و فیه مسائل:
1- لا یجوز للرجل أن یتزوج بنته من الزنا، و اخته، و لا بنت ابنه، و لا بنت بنته، و لا بنت أخیه أو اخته، لأنها، و ان تکن من الزنا، فانها من ماء من تولدت منه حقیقة و واقعا فتکون بنته لغة و عرفا، و الاحکام تتبع الأسماء خرج منها بالدلیل الارث و الانفاق، فبقی غیرها من نشر التحریم علی ایجابیة.
2- لا أثر للزنا الطاریء بعد العقد، فاذا زنی بأم زوجته أو بنتها، أو زنی الأب بزوجة ابنه، أو الابن بزوجة أبیه فلا تحرم الزوجة علی زوجها الشرعی، لقاعدة «لا یحرم الحرام الحلال، و أنه ما حرم حرام حلالا قط» کما جاء عن أهلالبیت علیهمالسلام بالاضافة الی النصوص الخاصة، منها اذا تزوجها فوطأها، ثم زنی بها ابنه لم یضره، لأن الحرام لا یفسد الحلال. و منها ان کانت عنده امرأة، ثم فجر بأمها أو بنتها لم تحرم علیه امرأته، ان الحرام لا یفسد الحلال.
3- الزنا قبل العقد یوجب تحریم المصاهرة، فمن زنا بامرأة فلیس لأبیه لا لابنه أن یعقد علیها. قال صاحب الجواهر: «وفاقا للأکثر، بل هو المشهور» لقول الامام الصادق علیهالسلام: «اذا فجر الرجل بالمرأة لم تحل له بنتها أبدا» أی لا یجوز له أن یعقد علیها بعد أن فجر بها أبوه، و سئل عن رجل زنی بامرأة، هل تحل لابنه؟ قال: لا.
هذا، بالنسبة الی تحریم المزنی بها علی أب الزانی و ابنه، أما بالنسبة الی الزانی نفسه، فهل یجوز له أن یعقد علیها، و یتزوجها بعد أن کان قد زنی بها أولا؟
و فرق الفقهاء بین أن تکون المزنی بها متزوجة، أو معتدة من طلاق رجعی
فتحرم مؤبدا، أی لا یجوز أن یعقد علیها من زنی بها، بانت من الأول بطلاق أو موت، و بین ما اذا کانت خلیة حین الزنا، أو معتدة من وفاة أو طلاق بائن فلا تحرم علیه.
فقد جاء فی کتاب الشرائع: «لو زنی بذات بعل أو فی عدة رجعیة حرمت علیه أبدا فی قول مشهور». و قال صاحب الجواهر فی شرح هذه العبارة: بل لا أجد فیه خلافا کما عن جماعة، بل عن کتاب الغنیة و الحلی و فخر المحققین الاجماع علیه مطلقا، و فی ذلک روایة ولکنها ضعیفة، لأنها من کتاب الفقه المنسوب الی الامام الرضا علیهالسلام، و الانصاف – و ما زال الکلام لصاحب الجواهر – ان العمدة فی ذلک الاجماع من غیر فرق فیما قام علیه الاجماع بین العالم بالحکم و الجاهل، بل و لا بین علم الزانی بأنها ذات بعل أو جهله، و لا بین الزواج الدائم و المنقطع».
و أیضا قال صاحب الجواهر: فاذا زنی بها، و هی خلیة لم یحرم علیه زواجها، و ان لم تتب، وفاقا للمشهور شهرة عظیمة، بل عن کتاب الخلاف الاجماع علیه للعمومات التی منها أن الحرام لا یحرم الحلال، و خصوص صحیح الحلبی عن الامام الصادق علیهالسلام: أیما رجل فجر بامرأة، ثم بدا له أن یتزوجها حلالا جاز، فان أوله سفاح، و آخره نکاح، و مثله مثل النخلة أصاب الرجل من ثمرها حراما، ثم اشتراها بعد ذلک، فکانت حلالا.
و قید الفقهاء هذه الروایة، و ما فی معناها بالخلیة خاصة دون المتزوجة و دون المعتدة من طلاق رجعی، و لا دلیل علی التقیید سوی الاجماع، کما قال صاحب الجواهر.
و من الخیر ان نشیر بهذه المناسبة الی أن أهلالبیت علیهمالسلام أجازوا الزواج
بالمعروفة بالزنا أملا فی تحصینها و ترکها الفجور، فقد سئل الامام الباقر أبوالامام الصادق علیهماالسلام عن رجل أعجبته امرأة، فسأل عنها فاذا النساء تنبیء عنها بالفجور؟ فقال الامام: لا بأس أن یتزوجها و یحصنها.