اعلم! أنّ السرّ الباطنیّ فی وضع الحجّ و شرعه هو انّ المقصد الأصلیّ من خلق النوع الإنسانیّ معرفة حضرة الباری و الوصول إلى حبّه و أنسه الحقیقیّ المتوقّفین على صفاء النفس المتوقّف على کفّها عن الشهوات و انقطاعها عن اللذّات و إیقاعها فی الریاضات و المشقّات؛ و هذا هو المقصود من وضع العبادات، إذ بعضها ـ کالخمس و الصدقات ـ إنفاقٌ موجبٌ للانقطاع عن حطام الدنیا و رفع الدرجات؛
و بعضها کفٌّ للنفس عن الشهوات ـ کالصوم ـ ؛
و بعضها مجرّد الذکر و توجیه القلب إلى خالق الأرض و السماوات؛ و الحجّ من بینها مشتملٌ على جمیع ما ذکر مع زیادةٍ، ففیه هجر الأوطان و قطع المنازل البعیدة و تعب الأبدان و الإنفاق مع تحمّل المشاقّ و تجدید العهد و المیثاق و التجرّد للأذکار و العبادات بصنوف الطاعات، مع کون کثیرٍ منها ممّا لایهتدی إلیها العقول و لایستأنس بها الطباع ـ کرمی الجمار بالأحجار و تکرار السعی بین الصفا و المروة مع الهرولة بین المنارتین، فیظهر
فیها کمال الاخلاص و العبودیّة ـ ؛ لأنّ مایفهم سرّه العقل البشریّة یکون معیّناً للشرع على فعله بخصوصه، بخلاف ما لاتدرکه العقول، فانّها لایعیّنه بخصوصه و إنّما یأمره بالإطاعة و الامتثال إجمالاً. و هذا أحد الأسرار فی وضع التعبّدیّات.
هذا مع دلالة کلٍّ من أعماله على بعض أحوال الآخرة ـ کما یأتی ـ. مع مافیه من اجتماع الخلق الکثیر و الوصول إلى موضع نزول الوحی على الرسول الأمین و قبله على الخلیل و جمیع الأنبیاء و المرسلین و محلّ ولادة سیّد المرسلین و خیر الوصیّین و تشرّف أماکنها بتوطاء أقدامهم الشریفة، مضافاً إلى الشرافة الحاصلة من الإضافة إلى نفسه(1) و جعل ما حوله حرماً آمنا(2) یأوی الناس إلیه.
و أمّا آدابه الباطنیّة فأمورٌ عدیدةٌ؛
أحدها: تجرید النیّة ـ کما مرّ ـ ؛
و ثانیها: التوبة الخالصة ـ کما تقدّم الکلام علیها ـ ؛
و ثالثها: تعظیم الکعبة و صاحبها؛
و رابعها: أن یفارق فی سفره کلّ ما یشغل قلبه سوى اللّه ـ تعالى ـ، کما قال الصادق – علیه السلام ـ: «إذا أردت الحجّ فجرّد قلبک للّه من کلّ شغلٍ و صحاب کلّ صاحبٍ، و فوّض أمورک کلّها إلى خالقک و توکّل فی جمیع ما تظهره من حرکاتک و سکناتک، و سلّم لقضائه و حکمه و قدره، و دع الدنیا و الراحة و الخلق، و اخرج من حقوق الناس و لاتعتمد على زادک و راحلتک و أصحابک و قومک و ثیابک و مالک مخافة أن یصیر ذلک عدوّاً و وبالاً، فانّ من ادّعى رضاء اللّه ـ تعالى ـ و اعتمد على ما سواه صیّره علیه وبالاً و عدوّاً لیعلم أنّه لیس له قوّةٌ و حیلةٌ و لا لأحدٍ إلّا بعصمة اللّه و توفیقه. و استعد استعداد من لایرجو الرجوع، و أحسن الصحبة و راع أوقات فرائض اللّه و سنن نبیّه و ما یجب علیک من الآداب و الإحتمال و الصبر و الشکر و الشفقة و السخاوة و ایثار الزاد على دوام
الأوقات. ثمّ اغسل بماء التوبة الخالصة ذنوبک و البس کسوة الصدق و الصفا و الخضوع و الخشوع، و احرم من کلّ شیءٍ یمنعک عن ذکر اللّه و یحجبک عن طاعة ولیّه بمعنى أحبّه أجابةً صادقةً صافیةً خالصةً زاکیةً للّه فی دعوتک متمسّکاً بالعروة الوثقى، و طف بقلبک مع الملائکة حول العرش کطوافک مع المسلمین بنفسک، و هرول هرولة من هولک و تبرّأ من حولک و قوّتک، و اخرج من غفلتک و زلّاتک بخروجک، و لاتتمنّ ما لایحلّ لک و لاتستحقّه، و اعترف بخطایاک بالعرفات، و جدّد عهدک عند اللّه بوحدانیّته و القرب إلیه، و اتقه بمزدلفة، و اسعد بروحک إلى الملأ الأعلى بصعودک على الجبل، و إذبح حنجرة الهوى و الطمع عند الذبیحة و دم الشهوة و الخساسة و الدناءة عند رمی الجمرات، و احلق العیوب الظاهرة و الباطنة بحلق شعرک، و ادخل فی أمان اللّه و کنفه و ستره و کلاءته من متابعة مرادک بدخول الإحرام و البیت متحقّقاً لتعظیم صاحبه و معرفة جلاله و سلطانه، و استسلم الحجر رضاءً لقسمته و خضوعاً لعزّته، و ورّع ما سواه بطواف الوداع، و اصف روحک و سرّک للقائه یوم تلقاه بوقوفک على الصفا، و کن بمرئىً من اللّه نقیّاً أوصافک عند المروة. و استقم على شرط حجّتک هذه و وفاء عهدک الّذی عاهدت مع ربّک و أوجبته إلى یوم القیامة»(3) ـ… الحدیث ـ.
و أمّا الآداب الظاهرة فهی عشرةٌ:
الأوّل: أن تکون النفقة و الزاد و الراحلة حلالاً؛
و الثانی: أن لایکون معیناً للظالمین؛
و الثالث: التوسّع فی الزاد و طیب النفس فی البذل و الإنفاق ـ و قال صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «الحجّ المبرور لیس له الأجر(4) إلّا الجنّة!
فقیل: یا رسول اللّه! ما برّ الحجّ؟
قال: طیب الکلام و إطعام الطعام»(5) ـ ؛
و الرابع: ترک الرفث و الفسوق و الجدال فی الحج ـ کما قال تعالى: (فَلاَرَفَثَ وَ لاَفُسُوقَ وَ لاَجِدَالَ فِی الْحَجِّ)(6)؛ «الرفث»: هو کلّ لغوٍ و فحشٍ من الکلام؛ و «الفسوق»: الخروج من طاعة اللّه؛ و «الجدال»: هو الممارات و الخصومة الموجبة للضغائن و الأحقاد ـ ؛
و الخامس: أن یحجّ ماشیاً، فانّه أفضل و أدخل للنفس فی الإذعان لعبودیة اللّه. و قیل: «الرکوب أفضل، لما فیه من مؤونة الانفاق، و لأنّه أبعد من الملال و أقلّ للأذى و أقرب إلى السلامة و أداء الحجّ»؛ و الحقّ التفصیل، فیقال: من سهل علیه المشی فهو أفضل ـ لما ذکر ـ، و من أضعفه أو أدّى إلى سوء خلقٍ أو قصورٍ عن العمل فالرکوب أفضل؛
و السادس: أن یرکب الزاملة دون المحمل لاشتماله على ذیّ المترفین و المتکبّرین، و لأنّه أخفّ على البعیر إلّا لعذرٍ؛
و السابع: أن یخرج رثّ الهیئة لیدخل فی حزب المساکین و یبعد من ذیّ المتبخترین؛
و الثامن: أن یرفق بالدابّة و لایحملها ما لاتطیق؛
و التاسع: أن یتقرّب باراقة دمٍ و یجتهد أن یکون سمیناً ثمیناً؛
و العاشر: أن یکون طیّب النفس بما أنفقه من هدیٍ و غیره.
و اعلم! أنّه من المستحبّات المؤکّدة زیارة حضرة الرسالة بالمدینة و أهل بیته الطاهرة فی مشاهدهم المشرّفة. و سرّه انّ النفوس القدسیّة ـ سیّما النفوس المعصومیّة ـ إذا فارقوا أبدانهم العنصریّة و اتّصلوا بالذوات المقدّسة و المجرّدات الصرفة صارت غلبتهم و إحاطتهم بهذا العالم أقوى، و لهم التمکّن من التصرّف فی هذا العالم من التغییر و التبدیل و الاحالة کما کان فی حال حیاتهم الظاهریّة، فاطّلاعهم على من یزورهم و یقصد مشاهدهم
ممّا لاریب فیه. فهم (أَحْیَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ یُرزَقُونْ – فَرِحِینَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)(7) و ذلک یوجب هبوب نسائم ألطافهم و فیضان رشحات أنوارهم على الخلّص من قاصدیهم و زوّارهم و شفاعتهم فی غفران ذنوبهم و ستر عیوبهم و کشف کروبهم؛ مع ما فیه من صلتهم و برّهم و تجدید عهد ولایتهم و إعلاء کلمتهم و تشمیت أعدائهم، مع ما لهم من الحقوق الکثیرة على الناس و تحمّلهم المشاقّ العظیمة فی إرشاد الطالبین و تنبیه الجاهلین؛ مع کونهم أئمّةً و قدوةً للمسلمین و حججاً من اللّه على العالمین، و المخلوق لأجلهم السماوات و الأرضین. فلذا سأل عن ذلک بقوله: «و زیارة قبر نبیّک ـ… إلى آخره ـ».
و من الأخبار المستفیضة عنه ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: «من حجّ و لم یزرنی فقد جفانی»(8)؛
و بسندٍ صحیحٍ عن أبی جعفرٍ – علیه السلام ـ قال: «ابدءوا بمکّة و اختموا بنا»(9)؛
و عن المعلّی بن شهاب قال: قال الحسین – علیه السلام ـ لرسول اللّه ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: «یا أبتاه! ما لمن زارک؟
فقال رسول اللّه ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: یا بنیّ! من زارنی حیّاً أو میّتاً أو زار أباک أو زار أخاک أو زارک کان حقّاً علیّ أن أزوره یوم القیامة و أخلّصه من ذنوبه»(10)؛
و روى أبوحجر الأسلمیّ عن أبی عبداللّه قال: «قال ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ :
من أتى مکّة حاجّاً أو معتمراً(11) و لم یزرنی إلى المدینة جفوته یوم القیامة، و من أتانی زائراً
وجبت له شفاعتی، و من وجبت له شفاعتی وجبت له الجنّة»(12)
و المستفادّ من هذا الخبر عدم جواز ترک زیارة النبیّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ لولا الأخبار المعارضة و الشهرة، و لا أقلّ من أنّه لایجوز الترک اختیاراً؛ قال الشهید الأوّل فی الدروس: «یستحبّ للحاجّ و غیرهم زیارة النبی ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ بالمدینة استحباباً مؤکّداً، و یجبر الإمام الناس على ذلک لو ترکوه»(13) مستنداً بهذا الحدیث المذکور.
<قوله - علیه السلام ـ : «صلواتک علیه و رحمتک و برکاتک علیه و على آله». جملةٌ دعائیّةٌ معترضةٌ بین المعطوف و المعطوف علیه لامحلّ لها من الإعراب>(14)
قیل: «تخلّل لفظ «على» بین الضمیر الراجع إلى الرسول ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ و بین آله بظاهره منافٍ لحدیث: «من فصّل بینی و بین آلی بعلى لم ینل شفاعتی»(15)؛ والتوجیه: انّ لفظ «على» إمّا مصحّف علیٍّ ـ علماً للذات المقدّسة الحضرة الغرویّة، أعنی: علیّ بن أبی طالبٍ علیه السلام ـ ؛ و إمّا أنّه مخصوصٌ بصریح اسمه ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ بمعنى انّه لایجوز أن یقال هکذا: أللّهمّ صلّ على محمّدٍ و على آل محمّدٍ، و الضمیر هنا راجعٌ إلى «الرسول»، فالفرق بینه و بین ما فهم من الحدیث المشهور بالوجهین؛ فتوجّه!. قوله – علیه السلام ـ: «و رحمتک و برکاتک علیه» لیس فی نسخة ابن ادریس»؛ انتهى.
أقول: الظاهر انّ حدیث «من فصّل بینی و بین آلی بـ: على» لا أصل له، و به قال الفاضل الدوانیّ فی حواشیه على التجرید(16)؛ و الشیخ الکفعمیّ نقل عن الشیخ الکراجکی
فی الجزء الثانی من کتابه کنز الفوائد انّه قال: «لم أسمع خبراً یجب التعویل علیه فی هذا المعنى»(17) و قیل: «انّ هذا الحدیث نقلته الزیدیّة أوّلاً فی طریقهم و اشتبه على بعض الناس حتّى زعموا انّه من طریق الإمامیّة».
و قوله – علیه السلام ـ: «أبداً مّا أبقیتنی فی عامی هذا و فی کلّ عامٍ».
<«الأبد»: الدهر؛ و قیل: «الدهر الطویل الّذی لاحدّ له». و نصبه على الظرفیّة؛ أی: دهراً طویلاً. و هو متعلّقٌ بـ «امنن»>(18)، و کذا قوله – علیه السلام ـ: «فی عامی هذا»؛ و قیل: «متعلّقٌ بـ: أبقیتنی».
و «العام»: الحول؛ و فی القاموس: «العام: السنة»(19)
و «هذا» صفةٌ لـ «لعام» بتأویل الحاضر؛ و المعنى: ارزقنی فی کلّ سنةٍ حجّةً و عمرةً. و هذا یدلّ على اختصاص الدعاء به – علیه السلام ـ، و إلّا فمن قرب مکّة ممکنٌ له أیضاً، و أمّا من بعد فلایمکن له بالإمکان الوقوعیّ و إن کان ممکناً له بالإمکان العقلیّ.
قوله – علیه السلام ـ: «و اجعل ذلک مقبولاً ـ… إلى آخره ـ».
«ذلک» إشارةٌ إلى المذکور من الحجّ و العمرة.
«مقبولاً» أی: مرضیّاً للّه؛ و التذکیر باعتبار لفظ «ذلک»، و کذا القول فی «مشکوراً».
<و «المذخور»: ما أعدّ لوقت الحاجة إلیه؛ أی: اجعل ثوابه ذخراً و عدةً لیوم فاقتی إلیه، و هو یوم القیامة>(20)
وَ أَنْطِقْ بِحَمْدِکَ وَ شُکْرِکَ وَ ذِکْرِکَ وَ حُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَیْکَ لِسَانِی، وَ اشْرَحْ لِمَرَاشِدِ دِینِکَ قَلْبِی.
«شرح» فلانٌ أمره: إذا أظهره و أوضحه، و منه: شرَح المسألة: إذا بیّنها و فسّرها، و: شرح اللّه صدره للإسلام: وسّعه لقبول الحقّ.
قال أمین الإسلام الطبرسیّ: «قد وردت الروایة الصحیحة انّه لمّا نزل قوله ـ تعالى ـ: (فَمَنْ یُرِدِ اللَّهُ أَنْ یَهدِیَهُ یشَرَحْ صَدْرَهُ لِلاِسلاَمِ)(21) ـ… الآیة(22) ـ سئل رسول اللّه ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ عن «شرح الصدر» ما هو؟
فقال: «نورٌ یقذفه اللّه فی قلب المؤمن فینشرح له صدره فینفتح(23)،
قالوا: فهل لذلک من أمارةٍ یعرف بها؟
قال ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: نعم! الإنابة إلى دار الخلود و التجافی عن دار الغرور و الاستعداد للموت قبل نزول الموت»(24)
فظهر من هذه الروایة انّ شرح القلب کنایةٌ عن نوره و استعداد فهمه؛ أی: اجعل قلبی مهدیّاً فی طرق دینک و سلوکها بحیث یوصل إلى النجاة.
وَ أَعِذْنِی وَ ذُرِّیَّتِی مِنَ الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ، وَ مِنْ شَرِّ السَّامَّةِ وَ الْهَامَّةِ و الْعَامَّةِ وَ اللاَّمَّةِ.
«و أعذنی» أی: أجرنی بحفظک و اعصمنی و إیّاهم فی کنف حمایتک من إبلیس المردود المرجوم المطرود فی صقع اللّه و المبعّد من جنابه و من باب رحمته حتّى لایضلّنی.
<و أصل «الرجم»: الرمی بالحجارة؛ أو لأنّه یرجم بالکواکب ـ لقوله تعالى: (وَ
جَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّیَاطِینَ)(25)، أو لأنّه یرجم بالشهب الّتی تنقص فی اللیل و ترجم بها الشیاطین ـ ؛ أو من: رجمته بالقول: إذا شتمته و رمیته بالفحش، لأنّه یسبّ و یشتم>(26)
<و قال رهطٌ: «الرجوم هی الظنون الّتی تحرز و تظنّ، و منه قوله ـ سبحانه ـ: (سَیَقُولُونَ ثَلاَثَةٌ رَابِعُهُمْ کَلبُهُمْ وَ یَقُولُونَ خَمسَةٌ سَادِسُهُمْ کَلبُهُمْ رَجْماً بِالْغَیبِ)(27)»>(28) و قال السیّد السند الداماد: «و هی ما للمنجّمین من الظنون و الأحکام على اتّصالات الکواکب و انفصالاتها، و إیّاهم عنی بالشیاطین، فانّهم شیاطین الإنس»(29)
و ذکر المفسّرون فی (إِنِّی أُعِیذُهَا بِکَ وَ ذُرِّیَّتَهَا مِنَ الشَّیطَانِ الرَّجِیمِ)(30): «أی: أجیرها و ذرّیّتها بحفظک عنه»؛
<و روی عن النبیّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ فی تفسیر هذه الآیة: «انّه ما من مولودٍ إلّا و الشیطان یمینه حین یولد فیستهلّ صارخاً من مسّ الشیطان إیّاه، إلّا مریم و ابنها ـ علیهما السلام(31) ـ».
و هو أحد الأسباب الواردة فی بکاء الأطفال حین الولادة؛
و قیل: «السبب فیه انّه یلهم الموت و المفارقة للجمیع»؛
و قیل: «إنّما هو لأجل خروج الرطوبات البدنیّة الّتی کانت معه من الرحم الضارّة القاتلة لو لم یخرج، و لذا ورد النهی عن ضرب الأطفال حال البکاء».
و فی بعض الأخبار: «السبب فیه کون إمام العصر – علیه السلام ـ یتجلّی له فیراه و یعلّمه ما یفعله العقلاء، و لذا یصدر من الأطفال من الأفعال الغریبة و التلفّظات العجیبة ما
لایصدر من أکثر العقلاء. فإذا مضى عنه الإمام و فارقة بکا علیه الطفل شوقاً إلیه»(32)؛
و فی بعضٍ آخر: «إنّ السبب فیه انّ ملکاً ـ اسمه زاجرٌ ـ یدخل من فم المرءة حین الولادة فیزجر الولد حتّى ینکسه على أمّ رأسه، فیخرج و هو باکٍ من تلک الزجرة»(33)
و لاتنافی بین هذه الروایات، لأنّ علل الشرع معرّفاتٌ>(34)
و قیل: «التقیید بـ «الرجیم» یجوز أن یکون إشارةً إلى أنّه من أخبث الشیاطین، لأنّه رئیسهم؛
و یجوز أن یکون إشارةً إلى أنّ بعض الشیاطین مسلمین لاینبغی الاستعاذة منهم. روى الصفّار(35) و غیره(36) قال: قال أبو عبداللّه – علیه السلام ـ: «بینا رسول اللّه ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ ذات یومٍ جالساً إذ أتاه رجلٌ طویلٌ کأنّه نخلةٌ!، فسلّم علیه، فقال رسول اللّه ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم -: کم أتى لک؟
قال: أنا أیّام قتل قابیل هابیل غلامٌ أفهم الکلام و أنهی عن الاعتصام و آمر بقطیعة الأرحام و أفسد الطعام، و لکنّی تبت على یدی نوحٍ و کنت معه فی سفینته و عاتبته على دعائه على قومه حتّى بکا و أبکانی، و قال: لاجرم انّی على ذلک من النادمین. و کنت مع إبراهیم حین ألقی فی النار، و علّمنی موسى سفراً من التوراة و عیسى سفراً من الإنجیل، و قال: لو أدرکت محمّداً ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ فاقرأه منّی السلام. فدفعه رسول اللّه ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ إلى علیٍّ – علیه السلام ـ و علّمه سوراً من القرآن».
و قد استجاب اللّه دعاه مع دعاء آبائه الطاهرین و أعاذه و شیعته من الشیاطین. روى الصدوق(37) باسناده قال: قال رسول اللّه ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: «لمّا أسری بی إلى
السماء حملنی جبرئیل – علیه السلام ـ على کتفه الأیمن، فنظرت إلى بقعةٍ بأرض الجبل حمراء أحسن لوناً من الزعفران و أطیب ریحاً من المسک، فاذاً فیها شیخٌ على رأسه برنسٌ، فقلت لجبرئیل: ما هذه البقعة الحمراء؟
قال: بقعة شیعتک و شیعة وصیّک علیٍّ – علیه السلام ـ،
فقلت: من الشیخ صاحب البرنس؟
قال: إبلیس!
قلت: فما یرید منهم؟
قال: یرید أن یصدّهم عن ولایة أمیرالمؤمنین – علیه السلام ـ و یدعوهم إلى الفسوق و الفجور،
فقلت: یا جبرئیل! أهو بنا إلیهم، فأهوى بنا إلیهم أسرع من البرق الخاطف!، فقلت: قم یا ملعون! فشارک أعدائهم فی أموالهم و أولادهم و نسائهم، فانّ شیعتی و شیعة علیٍّ لیس لک علیهم سلطان!»؛ فسمّیت تلک البلاد «قم» لذلک.
و هکذا کان حال علیٍّ – علیه السلام ـ معه. روى الصدوق(38) أیضاً باسناده إلى علیٍّ – علیه السلام ـ قال: «کنت جالساً عند الکعبة فاذا شیخٌ محدودب، فقال: یا رسول اللّه! ادع لی بالمغفرة!
فقال النبیّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: خاب سعیک یا شیخ و ضلّ عملک!. فلمّا ولّى الشیخ قال: ذاک اللعین إبلیس!
قال علیٌّ – علیه السلام ـ: فعدوت خلفه حتّى لحقته و صرعته إلى الأرض و جلست على صدره و وضعت یدی على حلقه لأخنقه!، فقال: لاتفعل یا أباالحسن، فانّی (مِنَ الْمُنظَرِینَ – إِلَى یَومِ الْوَقتِ الْمَعلُومِ)(39) و اللّه یا علیّ! انّی لأحبّک جدّاً و ما أبغضک أحدٌ إلّا أشرکت أباه فی أمّه فصار ولد زنا!. فضحکتُ و خلّیت سبیله».
فإذا کان هذا حال علیٍّ – علیه السلام ـ معه فأنّى له التسلّط على شیعته بأن یخرجهم و یصدّهم عن ولایته؟!. و هذا هو التسلّط المنتفى فی قوله ـ تعالى ـ: (إِنَّ عِبَادِی لَیسَ لَکَ عَلَیهِمْ سُلطَانٌ)(40) ـ کما فی الأخبار ـ»(41)؛ انتهى.
أقول: هذا القائل قد غفل عن مرتبة العبودیّة و معنى الشیعة، فحملها على الظاهر. و لیس کذلک، فانّ خلافه مشاهدٌ محسوسٌ!. فالحریّ أن یحملا على المعنى الّذی قد سبق ذکره؛ و الشاهد على ذلک قوله ـ سبحانه ـ: (فَبِعِزَّتِکَ لاُغوِیَنَّهُمْ أَجمَعِینَ – إِلاَّ عِبَادَکَ مِنهُمُ الُمخلَصِینَ)(42)
و «السامّة» ـ بتشدید المیم ـ إذا قرنت بـ «الهامّة» ـ بالتشدید أیضاً ـ فالمراد بها: ما یسمی و لایبلغ أن یقتل بسمّه ـ کالعقرب و الزنبور ـ.
و «الهامّة»: کلّ ذات سمٍّ یقتل ـ کالحیّة(43) ـ، کما قاله ابن الأثیر(44)؛
<و إذا قرنت بـ «العامّة» و «الحامّة» فالمراد بها: الخاصّة؛ و منه من قال حین یمسی و حین یصبح: «أعوذ بک من شرّ السامّة و الهامّة و من شرّ ما خلقت»(45) لمتضرّه دابّةٌ.
و «الحامّة» کما تطلق على العامّة تطلق على خاصّة الرجل من أهله و ولده، لکن عطفها
على «السامّة» عیّن کون المراد بها المعنى الأوّل>(46)
و قیل: <«الهامّة واحدة: الهوام، یطلق على مایدبّ من الحشرات و إن لم یقتل؛ و منه حدیث کعب بن عجزة: «أ تؤذیک هوامّ رأسک(47) ؟»(48) أراد القمّل. و قال المطرّزی: «السامّی بمعنى الخاصّة، من سمت النعمة: إذا خصبت. و یقال: أصله: المسمّة الخاصّة و الأقارب»(49) و قیل: «معناه: الّذین یتّبعون العورات و یتجسّسون المعایب، من قولهم: فلانٌ یسمّ ذلک الأمر أی: یسبره و ینظر ما غوره»(50)>(51)
و «العامّة»: عوامّ الناس، خلاف الخاصّة؛ و المراد بها کلّ بلیّةٍ عمّت الناس ـ کالوبا و القحط و غیر ذلک من المصائب العامّة ـ، کما فی قوله ـ تعالى ـ: (وَ اتَّقُوا فِتنَةً لاَتُصِیبَنَّ الَّذِینَ ظَلَمُوا مِنکُمْ خَاصَّةً)(52) و فی بعض الدعاء: «و العامّة و الخاصّة»(53)
و «اللّامة» ـ بتشدید اللام و تخفیف المیم ـ: ما فیه لمٌّ، و هو قسمٌ من الجنون. <و المراد بها هی الجِنّة الّتی تصیب الإنسان بسوءٍ، یقال: أصاب فلاناً من الجِنّة لمّةٌ، أی: مسٌّ، و شیءٌ قلیلٌ>(54)؛
و قیل: «هی کلّ نازلةٍ شدیدةٍ، من اللمّة بمعنى: الشدّة»، و عن رسول اللّه ـ صلّى اللّه
علیه و آله و سلّم ـ: «أعوذ بکلمات اللّه التامّة من شرّ کلّ سامّةٍ(55) و من کلّ عینٍ لامّةٍ»(56)
أی: ذات لممٍ(57) و قد یفسّر باصابة العین. و الظاهر حینئذٍ أن یقال: الملمّة ـ و هی النازلة ـ.
و إنّما قال: «لامة» لیزاوج السامّة. و فی معانی الأخبار(58) للصدوق عن أبی عبداللّه – علیه السلام ـ عن قول رسول اللّه ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: «أعوذ بک من شرّ السامّة و الهامّة و العامّة و اللّامة»؛ فقال: «السامّة: القرابة؛ و الهوام: هوام الأرض؛ و اللّامة: لمم الشیاطین؛ و العامّة: عامّة الناس»؛
فالاعتبار بقول المعصوم لابأقوال أهل اللغة.
وَ مِنْ شَرِّ کُلِّ شَیْطَانٍ مَرِیدٍ، وَ مِنْ شَرِّ کُلِّ سُلْطَانٍ عَنِیدٍ، وَ مِنْ شَرِّ کُلِّ مُتْرَفٍ حَفِیدٍ، وَ مِنْ شَرِّ کُلِّ ضَعِیفٍ وَ شَدِیدٍ، وَ مِنْ شَرِّ کُلِّ شَرِیفٍ وَ وَضِیعٍ، وَ مِنْ شَرِّ کُلِّ صَغِیرٍ وَ کَبِیرٍ، وَ مِنْ شَرِّ کُلِّ قَرِیبٍ وَ بَعِیدٍ، وَ مِنْ شَرِّ کُلِّ مَنْ نَصَبَ لِرَسُولِکَ وَ لاَهْلِ بَیْتِهِ حَرْباً مِنَ الْجِنِّ وَ الاِنْسِ، وَ مِنْ شَرِّ کُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِیَتِهَا، إِنَّکَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِیمٍ.
«المَرید» ـ بفتح المیم ـ: المتمرّد و المتکبّر؛ قال فی القاموس: «مرَدَ ـ کنصر(59) ـ مروداً(60) و مرادةً فهو ماردٌ(61) و متمرّدٌ: أقدم و عتا، أو هو أن یبلغ الغایة الّتی یخرج بها من جملة ما علیه
ذلک الصنف»(62)؛ انتهى. و قیل: «هو نوعٌ من الشیطان».
و «العنید»: فعیلٌ من: عنَدَ عن القصد عنوداً ـ من باب قعد ـ أی: جار، فالعنید: الجائر عن القصد الباغی الّذی یردّ الحقّ مع العلم به ـ أی: المعاند للحقّ و مخالفه ـ.
و «المترف»: المتنعّم المتوسّع<فی ملاذّ الدنیا و شهواتها؛ أو من قولهم: أترفته النعمة: وسّعه العیش، أی: أطغته و أبطرته، فـ «المترف» حینئذٍ بمعنى: الطاغی البطر>(63) و فی الأساس: «أترفته النعمة: أبطرته»(64)
<و «الحفید»: فعیلٌ إمّا بمعنى مفعولٍ ـ أی: محفودٍ، و هو الّذی یخدمه أصحابه و یسارعون فی حوائجه ـ ؛ أو من «حقید»(65) ـ بالقاف ـ بمعنى: ذی حقدٍ؛ أو حقود(66) ـ على
المبالغة>(67) ـ.
<و «ضَعُفَ» عن الشیء ـ من باب قرب ـ: عجز عن احتماله، فهو ضعیفٌ.
و «شدّ» الشیء یشدّ ـ من باب ضرب ـ: قوی، فهو شدیدٌ. و المراد>(68) من «کلّ
ضعیفٍ و شدیدٍ»: بتمامهم و بأجمعهم، و کذا المراد من الفقرات التالیة. و المتعارف الترقّی من الأدنى إلى الأعلى، لابالعکس، فلایحتاج إلى الإعتذار بأنّ تقدیم «الضعیف» على «الشدید» للسجع و لمزید الاهتمام بالاستعاذة من شرّه، فانّ الشدید لشدّته یکثر الاحتراز و التوقّی من شروره؛ بخلاف الضعیف، فانّه کثیراً مّا یحتقر ـ فلایعبأ به لضعفه ـ، فینفذ شرّه و هو مقفولٌ عنه ـ کما قیل:
وَ لاَتَحتَقِرْ کَیدَ الضَّعِیفِ فَرُبَّمَا++
تَمُوتُ الاَفَاعِی مِن سُمُومِ الْعَقَارِبِ! ـ
و قال أبوعبیدة: «العرب تقدّم الأخسّ غالباً، یقولون: ربیعة و مضرّ و سلیم و عامر و لم یترک قلیلاً و لاکثیراً»؛ کما فعله الشارح الفاضل(69)
و «الشریف»: الماجد الرفیع القدر.
و «الوضیع»: الساقط الّذی لاقدر له.
و المراد بـ «الصغیر» و «الکبیر» إمّا باعتبار السنّ؛ أو باعتبار المهانة و القدر.
و «القریب» و «البعید» إمّا باعتبار المسافة؛ أو باعتبار النسب.
و قوله: «من نصب»، الظاهر انّه من حارب الرسول و علیّاً – علیهما السلام ـ و أظهر عداوتهما؛ من: نصبت زیداً الحرب و العداوة: أقمتها و أظهرتها له؛ و منه: الناصب، و هو معلن العداوة لعلیٍّ – علیه السلام ـ و شیعته. قال فی القاموس: «النواصب و الناصبیّة و أهل النصب: المتدیّنون ببغضة علیٍّ – علیه السلام ـ، لأنّهم نصبوا له ـ أی: عادوه»(70) ـ. و
لایبعد أن یکون المراد کلّ من نصب الحرب له و لذرّیّته الطاهرة ـ علیهم السلام ـ.
<و «الدابّة»: کلّ حیوانٍ یدبّ فی الأرض. و خالف بعضهم فأخرج الطیر من الدوابّ، و یردّه قوله ـ تعالى ـ: (وَ اللَّهُ خَلَقَ کُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ)(71) قالوا: أی: خلق کلّ حیوانٍ ـ ممیّزاً کان أو غیر ممیّزٍ ـ. و أمّا تخصیص الدابّة بذات القوائم الأربع فعرفٌ طارىءٌ. و تطلق «الدابّة» على الذکر و الأنثى؛ و الجمع: الدوابّ>(72)
و قوله – علیه السلام ـ: «أنت آخذٌ بناصیتها» کما مرّ سابقاً کنایةٌ عن التسلّط و الغلبة على الشیء، أی: مالکٌ لها قادرٌ علیها یصرّفها کیف یشاء.
و قوله: «إنّک على صراطٍ مستقیمٍ» تعلیلٌ لما یدلّ علیه عموم طلب إعاذته من شرّ کلّ دابّةٍ یدبّ على وجه الأرض، أی: الطریق الحقّ العدل الّذی لکلّ شیءٍ یصل إلیک؛ و سبق
الکلام علیه مستوفىً.
قال بعضهم ـ رحمه اللّه ـ: «اعلم! أنّ جماعةً من المنحرفین عن الصراط سمعوا قول اللّه ـ تعالى ـ: (وَ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِیَتِهَا إِنَّ رَبِّی عَلَى صِرَاطٍ مُستَقِیمٍ)(73)، و سمعوا قول النبیّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: «الطرق إلى اللّه بعدد أنفاس الخلائق»(74)،
فتصوّروا من الآیة: انّ جمیع الخلائق ـ بل جمیع الموجودات ـ على الصراط المستقیم؛ و من الخبر: انّ الطرق إلیه هی الطرق المشتهرة من الملل و النحل و المذاهب؛ فحکموا من هذین التصوّرین انّ الکلّ على الصراط المستقیم و الطریق الحقّ، و انّ نسبة الکلّ إلى اللّه نسبةٌ واحدةٌ، و لیس لأحدٍ مزیّةٌ على الآخر لا من الأنبیاء و الأولیاء و لا من غیرهما من العلماء و العارفین و الملائکة المقرّبین. و عطّلوا بذلک جمیع الأحکام الشرعیّة و القوانین الإلهیّة، و ما التفتوا إلى العلم و العمل و القیام بالتکلیف و غیر ذلک، و نظروا إلى الجمیع بعینٍ واحدةٍ و نظرٍ واحدٍ. و هذه مفسدةٌ عظیمةٌ فی الدین ـ نعوذ باللّه منها!ـ.
و جماعةٌ أخرى منهم توهّموا من قول اللّه ـ تعالى ـ: (وَ اللَّهُ بِکُلِّ شَیْءٍ عَلِیمٌ)(75) و من
قوله: (وَ هُوَ مَعَکُمْ أَینَ مَا کُنتُمْ)(76) انّ قرب الجمیع و بعده بالنسبة إلى اللّه متساویان و لیس لأحدٍ مزیّةٌ على الآخر من الأنبیاء و الأولیاء و غیرهم!. و هذا التوهّم أیضاً من أعظم المهالک و أکبر المفاسد!، فوجب رفعه علینا بعنایة اللّه و حسن توفیقه غیرةً على الدین و شفقةً على المسلمین.
فنقول: ینبغی أن تعرف انّ الطریق و القرب من اللّه ـ تعالى ـ إلى الموجودات خلاف طریقهم و قربهم إلى اللّه، لأنّ طریقه و قربه إلیهم من حیث الوجود و الاحاطة و قربهم و طریقهم إلى اللّه من حیث السلوک و الاستعداد؛ و بینهما بونٌ بعیدٌ!، لأنّ القرب و الطریق
الّذی هو من طرق الحقّ إلیهم واقعٌ أزلاً و أبداً على وتیرةٍ واحدةٍ لایختلف فیه شیءٌ و لایتبدّل ـ (لاَتَبدِیلَ لِکَلِمَاتِ اللَّهِ)(77) ـ، بل هو الآن کما کان فی الأزل، (فِطرَتَ اللَّهِ الَّتِی فَطَرَ النَّاسَ عَلَیهَا لاَتَبدِیلَ لِخَلْقِ اللَّهِ)(78)
و لیس هذا المعنى مخصوصاً بزمانٍ و لامکانٍ، و لیس لأحدٍ مزیّةٌ على الآخر، و الحجر و المدر و النبات و الحیوان و الإنسان و الملک فیه سواءٌ، لأنّ نسبة المحیط إلى المحاط نسبةٌ واحدةٌ، و نسبة المظهر إلى الظاهر کذلک. و مثال ذلک قرب المداد بکلّ حرفٍ من حروف هذا الکتاب، لأنّه لیس مدادٌ من حیث إنّه مدادٌ أقرب إلى حرفٍ منه إلى حرفٍ آخر و إن کان بینهما نسبةٌ بالتقدّم و التأخّر بحسب الکتابة.
و أمّا القرب و الطریق الّذی هو من طرق المخلوقات و الموجودات الشریفة فهو من حیث الاستعداد و السلوک، و لهذا لایحصل أصلا إلّا بعد الاستعداد الذاتیّ الّذی یکون بقدر سلوکهم و مجاهدتهم و ریاضتهم. فالصراط المستقیم السلوکیّ غیر الصراط المستقیم الوجودیّ، و لهذا لایصل إلیه کلّ أحدٍ. و إن وصل إلیه أحدٌ لایکون إلّا بعد مجاهدةٍ شاقّةٍ و ریاضةٍ صعبةٍ مع وجود شیخٍ کاملٍ و مرشدٍ.
و یعرف تحقیق هذا من قرب النبیّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ لیلة المعراج الّذی کان من حیث السلوک فی قوله ـ تعالى ـ: (قَابَ قَوسَینِ أَو أَدنَى)(79)، لأنّ هذا القرب قربٌ لایمکن أقرب منه و لایمکن حصوله لغیره أصلاً، و معلومٌ انّ اللّه ـ تعالى ـ قال: (وَ نَحنُ أقْرَبُ إِلَیهِ مِنْ حَبلِ الْوَرِیدِ)(80)؛ فلوکان هذا القرب کافیاً لم یکن النبیّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ و لاغیره محتاجاً إلى السلوک و طلب القرب. فافهم؛ فانّه دقیقٌ!».
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ مَنْ أَرَادَنِی بِسُوءٍ فَاصْرِفْهُ عَنِّی، وَ ادْحَرْ
عَنِّی مَکْرَهُ، وَ ادْرَأْ عَنِّی شَرَّهُ، وَ رُدَّ کَیْدَهُ فِی نَحْرِهِ. وَ اجْعَلْ بَیْنَ یَدَیْهِ سُدّاً حَتَّى تُعْمِیَ عَنِّی بَصَرَهُ، وَ تُصِمَّ عَنْ ذِکْرِی سَمْعَهُ، وَ تُقْفِلَ دُونَ إِخْطَارِی قَلْبَهُ، وَ تُخْرِسَ عَنِّی لِسَانَهُ، وَ تَقْمَعَ رَأْسَهُ، وَ تُذِلَّ عِزَّهُ، وَ تَکْسِرَ جَبَرُوتَهُ، وَ تُذِلَّ رَقَبَتَهُ، وَ تَفْسَخَ کِبْرَهُ، وَ تُوْمِنَنِی مِنْ جَمِیعِ ضَرِّهِ وَ شَرِّهِ وَ غَمْزِهِ وَ هَمْزِهِ وَ لَمْزِهِ وَ حَسَدِهِ وَ عَدَاوَتِهِ وَ حَبَائِلِهِ وَ مَصَایِدِهِ وَ رَجِلِهِ وَ خَیْلِهِ، إِنَّکَ عَزِیزٌ قَدِیرٌ.
«و من أرادنی» ـ بالنون للوقایة ـ أی: من قصدنی، و لا اعتبار بالباء الموحّدة التحتانیّة ـ کما فی بعض النسخ ـ.
<و نکّر «السوء» مبالغةً، أی: بشیءٍ یسوءنی.
و «باؤه» للالصاق.
و «صرَفْت» الشیء ـ من باب ضرب ـ: رددته، أی: فردّه عنّی.
و «دحره» دحراً و دحوراً ـ من باب منع ـ: طرده و أبعده>(81)، أی: اطرد و ابعد کیده. و فی نسخةٍ: «مکروهه».
و «درَأْت» الشیء درْءً ـ بالهمز، من باب نفع ـ: رفعته، أی: ارفع شرّه عنّی.
و «الکید»: ارادة مضرّة الغیر خفیّةً.
و «النحر»: موضع القلادة من الصدر، و محلّ الذبح، و «ردّ کیده فی نحره» کنایةٌ عن رجوع کیده علیه و صرفه إلیه؛ نعم! (وَ لاَیَحِیقُ الْمَکْرُ السَّیِّءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ)(82) و إنّما خصّ به لأنّه أعظم المقاتل.
و «بین یدیه» أی: قدّامه.
و «السُدّ» ـ بالفتح و الضمّ ـ: الجبل، و الردم، و الحاجر بین الشیئین ـ کما فی قوله تعالى:
(وَ جَعَلْنَا مِنْ بَیْنِ أَیدِیهِمْ سَدّاً)(83) ـ. و قیل: «المضموم ما کان من خلق اللّه ـ کالجبل ـ، و المفتوح ما کان من عمل بنی آدم».
و «حتّى» تعلیلیّةٌ، أی: «لتعمی عنّی بصره».
و «العمى»: عدم البصر عمّا من شأنه أن یبصر.
و «الصمم»: آفةٌ مانعةٌ من السماع، و أصله الصلابة و اکتناز الأشیاء، و منه: الحجر الأصمّ و القناة الصمّاء.
و «الخرس»: البکم، و هو آفةٌ فی اللسان تمنع من الکلام، و الفرق بینهما انّ «الأبکم» له صوتٌ غیر مفهومٍ، و «الأخرس» لاصوت له أصلا.
و «أقفلت» الباب إقفالاً: وضعت علیه القُفل ـ بالضمّ، و هو الحدید الّذی یغلق به الباب ـ، فهو مقفَّلٌ.
و «دون» إمّا بمعنى: عند؛ أو بمعنى: قدّام، أی: قدّام إخطاری؛ و منه: «من قتل دون دینه»(84) أی: قدّامه>(85)
و «خطر» الشیء فی باله و على باله خطراً و خطوراً ـ من بابی قعد و ضرب ـ: مرّ بفکره، و ذلک إذا ذکره بعد نسیانٍ؛ و منه: الخاطر، و هو ما یتحرّک فی القلب من رأیٍ أو معنىً، أی: تجعل على قلبه قفل الغفلة عند إشرافه على ذکری و إرادته له حتّى لایذکرنی، أو: عند ما ذکرنی حتّى ینسانی؛ أو: قدّام إخطاری حتّى لایسول لی مکروهاً.
و قیل: «إنّ «دون» بمعنى: أدون»؛
و هو کما ترى!.
و «قَمَعته» قَمْعاً ـ من باب منع ـ: <ضربته بالمقمعة، و هی عمودٌ من حدیدٍ أو شیءٍ
کالمحجن یضرب بها رأس الفیل، أو خشبةٌ یضرب بها(86) الإنسان رأسه؛ و جمعها:
مقامع>(87)
و «الذلّ»: خلاف العزّ.
و «الجبَروت» ـ بفتح الباء ـ: الکبر و التعاظم و القهر و الغلبة؛ قیل: «هو مصدرٌ على زنة المبالغة، لأنّ الواو و التاء تزادان للمبالغة ـ کالرهبوت و الملکوت ـ».
و المراد بـ «کسره»: اذلاله و اضعافه حتّى یکون من الصاغرین.
<و «الرقبة»: العنق، فجعلت کنایةً عن جمیع الذات؛ و قد سبق بیانه.
و «فسَخ» ثوبه ـ من باب منع ـ فسخاً: نزعه، و البیع: نقضه.
و «الکبر»: اسمٌ من التکبّر، و هو العظمة ـ کما مرّ ـ.
و «آمنه» ممّا یخاف ـ بمدّ الهمزة ـ: جعله آمناً لایخاف غائلته.
و «الضَرّ» ـ بفتح الضاد، مصدر ضرّه یضرّه، من باب قتل ـ: إذا فعل به مکروهاً؛ و قیل: «کلّما کان من سوء حالٍ و فقرٍ و شدّةٍ فی بدنٍ فهو ضُرٌّ ـ بالضمّ ـ، و ما کان ضدّ النفع فهو بفتحها»(88)
و «الشرّ»: الفساد و الظلم.
و «غمَزَ» بالحاجب و العین غمزاً ـ من باب ضرب ـ: أشار؛ و: غمز فیه: طعن؛ و: بالرجل: سعى به شرّاً>(89)
و «همزه» و «لمزه»، «الهمز»: <الطعن الکثیر على الغیر بغیر حقٍّ، و «اللمز» بمعناه.
و قیل: «الهمز: العیب بظهر الغیب، و اللمز: العیب فی الوجه»؛
و قیل: «الهمز: أذى الجلیس بسوء اللفظ، و اللمز: کسر العین و الإشارة بالرأس على
الجلیس»؛
و عن ابن عبّاس: «الهمز: الطعن، و اللمز: الغیبة»؛
و قیل بالعکس، و هو المرویّ عن سعید و قتادة(90)؛
و قیل: «الهمز: ضرب الناس بالید، و اللمز: ضربهم باللسان»(91)>(87)
و هما رذیلتان مرکّبتان من الجهل و الغضب و الکبر، لأنّهما یتضمّنان الإیذاء و طلب الترفّع على الناس، و صاحبهما یرید أن تتفضّل على الناس و لایجد فی نفسه فضیلةً یترفّع بها، فینسب العیب و الرذیلة إلیهم لیظهر فضله علیهم. و لایشعر انّ ذلک عین الرذیلة! و انّ عدم الرذیلة لیس بفضیلةٍ!، فهو مخدوعٌ من نفسه و شیطانه موصوفٌ برذیلتی القوّة النطقیّة و الغضبیّة؛ ولذا قال ـ تعالى ـ: (وَیْلٌ لِکُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ)(92)، أی: للّذی تعوّد الرذیلتین.
و «الحبائل»: جمع حِبالة – بالکسر ـ، و هی المشرکة الّتی یصاد بها.
و «المصاید» ـ بغیر همزٍ ـ: <جمع مِصْیَدَة ـ بکسر المیم و سکون الصاد و فتح الیاء ـ، و هی آلة الصید؛ أو: مکانه>(87)، <و کلاهما استعارةٌ للأمور الّتی یوطّئها لایقاعه بها فی المکاره. و منه: «فلانٌ نصب حبائله و بثّ غوائله»، و مثله: «نصب مصایده و بثّ مکائده»(93)
و «رجله و خیله»: مشاته و فرسانه.
قوله – علیه السلام ـ: «إنّک عزیزٌ قدیرٌ»: تعلیلٌ لاستدعاء القبول و تأکیدٌ للجملة.
و ذکر صفتی «العزّة» و «القدرة» لاظهار انّه العزیز ـ أی: الغالب الّذی لایمانعه أحدٌ ـ و
القدیر ـ الّذی لایعجزه شیءٌ ـ>(94)، فقدرته عامّةٌ لکلّ الأشیاء؛ کما قال ـ تعالى ـ: (إِنَّ
اللَّهَ عَلَى کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ)(95) و قد مرّ انّ الممتنعات لیست بشیءٍ، فعدم تعلّق القدرة بها لایقدح فی القدرة؛ و قد سبق الکلام علیه فی اللمعة الأولى.
—
هذا آخر اللمعة الثالثة و العشرین من لوامع الأنوار العرشیّة فی شرح صحیفة سیّدالساجدین؛ إملاء المفتقر إلى معرفة خالق السماوات و الأرضین محمّد باقر بن السیّد محمّد ـ غفر اللّه ذنوبهما یوم الدین ـ. و قد وفّقنی اللّه ـسبحانه ـ لاتمامها مع تراکم الهموم و تصادم الغموم لیلة الثلثاء لتسعٍ خلون من شهر ربیع الأوّل سنة إحدى و ثلاثین و مأتین و ألفٍ من الهجرة النبویّة.
1) اشارة إلى کریمة 125 البقرة.
2) إشارةٌ إلى کریمة 97 آل عمران.
3) راجع: «مصباح الشریعة» ص 86، «مستدرک الوسائل» ج 10 ص 172 الحدیث 11771،مع تغییرٍ.
4) المصدر: جزاء.
5) راجع: «عوالی اللئالی» ج 4 ص 33 الحدیث 117، «مستدرک الوسائل» ج 8 ص 62الحدیث 9078.
6) کریمة 197 البقرة.
7) کریمتان 170 / 169 آل عمران.
8) راجع: «فقه الرضا» ص 231، «بحار الأنوار» ج 96 ص 371، «مستدرک الوسائل» ج 10ص 181 الحدیث 11796.
9) راجع: «الکافی» ج 4 ص 550 الحدیث 1، «من لایحضره الفقیه» ج 2 ص 558 الحدیث3138، «وسائل الشیعة» ج 14 ص 321 الحدیث 19311، «بحار الأنوار» ج 96 ص 372.
10) راجع: «الکافی» ج 4 ص 548 الحدیث 4، و انظر: «تهذیب الأحکام» ج 6 ص 40 الحدیث2، «وسائل الشیعة» ج 14 ص 330 الحدیث 19328، «بحار الأنوار» ج 97 ص 142.
11) المصدر: ـ أو معتمراً.
12) راجع: «الکافی» ج 4 ص 548 الحدیث 5، «من لایحضره الفقیه» ج 2 ص 565 الحدیث3517، «وسائل الشیعة» ج 14 ص 333 الحدیث 19337، «بحار الأنوار» ج 97 ص 140.
13) راجع: «الدروس الشرعیّة» ج 2 ص 5.
14) قارن: «ریاض السالکین» ج 4 ص 18.
15) سبق منّا فی البحث حول هذا المرویّ انّنا لم نعثر علیه فی مصادرنا الروائیّة.
16) للمحقّق الدوانیّ مجموعةٌ کبیرةٌ من الحواشی على شرح الفاضل القوشجی على التجرید، طبع منها جزءٌ یسیر فی هامش المتن بالطبعة الحجریّة، و لم أعثر على المنقول منها فی هذا الجزء منحواشیه.
17) لم أعثر على العبارة فی ما عندی من کتب الشیخ الکفعمیّ، کـ «البلد الأمین» و «المقامالأسنى» و «جنّة الأمان».
18) قارن: «ریاض السالکین» ج 4 ص 19.
19) راجع: «القاموس المحیط» ص 1052 القائمة 2.
20) قارن: «ریاض السالکین» ج 4 ص 21.
21) کریمة 125 الأنعام.
22) المصدر: لمّا نزلت هذه الآیة.
23) المصدر: و ینفسخ.
24) راجع: «مجمع البیان» ج 4 ص 158.
25) کریمة 5 الملک.
26) قارن: «ریاض السالکین» ج 4 ص 23.
27) کریمة 22 الکهف.
28) قارن: «شرح الصحیفة» ص 239.
29) راجع: نفس المصدر.
30) کریمة 36 آل عمران.
31) لم أعثر علیه، و روی: «ما من مولودٍ یولد إلّا و الشیطان یمسّه حین یولد فیستهلّ من مسّه إلّامریم و ابنها»، راجع: «بحار الأنوار» ج 60 ص 145.
32) کما عن مفضّل بن عمر قال: «سألت جعفر بن محمّدٍ – علیه السلام ـ عن الطفل یضحک منغیر عجبٍ و یبکی من غیر ألمٍ؟، فقال: یا مفضّل! ما من طفلٍ إلّا و هو یرى الإمام و یناجیه وبکاؤه لغیبة الإمام عنه…»، راجع: «علل الشرائع» ج 2 ص 584 الحدیث 28، «بحارالأنوار» ج 25 ص 382.
33) لم أعثر علیه.
34) قارن: «نور الأنوار» ص 135.
35) راجع ـ مع تغییرٍ فی بعض الألفاظ و زیادةٍ و حذفٍ ـ: «بصائر الدرجات» ص 98 الحدیث 8.
36) فانظر: «بحار الأنوار» ج 60 ص 99، ج 27 ص 15، و لم أعثر علیه فی غیره.
37) راجع ـ مع تغییرٍ ـ: «علل الشرائع» ج 2 ص 572 الحدیث 1، «بحار الأنوار» ج 60ص 238.
38) راجع ـ مع تغییرٍ أیضاً ـ: «عیون الأخبار» ج 2 ص 72 الحدیث 335، و انظر: «بحار الأنوار»ج 60 ص 244.
39) کریمتان 38، 37 الحجر.
40) کریمة 42 الحجر / 65 الإسراء.
41) هذا کلام محدّث الجزائریّ، راجع: «نور الأنوار» ص 135.
42) کریمتان 83 / 82 ص.
43) النهایة: ـ کالحیّة.
44) راجع: «النهایة» ج 5 ص 275.
45) کما ورد بعض أجزاء العبارة فی الأدعیّة المعصومیّة، فانظر: «الکافی» ج 2 ص 527، الحدیث15، «بحار الأنوار» ج 83 ص 292، «الأمالی» – للطوسی ـ ص 17 الحدیث 19.
46) قارن: «ریاض السالکین» ج 4 ص 24.
47) المصدر: هوامک.
48) راجع: «الکافی» ج 4 ص 358 الحدیث 2، «تهذیب الأحکام» ج 5 ص 333 الحدیث 60،«وسائل الشیعة» ج 13 ص 165 الحدیث 17494.
49) راجع: «المعرب» ج 2 ص 275، و العبارة لم ترد فی «المغرّب فی ترتیب کتاب المعرّب»، راجع:المصدر ص 234 القائمة 1 المادّة: «السمة».
50) هذا قول محقّق الداماد، راجع: «شرح الصحیفة» ص 239.
51) قارن: «التعلیقات» ص 53، و انظر: «نور الأنوار» ص 136.
52) کریمة 25 الأنفال.
53) کما ورد: «و باللّه أعوذ… من شرّ العامّة و الخاصّة»، راجع: «بحار الأنوار» ج 87 ص 136،«الدعوات» ص103.
54) قارن: «شرح الصحیفة» ص 240.
55) المصدر: شرّ کلّ شیطانٍ و هامّة.
56) راجع: «مستدرک الوسائل» ج 4 ص 366 الحدیث 4771، «بحار الأنوار» ج 60 ص 6،«دعائم الإسلام» ج 2 ص 139 الحدیث 488، «الدعوات» ص 85 الحدیث 217.
57) هذا قول محقّق الفیض، راجع: «التعلیقات» ص 55.
58) راجع: «معانی الأخبار» ص 173 الحدیث 1، و انظر: «بحار الأنوار» ج 92 ص 141.
59) القاموس المحیط: + و کرُم.
60) القاموس المحیط: + و مرودةً.
61) القاموس المحیط: + و مرید.
62) راجع: «القاموس المحیط» ص 302 القائمة 1.
63) قارن: «نور الأنوار» ص 137.
64) راجع: «أساس البلاغة» ص 62 القائمة 1.
65) هذا ضبط نسخة ابن ادریس على ما حکاه عنه المحقّق الداماد، راجع: «شرح الصحیفة»ص 241.
66) و هذا ضبط نسخة الکفعمیّ، راجع: نفس المصدر، و انظر أیضاً: «نور الأنوار» ص 137.
67) قارن: «التعلیقات» ص 55.
68) قارن: «ریاض السالکین» ج 4 ص 26.
69) راجع: «ریاض السالکین» ج 4 ص 26.
70) راجع: «القاموس المحیط» ص 141 القائمة 1.
71) کریمة 45 النور.
72) قارن: «ریاض السالکین» ج 4 ص 27، مع تغییرٍ یسیر.
73) کریمة 56 هود.
74) راجع: «بحار الأنوار» ج 64 ص 137، و انظر: «الفتوحات المکّیة» ج 2 ص 317 السطر 14.
75) کریمة 282 البقرة، 176 النساء،… .
76) کریمة 4 الحدید.
77) کریمة 64 یونس.
78) کریمة 30 الروم.
79) کریمة 9 النجم.
80) کریمة 16 ق.
81) قارن: «ریاض السالکین» ج 4 ص 29.
82) کریمة 43 فاطر.
83) کریمة 9 یـس.
84) لم أعثر علیه فی طرقنا، و انظر: «سنن الترمذی» ج 4 ص 20 الحدیث 1418، «الترغیب والترهیب» ج 2 ص 339، «مشکاة المصابیح» الحدیث 3529.
85) قارن: «ریاض السالکین» ج 4 ص 29، مع تحریرٍ و تهذیبٍ.
86) المصدر: ـ رأس… بها.
87) قارن: «نور الأنوار» ص 138.
88) هذا قول ابن القوطیّة على ما حکاه عنه العلّامة المدنیّ، راجع: التعلیقة الآتیة.
89) قارن: «ریاض السالکین» ج 4 ص 31.
90) راجع عن هذا القول و عن قول ابن عبّاس: «مجمع البیان» ج 10 ص 439.
91) و هذا قول الحسن و أبی العالیة و عطاء بن أبی ریاح، راجع: نفس المصدر.
92) کریمة 1 الهمزة.
93) الظاهر کون العبارتین من الأمثال، و لکن لمأجدهما فی ما عندی من مصادر أمثال العرب کـ«مجمع الأمثال» و «جمهرة الأمثال».
94) قارن: «ریاض السالکین» ج 4 ص 32.
95) تکرّرت هذه الکریمة 11 مرّات فی القرآن الکریم، فانظر مثلاً: کریمة 20 البقرة.