیخ المجلسی المتوفی سنة 1011 ه، و «الدروس» للشهید الأول المتوفی سنة 786 ه، و «جامع المقاصد» للشیخ علی الکرکی المتوفی سنة 940 ه و «الشرایع» و «المعتبر» و «المختصر النافع» للمحقق ابیالقاسم الحلی المتوفی سنة 676 ه و «الجواهر» للشیخ محمد حسن المتوفی سنة 1266 ه. و غیرها من آلاف الکتب الفقهیة التی تنص باجماع علی کفر الغلاة و نجاستهم و بعدهم عن الدین و لا رابطة بینهم و بین الشیعة.
کما ان کتب الرجال طافحة بذمهم و التبرؤ منهم و من معتقداتهم،
و یلعنونهم بلغة واحدة.
فاملنا بابناء المستقبل ان لا یرکنوا إلی الأوهام و الاباطیل و ان یطلبوا الحقیقة، فالعلم یطلب منهم اداء رسالته، و الحق یدعوهم إلی مؤازرته، فقد آن أن تماط عین العیون غشاوات التعصب التی منعتها من رؤیة الحق و ابرزت الواقع معکوساً إذ هی کعدسة المصور فلیعتدل الکتاب عن هذه السیرة الملتویة، و لیغیروا خططهم و لغتهم فی ذکر الشیعة، و لا یلتفتوا لأوضاع تلک العصور المظلمة التی جنت علی الإسلام جنایة لا تغفر، و ملأوا القلوب بالاحقاد و الضغائن، و نسبوا مبدأ التشیع إلی عبدالله بن سبأ الیهودی، و طعنوا بذلک علی اصحاب محمد صلی الله علیه وآله وسلم الذین عرفوا بتشیعهم لعلی، و یتجاوز عددهم المئات و غیرهم ممن تکتم جریا مع الظروف و متابعة الأحوال، علی ان کلمات اللغویین و المفسرین قد أجمعت علی ان معنی الشیعة هی الموالاة لعلی إذ أصبح علماً فی ذلک.
عبدالله بن سبأ:
اما عبدالله بن سبأ، ذلک الشخص الوهمی الذی و صفوه بصفات البطولة و الاقدام، و هو صاحب السلطة المطلقة فی المجتمع الإسلامی، و قالوا عنه أنه استطاع أن یسیطر علی أهل مصر و یقود منهم جیشاً لقتل الخلیفة عثمان، و ان اباذر تعلم منه، و عماراً أخذ بآرائه، و حرب الجمل من دسائسه، و وقعة صفین من تصلبه، و مبادیء التشیع من تفکیره… و قد ورد ذکره فی کثیر من الکتب حتی اصبحت قصته و کآنها حقیقة ملموسة و قضیة واقعیة.
و الذی یلفت النظر هو أن بعض الشیعة ترجموا له، و ذکروه للتبرؤ منه، و أخف عبارة یقولونها فی ترجمته: عبدالله بن سبأ ألعن من أن یذکر.
و إذا أردنا أن نرجع لواقع هذه الشخصیة، و ما لها من صلة فی الواقع و ذلک علی ضوء البحث الدقیق، فان النتائج العلمیة تثبت لنا عدم ثبوت هذه الشخصیة، و أنها اسطورة و حدیثها حدیث خرافة، و هی من مبتکرات التعصب الطائفی، و دسائس السیاسة، للحط من قیمة مذهب أهل البیت، و الوقیعة فی شیعتهم.
و لو أن هؤلاء الذین ذکروا عبدالله بن سبأ بتلک الصورة المدهشة، لینالوا من مقام الشیعة، وقفوا قلیلا امام مصادر هذه الاسطورة، و منحوا
لها بعض الوقت من التأمل، لانکشف لهم الواقع و ظهر أن المصدر الوحید هو الطبری المتوفی سنة 310 ه و لم یسبقه أحد فی ذکرها، و الکل رواها عنه و هو یرویها عن سیف بن عمر بسلسلة مظلمة مجهولة، و سیف قد أجمع علماء الرجال علی أنه کذاب، و سیأتی الحدیث عن قصة ابن سبأ فی الجزء السادس من هذا الکتاب.
و لنصغی الآن إلی حدیث الاستاذ کرد علی حول مذهب التشیع و علقة ابن سبأ به. یقول الاستاذ کرد علی فی خطط الشام:
عرف جماعة من کبار الصحابة بموالاة علی فی عصر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم مثل سلمان فارسی القائل: بایعنا رسول الله علی النصح للمسلمین و الإئتمام لعلی بن ابیطالب و الموالاة له. و مثل أبیسعید الخدری الذی یقول: أمر الناس بخمس فعلوا باربع و توکوا واحدة و لما سئل عن الأربع، قال: الصلاة و الزکاة و صوم شهر رمضان و الحج، قیل فما الواحدة التی ترکوها؟ قال: ولایة علی بن ابیطالب.
قیل له: و إنها لمفروضة معهن، قال: نعم هی مفروضة معهن.
و مثل ابیذر الغفاری، و عمار بن یاسر، و حذیفة بن الیمان، و ذی الشهادتین خزیمة بن ثابت، و ابیأیوب الأنصاری، و خالد بن سعید بن العاص، و قیس بن سعد بن عبادة.
و اما ما ذهب إلیه بعض الکتاب من أن مذهب التشیع من ابتداع عبدالله ابن سبأ المعروف بابن السوادء فهو و هم و قلة معرفة بحقیقة مذهبهم، و من علم منزلة هذا الرجل عند الشیعة، و براءتهم منه و من أقواله و أعماله، و کلام علمائهم فی الطعن فیه بلا خلاف بینهم فیه، علم مبلغ هذا القول من الصواب، و لا ریب فی أن أول ظهور الشیعة کان فی الحجاز بلد المتشیع له. انتهی.(2)
و یقول الإمام الشیخ محمد الحسین کاشف الغطاء رحمه الله حول الغلاة و نسبتهم للشیعة:
أما الشیعة الامامیة فیبر أون من تلک الفرق براءة التحریم، علی أن تلک الفرق لا تقول بمقالة النصاری بل خلاصة مقالتهم بل ضلالتهم: ان الامام هو الله سبحانه ظهوراً و اتحاداً أو نحو ذلک مما یقول به کثیر من متصوفة الإسلام و مشاهیر مشائخ الطرق، و قد ینقل عن الحلاج و الکیلانی، و الرفاعی،
و البدوی و أمثالهم من الکلمات – و ان شئت فسمها کما یقولون شطحات – ما یدل بظاهره علی ان لهم منزلة فوق الربوبیة، و ان لهم مقاما زائداً عن الالوهیة (لو کان ثمة موضع لمزید) و قریب من ذلک ما یقول به أرباب وحدة الوجود أو الموجود.
أما الشیعة الامامیة و أعنی بهم جمهرة العراق و ایران، و ملایین المسلمین فی الهند و مئات الألوف فی سوریا و الافغان فان جمیع تلک الطائفة من حیث کونها شیعة یبرؤون من تلک المقالات، و یعدونها من أبشع الکفر و الضلالات و لیس دینهم إلا التوحید المحض، و تنزیه الخالق عن کل مشابهة للمخلوق، أو ملابسة لهم فی صفة من صفات النقص و الامکان و التغییر و الحدوث، و ما ینافی وجوب الوجود و القدم و الأزلیة، إلی غیر ذلک من التنزیه و التقدیس المشحونة به مؤلفاتهم فی الحکمة و الکلام من مختصرة أو مطولة.
و علی ای حال فان الشیعة براء مما نسب الیها من الغلو، و اما أهل المقالات فی الغلو کالبیانیة و المنصوریة و غیرهم فان نسبتهم إلی الشیعة ظلم – و ما اکثر الظلم للشیعة – و تهجم علی أمة تدین لله بالوحدانیة، و لمحمد بالرسالة، و لآله بالمودة.
و استطیع الجزم بان هذه الامور لم تخف علی اولئک القوم الذین أصبحوا یتهجمون علی الشیعة بالطعن فی عقائدهم، إذ نسبوا الیهم هذه المقالات الفاسدة التی یقول بها الغلاة. نعم انهم یعرفون الأمر ولکن الحق مر لا یمکن ان تتقبله أذواقهم، و لقد أعجزهم الأمر عن مؤاخذة الشیعة و الطعن فی عقائدهم، عندما وجدوا طرق المؤاخذات امامهم مغلقة فلا یستطیعون منها النفوذ إلی مقاصدهم، فالتجأوا إلی هذه الخرافات و الاباطیل التی لا تثبت أمام التدقیق و التحقیق.
کیف یستطیعون مؤاخذة الشیعة و منهم صحابة الرسول و التابعین لهم باحسان: کأبیذر الغفاری، و عمار بن یاسر، و جاریة بن قدامة، و جابر ابنعبدالله الأنصاری، و حذیفة بن الیمان، و سلمان الفارسی، و صعصعة ابنصوحان، و المقداد الکندی و غیرهم.؟!!
و من الغریب أن أکثر الکتاب قد نسبوا لاصحاب محمد صلی الله علیه وآله وسلم تاثرهم بآراء ابن سبأ، و أی طعن علی الاسلام و علی رسوله صلی الله علیه وآله وسلم اعظم من هذا بأن یسیطر یهودی علی عقول اصحاب النبی و من تادبوا بآدابه؛ و الیک ما کتبه بعض کتاب العصر الحاضر عند ذکره لعبدالله بن سبأ و نسبة ظهور التشیع إلیه، إذ یقول:
ان هذا الشیطان هو عبدالله بن سبأ من یهود صنعاء، و کان یبث دعوته
بخبث و تدرج و دهاء، و استکثر اتباعه بآخرین من البلهاء الصالحین المتشددین فی الدین المتنطعین فی العبادة إلی ان یقول: و عنی بالتأثیر فی أبناء الزعماء من قادة القبائل و أعیان المدن الذین اشترک آباؤهم فی الجهاد و الفتح، فاستجاب له من بلهاء الصالحین و أهل الغلو من المتنطعین جماعات کان علی رأسهم فی الفسطاط الفاقعی بن حرب العتکی، و عبدالرحمن بن عدیس البلوی، و کنانة ابنبشر بن عتاب، و عبدالله بن زید بن ورقاء الخزاعی، و عمر بن الحمق الخزاعی، و عروة بن النباع اللیثی، و قتیر السکونی. و کان علی رأس من استغواهم ابنسبأ فی الکوفة عمرو بن الأصم، و زید بن صوحان العبدی، و الاشتر بن مالک بن الحارث النخعی، و زیاد بن النضر الحارثی، و عبدالله ابن الأصم.
و من البصرة حرقوص بن زهیر السعدی، و حکیم بن جبلة العبدی، و ذریح بن عباد العبدی، و بشر بن شریح الحطم بن ضبیعة القیسی، و ابن المحرش.
اما المدینة فلم یندفع فی هذا الأمر من أهلها إلا ثلاثة نفر. محمد بن ابیبکر، و محمد بن حذیفة، و عمار بن یاسر.(3)
هکذا یقول، و نبرأ إلی الله مما یقول، لیت شعری أی جرأة أعظم من هذه الجرأة علی أصحاب محمد صلی الله علیه وآله وسلم و وصفهم بهذه الصفة بأنهم مخدوعین بدعوة ذلک الشیطان، و استجابوا لما جاء به هذا الیهودی المزعوم، و هم خریجو مدرسة محمد صلی الله علیه وآله وسلم و دعاة الحق و اتباعه، ولکن الشیطان خدع هذا الکاتب فجاء بهذا الافتراء و هو (یجادل بغیر علم و یتبع کل شیطان مرید. کتب علیه أن من تولاه فانه یضله و یهدیه إلی عذاب السعیر).
و نحن نأمل من کتابنا الذین یکتبون لذات الحق و لا یمیل بهم الهوی، و لا تستولی علیهم النزعات الطائفیة. أن یوجهوا عنایتهم لاظهار الحقیقة عند دراستهم لقضیة ابنسبأ بأن یدرسوها دراسة مؤرخ لا یتحیز و لا یتعصب، و لا یقصد الا خدمة العلم و اظهار الحق، و یقف موقف المدقق علی مصادرها و رواتها و الظروف التی اوجدتها، لیتضح له الامر، و یتمیز الحق من الباطل.
و اعود فاقول مؤکداً: إن قضیة ابنسبأ اسطورة خرافیة اوجدتها عدة عوامل للحط من تعالیم الإسلام و النیل من رجاله، بأنهم قد تأثروا بآراء رجل یهودی فأوردهم موارد الهلکة، من دون تمیز و تفکیر، إلی غیر ذلک مما یؤدی إلیه إیجاد هذه الخرافة من مناقضات.
هذا مع أن سندها باطل، و راویها و هو سیف بن عمرو کذاب، و سیأتی التحقیق حول ذلک فی الجزء السادس من هذا الکتاب.
1) الشیعة فی التاریخ لمحمد حسین الزینی ص 178.
2) خطط الشام ج 6 ص 251 – 256.
3) حملة رسالة الاسلام لمحبالدین الخطیب ص 23.