(و استفرغ أیامی فیما خلقتنی من أجله) ما خلق الإنسان للظفر بالملذات ولا للتباهی بالمظاهر، ولا للصراع والحرب والاغتیال، ولا للتنافس والغش والنفاق، أو للإحتکار و جمع المال، أو لتتبع عیوب اخوانه و عوراتهم أو لتعدد المذاهب والأحزاب، و ما إلی ذلک من أسواء و تصرفات هوجاء. و إنما خلق لیعمل بوحی العقل و شریعة العدل لا بالمیول والأهواء و أنظلمة الإضطهاد والإستغلال، خلق الإنسان للعلم النافع والتعارف والتعاون علی بناء حیاة فاضلة کاملة. قال خالق العباد لعباده: «و تعاونوا علی البر والتقوی ولا تعاونوا علی الإثم والعدوان واتقوا الله- 2 المائدة» و کلمة «تعاونوا» تشمل التعاون بین الأفراد و مع الجماعة. و کل ما فیه صلاح و إصلاح للحیاة فهو بر، والمراد بالتقوی هنا الإخلاص، و أن یتسم العمل والتعاون بطابع العقیدة و إنسانیتها، ولا إثم أسوأ أثراً من الشتات والتفرقة والتحزب والتعصب و أقسی مظاهر العدوان وضع الإنسانیة بکاملها علی حافة الجحیم و تهدیدها بالفناء والإبادة بالأسلحة النوویة الجهنمیة.
(واغنی و أوسع علی فی رزقک) سهّل علی سبل الرزق والرضا بالمیسور (ولا تفتنی بالنظر) أی بالتطلع إلی ما فی أیدی الناس. و من دعاء الرسول الله (ص): أللهم إنی أعوذ بک من الفقر إلا إلیک، و من الذل إلا لک، و من الخوف إلا منک (و عزنی) بک لا بسواک فان الاعتزاز به ذل و هوان.