قسّم الامامیة الوقف الی نوعین، و جعلوا لکل منهما حکمه و آثاره:
الأول: الوقف الخاص، و هو ما کان ملکا للموقوف علیهم، أی الذین یستحقون استثماره و الانتفاع به، و منه الوقف الذری، و الوقف علی العلماء أو الفقراء، و وقف العقار لمصلحة المسجد و المقبرة و المدرسة و ما الیها. و هذا النوع من الوقف هو الذی وقع الخلاف بینهم فی أنه یجوز بیعه، مع الأسباب الموجبة، أو لا یجوز اطلاقا، حتی ولو وجد ألف سبب و سبب.
الثانی: الوقف العام و هو ما أرید منه انتفاع الناس، کل الناس، لا فئة خاصة و لا صنف معین، و منه المدارس و المصحات و المساجد و المشاهد و المقابر و القناطر، و الخانات التی کانت منذ زمان، و عیون الماء، و الأشجار المسبلة للمارة، و فی حکمها المساجد و المقابر و المشاهد، لأنها لا تختص بمسلم دون مسلم، و لا بفئة من المسلمین دون فئة.
و قد اتفق الامامیة علی أن هذه الأوقاف العامة لا یجوز بیعها، و لا استبدالها بحال، حتی لو خربت، و اوشکت علی الهلاک و الضیاع، لأنها عندهم، أو عند أکثرهم فک ملک، أی اخراج لها عن ملک مالکها الأول الی غیر مالک، فأصبحت
بعد الوقف تماما کالمباحات العامة. و بدیهة أنه لا بیع الا فی ملک. بخلاف الأوقاف الخاصة، فانها تحویل من ملک الواقف الی ملک الموقوف علیهم بنحو من الانحاء. أجل، اذا انقطعت الجهة الموقوف علیها کلیة یجوز تحویل الوقف الی جهة أخری قریبة من الأولی، کالمدرسة ینقطع عنها الطلاب، بحیث یتعذر اقامة الدروس فیها فیباح تحویلها الی مکتبة عامة، أو ناد للمحاضرات.
و قد اشرنا فی مسألة المسجد الی أنه اذا امتنع التملک بالبیع فانه لا یمتنع بالحیازة، و اشرنا أیضا الی أن السید صاحب ملحقات العروة یرد علی الفقهاء بعدم الفرق بین الوقف العام و الخاص، و ان السبب الذی یبرر بیع الخاص یبرر أیضا بیع العام، و أنه لا یعترف بأن الوقف فی العام من نوع فک الملک و تحریره. و اذا افترض أنه کذلک فلا مانع عنده من البیع، لأن المبرر للبیع فی نظره مجرد اتصاف العین بالمالیة.
أما نحن فنلاحظ علی قول الفقهاء، و علی قول السید أیضا… وردنا علی الفقهاء بأن عدم الملک أن منع التملک بالبیع.. فانه لا یمنع منه بالحیازة، کما أن الملک بمفرده لا یبرر البیع، فالعین المرهونة مملوکة بلا ریب، و مع ذلک لا یجوز بیعها الا بإذن المرتهن.
و أما ردنا علی السید فهو أن الاتصاف بالمالیة وحدها لا یجدی نفعا فان المباحات کالسمک فی الماء، و الطیر، لها مالیة، و مع ذلک لا یجوز بیعها.. اذن ینحصر سبیل التملک بالحیازة فقط، کما قلنا.