لا أحد یشک فی أن الاصطیاد، و محاولة الاستیلاء علی الصید جائز شرعا و عقلا بکل آلة و أداة حجرا کانت أو بندقیة، أو سیفا أو رمحا، أو شرکا، أو فخا، أو عصا، أو حفرة، أو فهدا، أو ذئبا، أو صقرا، أو أی شیء، و ان الصائد اذا ادرک الصید حیا ذکاه الذکاة الشرعیة، و حل أکله، سواء أکانت آلة الصید ملکا له أو اغتصبها من غیره.. أجل، علیه أجرة المثل لمالکها، تماما کما هو الشأن فی الأعیان المغصوبة.. کل هذا محل وفاق، و التساؤل انما هو عن هذه الأدوات الجامدة، کالسیف و الرمح و غیرهما اذا قتل بها الصید: فهل یحل أکله، بحیث تحصل التذکیة الشرعیة بقتلها، تماما کما تحصل بقتل الکلب.
و الجواب یستدعی التفصیل بین أنواع آلات الصید الجامدة، فان منها ما له
حد یصلح للذبح به، کالسیف و السکین و الخنجر، و منها ما ینطلق من آلة اخری، و له رأس محدد یصلح لقتل بالخرق، کالسهم و النشاب و منها ما له رأس محدد، و لا ینطلق بواسطة أداة أخری، کالحدیدة المحددة المثبتة فی رأس العصا، أو العصا یبری رأسها، حتی یصیر محددا یمکن القتل به طعنا لا ضربا، و منها ما لا یصلح للقتل بالحد، و لا بالطعن، و انما یقتل بالثقل و العرض، کالحجر، و العامود، و العصا غیر المحددة الرأس.
و یحل الصید المقتول بالنوع الأول و الثانی، أی السیف و السکین و الرمح و السهم و النشاب المنطلق عن غیره، و لا یشترط فی واحد منها أن یجرح أو یخرق الصید، بل الشرط الأساسی ان یکون القتل مستندا الیه بالذات، قال الشهید الثانی فی المسالک ج 2 باب الصید: «یحل مقتوله، سواء أمات بجرحه، أو لا، کما لو اصاب معترضا عند فقهائنا، لصحیحة الحلبی، قال: سألت الامام الصادق علیهالسلام عن الید یضربه بالسیف، أو یطعنه برمح، أو یرمیه بسهم فیقتله، و قد سمی حین رماه، و لم تصبه الحدیدة؟ قال: فان کان السهم الذی رماه هو قتله، فان أراد – الصائد أن یأکله – فلیأکله، و غیرها من الأخبار الکثیرة».
و من هذه الأخبار الکثیرة التی أشار الیها الشهید أن الامام علیهالسلام سئل عن رجل لحق حمارا – وحشیا – أو غزالا، فضربه بالسیف، فقطعه نصفین، هل یحل أکله؟ قال: نعم.
أما النوع الثالث، أی مثل العصا المحددة الرأس، أو السهم الذی لم ینطلق من آلة، أما هذا النوع فان خرق اللحم جاز أکل المقتول به، و یحرم ان قتل بالثقل و العرض، قال صاحب المسالک: «یحل مقتوله بشرط ان یخرقه، و ذلک أن یدخل فیه، ولو یسیرا، و یموت بذلک، فلو لم یخرق لم یحل، فقد روی عن
عدی بن حاتم أنه قال: سألت رسولالله صلی الله علیه و آله و سلم عن صید المعراض؟(1) فقال: ان قتل بحده فکل، و ان قتل بثقله فلا تأکل، و روی أیضا عن الامام الصادق علیهالسلام: اذا رمیت بالمعراض فخرق فکل، و ان لم یخرق و اعترض فلا تأکل».
أما النوع الرابع، و هو ما یقتل بالثقل، کالحجر و العامود، و ما الیه فان مقتوله میتة لا یحل أکلها، قال صاحب المسالک: «لا یحل مقتوله مطلقا، سواء أخدش، أم لم یخدش، و سواء أقطع بعض الاعضاء، أم لم یقطع، فقد سئل الامام الصادق علیهالسلام عما قتل البندق و الحجر، أیؤکل؟ قال: لا». و البندق واحده بندقة، و هی طینة مدورة مجففة، کالتی یلعب بها الاطفال.
و الخلاصة أن ما یقتل بالسیف و السکین و الرمح و السهم، و ما الیه مما ینطلق بواسطة فهو مذکی شرعا یحل أکله، علی أیة صورة وقع القتل عرضا أو خرقا، ما دام القتل مستندا الی الآلة بالذات، و أیضا کل آلة محددة الرأس. حتی العصا اذا کانت کذلک یحل المقتول بها، علی شریطة أن یکون القتل خرقا لا عرضا. و ما عدا ذلک، کالحجر و العامود و العصا غیر المحددة، و الشبکة و الفخ و الحبال فلا یحل ما یقتل به، و انما یتخذ للاستیلاء علی الصید، فاذا أدرکه الصائد حیا ذکاه، و أکله، و الا فهو میتة.
1) المعراض خشبة محددة الطرفین ثقیلة الوسط.