قد یکون بین اثنین قرابة قریبة، ولکن لیس لأحدهما أهلیة الارث من قریبه کأخوین لهما أولاد، و هذه الحال خارجة عما نحن فیه و ینتقل میراث کل واحد لأولاده سواه أمات هو و أخوه فی لحظة واحدة أو تقدم الموت أو تأخر، و یتفق هذا مع ما جاء فی کتب الفقه لجمیع المذاهب الاسلامیة، و ما نقل عن القانون الفرنسی.
و قد تکون أهلیة الارث ثابتة لأحد الطرفین دون الطرف الثانی کأخوین لأحدهما خاصة أولاد، و لیس للآخر أولاد، و هذه الحال خارجة أیضا عن الموضوع لأن أبا الأولاد ینتقل میراثه لأولاده و الذی لیس له أولاد تختص ترکته بسائر أقاربه الوارثین غیر أخیه الذی مات معه غرقا أو حرقا أو غیر ذلک لأن الشرط فی الارث أن تعلم حیاة الوارث عند موت الموروث و المفروض عدم العلم بحیاة أبی الأولاد عند موت من لا ولد له.
و قد تکون الموارثة ثابتة لکلا الطرفین کابن و أب و کأخوین لیس لهما أب و أم، و لیس لهما أو لأحدهما أولاد و کزوجین وارث کل منهما غیر وارث الآخر، و هذه الحال تدخل فی صمیم الموضوع و یشترط الشیعة الامامیة لتوریث بعضهم من بعض أمرین:
1- أن یکون موت کل منهما مستندا الی سبب واحد، و ذلک السبب یجب
أن یکون الهدم أو الغرق خاصة بأن یکونا فی بنایة فتنهار علیهما، أو سفینة فتغرق بهما، و لو هلک أحدهما بسبب الغرق، و الآخر بسبب الحریق أو الانهیار أو هلکا معا بسبب الطاعون أو فی المعرکة فلا توارث، و المنقول عن القانون الفرنسی أنه یشترط للتوارث اتحاد سبب الموت، ولکنه لا یحصر السبب بالغرق و الهدم فحسب – کما تقول الشیعة – بل یتحقق التوارث أیضا اذا کان الهلاک بالحریق.
2- أن یکون زمن کل واحد من الهالکین مجهولا فلو عرف زمن موت أحدهما و جهل زمن موت الآخر یرث المجهول دون المعلوم.
و الیک المثال: انهارت بنایة علی رجل و زوجته، أو غرقت بهما سفینة و حین الاسعاف عثر علی الزوج و هو یلفظ النفس الأخیر و کانت الساعة قد بلغت الخامسة، و بعد ساعتین عثر رجال الاسعاف علی الزوجة و هی جثة هامدة، و لم یعلموا هم و لا نحن هل فارقت الحیاة قبل الزوج أو بعده فزمن موت الزوج معلوم و زمن موت الزوجة مجهول، و أصل تأخر الحادث الذی أشرنا الیه یستدعی أن ترث الزوجة التی جهل تاریخ وفاتها من الزوج الذی علم تاریخ وفاته. و لا یرث هو منها شیئا. و اذا انعکس الأمر فعلم زمن موت الزوجة، و جهل زمن موت الزوج ورث الزوج دون الزوجة. و بتعبیر ثان انه اذا علم تاریخ احدی الوفاتین فمجهول التاریخ یرث من المعلوم، و معلوم التاریخ لا یرث من المجهول. و حیث ان الارث یختص بالمجهول فحسب، و غیر ثابت للطرفین فلا یفرق فی هذه الحال بین أسباب الموت. فالحاکم واحد سواء أکان سبب الموت الغرق أو الحریق أو الانهیار أو الوباء أو القتل فی المعرکة.
أما اذا جهل التاریخان کما لو عثر علی جثة الزوج و الزوجة و هما هامدتان و لم یعلم زمن موت أحدهما تتحقق الموارثة بین الطرفین أی یرث کل واحد
من صاحبه. و هذا التفصیل بین حال العلم بتاریخ أحد الهالکین من جهة و الجهل بالتاریخین من جهة ثانیة لم ینقل عن قانون أجنبی، و لم أجده فی کتب فقهاء السنة المتقدمین و المتأخرین، و لا فی کلمات الشیعة السالفین، و انما ذکره مجتهد و الشیعة المتأخرون فی کتب أصول الفقه.
و الخلاصة ان الشیعة الامامیة یحصرون التوارث فیما اذا کان سبب الموت الغرق أو الهدم خاصة، و لم یعلم زمن موت واحد من الهالکین، و علی هذا اذا ماتا حتف الأنف أو بسبب الحریق أو القتل فی المعرکة أو الطاعون و ما الی ذلک فلا توارث بل ینتقل مال کل واحد الی ورثته الأحیاء، و لا یرث أحد الهالکین من صاحبه شیئا، و اذا علم تاریخ موت أحدهما دون الآخر یرث المجهول من المعلوم، و لا یرث المعلوم من المجهول.