و أول نکبة داهمته و هو فی المرحلة الأولی من طفولته وفاة امه، فقد
اصابتها بعد ولادتها حمی النفاس، و ضلت ملازمة لها، و قد اجتهد الامام الحسین (ع) فی أن یطفیء عنها وقدة الحمی و جذوتها فلم یستطع، و اشتد بها الحال، وفتک بها المرض فتکا ذریعا و ذبلت نضارتها، و عادت کأنها جثمان فارقته الحیاة، و کانت تلقی نظرات مشفوعة بالالم و الحسرات علی طفلها الرقیق الذی لم ینتهل من نمیر عطفها و حنانها.
و اشتدت بها الحمی، و انتابتها الام مبرحة، و بقیت أیاما تعانی من شدة الأسقام حتی صعدت روحها الی السماء کأسمی روح صعدت الی الله(1) و قد انطوت بموتها صفحة ناصعة من صفحات الفضیلة و العفة و الحیاء، و کل ما تعتز به المرأة من أدب و کمال… و قد رزئت الأسرة النبویة بوفاة هذه السیدة الجلیلة التی کانت تمثل الشرف و الفضیلة، و قد جری لها تشییع حاشد ضم الامام الحسین و خیار المسلمین و جماهیر کثیرة من المسلمین، و قد واری جثمانها الشریف فی الکوفة و قد تألم الامام الحسین لفقد هذه السیدة التی عاشت بینهم أیاما کأیام الزهور فلم یطل منها العهد.
لقد نکب الامام زینالعابدین علیهالسلام بوالدته و هو فی أول مرحلة من مراحل طفولته، و کان ذلک ایذانا لتتابع المحن و الخطوب علیه التی لم تجر علی أی انسان سواه.
1) اثبات الوصیة للمسعودی (ص 143) الامام زینالعابدین (ص 18).