جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

مع المنصور و بنی‏الحسن

زمان مطالعه: 2 دقیقه

إنه لا یری لملکه بقاءاً إن بقی منهم أحد فی الوجود، و کان الفتک بهم هو شغله الشاغل و لا یتوقف فی تنفیذ ارادته مهما کلفه الأمر فقام بذلک العمل الإرهابی وفتک بهم فتکاً ذریعا یوم دخل المدینة محتجا بأداء فریضة الحج، و ما الحج أراد ولکنه أراد أن یعرف حقیقة الأمر عندما یقوم بمهمة الفتک بآل محمد.

و ها هو یدخل المدینة و بنوالحسن فی سجن رباح، فأمر بالقبض علی من بقی منهم فتری شرطته و قواده یعلوهم الغضب، و یرتکبون الشدة، یأتون بأبناء علی واحداًبعد واحد و یودعونهم فی السجن بأشد ما یتصور من القسوة.

و کان العباس بن الحسن بن الحسن(1) واقفا علی باب داره و أمه تراقبه‏

و قلبها کجناح الطیر من الخوف، فقبض علیه الشرطة، فأخذتها الدهشة و لم تستطع شیئا فی الدفاع عنه، إلا أنها طلبت منهم أن تشم ولدها و تودعه، فکان الجواب بشدة و غلظة: لا یکون ذلک، و قبض علی محمد بن عبدالله بن عمرو ابن عثمان بن عفان أخو بنی‏الحسن لأمهم، فأحضره أمامه و کلمه بما لا یلیق ذکره، و أمر بأن یشق إزاره لتبدو عورته، و أمر بضربه بالسیاط فضرب حتی سال دمه، و أرجعه لاخوانه فأقعد الی جنب أخیه عبدالله بن الحسن، و کان قد أخذ العطش منه مأخذاً فاستقی ماءا فلم یجسر أحد أن یسقیه إلا خراسانی رق علیه فسقاه ماءً

ثم أصدر المنصور أمره بحملهم من المدینة الی العراق، بعد أن أثقلوا بالحدید و ضربوا بالسیاط، و هو مطرب لنغمة السلاسل، و أنین المعذبین، فسار ذلک الموکب فی شوارع المدینة محاطا بالجند، و هو یسرع الخطی من المدینة الی الکوفة، الی مقرهم الأخیر فأودعوا ذلک السجن المظلم، الذی لا یعرف فیه اللیل من النهار.

لقد أودعهم المنصور فی بطن الأرض، و فعل بهم ما لا یفعل الحیوان المفترس بفریسته، و عاملهم بأقسی ما یتصور من الشدة، فهم لا یعرفون اللیل من النهار، و کان الواحد اذا مات من شدة العذاب بقیت جثته ما بینهم، و هم صابرون محتسبون، یتلون الکتاب، و یقیمون الصلاة و لا یعرفون أوقاتها إلا بأجزاء من القرآن یقرأونها، و کانت خاتمة مطافهم أن هدم علیهم السجن فماتوا تحت أنقاضه.


1) هوالعباس بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن أبی‏طالب و أمه عائشة بنت طلحة الجود بن عمر بن عبدالله التیمی و کان العباس أحد فتیان بنی‏هاشم و له یقول ابراهیم بن علی الشاعر:لما تعرضت للحاجات و اعتلجت‏++عندی و عاد ضمیر القلب و سواساجعلت أسعی لحاجاتی و مصدرها++برا کریما لثوب المجد لباساتوفی فی سجن المنصور سنة 145 ه لسبع بقین من شهر رمضان و هو ابن خمس و ثلاثین سنة.