بسم اللّه الرحمن الرحیم
و به نستعین
الحمد للّه الّذی عافیته عامّةٌ لأنواع خیر الدارین، و تأدیة الشکر علیها واجبةٌ على کافّة أهل الکونین. و الصلاة و السلام على نبیّه المبعوث على الثقلین، و على آله و أهل بیته سیّما ابن عمّه أبی الحسنین.
و بعد؛ فهذه اللمعة الثالثة و العشرون من لوامع الأنوار العرشیّة فی شرح الصحیفة السجّادیّة ـ علیه و على آبائه و أبنائه صلواتٌ دائمةٌ إلى یوم القیامة ـ ؛ إملاء العبد المحتاج إلى العافیة الشاملة للأمراض النفسانیّة و البدنیّة محمّد باقر بن السیّد محمّد من السادات الموسویّة ـ عافاه اللّه تعالى من کلّ داءٍ و بلیّة ـ.
وَ کَانَ مِنْ دُعَائِهِ ـ عَلَیْهِ السَّلاَمُ ـ إِذَا سَأَلَ اللَّهَ الْعَافِیَةَ وَ شُکْرَهَا.
قال فی القاموس: «العافیة: دفاع اللّه عن العبد، عافاه اللّه من المکروه(1) معافاةً و عافیةً: وهب له العافیة من العلل و البلایا(2)»(3)؛
و قیل: «العافیة: اسمٌ من: عافاه اللّه معافاةً أی: اصحّه و محا عنه الأسقام»(4)؛
و قال بعضهم: «إطلاق العافیة و نحوها ـ من المصادر الّتی جاءت على فاعلة ـ على المصدر من باب المجاز اللغویّ، و هو استعمال اللفظ فی غیر ما وضع له».
قال بعض العلماء: «العافیة متناولةٌ و له لدفع جمیع المکروهات النفسیّة و البدنیّة الظاهریّة و الباطنیّة، و الدنیویّة و الأخرویّة».
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ أَلْبِسْنِی عَافِیَتَکَ، وَ جَلِّلْنِی عَافِیَتَکَ، وَ حَصِّنِّی بِعَافِیَتِکَ، وَ أَکْرِمْنِی بِعَافِیَتِکَ، وَ أَغْنِنِی بِعَافِیَتِکَ، وَ تَصَدَّقْ عَلَیَّ بِعَافِیَتِکَ، وَ هَبْ لِی عَافِیَتَکَ، وَ أَفْرِشْنِی عَافِیَتَکَ، وَ أَصْلِحْ لِی عَافِیَتَکَ، وَ لاَتُفَرِّقْ بَیْنِی وَ بَیْنَ عَافِیَتِکَ فِی الدُّنْیَا وَ الاْخِرَةِ.
و «ألبسنی»: أمرٌ من باب الإفعال، من: ألسبه الثوب فلبسه. و هذا و أمثاله من الأفعال الّتی لایتعلّق معناها الحقیقیّ بالعافیة إلّا من باب الاستعارة، و هی إمّا استعارةٌ تبعیّةٌ ـ نحو:
قَتَلَ الْبُخْلَ وَ أَحْیَا السَّمَاحَا(5) ـ
أو مکنیّةٌ مرشّحةٌ، فانّ تشبیه العافیة فی النفس باللباس فی کونه شاملاً لجمیع البدن و محیطاً بالشخص مکنیّةٌ، و إثبات الإلباس ـ الّذی هو من لوازم المشبّه به، الّذی هو اللباس ـ للمشبّه تخییلٌ. و قس علیه الکلام فی «جلّلنی» و نحوه.
و «جلّلنی» من الجلّ، أی: اکسنی و عمّنی و اشملنی، من جلّله: غطاه. قال فی النهایة: «جلّله: غطّاه»(6)؛ و قال فی الصحاح: «جلّل الشیء تجلیلاً أی: عمّ»(7)
أقول: و هو من جلل المطر الأرض: إذا عمّها و طبّقها فلم یدع شیئاً إلّا غطى علیه. <و یتعدّی إلى المفعول الثانی بنفسه و بالباء، فیقال: جلّله إیّاه و جلّله به؛ و من الأوّل ماروی: «جلّلهم اللّه خزیاً»(8)
و «حصّنی» من: الحصن، یقال: حصّن نفسه و ماله تحصیناً و أحصنه إحصاناً: منعه و حفظه، کأنّه أدخله الحصن ـ و هو المکان الّذی لایقدر علیه، لارتفاعه ـ>(9) أی: احفظنی بسبب عافیتک؛ أو: اجعل عافیتک حصناً لی؛ و هکذا فی الفقرات التالیة. و فی نسخةٍ: «و خصّنی» ـ بالخاء المعجمة(10) ـ.
و «أکرمنی»: من الإکرام بمعنى: الاعزاز و التعظیم؛ أو بمعنى: التنزیه، قال فی القاموس: «أکرمه و کرّمه: عظّمه و زّهه»(11) و منه: أنا أکرمک عن کذا أی: أنزّهک عنه.
و «الغنى»: ضدّ الفقر هنا.
و «التصدیق» هنا: العطاء؛ <و فیه اشارةٌ إلى جواز اطلاق التصدیق على عطائه ـ تعالى ـ خلافاً لمن منع ذلک، قال النیشابوریّ فی تفسیره: «منع العلماء أن یقال: اللّه ـ تعالى ـ متصدّقٌ، أو: اللّهمّ تصدّق علینا، بل یجب أن یقال: اللّهمّ اعطنی، أو: تفضّل علیّ، أو: ارحمنی، لأنّ الصدقة یرجى بها المثوبة عند اللّه و هو مستحیلٌ فی حقّه ـ جلّ شأنه ـ»(12)
و إذا ورد ذلک فی کلام المعصوم – علیه السلام ـ فلاعبرة بکلام غیره>(13)
و «افرشنی» بوصل الهمزة و قطعها من: أفرش فلانٌ فلاناً بساطاً أی: بسطه له؛ و کذلک: فرّشه إیّاه تفریشاً ـ من باب التفعیل ـ ؛ أو من: أفرش فلانٌ فلاناً أمره: إذا أوسعه إیّاه؛ أی: ابسطها لی و أوسعها إیّای – على التقدیرین ـ.
و «أصلحت» الشیء: أزلت فساده و جعلته منتفعاً به.
و «التفریق»: التفصیل بین شیئین.
و تکریر لفظ «العافیة» و وضع الظاهر موضع المضمر فیما سوى الفقرة الأولى لمزید العنایة و الاهتمام بشأنها، و قرعاً لباب الإلحاح المندوب إلیه فی الدعاء، و تلذّذاً للتلفّظ باسمها، و بسطاً للخطاب حیث الاصغاء مطلوبٌ. و قیل: «یحتمل تخصیص کلّ لفظٍ منها بمعنىً، لأنّها لفظٌ جامعٌ لأنواع(14) خیرات الدارین بأن یقال: و ألبسنی عافیتک من الأمراض البدنیّة(15)، لأنّ الالباس للثوب المخصوص بالبدن»(16)؛
<و جلّلنی عافیتک من الفضیعة ـ بدلیل التجلیل الّذی هو بمعنى: التغطیة و الستر ـ ؛
و خصّنی بعافیتک ممّن یرید بی سوءً ـ بقرینة التحصین ـ ؛
و أکرمنی بعافیتک من الذلل و المهانة؛ أو من المعایب و القبائح ـ بدلیل الإکرام بمعنى: التعظیم و التنزیه ـ ؛
و أغننی بعافیتک من الفقر و الحاجة ـ بدلیل الاغناء ـ ؛
و تصدّق علیّ بعافیتک من الاضطرار إلى صدقة غیرک؛
و هب لی عافیتک من الاحتیاج إلى هبة غیرک؛
و افرشنی عافیتک، أی: مهادها من الخوف ـ کما یقال: أفرشه مهاداً منه ـ ؛
و «اصلح لی عافیتک» الحاصلة عندی الّتی أقلّ فسادها المرض و نحوه؛
و «لاتفرّق بینی و بین عافیتک» العامّة «فی» أمور «الدنیا و الآخرة»>(17)
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ عَافِنِی عَافِیَةً کَافِیَةً شَافِیَةً عَالِیَةً نَامِیَةً، عَافِیَةً تُوَلِّدُ فِی بَدَنِی الْعَافِیَةَ، عَافِیَةَ الدُّنْیَا وَ الاْخِرَةِ.
«عافیةً» منصوبٌ على المفعولیّة المطلقة مبیّنةٌ لنوع عاملها، لکونها موصوفة؛
و «کافیة» صفةٌ لها؛
و «شافیة» و مابعده یحتمل الوصفیّة؛ و الحالیّة. و «العافیة» الثانیة بدلٌ من الأولى ـ بدل کلٍّ ـ، و فائدتها التأکید و التنصیص على انّ العافیة بدل کلٍّ أیضاً. و هو فی الموضعین فی حکم تکریر العامل من حیث إنّه المقصود بالنسبة مفیدٌ لمتبوعه مزید تاکیدٍ و تقریرٍ و ایضاحٍ و تغیّرٍ ـ کما هو شأن بدل الکلّ من الکلّ ـ ؛ هکذا ذکره الشارح الفاضل(18) و سائر الشارحین(19)
و هو ـ کما ترى ـ خالٍ عن التحقیق!. و الظاهر انّ مراده – علیه السلام ـ من «العافیة الکافیة الشافیة العالیة النامیة»: الأرکان الأربعة للعالم الکبیر ـ و هی: الطبع و الجسم و النفس و العقل ـ، لأنه الإنسان الکامل الّذی هو روح العالم و العالم جسده و بدنه عافیّة تولد فی بدنی الّذی هو العالم عافیةً أخرى کرّةً بعد أخرى إشارةً إلى دوام العافیة، لأنّ الروح إذا لم یصل إلى البدن آناً مّا أفسد و اختلّ و فنى، و کذا الإمام الّذی هو بمنزلة روح العالم إذا لم یصل فیضه إلى العالم آناً فآناً لفسد و فنى و صار میّتاً، کما قال الباقر – علیه السلام ـ: «لو انّ الإمام رفع من الأرض ساعةً لماجت بأهلها کما یموج البحر بأهله»(20)؛
و قال الصادق – علیه السلام ـ: «لو بقیت الأرض بغیر إمامٍ ساعةً(21) لساخت بأهلها»(22)
… إلى غیر ذلک من الروایات الواردة فی هذا الباب.
و المراد الأرکان الأربعة للعالم الصغیر، و هو فی بدنه العنصریّ على قیاس ما ذکرناه لک فی العالم الکبیر.
قوله: «عافیة الدنیا و الآخرة»: هی عافیة دار الوجود بأرکانها الأربعة المذکورة، لأنّ دار الوجود واحدةٌ و انقسامها إلى «الدنیا» و «الآخرة» بالنسبة إلیک، لأنّهما صفتان للنشأة الإنسانیّة. فأدنى نشأتها الوجودیّة المعیّنة النشأة العنصریّة، فهی للدنیا ـ لدناءتها ـ بالنسبة إلى نشأتها النوریّة الإلهیّة أو لدنوّها من فهم الإنسان الحیوانیّ.
وَ امْنُنْ عَلَیَّ بِالصِّحَّةِ وَ الاْمْنِ وَ السَّلاَمَةِ فِی دِینِی وَ بَدَنِی، وَ الْبَصِیرَةِ فِی قَلْبِی، وَ النَّفَاذِ فِی أُمُورِی، وَ الْخَشْیَةِ لَکَ، وَ الْخَوْفِ مِنْکَ، وَ الْقُوَّةِ عَلَى مَا أَمَرْتَنِی بِهِ مِنْ طَاعَتِکَ، وَ الاْجْتِنَابِ لِمَا نَهَیْتَنِی عَنْهُ مِنْ مَعْصِیَتِکَ.
«و امنن علیّ» أی: تفضّل علیّ بالصحّة، و هی البراءة من المرض و البراءة من کلّ عیبٍ و نقصٍ فی هذا البدن العنصریّ أو البدن العقلیّ.
و «البصیرة» فی القلب کالبصارة للعین.
و «النَفاذ»: الجریان و العزم الجزم، و هذا کنایةٌ عن الرأی الصائب و الفهم المستقیم، لأنّ التزلزل فی الأمور علامة عدم استقامة الطبع.
و «الخشیة» و «الخوف» قد مرّ معناهما فی اللمعة السادسة.
و «القوّة»: تمکّن الحیوان من الأفعال الشاقّة.
و «الاجتناب»: مطاوع جنّبته الشرّ جنوباً ـ من باب فعل تفعیلاً ـ: أبعدته و نحیته عنه ـ و منه: (وَ اجْنُبْنِی وَ بَنِیَّ أَنْ نَعْبُدَ الاَصْنَامَ)(23) ـ. و جنّبته ـ بالتثقیل مبالغةً ـ فتجنّبه هو؛ أی:
و القوّة على الاجتناب عمّا نهیتنی عنه.
و «من معصیتک»: بیانٌ لـ «ما» فی «ما نهیتنی»؛ کما انّ «من طاعتک» بیانٌ لـ «ما» فی «ما أمرتنی».
<و «اللام» فی لفظة «لما نهیتنی عنه» إمّا بمعنى «عن» ـ کما فی قوله سبحانه و تعالى: (وَ قَالَ الَّذِینَ کَفَرُوا لِلَّذِینَ آمَنُوا لَو کَانَ خَیراً مَا سَبَقُونَا إِلیَهِ)(24) أی: عن الّذین آمنوا ـ ؛ أو بمعنى «من» ـ کما فی: سمعت له صراخاً، أی: منه ـ>(25)؛ <أو لتقویة العامل، فانّه لمّا دخله الألف و اللام فکأنّه صار اسماً محضاً لمایشبه الفعل، فاحتاج فی العمل إلى اللام المقویة>(26)
اللَّهُمَّ وَ امْنُنْ عَلَیَّ بِالْحَجِّ وَ الْعُمْرَةِ، وَ زِیَارَةِ قَبْرِ رَسُولِکَ، صَلَوَاتُکَ عَلَیْهِ وَ رَحْمَتُکَ وَ بَرَکَاتُکَ عَلَیْهِ وَ عَلَى آلِهِ وَ آلِ رَسُولِکَ ـ عَلَیْهِمُ السَّلاَمُ ـ أَبَداً مَا أَبْقَیْتَنِی فِی عَامِی هَذَا وَ فِی کُلِّ عَامٍ، وَ اجْعَلْ ذَلِکَ مَقْبُولاً، مَشْکُوراً، مَذْکُوراً لَدَیْکَ، مَذْخُوراً عِنْدَکَ.
<«الحجّ» فی اللغة بمعنى: القصد، یقال: حجَّ حَجّاً ـ من باب قتل ـ: قصد، فهو حاجٌّ؛ و قیل: «هو القصد إلى الشیء المعظّم».
و شرعاً: قصد بیت اللّه ـ تعالى ـ بصفةٍ مخصوصةٍ فی وقتٍ مخصوصٍ بشرائط مخصوصةٍ ـ کما هو مقرّرٌ فی الکتب الفقهیّة(27) ـ. و الاسم: الحِجّ ـ بالکسر ـ>(28)
و «العمرة»: هی زیارةٌ مطلقةٌ فی اللغة؛ و فی الاصطلاح: زیاة بیت الحرام على قصد
المشاعر المخصوصة.
و هی واجبةٌ عندنا کالحجّ(29)؛ و الشافعیّ قائلٌ بالوجوب فی الجدید(30)؛ و تسمّى الحجّ
الأصغر.
و الآیات و الأخبار فی وجوب الحجّ و العمرة و فضلهما و ثوابهما کثیرةٌ؛ قال ـ تعالى ـ: (إِنَّ أَوَّلَ بَیتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَکَّةَ مُبَارَکاً وَ هُدىً لِلْعَالَمِینَ – فِیهِ آیَاتٌ بَیِّنَاتٌ مَقَامُ إِبرَاهِیمَ وَ مَنْ دَخَلَهُ کَانَ آمِناً وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَیتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَیهِ سَبِیلاً وَ مَنْ کَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِیٌّ عَنِ الْعَالَمِینَ)(31)
تفسیر هذه الآیة على طریقة الظاهرة فی الکتب مسطورٌ؛ و أمّا على طریقة الباطن فقد قیل: «(إِنَّ أَوَّلَ بَیْتٍ) ظهر على وجه الماء عند خلق السماء و الأرض خلقه قبل الأرض بألفی عامٍّ و کان زبدةً بیضاء على وجه الماء فدحیت الأرض تحته. «فالبیت» إشارةٌ إلى القلب الحقیقیّ، و «ظهوره على وجه الماء» تعلّقه بالنطفة عند خلق سماء الروح الحیوانیّ و أرض البدن الجسمانیّ، و «خلقه قبل الأرض» إشارةٌ إلى قدمه و حدوث البدن، و تقییده بـ «ألفی عامٍّ» إلى تقدّمه على الیدین بطورین: طور النفس و طور القلب تقدّماً بالرتبة ـ لأنّ الألف رتبةٌ تامّةٌ ـ، و «کونه زبدةً بیضاء» إشارةٌ إلى صفاء جوهره، و «دحو الأرض تحته» اشارةٌ إلى تکوّن البدن من تأثیره و کون أشکاله و تخطیطاطه و صور أعضائه تابعةً لهیئاته»؛ فهذا تأویل الحکایة.
و اعلم! انّ محلّ تعلّق الروح بالبدن و اتّصال القلب الحقیقیّ به أوّلاً هو القلب الصوریّ، و هو أوّل ما یتکوّن من الأعضاء و أوّل عضوٍ یتحرّک و آخر عضوٍ یسکن، فیکون (أَوَّل بَیتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ)القلب الحقیقیّ (لَلَّذِی بِبَکَّةَ)الصدر المعنویّ. و ذلک الصدر أشرف من
النفس و موضع ازدحامات القوى المتوجّهة إلیه، (مُبَارَکاً): ذا برکةٍ إلهیّةٍ من الفیض المتّصل منه بجمیع الوجود و القوّة و الحیاة، فانّ جمیع القوى الّتی فی الأعضاء یسری منه أوّلاً إلیها؛ (وَ هُدىً) سبب هدایةٍ و نورٍ یهتدى به إلى اللّه، (فِیهِ آیَاتٌ بَیِّنَاتٌ) من العلوم و المعارف و الحکم و الحقائق. (مَقَامُ إِبرَاهِیمَ) أی: العقل الّذی هو موضع قدم ابراهیم الروح ـ یعنی محلّ اتّصال نورٍ من القلب ـ، (وَ مَنْ دَخَلَهُ) من السالکین و المتحیّرین فی بیداء الجهالات (کَانَ آمِناً) من إغواء شیاطین المتخیّلة و عفاریت أحادیث النفس و اختطاف شیاطین الوهم و جنّ الخیالات و اختیال سباع القوى النفسانیّة و صفاتها.
و قال ـ تعالى ـ: (وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ)(32)، أی: و استعن فی إتمام صورة الحجّ وحقیقته؛
أمّا إتمامه فی الصورة فبأن تقوم بشرائطه المشروطة و یکون قصدک بأن تخرج من بیتک لاللتجارة و لا للریاء، بل یکون خالصاً مخلصاً للّه ـ تعالى ـ ؛
و أمّا إتمامه فی الحقیقة فبأن یکون خروجک من وجودک و قصدک إلى اللّه باللّه لا بشیءٍ من المقاصد فی الدارین؛
و عن أبی عبداللّه – علیه السلام ـ قال: «قال رسول اللّه: الحجّة ثوابها الجنّة و العمرة کفارّةٌ لکلّ ذنبٍ»(33)؛
و عنه – علیه السلام ـ: «ضمان الحاجّ و المعتمر على اللّه، إن أبقاه بلّغه إلى أهله و إن أماته أدخله الجنّة»(34)؛
و عنه – علیه السلام ـ قال: «قال رسول اللّه ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: تابعوا بین الحجّ و العمرة، فانّهما ینقیان الفقر و الذنوب کما ینفى الکیر خبث الحدید»(35)؛
و قال: «قال ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: الحجّاج و العمّار وفد اللّه و زوّاره، إن سألوه أعطاهم و إن استغفروه غفر لهم و إن ادعوه استجاب لهم و إن شفعوا إلیه شفّعهم»(36)…
إلى غیر ذلک من الآیات و الأخبار الواردة فی هذا الباب.
1) القاموس المحیط: + عفاءً و.
2) القاموس المحیط: + البلاء.
3) راجع: «القاموس المحیط» ص 1206 القائمة 2.
4) هذا قول العلّامة المدنیّ راجع: «ریاض السالکین» ج 4 ص 9.
5) شطره الأوّل: جَمَعَ الحَقُّ لَنَا فِی إِمَامٍو البیت لعبیداللّه بن المقتر، و استشهد به التفتازانیّ، راجع: «شرح المختصر» ص 234.
6) قال فی قول علیٍّ – علیه السلام ـ: «أللّهمّ جلّل…»: «أی: غطّهم به و ألبسهم إیّاه…»، راجع:«النهایة» ج 1 ص 289.
7) راجع: «صحاح اللغة» ج 4 ص 1660 القائمة 2.
8) لم أعثر علیه، لا فی مصادرنا و لا فی مصادر العامّة، وانظر: «النهایة» ج 1 ص 289.
9) قارن: «ریاض السالکین» ج 4 ص 10.
10) کما حکاه المحدّث الجزائریّ، راجع: «نور الأنوار» ص 135.
11) راجع: «القاموس المحیط» ص 1063 القائمة 2.
12) راجع: «غرائب القرآن و رغائب الفرقان» ج 2 ص 359.
13) قارن: «ریاض السالکین» ج 4 ص 11.
14) المصدر: ـ لأنواع.
15) المصدر: البدنی.
16) هذا قول علّامة المدنیّ،راجع: «ریاض السالکین» ج 4 ص 12.
17) قارن: نفس المصدر.
18) راجع: نفس المصدر أیضاً.
19) لم أعثر علیه فی غیره ممّا بین یدیّ من شروح الصحیفة الشریفة.
20) راجع: «الکافی» ج 1 ص 179 الحدیث 12، «بحار الأنوار» ج 23 ص 34، و انظر: «بصائرالدرجات» ص 488 الحدیث 3، «الغیبة» ـ للنعمانی ـ ص 139 الحدیث 10.
21) المصدر: الأرض یوماً بلاإمامٍ منّا.
22) راجع: «بحار الأنوار» ج 23 ص 37، «کمال الدین» ج 1 ص 204 الحدیث 14، «منتخب الأنوار المضیئة» ص 33.
23) کریمة 35 إبراهیم.
24) کریمة 11 الأحقاف.
25) قارن: «شرح الصحیفة» ص 237.
26) قارن: «نور الأنوار» ص 135.
27) المصدر: ـ کما هو… الفقهیّة.
28) قارن: «ریاض السالکین» ج 4 ص 16.
29) راجع: «تذکرة الفقهاء» ج 7 ص 15 المسألة 6.
30) لم أعثر علیه فی الموسوعات الخلافیّة، کالمذکورة فی التعلیقة السالفة و «کتاب الخلاف»، و لا فی«کتاب الأمّ» له أیضاً.
31) کریمتان 97 / 96 آل عمران.
32) کریمة 196 البقرة.
33) راجع: «الکافی» ج 4 ص 253 الحدیث 4، «من لایحضره الفقیه» ج 2 ص 220 الحدیث2230، «وسائل الشیعة» ج 14 ص 302 الحدیث 19252.
34) راجع: «الکافی» ج 4 ص 253 الحدیث 3، «وسائل الشیعة» ج 11 ص 95 الحدیث14331.
35) راجع: «الکافی» ج 4 ص 255 الحدیث 12، «وسائل الشیعة» ج 11 ص 123 الحدیث14413، و انظر: «عوالی اللئالی» ج 1 ص 183 الحدیث 249.
36) راجع ـ مع تغییرٍ فی بعض الألفاظ ـ: «الکافی» ج 4 ص 255 الحدیث 14، «تهذیبالأحکام» ج 5 ص 24 الحدیث 17، «وسائل الشیعة» ج 11 ص 99 الحدیث 14340، «عدّةالداعی» ص 128، «عوالی اللئالی» ج 4 ص 24 الحدیث 75.