أشرنا الی أقوال المذاهب فی المسجد، و ان الامامیة و الشافعیة و الحنفیة و المالکیة ضد الحنابلة فیه، أما فی غیر المسجد من الأوقاف فان للامامیة فی بیعها مسلکا خاصا، لذا نشیر أولا الی أقوال المذاهب الأربعة ثم الی قول الامامیة علی حدة.
و اذا أجاز الحنابلة بیع المسجد، مع وجود المسوغ فبالأولی أن یجیزوا بیع غیره من الأوقاف و استبداله، مع السبب الموجب.
أما الشافعیة فقد منعوا البیع و الاستبدال اطلاقاً، حتی و لو کان الوقف خاصا، کالوقف علی الذریة، و وجد ألف سبب و سبب.. و أجازوا للموقوف علیهم أن یستهلکوا بأنفسهم الوقف الخاص اذا وجد المقتضی، کالشجرة تجف، و لم تعد صالحة للثمر، فإن للموقوف علیهم ان یتخذوها وقودا، و لا یجوز لهم بیعها، و لا استبدالها.
أما المالکیة فقد جاء فی شرح الزرقانی علی أبی ضیاء أن الوقف یجوز بیعه فی حالات ثلاث: الأولی ان یشترط الواقف البیع عند انشاء الوقف، فیتبع شرطه. الثانیة ان یکون الموقوف من نوع المنقول، و لم یعد یصلح للجهة الموقوف علیها، فیباع، و یصرف ثمنه فی مثله و نظیره. الثالثة یباع العقار لضرورة توسیع المسجد، أو الطریق، أو المقبرة، و فیما عدا ذلک لا یسوغ البیع، حتی و لو خرب العقار، و اصبح لا یستغل فی شیء.
أما الحنفیة فقد نقل عنهم أبوزهرة فی کتاب الوقف أنهم اجازوا الاستبدال فی جمیع الأوقاف الخاصة منها و العامة – غیر المسجد – و انهم ذکروا لذلک ثلاث حالات: الأولی أن یشترط الواقف ذلک حین الوقف. الثانیة أن یصیر الوقف
بحال لا ینتفع به. الثالثة أن یکون الاستبدال أدر نفعا، و أکثر غلة، و لا یوجد شرط من الواقف یمنع من البیع.
هذا هو ملخص رأی المذاهب الأربعة فی غیر المسجد، و هم کما رأیت لا فرق عندهم بین الأوقاف الخاصة، و بین الأوقاف العامة – غیر المسجد – من جهة البیع، علی عکس الامامیة الذین فرقوا بینهما.