اعلم! أنّ الحقوق اللازمة مراعاتها فیما بینه و بین الخلق لها مراتبٌ مختلفةٌ بحسب اختلاف الروابط الباعثة للخلطة، و انّ أخصّها القرابة، و أعمّها الإسلام، و فیما بینهما درجاتٌ متفاوتةٌ؛ و نحن نشیر إلى جوامع الحقوق فی هذه المراتب إجمالاً؛ و قد أشار مولانا الصادق – علیه السلام ـ إلى حقوق المسلم فی الخبر المرویّ فی الکافی(1) عن معلّی بن خنیس، قال:
قلت له: ما حقّ المسلم(2) ؟؛ فقال(3): «سبع حقوقٍ واجباتٍ ما منها(4) حقٌّ إلّا و هو علیه واجبٌ إن ضیّع منها حقّاً(5) خرج من ولایة اللّه و طاعته و لم یکن للّه فیه من نصیبٍ!،
قلت(6): جعلت فداک! و ما هی؟،
قال: یا معلّی! انّی علیک شفیقٌ أخاف أن تضیّع و لاتحفظ و تعلم و لاتعمل!،
قال: قلت له: لا قوّة إلّا باللّه!،
قال: أیسر حقٍّ منها أن تحبّ له ما تحبّ لنفسک و تکره له ما تکره لنفسک؛
و الحقّ الثانی: أن تجتنب سخطه و تتّبع مرضاته و تطیع أمره؛
و الحقّ الثالث: أن تعینه بنفسک و مالک و لسانک و یدک و رجلک؛
و الحقّ الرابع: أن تکون عینه و دلیله و مرآته؛
و الحقّ الخامس: أن لاتشبع و یجوع و لاتروی و یظمأ و لاتلبس و یعری؛
و الحقّ السادس: أن یکون لک خادمٌ و لیس لأخیک خادمٌ فواجبٌ أن تبعث خادمک فیغسل ثیابه و یضع طعامه و یمهّد فراشه؛
و الحقّ السابع: أن تبرّ قسمه و تجیب دعوته و تعود مریضه و تشهد جنازته؛ و إذا علمت أنّ له حاجةً تبادر(7) إلى قضائها و لاتلجئه أن یسالکها و لکن تبادر(7) مبادرةً؛ فاذا فعلت ذلک وصلت ولایتک(8)».
فاعظم حقوق المسلم على أخیه أن یحبّ له ما یحبّ لنفسه و یکره له ما یکره لنفسه، قال الصادق – علیه السلام ـ: «المؤمن أخو المؤمن، کالجسد الواحد إن اشتکى شیئاً منه وجد ألم ذلک فی سائر جسده، و أرواحهما من روحٍ واحدةٍ، و إنّ روح المؤمن لأشدّ اتّصالاً بروح اللّه من اتّصال شعاع الشمس بها»(9)؛
و قال: «یحقّ على المسلمین الاجتهاد فی التواصل و التعاون على التعاطف و المواساة لأهل الحاجة و تعاطف بعضهم على بعضٍ حتّى تکونوا کما أمرکم اللّه (رُحَمَاءُ بَینَهُمْ)(10) :
متراحمین مغتمّین لما غاب عنکم من أمرهم على ما مضى علیه معشر الأنصار على عهد رسول اللّه ـ صلّى الله علیه و آله و سلّم ـ»(11)؛
و عن الصادق – علیه السلام ـ: «أوحى اللّه إلى آدم(12): سأجمع لک الکلام فی أربع کلماتٍ؛ قال: یا ربّ! و ما هنّ؟
قال: واحدةٌ لی و واحدةٌ لک و واحدةٌ بینی و بینک و واحدةٌ بینک و بین الناس،
قال: ربّ بیّنهنّ لی حتّى أعلمهنّ،
قال: أمّا الّتی لی فتعبدنی لاتشرک بی شیئاً؛ و أمّا الّتی لک فأجزیک بعملک أحوج ما تکون إلیه؛ و أمّا الّتی بینی و بینک فعلیک الدعاء و علیَّ الاجابة؛ و أمّا الّتی بینک و بین الناس فترضی للناس ما ترضی لنفسک و تکره لهم ماتکره لنفسک»(13) ـ ؛
ثمّ أن لا یؤذی أحداً من المسلمین بقولٍ و لا فعلٍ ـ قال الباقر علیه السلام: «قال رسول اللّه: ألاَ أنبّؤکم بالمؤمن؟: من ائتمنه المؤمنون على أموالهم و أنفسهم(14)، ألاَ أنبّؤکم بالمسلم؟:
من سلم المسلمون من یده و لسانه، و المهاجر من هجر السیّئات و ترک ما حرّم اللّه، و المؤمن من حرّم على المؤمنین(15) أن یظلمه أو یخذله أو یغتابه أو یدفعه دفعةً»(16) ـ ؛
ثمّ التواضع و ترک التکبّر، فانّ (اللَّهَ لاَیُحِبُّ کُلَّ مُختَالٍ فَخُورٍ)(17)، قال النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «اصنع المعروف إلى أهله، فان لم تصب أهله فأنت أهله»(18)؛
و قال: «رأس العقل بعد الدین التودّد إلى الناس و اصطناع المعروف إلى کلّ برٍّ و فاجرٍ»(19) ـ ؛
و أن لایدخل على أحدٍ إلّا بإذنه، بل یستأذن ثلاثاً، فان أذن له و إلّا انصرف ـ و عن علیٍّ علیه السلام: «کان النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم یستأذن ثلاثاً، فان أذن له و إلّا انصرف»(20) ـ ؛
و أن یخالق کلّ أحدٍ على طریقته ـ قال الصادق علیه السلام: «خالقوا الناس بأخلاقهم»(21)؛ فلقاء الجاهل بالعلم و اللاهی بالفقه و المعرفة؛
و قال صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «کلّم الناس على قدر عقولهم»(22) ـ.
قال بعض الحکماء: «إذا أردت حسن المعیشة فالق صدیقک و عدوّک بعین الرضا من غیر ذلّةٍ و لا وحشةٍ؛
و توقّر فی غیر کبرٍ و تواضعٍ فی غیر مذلّةٍ؛
و کن فی أمورک متوسّطاً؛
و لاتنظر فی عطفیک؛
و لاتکثّر الالتفات؛
و لاتقف على الجماعات؛
و تحفّظ من تشبیبک أصابعک و البعث بلحیتک و خاتمک، و تخلیل أسنانک، و ادخال یدک فی أنفک، و کثرة بصاقک و تنخّمک، و ذبّ الذباب عن وجهک، و کثرة التمطّی و التثاوب فی وجوه الناس و فی الصلاة و غیرها.
و لیکن مجلسک هاویاً و حدیثک منظوماً، أو اصغ إلى الکلام الحسن ممّن حدّثک بغیر اظهار تعجّبٍ مفرطٍ، و لاتسأله إعادته؛
و اسکت عن المضاحک و الحکایات؛
و لاتحدّث عن الإعجاب بولدک و لاجاریتک و لاشعرک و لاتصنیفک و سائر ما یخصّک.
و لاتتزیّن کما تتزیّن المرءة؛
و لا تبتذل تبذّل العبید؛
و توقّ کثرة الکحل و الاسراف فی الدهن؛
و لا تلحّ فی الحاجات؛
و لاتشجع الظالم فی ظلمه أهلک و ولدک فضلاً عن غیرهم بمقدار مالک، فانّهم إن رأوه قلیلاً وهنت عندهم، و إن رأوهم لم یمکنک إرضاءهم واجفهم من غیر عنفٍ؛
و لِنْ لهم من غیر ضعفٍ، و لاتهازل العبید و الإماء فیسقط وقارک.
و إذا خاصمت فتوقّر و تحفّظ من جهلک و تفکّر فی حجّتک؛
و لاتکثّر من الإشارة بیدیک، و لاتکثّر الالتفات إلى ما ورائک.
و إذا هدى غیظک فتکلّم.
و إن تقرّبت إلى السلطان فکن منه على حدّ السنان، و لاتأمن انقلابه علیک، وارفق به رفقک بالصبیّ و کلّمه بما یشتهیه. و لاتدخل بینه و بین أهله و ولده و جیشه و إن کان معک فی غایة اللطف.
و إیّاک و تصدیق العافیّة.
و لایکن مالک أعزّ من عرضک؛
و إذا دخلت مجلساً فسلّم على أهله و لاتتحظّ من سبقک و اجلس حیث وسعک، و کلّما کان أقرب إلى التواضع کان أحسن؛
و لاتجلس على الطریق و إن جلست فغضّ بصرک.
و انصر المظلوم و اغث الملهوف و أعن الضعیف و ارشد الضالّ و ردّ السلم و أعط السائل و اءمر بالمعروف وانْهَ عن المنکر.
و ارتد لموضع البصاق ما یکون عن یسارک و تحت قدمک الیسرى، و لاتستقبل به؛
و لاتجالس الملوک و إن فعلت فلاتغتب و لاتکذّب، و اقلل حوائجک، و احفظ أسرارهم، و هذّب ألفاظک، و أعرب فی خطابک، و ذاکر أخلاق الملوک، و قلّل المداعبة، و أکثر الحذر منهم و إن أظهروا المودّة.
و لاتجالس العامّة، فان فعلت فلاتخض فی حدیثهم، و قلّل الإصغاء إلى أراجیفهم، و تجاهل عمّا یجری فی سوء ألفاظهم.
و اترک المزاح رأساً، فانّ اللبیب یحقد علیک و السفیه یجتری علیک، فانّه مسقطٌ لماء الوجه و مخرقٌ للهیبة، و هو یمیت القلب و یباعد عن الربّ و یکسب الغفلة و یورث الذلّة»(23)؛ و اللّه المستعان.
و من الأخلاق العالیة معاشرة الإخوان و التواضع لهم بما جرت عادة الزمان و إن لم یکن منقولاً عن السلف(24)؛ قال الشهید ـ رحمه اللّه ـ فی القواعد: «یجوز تعظیم المؤمن بما جرت به عادة الزمان و إن لم یکن منقولاً عن السلف، لدلالة العمومات علیه؛ قال اللّه ـ تعالى ـ : (وَ مَنْ یُعَظِّمْ شَعَائِرَ آللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقوَى الْقُلُوبِ)(25)، (وَ مَنْ یُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَیْرٌ
لَهُ عِندَ رَبِّهِ)(26)؛ و قال النبیّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: «لاتباغضوا و لاتحاسدوا و لاتدابروا و لاتقاطعوا و کونوا ـ عباد اللّه! ـ إخواناً»(27)؛ فعلى هذا یجوز القیام و التعظیم بانحناءٍ و شبهه، و ربما وجب إذا أدّى ترکه إلى التباغض و التقاطع أو إهانة المؤمن؛
و قد صحّ أنّ النبیّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ قام إلى فاطمة الزهراء ـ علیها السلام ـ، و قام إلى جعفر لمّا قدم من الحبشة، و قال للأنصار: «قوموا إلى سیّدکم»(28)؛ و نقل انّه قام إلى عکرمة بن أبی جهلٍ لمّا قدم من الیمن فرحاً بقدومه(29)
و أمّا قول الرسول ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: «من أحبّ ان یتمثّل له الرجال ـ… إلى آخره ـ»(30) و ما نقل من أنّه ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ کان یکره أن یقام له فکان إذا قام لایقومون له ـ لعلمهم بکراهة ذلک ـ، فاذا فارقهم قاموا حتّى یدخل منزله ـ لما یلزمهم من تعظیمه ـ، فلعلّه إشارةٌ إلى ما یصنعه الجبابرة من الزام الناس بالقیام حال قعودهم إلى انقضاء مجلسهم، دون القیام القصیر مدّته؛ أو یحمل على من أراد ذلک تجبّراً و علوّاً على الناس فیؤاخذ من لایقوم له بالعقوبة. أمّا من یرید لدفع اهانةٍ عنه أو نقیصةٍ به فلاحرج علیه، لأنّ دفع الضرر عن النفس واجبٌ.
و أمّا کراهته فتواضعٌ للّه و تخفیفٌ على أصحابه؛ و لذا یقول: ینبغی للمؤمن أن لایحبّ ذلک و أن یؤاخذ نفسه بمحبّة ترکه إذا مالت إلیه، لأنّ الصحابة کانوا یقومون – کما فی
الحدیث ـ ؛ و یبعد عدم علمه به و إنّ فعلهم یدلّ على تسویغ ذلک»(31)؛ انتهى(32)
و أبوحامد الغزالیّ منع عن الانحناء عند المسلم(33)، و کذا القیام سیّما فی المساجد ـ لکونها موضع العبادة و القیام للّه وحده، (فَلاَیُشرِکْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)(34) ـ. و قال النبیّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: «إذا رأیتمونی فلاتقوموا کما یصنع الأعاجم»(35)؛
و قال: «من سرّه أن یتمثّل له الرجال قیاماً فلیتبوّء مقعده من النار»(36)
و التحقیق ماذکرناه من الشهید ـ رحمه اللّه ـ.
قوله – علیه السلام ـ: «و اعصمنی من الفخر».
«العِصمة» ـ بالکسر ـ: الحفظ و الوقایة.
<و «الفخر»: ادّعاء العظمة و الکبر و الشرف؛ و قیل: «هو التطاول على الناس بتعدید المناقب».
و لمّا کان الحصول على معالی الأخلاق ربّما جمحت به النفس الأمّارة إلى الفخر المذموم سأل – علیه السلام ـ عصمته منه>(37)
و اعلم! أنّ الفخر إن کان من الحسب و النسب تأمّل أوّلاً فی انّ إعجاب المرء من نفسه بکمال غیره حمقٌ غریبٌ و انّه لشیءٌ عجیبٌ!، فلو کان خسیساً فی ذاته و صفاته کیف
یجدیه کمال آبائه و أجداده؟!؛ فیرى للدودة المخلوقة من فضلة الإنسان شرفاً على الدودة المخلوقة من فضلة الحمار؟! هیهات! بل هما سیّان فی الدناءة و الاستقذار لو لم یکن الأولى أخسّ و أدنى بحسب الإعتبار!(38)
لَئِنْ فَخَرتَ بِآبَاءٍ ذَوِی شَرَفٍ++
قَالُوا صَدَقتَ وَ لَکِنْ بِئْسَ مَا وَلَدُوا(39)
و لذا قال علیٌّ – علیه السلام ـ :
إِنَّ الفَتَى مَنْ یَقُولُ هَا أَنَا ذَا++
لَیسَ الْفَتَى مَنْ یَقُولُ کَانَ أَبِی(40)
<و قال - علیه السلام ـ: «ما لابن آدم و الفخر؟ و إنّما أوّله نطفةٌ و آخره جیفةٌ(41)
لایرزق نفسه و لایدفع حتفه»(42)؛ و نظم ذلک بعضهم فقال:
مَا بَالُ مَنْ أَوَّلُهُ نُطفَة++
وَ جِیفَةٌ آخِرُهُ یَفخَرُ؟
أَصبَحَ لاَیَملِکُ تَقدِیمَ مَا++
یَرجُو وَ لاَتَأْخِیرَ مَا یَحذَرُ(43)
و فی روایةٍ أخرى عنه – علیه السلام ـ: «ما لابن آدم و الفخر! و إنّما أوّله نطفةٌ مدرةٌ و آخره جیفةٌ قذرةٌ و هو فیما بین ذلک یحمل العذرة»(44)؛ و نظم ذلک أبومحمّد الباقی فقال:
عَجِبتُ بِنِخوَتِهِ وَ کَانَ مِـ++
ـنْ قَبلُ نُطفَةً مَدرَةْ
وَ فِی غَدٍ بَعدَ حُسنِ صُورَتِهِ++
یَصِیرُ فِی الْقبرِ جِیفَةً قَذِرَةْ
وَ هْوَ عَلَى عُجبِهِ وَ نِخوَتِهِ++
مَا بَینَ جَنبَیْهِ یَحمِلُ الْعَذَرَةْ>(37)
و نقل انّ واحداً من أولاد الملوک افتخر على غلامٍ حکیمٍ، فقال له الغلام: «إنْ کان فخرک بأبیک فالفخر له، و إن کان من ملبوسک فالشرف له، و إن کان من مرکوبک فالفضل له، و لو أخذ کلٌّ حقّه لم یبق فیک ما یصلح لافتخارک!»(45)
و ثانیاً فی أنّ اللّه ـ تعالى ـ قد عرّفه نسبه بقوله: (وَ بَدَءَ خَلْقَ الاِنْسَانِ مِنْ طِینٍ – ثُمَّ جَعَلَ نَسلَهُ مِنْ سُلاَلَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِینٍ)(46) و أیّ شرفٍ فی أصلٍ تطأه الأقدام أو تتنجّس من ملاقاته الأجسام؟!.
و ثالثاً فی أنّ شرافة من یفتخر بهم إن کان من تحلّیهم بالکمالات النفسیّة و تخلّیهم عن الرذائل الخلقیّة فلم یکن فیهم العجب أیضاً لامحالة، فلابدّ لمن یفتخر بهم أن یقتدی بهم فی ترک اعجابه حتّى لایکون طاعناً فی أنسابه؛ و إن کان من تحلّیهم بالزینة الدنیویّة و الشوکة المجازیّة فما أجهله بحقیقة حالهم و ما أغفله عن کیفیّة أحوالهم و مآلهم!. کیف و الانتساب إلى الخنازیر و الکلاب أحسن من الإفتخار بتلک الأنساب!، و لو ارتفع عنه الحجاب و اطّلع على ما هم فیه من ألیم العذاب و عظیم المصاب و نظر إلى صورهم المشوّهة فی النار و ما لحقهم من النتن و الاستقذار لاستنکف منهم و تبرّء عنهم. و روی: «انّه افتخر رجلان عند الکلیم، فقال أحدهما: أنا فلان بن… إلى أن عدّ تسعةً!، فأوحى اللّه إلى الکلیم: قل له: کلّ التسعة من أهل النار و أنت عاشرهم!»(47)
و إن کان من جماله تأمّل فی سرعة زواله بعروض أدنى مرضٍ و ألمٍ، ثمّ عروض الشیب و الهرم، ثمّ لحوق الفناء و العدم، فکیف یفتخر بالهیئة و الصورة الّتی هذا دوامها و حقیقتها!؛
و إن کان من المال تأمّل فی آفاته من الغصب و النهب و الحرق و الغرق ـ و غیرها من أسباب زواله ـ، ثمّ فی کون کثیرٍ من النصارى و الیهود و المجوس و الهنود أکثر مالاً منه!؛ فلاشرف فیما لاوثوق له ببقائه فی ساعةٍ فضلاً عن أیّامٍ و لیالٍ؛
ـ بر مال و جمال خویشتن غرّه مشو++
کان را به شبى برند و این را به تبى ـ.
و إن کان من قوّته و شدّة بطشه تأمّل فی حصول أشدّ الضعف له بأدنى مرضٍ یسلّط علیه و أقلّه، و لوتوجّع عرقٌ واحدٌ من أعضائه صار من أعجز ما یکون و أذلّه و أعجزه عن بقّةٍ و أدنى شوکةٍ تدخل فی رجله، و إن کثیراً من الحیوانات أشدّ بطشاً منه؛ فأیّ اعجابٍ بما یکون فی البهائم و السباع أکمل منه؟!؛
و إن کان من الجاه و قرب السلطان أو کثرة الأنصار و الأتباع و الأعوان تفکّر فی قرب أوان انقطاعها و مفارقته لها بفنائه أو فنائها، و کونها اعتباراتٍ ضعیفةٍ ـ (کَسَرَابٍ بِقِیعَةٍ)(48) ـ لایقدرون عن دفع أدنى مرضٍ عنه و رفع أقلّ مؤذٍ منه. على أنّ التجربة شاهدةٌ بأنّ محبّتهم و إعانتهم تبعٌ لما یأمّلونه منه من وجوه البذل و الانفاق ما دام یرونه متعرّضاً لسخط اللّه بتحصیل الأموال لهم من غیر وجهها موقعاً نفسه فی المهالک لتحصیلها و بذلها و صرفها فیهم، فإذا نقص شیءٌ ممّا یشتهونه مالوا إلى عداوته و تعرّضوا لمقته و معارضته!؛
این دغل دوستان که مىبینى++
مگسانند دور شیرینى(49)
ثمّ من أقبح أنواعه العجب بالرأی الفاسد و الجهل المرکّب، فانّ جمیع أهل البدع و الضلال أصرّوا على آرائهم الفاسدة بعجبهم بها، و به هلک الأمم بفرقها؛ فانّ (کُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَیهِمْ فَرِحُونَ)(50)
و قد أخبر النبیّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ بظهوره فی الأمّة بعد وفاته.
و علاجه فی غایة الصعوبة، لما عرفت من صعوبة متعلّقه، فلایزول إلّا بزواله. و أنفع شیءٍ له الریاضة و المجاهدة التامّة و التضرّع و الابتهال إلى الحضرة الأحدیّة و الاستمداد من النفوس القدسیّة و ممارسة الکتاب و الأخبار المعصومیّة و مجالسة العلماء و مدارسة العلوم الریاضیّة حتّى تألف بالعلم و الیقین، و یهتدی إلى الحبل المتین.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ لاَتَرْفَعْنِی فِی النَّاسِ دَرَجَةً إِلاَّ حَطَطْتَنِی عِنْدَ نَفْسِی مِثْلَهَا، وَ لاَتُحْدِثْ لِی عِزّاً ظَاهِراً إِلاَّ أَحْدَثْتَ لِی ذِلَّةً بَاطِنَةً عِنْدَ نَفْسِی بِقَدَرِهَا.
<«الدرجة» هنا: المزیّة فی الفضل و الشرف. و نصبها على المصدریّة ـ أی: لاترفعنی رفعةً ـ ؛ أو على الظرفیّة؛ أو على نزع الخافظ ـ أی: إلى درجةٍ ـ ؛ أو على التمییز. و الاستثناء مفرّغٌ من حالٍ عامّةٍ مقدّرةٍ محذوفةٍ هی المستثنى منه. و المستثنى محلّه النصب على الحالیّة؛ و التقدیر: لاترفعنی فیما بین الناس درجةً فی حالٍ من الأحوال إلّا حال حطّک لی عند نفسی حطّاً مثل تلک الدرجة فی المقدار، حتّى لا أکون معجباً فیصیر ذلک سبباً لهلاکی. قال الرضیّ: «القصد بمثل هذا النفی و الاستثناء لزوم(51) تعقّب مضمون ما بعد «إلّا» مضمون ما قبلها»(52)؛ و ذلک معنى الشرط و الجزاء غالباً. فقصدوا صوغ ما قبل «إلّا» و ما بعدها صوغ الشرط و الجزاء ـ أعنی: لزوم الثانی للأوّل ـ فاعتبروه معهما»؛ انتهى>(53) فالمعنى على هذا: إن رفعتنی فی الناس درجةً حطّنی عند نفسی بقدرها.
و «الحدوث» قد مرّ معناه لغةً و اصطلاحاً.
و «القدَر» ـ بسکون الدال و فتحها، و الأوّل أفصح ـ: مقدار الشیء؛ قال الزمخشریّ:
«أخذ بقدْر حقّه و بقدَره أی: بمقداره؛ و هو ما یساویه(54)».
و «الباء» للملابسة؛ أی: متلبّسةً بمقدارها.
و هذه الفقرة عطف تفسیرٍ على سابقها.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ مَتِّعْنِی بِهُدىً صَالِحٍ لاَأَسْتَبْدِلُ بِهِ، وَ طَرِیقَةِ حَقٍّ لاَ أَزِیغُ عَنْهَا، وَ نِیَّةِ رُشْدٍ لاَأَشُکُّ فِیهَا.
<«متّعه» بالشیء تمتیعاً: نفعه به فتمتّع هو.
«الهُدى» ـ بضمّ الهاء مقصوراً، کما اتّفقت علیه النسخ ـ: مصدرٌ من هدى ـ کالسرى و البکى ـ، و قد سبق معناه.
و «الصالح»: المستقیم المنتفع به.
و «استبدل» بالشیء: اتّخد و اختار منه بدلاً. و «الباء» للمقابلة؛ و الظرف لغوٌ، أی: اجعلنی متمتّعاً منتفعاً بهدایةٍ صالحةٍ لاانتقل عنها.
و «الطریقة»: المذهب و الحالة؛ قال الجوهریّ: «طریقة الرجل: مذهبه؛ یقال: مازال فلانٌ على طریقةٍ واحدةٍ أی: حالةٍ واحدةٍ»(55)؛ انتهى.
و «الحقّ» لغةً: نقیض الباطل؛ و قد سبق معناه اصطلاحاً.
و «الزیغ»: المیل.
و «النیّة» مرّ معناها.
و «الرشد» قال فی القاموس: «هو(56) الاستقامة على طریق الحقّ مع تصلّبٍ فیه»(57) و
المعنى ظاهرٌ>(58)
قیل: «هذا و أمثاله بطریق التعلیم، و إلّا فهم ـ صلوات اللّه علیهم ـ على الرشد و الهدایة، (وَ أُولَئِکَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)(59)».
و التحقیق هو ما ذکرناه فی أوّل الدعاء.
وَ عَمِّرْنِی مَا کَانَ عُمْرِی بِذْلَةً فِی طَاعَتِکَ، فَإِذَا کَانَ عُمْرِی مَرْتَعاً لِلشَّیْطَانِ فَاقْبِضْنِی إِلَیْکَ قَبْلَ أَنْ یَسْبِقَ مَقْتُکَ إِلَیَّ، أَوْ یَسْتَحْکِمَ غَضَبُکَ عَلَیَّ.
«العُمُر» ـ بالضمّ و ضمّتین، و بالفتح ـ: الحیاة.
و «البِذْلة» ـ بکسر الباء الموحّدة و تسکین المعجمة ـ: <هو ما یلبس من الثیاب وقت الخدمة(60)؛ أی: طوّل عیشی و حیاتی مادام عمری کلباس الخدمة مستعملاً فی طاعتک(61)
و «المَرتَع» ـ بالفتح ـ هو: مرعى الدوابّ>(62)
و «الشیطان» قد سبق معناه.
<«قبَضَه» اللّه ـ من باب ضرب ـ: أماته؛ و تعدیته بـ «إلى» لتضمینه معنى الرجوع؛ أی: اقبضنی راجعاً إلیک.
و «مقَتَه» مقْتاً ـ من باب قتل ـ: أبغضه أشدّ البغض عن أمرٍ قبیحٍ>(63)
<و «یستحکم» أی: یقوی و یثبت؛ یقال: أحکمته فاستحکم أی: صار قویّاً ثابتاً، فهو مستحکِمٌ ـ بالکسر، لا غیر ـ ؛ قاله المطرّزی فی المغرب و المعرب(64) و حینئذٍ فالفتح ـ کما هو
المشهور فی المحاورات ـ من الأغالیط العامّیّة(65)
و فی هذا دلالةٌ على نقصان العمر و زیادته بالدعاء کغیره من الطاعات ـ نحو صلة الرحم و قطعها، و نحو ذلک ـ. و یرشد إلیه ما رواه الشیخ ـ رحمه اللّه ـ فی الأمالی(66) عن الصادق – علیه السلام ـ: «إنّ اللّه ـ تعالى ـ لم یجعل للمؤمن أجلاً فی الموت، یبقیه ما أحبّ البقاء؛ فإذا علم منه أنّه سیأتی بما فیه هلاک(67) دینه قبضه إلیه مکرماً»>(68)
أقول: معنى هذا ما ذکرناه سابقاً من توجیه البداء و تقسیم الأجل إلى حتمٍ و غیره.
اللَّهُمَّ لاَتَدَعْ خَصْلَةً تُعَابُ مِنِّی إِلاَّ أَصْلَحْتَهَا، وَ لاَ عَایِبَةً أُوَنَّبُ بِهَا إِلاَّ حَسَّنْتَهَا، وَ لاَأُکْرُومَةً فِیَّ نَاقِصَةً إِلاَّ أَتْمَمْتَهَا.
«ودعته» أودعه ودعاً: ترکته؛ و قد قرء جمعٌ من القرّاء: (مَا وَدَّعَکَ رَبُّکَ)(69) ـ
بالتخفیف(70) ـ.
و «الخصلة»: الحالة.
<و قوله: «تعاب منّی»، الموافق للّغة و الاستعمال تعدیة هذا الفعل بـ «الباء» و «على»، یقال: عابنی بها و علیها؛ و إن کانت تجیء لازماً على الندرة(71) فالظرف إمّا یتعلّق بـ «لاتدع»، أو بـ «خصلة»، أو بـ «تعاب» بتضمینه معنى الاستقباح و نحوه>(62)
و «العایبة» بالیاء کما فی النسخ المعتبرة ـ و لاعبرة بما وقع فی بعض النسخ من الهمزة ـ ؛ و هی: کلّ خصلةٍ ذات عیبٍ یعاب بها الناس. و قیل بجواز کونها مصدراً ـ کالعافیة و الباقیة(72) ـ.
و «أوَنَّبُ» ـ بالبناء للمفعول ـ أی: ألام و أوبّخ؛ و الأصل فیه الهمزة، یقال: أنبته تأنیباً: وبّخه و لامه؛ و فی النهایة: «التأنیب: المبالغة فی التعنیف و التوبیخ(73)»(74)؛ و إن کانت تجیء
لازماً على الندرة، کما یقال: عاب أی: صار ذاعیبٍ. و کثیراً ما یقال: عابه فهو معبوهٌ، أی: به جماهةٌ؛ أی: به جنونٌ إلّا أصلحتها بأن تبدّلها بصفة الکمال.
قال الفاضل الشارح: «فان قلت: ما فائدة تخصیص العایبة بالوصف المذکور؟ و هلّا أطلق لتعمّ ما خفی من الخصال الّتی لایطّلع علیها من یؤنّبه بها(75) ؟
قلت: فائدة ذلک تخصیص العایبة بنفسه، فکأنّه قال: و لا عایبه أنا أونَّب بها، کما خصّص «الخصلة» بنفسه بقوله: «تعاب منّی»، و «الأکرومة» فی الفقرة التالیة بقوله «فیَّ». و لو أطلق لعمّت کلّ عایبةٍ فیه و فی غیره. و مع ذلک فلایخرج بالوصف المذکور ما خفی من الخصال الّتی لایطّلع علیها من یونّبه بها، لأنّ المراد العایبة الّتی من شأنها أن یؤنّب بها ـ سواءٌ ظهرت أو خفیت ـ»(76)؛ انتهى.
أقول: هذا السؤال و الجواب لاطائل تحتهما! ـ کما لایخفى على من له أدنى بصیرةٌ ـ.
و «إلّا حسّنتها». تبدیلها حسنةً کما مرّ فی توجیه فقرة: «یا مبدّل السیّئات بأضعافها من الحسنات» فی اللمعة الأولى. و قیل: «باقلاعی عنها؛ أو بتعریف العایبین انّها لیست بعایبةٍ»(77)
قوله – علیه السلام ـ: «و لا أکرومةً فیَّ ناقصةً».
«الأُکرومة» ـ بضمّ الهمزة ـ: أفعولةٌ من الکرم ـ کأعجوبة من العجب ـ. و المراد بها کرائم الأخلاق.
و لفظ «فیَّ» مشدّدةٌ ـ کما فی النسخ المشهورة ـ بناءً(78) على أنّ «فی» ظرفیّةٌ مجازیّةٌ دخلت على یاء المتکلّم و أدغمت الیاء فی الیاء.
أو لفظة «فی» مخفّفةٌ و «ناقصة» – بالجرّ ـ مجرورٌ بـ «فی»؛ و هو مختار السیّد السند الداماد ـ رحمه اللّه ـ حیث قال: «إنّ الصواب ـ روایةً و درایةً ـ کون «فی» بسکون الیاء، و هو حرف جرٍّ و «ناقصة» ـ بالخفض ـ مجرورٌ به، و هی صفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ، أی: فی مرتبةٍ ناقصةٍ غیر تامّةٍ و فی ملابسةٍ رذیلةٍ ناقصةٍ للأکرومة ـ أی: مخرجةٌ لها ـ عن تمام درجتها و کمال مرتبتها ـ على أنّها فاعلةٌ من نقص المتعدّی ـ ؛ فتکون «الأکرومة» منقوصةً بها»(79)
قال: «هذا إذا حملنا «ناقصةً» على اسم الفاعل؛ و أمّا إذا حملناها على المصدر ـ کالفاتحة و العافیة و الکاذبة ـ فالمعنى: و لا أکرومةً فی نقصانٍ إلّا أزحت نقصانها و أتممت کمالها»(80) ثمّ شنّع على من خبط فی تشدید الیاء و نصب «ناقصةً»، فقال: «و من القاصرین فی عصرنا من لم یکن یستطیع إلى ادراک الغامضات و التفصیة عن مضائق المعضلات سبیلاً، فحرّفها إلى «فیَّ ناقصةً» ـ باضافة «فی» إلى «یاء» المتکلّم و التشدید للادغام ـ و نصب «ناقصةً» على أنّها صفة «أکرومة» المنصوبة على المفعولیّة؛ ففشا ذلک التحریف فی النسخ الحدیثة المستنسخة، و لم یفطّن لما فیه من الفساد من وجهین:
الأوّل: انّ قضیّة العطف على «خصلة» ـ فی الجملة الأولى ـ مقتضاها انّ تقدیر الکلام: «و لاتدع منّی أکرومةً فیَّ ناقصةً»، فیجتمع «منّی» و «فی»، فیرجع إلى هجنةٍ و خیمةٍ!؛
الثانی: انّ الفصل بین الموصوف و الصفة بالجارّة و مجرورها ممّا یعد هجیناً، فلاتکن من
القاصرین!»(81)؛ انتهى.
<و العجب من هذا النحریر!، فکیف یدّعی انّ ذلک تحریفٌ وقع من بعض القاصرین فی عصره مع انّه>(62) <قد ثبت فی نسخٍ عدیدةٍ ما زعم أنّه تحریفٌ؟!، منها ما نسخ قبل عصره بنحو أربعمأة عامٍّ ـ کما فی النسخة الّتی هی بخطّ الیاقوت المستعصمیّ، و نسخةٍ أخرى قدیمةٍ تأریخ نسخها سنة اثنین و سبعمأة ـ.
و کذا ادّعاء کونه درایةً(82) غیر صحیحٍ!. و کذا ما ذکره من الوجهین>(83) یدفعه <أمورٌ:
منها: جواز تعلّق قوله: «منّی» بـ «تعاب»، بل هو الأنسب ـ لقربه، کما عرفت ـ ؛
و منها: انّه لو سلّمنا تعلّقه بـ «خصلة» منعنا الاحتیاج إلى تقدیر «منّی» فی المعطوف علیه، لأنّ «فی» فیه هو معنىً عبّر به اشعاراً بالاتّحاد؛
و منها: انّه لایتعیّن نصب «ناقصة» على الوصفیّة، بل یجوز نصبها على الحالیّة؛ مع أنّ الفصل بالظرف بین الصفة و الموصوف شائعٌ ذائعٌ>(84) على أنّه لافصل هنا أصلا، بل الظرف صفةٌ «لأکرومة» و «ناقصة» صفةٌ بعد صفةٍ ـ کما تقدّم ـ، فهو من باب تعدّد الصفات ـ کقوله تعالى: (وَ فِی ذَلِکُمْ بَلاَءٌ مِنْ رَبِّکُمْ عَظِیمٌ)(85) ـ.
<و الاستثناء فی الجمل الثلاث متّصلٌ مفرّغٌ من أعمّ الأحوال محلّه النصب على أنّه حالٌ من ضمیر «لاتدع»، و العامل فیها فعل النهی؛ أی: لاتدع خصلةً تعاب منّی فی حالٍ من الأحوال إلّا حال تحسینک إیّاها و لا أکرومةً فیّ ناقصةً فی حالٍ من الأحوال إلّا حال اتمامک لها. و المقصود لزوم تعقّب مضمون ما بعد «إلّا» لما قبلها، فهما کالشرط و الجزاء؛ و لذلک وقعت الحال مجرّدةً عن «قد» و «الواو». و حاصل الکلام: کلّما کانت فیَّ خصلةٌ تعاب
فأصلحها، و عایبةٌ أونّب بها فحسّنها و أکرومةٌ ناقصةٌ فأتممها>(86)
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَبْدِلْنِی مِنْ بِغْضَةِ أَهْلِ الشَّنَآنِ الْمحَبَّةَ، وَ مِنْ حَسَدِ أَهْلِ الْبَغْیِ الْمَوَدَّةَ، وَ مِنْ ظِنَّةِ أَهْلِ الصَّلاَحِ الثِّقَةَ، وَ مِنْ عَدَاوَةِ الاَدْنَیْنَ الْوَلاَیَةَ، وَ مِنْ عُقُوقِ ذَوِی الاَرْحَامِ الْمَبَرَّةَ، وَ مِنْ خِذْلاَنِ الاَقْرَبِینَ النُّصْرَةَ، وَ مِنْ حُبِّ الْمُدَارِینَ تَصْحِیحَ الْمِقَةِ، وَ مِنْ رَدِّ الْمُلاَبِسِینَ کَرَمَ الْعِشْرَةِ، وَ مِنْ مَرَارَةِ خَوْفِ الظَّالِمِینَ حَلاَوَةَ الاَمَنَةِ.
«البِغضة» ـ بالکسر ـ: شدّة البغض.
<و «الشَنْآن» ـ بالتحریک و التسکین، على وزن خَفَقان أو السَکْران ـ: العداوة و البغض؛ و قرىء بهما قوله ـ تعالى ـ: (شَنَآنُ قَومٍ)(87) -(88) قال الجوهریّ: «و هما شاذّان، فالتحریک شاذٌّ فی المعنى لأنّ فعلان انّما هو من بناء ما کان معناه الحرکة و الاضطراب ـ کالضربان و الخفقان ـ ؛ و التسکین شاذٌّ فی اللفظ لأنّه لم یجىء شیءٌ من المصادر علیه. قال أبوعبید: و الشنان بغیر همزٍ مثل الشنآن»(89)>(90) <و الاضافة إمّا إلى الفاعل ـ أی: بدّلنی
بدل بغض أهل البغض إلیَّ المحبّة منّی لهم، أو منهم لی، أو منک لی، أو البغض الّذی بینهم ـ ؛ و إمّا إلى المفعول(91)
و «المحبّة»: مفعولٌ ثانٍ لـ «أبدلنی». و یحتمل کونها من اللّه له، و کونها منه للّه؛ و هذه
الإحتمالات جاریةٌ فی سائر الفقرات>(84) إلّا الأخیرة.
و «الحسد»: أن تتمنّی زوال نعمة المحسود إلیه ـ کما سبق تحقیقه ـ.
و کلّ مجاوزةٍ و افراطٍ على المقدار الّذی هو حدّ الشیء فهو «بغیٌ»؛ یقال: بغى أحدهما على صاحبه بغیاً ـ من باب رمى ـ أی: طلب له شرّاً. و قد یطلق على من خرج عن طاعة الإمام الحقّ. و لمّا کان الحاسدون ظالمین طالبین للمحسود شرّاً بتمنّی زوال نعمته جعلهم – علیه السلام ـ أهل البغی.
و «الظِنّة» ـ بالکسر، على وزن المِنّة ـ: التهمة، و هی اسمٌ من ظَنَنتُه ـ من باب قتل ـ: إذا اتّهمته.
و «الثقة»: الائتمان. و الإضافة فی «ظنّة أهل الصلاح» <إمّا إلى المفعول ـ أی: تهمتهم و سوء الظنّ بهم ـ، و إمّا إلى الفاعل ـ أی: تهمتهم إلیَّ ـ ؛ فانّ أرباب الصلاح لمّا ترقّوا فی درجات الإیمان إلى أعالیها ربّما اتّهموا ممّن(92) هو أنقص منهم درجةً بالتقصیر، فطلب - علیه السلام ـ تبدیلها(93) بالثقة بهم و بصلاحهم>(84)؛ و تؤیّده الأبیات المنسوبة إلى صاحب هذه الصحیفة – علیه السلام ـ حیث قال:
إِنِّی لاَکتُمُ مِن عِلمِی جَوَاهِرَهُ++
کَی لاَیَرَى الْحَقَّ ذُوجَهلٍ فَیَفتَتِنَا
وَ قَدْ تَقَدَّمَ فِی هَذَا أَبُوحَسَنٍ++
إِلَى الْحُسَیْنِ وَ وَصَّى قَبلَهُ الْحَسَنَا
یَا رُبَّ جَوهَرِ عِلْمٍ لَو أَبُوحُ بِهِ++
لَقِیلَ لِی أَنتَ مِمَّنْ یَعبُدُ الْوَثَنَا
وَ لاَسْتَحلَّ رِجَالٌ مُسلِمُونَ دَمِی++
یَرَونَ أَقبَحَ مَا یَأْتُونَهُ حَسَنَا(94)
و قوله – علیه السلام ـ: «لو علم أبوذرّ ما فی قلب سلمان لقتله»(95)؛أو بأن یثقوا بی و
لایتّهمونی.
فممّا ذکرنا ظهر فساد قول من قال: «الإضافة هنا إلى المفعول حتماً، أی: من تهمتهم و سوء الظنّ الثقة بصلاحهم و أمانتهم»(96)؛ و انّ ما ذکره الفاضل الشارح ـ بقوله: «فان قلت: کیف نسب الظنّة إلى أهل الصلاح، و سوء الظنّ بالمسلمین و اتّهامهم محظورٌ؟!»(97)، و الجواب عنه بقوله: «قلت: لیس المراد بالظنّة هنا إلّا عدم الثقة و الطمأنینة بکلّ أحدٍ، و لیس المراد بها الاتّهام بما ینافی العدالة، فانّ من شأن أهل الرأی و الصلاح أن لایثقوا بکلّ أحدٍ و لایرکنوا إلى کلّ شخصٍ تفادیاً عن الغرر و أخذاً بفضیلة الحزم…. إلى آخر قوله»(98) ـ ؛
ممّا لاطائل تحته!؛ ـ کما لایخفى على من له أدنى بصیرةٌ ـ.
قوله – علیه السلام ـ: «و من عداوة الأدنین»، جمع: أدنى ـ من الدناءة، بمعنى القرابة ـ. و أصله الأدنیین، فأبدل الیاء الأوّل بالألف فحذف لالتقاء الساکنین، فبقی أفعین. <و قیل: «جمع دنیّ ـ من الدناءة ـ».
و «الوَلایة» ـ بفتح الواو هنا، لاغیر ـ بمعنى: المحبّة>(84)
<و «العقوق»: قطیعة الرحم، من «العقّ» بمعنى القطع؛ و قال الأزهریّ: «أصل العقّ: الشقّ»(99)
و «الأرحام»: جمع رحم>(100)، و هو: وعاء الولد. و قال بعض المحقّقین: «الرحم اسمٌ لحقیقة الطبیعة. و هی حقیقةٌ جامعةٌ من الحرارة و البرودة و الیبوسة و الرطوبة، بمعنى أنّها عین کلّ واحدةٍ من الأربع من غیر مضادّةٍ؛ و لیست کلّ واحدةٍ منها من کلّ وجهٍ عینها، بل
من بعض الوجوه. و صلتها بمعرفة مکانتها و تفخیم قدرها، إذ لولا المزاج المتحصّل من أرکانها لم یظهر تعیّن الروح الإنسانیّ و لا أمکنه الجمع بین الکلّیّات و الجزئیّات الّتی بها توسّل إلى التحقّق بالمرتبة البرزخیّة المحیطة بأحکام الوجوب و الإمکان و الظهور بصورة الحضرة و العالم جمیعاً.
و أمّا قطعها فبازدرائها و بخس حقّها، فانّ مَن بخس حقّها فقد بخس حقّ اللّه ـ تعالى ـ و جهل ما أودع فیها من خواصّ الأسماء. و من جملة ازدرائها مذمّة متأخّری الحکماء لها و وصفها بالکدورة و الظلمة و طلب الخلاص من أحکامها و الانسلاخ من صفاتها!!؛ فلو علموا انّ کلّ کمالٍ یحصل للإنسان بعد مفارقة النشأة الطبیعیّة فهو من نتائج مصاحبة الروح للمزاج الطبیعیّ و ثمراته ـ و انّ الإنسان بعد المفارقة انّما ینتقل من صور الطبیعة إلى العوالم الّتی هی مظاهر لطائفها و فی تلک العوالم یتأتّی لعموم السعداء رؤیة الحقّ الموعود بها فی الشریعة و المخبر عنها، أعظم نعم اللّه على أهل الجنّة، فحقیقةً یتوقّف مشاهدة الحقّ علیها ـ کیف یجوز أن تزدرى؟!.
و أمّا الّذی هو حال الخواصّ من أهل اللّه ـ کالکمّل و من یدانیهم ـ فانّهم و إن فازوا بشهود الحقّ و معرفته المحقّقة هنا، فانّه إنّما یتیسّر لهم ذلک بمعونة هذه النشأة الطبیعیّة حتّى التجلّیّ الذاتیّ الأبدیّ الّذی لاحجاب بعده. و لامستقرّ للکمّل دونه، فانّه ـ باتّفاق الکمّل ـ من لم یحصل له ذلک فی هذه الطبیعة لم یحصل بعد المفارقة؛ و إلیه الإشارة بقوله – علیه السلام ـ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله ـ… الحدیث ـ»(101)؛ و قد تقدّم الکلام على ذلک.
و «المبرّة»: البرّ، و هو خلاف العقوق، فیکون بمعنى الصلة؛ أی: بدل عقوق ذوی الأرحام إیایّ صلةً؛ یعنی: لاتجعلهم علیَّ عاقّین بل اجعلهم لی بارّین. و یحتمل العکس ـ کما مرّ فی معنى ظنّة أهل الصلاح ـ، أی: بدّل عقوقی إیّاهم بالصلة بأن لاأکون علیهم عاقّاً،
بل اجعلنی لهم بارّاً. و هکذا معنى قوله – علیه السلام ـ: «و من خذلان الأقربین النصرة»، أی: خذلانهم إیّای، و العکس.
و «الحذلان»: ترک النصرة؛ و قیل: «إنّما خصّ – علیه السلام ـ «الأقربین» هنا بالذکر لأنّ قربهم منه باعثٌ لدواعی النصرة له، فنصرتهم إیّاه أعظم فی عزّ جانبه و حفظه و حمایته من غیرهم، و خذلانهم له أشدّ فی تهضّم جانبه؛ و لذلک قال أمیرالمؤمنین – علیه السلام ـ: «لن یرغب المرء عن عشیرته و إن کان ذامالٍ و ولدٍ، و عن مودّتهم و کرامتهم و دفاعهم بأیدیهم و ألسنتهم، هم أشدّ الناس حیطةً من ورائه و أعطفهم علیه و ألمّهم لشعثه إن أصابته مصیبةٌ أو نزل به بعض مکاره الأمور. و من یقبض(102) عنهم یداً واحدةً تقبض عنه منهم أیدی کثیرة»(103) -(104)
أقول: «الأقربین» یعمّ الأقرباء الظاهریّة و الباطنیّة، بل الخطب فی الباطنیّة أعظم!. و قس علیه الفقرات السابقة و اللاحقة إن کنت من أهل البصیرة!.
و «المدارین»: جمع مدار ـ: اسم فاعلٍ من دارا یداری مداراةً ـ، أی: لاطفه و لاینه. و قال الجوهریّ: «مداراة الناس تهمز و لاتهمز، یقال: دارأته و داریته(105)؛ و هی المداجاة و الملاینة»(106) و المداجاة من داجیته: إذا رأیته کأنّک ساترت به العداوة.
و «المقة»: المحبّة. و «الهاء» منها عوضٌ من الواو، یقال: ومِقَه یمِقه ـ بالکسر فیهما ـ ومقاً و مقةً أی: أحبّه، فهو وامقً. و معنى تصحیح المحبّة جعلها صحیحةً خالصةً، لامحض المداراة. و قیل: «حبّ المدارین على صیغة اسم الفاعل و المفعول، و الإضافة علیهما إمّا إلى الفاعل أو
إلى المفعول»(107) و المعنى على ما سبق. و فی بعض النسخ بالخاء المعجمة المکسورة بمعنى الخدع من خبّه، أی: خدعه؛ أمّا الخبّ ـ بالفتح(108) ـ فهو: الرجل الخدّاع ـ کما وقع فی الحدیث:«المؤمن غرٌّ کریمٌ و المنافق خبٌّ لئیمٌ»(109) ـ.
اعلم! أنّ المستفادّ من هذه الفقرات طلب الألفة و المؤاخاة بینه و بین سائر المخلوقات ـ من الأجانب و الأقارب الظاهریّة و الباطنیّة الروحانیّة ـ. و هی من أعظم المطالب العقلیّة و الشرعیّة و العرفیّة لاقتضائها صلاح الأمور الدنیویّة و الأخرویّة. و ذلک لایحصل إلّا بالمخالطة لأبناء النوع الظاهریّة أو الباطنیّة؛ و هی لاتحصل إلّا بالتصفیة التامّة و الإعراض عن الأغراض الدنیویّة لتحصل الألفة و المحبّة الکاملة.
فان لمیتمّ العیش إلّا بالمخالطة فلابدّ من معرفة آدابها.
و لمخالطة کلّ من ترید أن تخالطه أدبٌ خاصٌّ على قدر حقّه علیک، و بواسطة الرابطة الّتی بها وقعت الخلطة.
و أخصّها القرابة، و أعمّها الاسلام، و فیما بینهما حقّ الجوار و حقّ الصحبة فی السفر أو المکتب و الدرس أو الصداقة أو الآخرة. و لکلٍّ منها درجاتٌ، فالرحم المحرّم آکد فی حقوق القرابة من غیره؛ و حقّ الوالدین آکد فی حقوق المحارم من غیرهما؛ و حقّ المسلم یتأکّد بالمعرفة الّتی لها درجاتٌ مختلفةٌ؛ و حقّ الصحبة فی الدرس و المکتب آکد من صحبة السفر. و کذا للصداقة مراتبٌ، فانّها إذا قویت صارت أخوّةً؛ ثمّ إن ازدادت صارت خلّةً ـ فانّ الخلّة عبارةٌ عن تخلّل الحبّ جمیع أجزاء القلب ظاهراً و باطناً و استیعابه له؛ و تفضیل ذلک موکولٌ على الکتب الأخلاقیّة ـ.
ثمّ اعلم! أنّ الأرحام الروحانیّة أحقّ و أحرى من الأرحام الجسمانیّة، فحقّ الوالدین
الروحانیّین آکد من الأبوین الجسمانیّین، و کذا المعلّم الروحانیّ. فانّ لکلّ نوعٍ من الأنواع الجسمانیّة فردٌ کاملٌ فی عالم الإبداع هو الأصل و المبدء، و سائر أفراد النوع فروعٌ و معالیل و آثارٌ له.
و ذلک ـ لتمامه و کماله ـ لایفتقر إلى مادّةٍ و لا إلى محلٍّ متعلّقٍ به؛ بخلاف هذه، فانّها ـ لضعفها و نقصها ـ مفتقرةٌ إلى مادّةٍ فی ذاتها أو فی فعلها. و قد بیّنا فی کتابنا الکبیر ـ المسمّى بأنوار الحقائق ـ جواز اختلاف أفراد نوعٍ واحدٍ کمالاً و نقصاً.
و قول بعضهم: «إنّ الحقیقة الواحدة النوعیّة لاتختلف مقتضاها، فکیف یقوم بعضها بنفسه و بعضها بغیره؟!، و لو استغنى بعضها عن المحلّ لاستغنى الجمیع»؛
لیس بصحیحٍ مطلقاً!، بل فی المواطیة لا فی المشکّکة.
و کما قیل: «الآباء ثلاثةٌ: أبٌ ولّدک و أبٌ علّمک…»(110)، فکما انّ وجود البدن فی الولادة الصوریّة یتولّد فی رحم أمّه من نطفة أبیه فکذلک وجود القلب فی الولادة الحقیقیّة یظهر فی رحم استعداد النفس من نفخة الشیخ و المعلّم. فکلّ نبیٍّ یتبع نبیّاً آخر فی التوحید و المعرفة ـ و ما یتعلّق بالمعارف الربّانیّة من الأصول الدینیّة ـ فهو ولده على الحقیقة؛ فکلّ الأنبیاء أولادٌ للحقیقة المحمّدیّة ـ علیه صلواتٌ غیر متناهیةٍ ـ.
فقد ظهر ممّا ذکرناه لک انّ من قطع الأرحام الظاهریّة و الباطنیّة فقد قطع الوصلة بین اللّه و بین العبد ـ المقصودة بالذات من کلّ وصلٍ و فصلٍ ـ.
قال صدر الحکماء و المحقّقین فی تفسیر قوله ـ تعالى ـ: (وَ یَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ یُوصَلَ)(111): «معناه: انّهم کانوا یقطعون على من هو بصدد السلوک على الطریق(112) و المشی على صراط التوحید سبیلهم بإفساد عقائدهم بالشبه المضلّة و إنکار المعجزات النبویّة و
القدح فی حقیقة العلوم الإلهیّة(113)، و الحال انّهم أمروا أن یوصلوا طریق الحقّ و التوحید و یصلوا رحم القرابة الإیمانیّة و الرابطة الإلهیّة. فانّ للوجود الحقیقیّ و للقرابة المعنویّة رباطاً واحداً هو المعنویّة الإیمانیّة صلته(114) منشؤ الرحمة الرحمانیّة، کما انّ للوجود الصوریّ اتّصالاً و للقرابة الرحمة الصوریّة صلةً منشاؤها الرحم الرحمیّ الانعطافیّ.
بیان ذلک: إنّ الإنسان حیث هبط بأمر اللّه عن عالم الوحدة الإلهیّة إلى جنّة أبیه آدم – علیه السلام ـ ثمّ نزل بأمر (اهْبِطُوا)(115) إلى أرض البشریّة و انقطع عن عالمه الأصلیّ إلى دارالفرقة و التشتّت ثمّ هو مأمورٌ بحسب الأمر التکوینیّ و التشریعیّ بأن یرتقی عن هذا العالم و یتجرّد عن قشور الخلقیّة یتخلّص عن علائق الطبیعة و یستبق الخیرات و یسابق إلى الجنّة إلى أن یصل إلى عالم الرحمة و المعرفة ـ و هو قوله: (فَاسْتَبِقُوا الْخَیرَاتِ)(116)، و قوله: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّکُمْ وَ جَنَّةٍ عَرضُهَا کَعَرضِ السَّمَاءِ وَ الاَرضِ)(117)، و قوله: (وَأَنِیبُوا إِلَى رَبِّکُمْ)(118)، و قوله: (ارْجِعُوا إِلَى أَبِیکُمْ)(119) ـ فعند وصول الروح الانسانیّ إلى درجة أبیه المقدّس یتّصل آخر دائرة الوجود بأوّلها و یزول عنه الفرقة الکونیّة باللحمة المعنویة الوجودیّة.
فکما انّ فی البدایة کان عقلاً ثمّ نفساً ثمّ صورةً ثمّ جسماً، ففی العود إلى النهایة صار بدناً، ثمّ صورةً بشریّةً، ثمّ قلباً معنویّاً، ثمّ روحاً منفوخاً إسرافیلیّاً قائماً بذاته ناظراً إلى ملکوت الأشیاء ـ لقوله: (نُفِخَ فِیهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِیَامٌ یَنْظُرُونَ)(120) ـ، ثمّ روحاً إلهیّاً أمریّاً ـ لقوله: (نَفَخْتُ فِیهِ مِنْ رُوحِی)(121)، و قوله: (قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمرِ رَبِّی)(122) ـ ؛ فهذا تأویل قوله: (مَا
أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ یُوصَلَ). فما أمر اللّه بوصله هو عین الروح الأمریّ الّذی أمرنا اللّه فی ایجاده إیّانا ـ أمراً تکوینیّاً ـ بأن نصل إلى مقام الروح بالعلم و التقوى و المعرفة و الهدى»(123)
و ماذکرناه لک ثابتٌ فی الکتب الحکمیّة، و یؤیّده الأحادیث المعصومیّة ـ کما لایخفى على ذوی البصیرة ـ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ اجْعَلْ لِی یَداً عَلَى مَنْ ظَلَمَنِی، وَ لِسَاناً عَلَى مَنْ خَاصَمَنِی، وَ ظَفَراً بِمَنْ عَانَدَنِی، وَ هَبْ لِی مَکْراً عَلَى مَنْ کَایَدَنِی، وَ قُدْرَةً عَلَى مَنِ اضْطَهَدَنِی، وَ تَکْذِیباً لِمَنْ قَصَبَنِی، وَ سَلاَمَةً مِمَّنْ تَوَعَّدَنِی، وَ وَفِّقْنِی لِطَاعَةِ مَنْ سَدَّدَنِی، وَ مُتَابَعَةِ مَنْ أَرْشَدَنِی.
«الید»: القوّة و القدرة.
و «اللسان» هنا مجازٌ عن الحجّة، أی: حجّةً على من خاصمنی حتّى أکون غالباً علیه.
و «الظفر»: الغلبة.
و «المعاندة»: المجادلة؛ و فی الأساس: «رجلٌ رجیلٌ: عنیدٌ و معاندٌ(124) یعرف الحقّ و یأباه و
یکون منه فی شقٍّ؛ من: العند ـ و هو الجانب ـ»(125)
<و «المکر»: الخدیعة؛ یقال: مکَر مکْراً ـ من باب قتل ـ فهو ماکرٌ. و مکر اللّه: جازى على المکر. و تسمیة الجزاء مکراً على سبیل المشاکلة ـ کتسمیة جزاء السیّئة سیّئةً ـ.
و قیل: «المراد من «المکر» هنا: القوّة، أی: قوّةً على من کایدنی حتّى أکون قادراً على جزاء من یکیدنی فأدفع عنّی مکرهم و کیدهم کما وقع، (وَ اللَّهُ خَیرُ الْمَاکِرِینَ)(126)
و قال بعض الحکماء: «المکر و الخدیعة محتاجٌ إلیهما فی هذه النشأة الدنیاویّة، و ذلک انّ
السفیة یمیل إلى الباطل و لایقبل الحقّ و لا یمیل إلیه ـ لمنافاته لطبعه ـ، فیحتاج إلى أن یخدع عن باطله بزخارف مموّهةٍ ـ خدعة الصبیّ عن الثدی عند الانفطام ـ ؛ و لهذا قیل: سفسط! فانّ الدنیا سوفسطائیّةٌ. و لیس هذا حثّاً على الخبث، بل هو حثٌّ على جذب الناس إلى الخیر بالاحتیال.
و لکون المکر ضربین ـ: سیّئاً و حسناً ـ قال ـ تعالى ـ : (وَ لاَیَحِیقُ الْمَکْرُ السَّیِّءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ)(127)، و قال: (أفَأَمِنَ الَّذِیِنَ مَکَرُوا السَّیِّئَاتِ)(128)؛ فخصّ السیّىء من المکر تنبیهاً على جواز المکر الحسن. و وصف نفسه بالمکر الحسن فقال: (وَ مَکَرُوا وَ مَکَرَ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَیرُ الْمَاکِرِینَ)(129)»(130)؛ انتهى.
و «الکید» و «المکر» فی اللغة بمعنىً واحدٍ؛ یقال: کاده و کایده: إذا مکر به و خادعه. و هو أیضاً مذمومٌ و ممدوحٌ، و من الممدوح قوله ـ تعالى ـ: (کِدْنَا لِیُوسُفَ)(131)>(132) و قیل فی قوله ـ تعالى ـ: (وَ مَکَرُوا وَ مَکَرَ اللَّهُ): «فحسّن اللّه مکرهم عندهم ـ و هو کان فی الحقیقة الماکر بهم ـ لتزیینه بذلک عندهم ـ ؛ ألاَ تراه یقول: (أَ فَمَنْ زُیِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً)(133) ؟!.
سئل بعض أهل الحقیقة: «کیف ینسب المکر إلى اللّه؟
فصاح و قال: لا علّة لصنعه!»، و أنشأ یقول:
وَ یَقبُحُ مِن سِوَاکَ الْفِعلُ عِندِی++
وَ تَفعَلُهُ فَیَحسُنُ مِنکَ ذَاکَا
و قیل: «عین مکرهم عین مکر اللّه بهم، لا أنّه استأنف مکراً آخر».
أقول: و الحقّ انّ المکر من حیث انّه فی الأصل حیلةٌ یجلب بها غیره إلى مضرّةٍ، لایسند
إلى اللّه ـ تعالى ـ إلّا على سبیل المقابلة و الإزدواج، أو بمعنى المجازات؛ کما روی عن الرضا- علیه السلام ـ(134)
<و «اضطهدنی» أی: قهرنی ـ من باب الافتعال، قلبت التاء طاءً ـ.
و «قصَبَه» قصْباً ـ من باب قتل ـ: عابه و شتمه>(135)،<و أصله من «القصب» بمعنى:
القطع، کأنّ من عاب أحداً فقد قطعه، أو انّه قطعه عن کماله، أو انّه قطع کمالاً من الکمالات عنه>(136)
و «توعّدنی» أی: یهدّدنی.
فان قلت: الکلام السابق على تلک الفقرات فی مقام طلب مکارم الأخلاق ـ کما دلّ علیه عنوان الدعاء ـ، و هذا الفصل من الدعاء ممّا ینافیه!، فانّه لطلب العافیة من ضرر الظالمین و الاستعداد للقوّة عن الانتقام ممّن أساء إلیه، و حسن الخلق و کرمه یقتضی العفو، بل مقابلة الإساءة بالاحسان ـ <کما روی من الخبر المشهور بین الخاصّ و العامّ: انّ جبرئیل علیه السلام جاء إلى النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم، فقال: «أتیتک یا محمّد! بمکارم الأخلاق أجمعها!
قال: و ما تلک؟
قال: (خُذِ الْعَفوَ وَ أْمُرْ بِالْمَعرُوفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِینَ)(137)، یا محمّد! صلّى اللّه علیه و
آله و سلّم، أن تصل من قطعک و تعطی من حرمک و تعفو عمّن ظلمک!»(138) فأحسن صلّى اللّه علیه و آله و سلّم تقبّله و تلقّیه حتّى تنزّل قوله تعالى ثناءً علیه: (وَ إِنَّکَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِیمٍ)(139)؛ و الأخبار و الآثار فی هذا المعنى أکثر من أن تحصى ـ>(135)؛
قلت: هیهات! هیهات! أنت بعیدٌ عن مقامه – علیه السلام ـ بمراحل!، فانّه – علیه السلام ـ هو الإنسان الکامل الّذی لا إرادة له و لا مشیّة إلّا ما أراد اللّه و ما شاء اللّه، فحبّه و بغضه للّه و فی اللّه، لا لنفسه. و الأخبار فی مدح الحبّ و البغض فی اللّه أکثر من ان تحصى، قال النبیّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: «ودّ المؤمن فی اللّه أعظم شعب الإیمان، ألا(140) و من أحبّ فی اللّه و أبغض فی اللّه(141) و منع فی اللّه فهو من أصفیاء اللّه»(142)؛
و قال الباقر – علیه السلام ـ: «إذا أردت أن تعلم انّ فیک خیراً فانظر إلى قلبک، فان کان لایحبّ أهل طاعة اللّه و یحبّ أهل معصیته فلیس فیک خیرٌ، و اللّه یبغضک!، و المرء مع من أحب»(143)؛
و قال الصادق – علیه السلام ـ: «من لم یحبّ على الدین و لم یبغض على الدین فلادین له»(144) فیجب أن یحمل کلامه – علیه السلام ـ على ذلک، لا على ما حمله السائل؛ فلاینافی الخبر.
و بما ذکرناه ظهر انّ الفاضل الشارح أیضاً بمراحل عن مقامه – علیه السلام ـ، حیث
قال فی الجواب: «إنّ من الظلم و الإساءة ما یحسن العفو عنه، و منه ما لایحسن إلّا دفاعه؛ و الأوّل ما لیس على الإنسان فی تحمّله و التقاضی عنه ذلّةٌ و غضاضةٌ و لا عارٌ و دناءةٌ، فهذا ممّا یحسن العفو عنه و الحلم علیه، و هو الّذی یقتضیه حسن الخلق و کرمه؛ و الثانی ما أدّى إلى دنیّةٍ و عارٍ، فهذا ممّا لایحسن إلّا دفاعه و الکفّ عنه، و هو المسمّی بإباء الضیم و أنفة العار و حمایة الحریم و الأخذ بالنار؛ و عن هذا قال أمیرالمؤمنین – علیه السلام ـ: «لاخیر فیمن لایغضب إذا غضب…»(145) ـ… إلى آخر کلامه ـ»(146)
قوله – علیه السلام ـ: «و وفّقنی لطاعة من سدّدنی».
«سدّده» تسدیداً: قوّمه و أراه السداد، و هو الصواب من القول و العمل.
و قوله – علیه السلام ـ: «و متابعة من أرشدنی» عطف تفسیرٍ للفقرة السابقة.
و «الإرشاد»: الهدایة إلى ما فیه الصلاح ـ عاجلاً و آجلاً ـ، أی: اجعلنی موفّقاً لامتثال أمر من أرشدنی إلى الصراط المستقیم من المعلّم البشریّ و الروحانیّ، و هو روح القدس.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ سَدِّدْنِی لاِنْ أُعَارِضَ مَنْ غَشَّنِی بِالنُّصْحِ، وَ أَجْزِیَ مَنْ هَجَرَنِی بِالْبِرِّ، وَ أُثِیبَ مَنْ حَرَمَنِی بِالْبَذْلِ، وَ أُکَافِیَ مَنْ قَطَعَنِی بِالصِّلَةِ، وَ أُخَالِفَ مَنِ اغْتَابَنِی إِلَى حُسْنِ الذِّکْرِ، وَ أَنْ أَشْکُرَ الْحَسَنَةَ، وَ أُغْضِیَ عَنِ السَّیِّئَةِ.
«سدّدنی» أی: وفّقنی ـ کما صرّح فی الأساس(147) ـ.
و «المعارضة»: المقابلة.
و «الغِشّ» ـ بالکسر ـ: اسمٌ من غشّه غشّاً ـ من باب قتل ـ: لم ینصحه و زیّن له غیر المصلحة، خلاف النصح.
و «النصیحة» هی کلمةٌ جامعةٌ معناها: ارادة الخیر للمنصوح له قولاً و فعلاً. و إنّما یقال للنصیحة نصیحةً لما فیها من خلوص الصدق عن غشّ الکذب و الخدعة. <و أصلها من: نصحت العسل: إذا صفّیته من الشمع؛ شبّهوا تخلیص القول و الفعل من الغشّ بتخلیص العسل من الشمع.
و «جزیته» بفعله و على فعله: إذا فعلت معه ما یقابل فعله.
و «هجَرَنی» هجْراً ـ من باب قتل ـ: ترکته و رفضته، فهو مهجورٌ>(148) و قیل: «من:
هجر المریض أی: هذى و قال غیر الحقّ؛ و الهُجر ـ بالضم ـ: الهذیان».
أقول: هذا فاسدٌ هنا!؛ <قال رسول اللّه ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: «أیّما مسلمین تهاجرا فمکثا ثلاثاً لایصطلحان إلّا کانا خارجین عن الإسلام و لم تکن بینهما ولایةٌ، فأیّهما سبق إلى کلام أخیه کان السابق إلى الجنّة یوم القیامة»(149)؛
و قال الصادق – علیه السلام ـ: «لایفترق رجلان على الهجران إلّا استوجب أحدهما البراءة و اللعنة، و ربّما استحقّ ذلک کلاهما!،
فقال له معتبٌ: جعلنی اللّه فداک! هذا الظالم، فما بال المظلوم؟
قال: لأنّه لایدعو أخاه إلى صلته و لایتغامس له عن کلامه. سمعت أبی یقول: إذا تنازغ اثنان فعازّ أحدهما الآخر فلیرجع المظلوم إلى صاحبه حتّى یقول لصاحبه: أی أخی! أنا الظالم! حتّى یقطع الهجران بینه و بین صاحبه؛ فانّ اللّه ـ تعالى ـ حکمٌ عدلٌ یأخذ للمظلوم من الظالم»(150)>(151)
و یحتمل أن یکون المراد: و أجزی من هجرنی عن الأفعال القبیحة إلى الأفعال الحسنة الشرعیّة، و عن الأوصاف الذمیمة إلى الأخلاق الحمیدة، و عن الوجود المجازیّ إلى الوجود الحقیقیّ، و عن الکثرة إلى الوحدة؛ و قس علیها الفقرات التالیة.
و «البِرّ» ـ بالکسر ـ: خلاف العقوق و ضدّ القطیعة، فهو الخیر و الفضل و الصلة.
و «أثابه» یثیبه ـ من باب قتل ـ: سمح و أعطى عن طیب نفسٍ، أی: أجزی بالبذل و العطیّة من منعنی و لم یعطنی شیئاً.
<و «کافیته»: جازیته، یهمز و لایهمز.
و «القطع» و القطیعة: ضد الوصل و الصلة.
و «الغِیبة» ـ بالکسر ـ: اسمٌ من اغتابه اغتیاباً: إذا ذکره بما یکره من العیوب و هو حقٌّ، فان کان باطلاً فهو بهتانٌ>(148) <و المشهور فی تعریفها: انّها التعرّض لإنسانٍ ـ معیّنٍ أو فی حکمه ـ بما یکون فیه بحیث لو بلغه کرهه(152) و یعدّ فی العرف نقصاً ـ سواءٌ کان فی بدنه أو أخلاقه أو أفعاله أو أقواله المتعلّقة بدینه أو دنیاه، و لو فی لباسه أو داره ـ، و أعمّ من أن یکون ذلک التعرّض بالقول أو الإشارة أو الکتابة أو الحکایة. و التقیید بـ «المُعیّن» لیخرج مثل قولک: انسانٌ فی هذا البلد فاسقٌ، فانّه لایعدّ غیبةً، إلّا إذا علم بالقرینة عند السامع فی حکم المعیّن. و یدخل فیه قول القائل: إمّا زیدٌ فاسقٌ و إمّا عمروٌ فاسقٌ، فانّه غیبةٌ لأحدهما. فظنّی انّه غیبةٌ لهما معاً ـ لتأثّرهما ـ، کما یظهر من الأخبار(153) و التقیید بـ «کونه نقصاً»،
لإخراج مثل نسبة عبادةٍ أو نحوها إلى غائبٍ بحیث لو بلغه کرهه(154)، فانّه لایعدّ غیبةً، بل هو من الأمور المستحسنة>(84)
و یشهد لهذا التعمیم الّذی ذکرناه ـ بعد الإجماع المدّعى فی کلام جماعةٍ ـ قوله ـ صلّى اللّه
علیه و آله و سلّم ـ: «هل تدرون ما الغیبة؟
قالوا: اللّه و رسوله أعلم!
قال: ذکرک أخاک بما یکره»(155)
و قیل بحضرته: فلانٌ ما أعجزه!،
فقال: «قد اغتبتم صاحبکم!»(156)
و قالت عائشة: فلانة قصیرةٌ!،
فقال: «اغتبتها»(157)
و قال أحد الشیخین للاخر: فلانٌ نوّامٌ!، ثمّ سئلا النبیّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ إداماً،
فقال: تأدّمتما من لحم صاحبکما!»(158)
و ربما قیل بانّه لاغیبة فی أمر الدین، فانّها ذمٌّ لمن ذمّه اللّه و رسوله.
و قال الصادق – علیه السلام ـ: «صفة الغیبة أن تذکر أحداً بما هو لیس عند اللّه بعیبٍ، و أمّا الخوض بما هو عند اللّه مذمومٌ و صاحبه فیه ملومٌ فلیس بغیبةٍ و إن کره صاحبه إذ سمع به و کنت أنت معافی عنه طالباً منه، و تکون مبیّناً للحقّ من الباطل ببیان اللّه و رسوله، و لکن على شرط أن لایکون للقائل بذلک مرادٌ غیر بیان الحقّ و الباطل فی دین اللّه ـ… الحدیث ـ»(159) و یدلّ على التعمیم أیضاً ما روی عن عائشة أومأت بیدها إلى امرءةٍ ـ أی:
هی قصیرةٌ ـ، فقال: «قد اغتبتها»(160)، و لمّا رءاها حکت و أومأت قال لها: ما یسرّنی انّی حاکیت و لی کذا و کذا.
مع انّ سرّ النهی تفهیم القبائح، فربّما کان فی بعضها أبلغ من القول، فلو لم یعیّن لم یضرّ ـ کأن یقول ما یقوله الناس أو یفعله بعض الناس أو بعض أهل عصرنا ـ إذا لم تکن قرینةً معیّنةً ـ من عهدٍ أو غیره ـ ؛ لأنّ المحذور نشأ من التفهیم دون ما یحصل به.
و ربّما جامعت الریاء و تزکیة النفس تصریحاً أو تعریضاً و کنایةً ـ نحو: الحمد للّه الّذی لم یجعلنا مثل فلانٍ، أو کذا، فیتغلّظ إثمه؛ و کذا لو جامع النفاق کذلک ـ نحو: نسأل اللّه أن یروح عن صدیقنا فلانٍ، فقد جرى علیه کذا، أو مسکینٌ فلانٌ قد ابتلى بکذا، و هو کاذبٌ فیما یظهره من التأسّف و الدعاء! ـ.
و هی تشتمل التصدیق، بل الاصغاء و لو ساکناً!، فعن النبیّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: «انّ(161) المستمع أحد المغتابین»(162)؛
و قال: «من أذلّ عنده مؤمنٌ و هو یقدر أن ینصره فلم ینصره أذلّه اللّه یوم القیامة على رؤوس الأشهاد(163)»(164)؛
و قال: «ما من رجلٍ ذکر عنده أخوه المسلم و هو یستطیع نصره ـ و لو بکلمةٍ ـ و لم ینصره إلّا أذلّه فی الدنیا و الآخرة؛ و من ذکر عنده أخوه المسلم فنصره نصره اللّه فی الدنیا و الآخرة»(165)
و عمّ التوبیخ و الانکار و الحکم بکونه غیبةً بالنسبة إلى القائل و المستمع ـ کما فی حکایة الشیخین و غیرها ـ.
و قد وردت فی مدح نصرة المسلم و الذبّ عن عرضه و فضلها أخبارٌ کثیرةٌ؛ ففی النبویّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: «من ذبّ عن عرض أخیه المسلم کان حقّاً على اللّه أن یستقیله من النار»(166)
ثمّ اعلم! أنّ ما یدلّ على حرمة الغیبة من الکتاب و السنة و إجماع الأمّة کثیرٌ، و قد عدّت من الکبائر و لو لم یرد فیها إلّا قوله ـ تعالى ـ: (وَ لاَیَغْتَبْ بَعْضُکُمْ بَعْضاً أَ یُحِبُّ أَحَدُکُمْ أَنْ یَأْکُلَ لَحمَ أَخِیهِ مَیْتاً)(167)؛ فانّه مثّل الاغتیاب بأکل الإنسان لحم إنسانٍ آخر مثله؛ ثمّ لم یقتصر على ذلک حتّى جعله میتاً!، ثمّ جعل ما هو فی غایة الکراهة موصولاً بالمحبة؛ قول نبیّه ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: «إیّاکم و الغیبة! فانّ الغیبة أشدّ من الزنا!!، انّ الرجل یزنی فیتوب اللّه علیه و انّ صاحب الغیبة لایغفر له حتّى یغفر له صاحبه!»(168)؛
و قوله ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: انّها «أسرع فی دین الرجل من الأکلة فی جوفه»(169)؛
و قوله ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: «من اغتاب مسلماً أو مسلمةً لم یقبل اللّه صلاته و لاصیامه أربعین یوماً و لیلةً إلّا أن یغفر له صاحبه»(170)؛
و قول الصادق – علیه السلام ـ: «من اغتاب المؤمن من غیر تنزّهٍ فهو شریک الشیطان، و انّ الغیبة تأکل الحسنات کما تأکل النار الحطب»(171)؛… إلى غیر ذلک.
فما أقبح حال من أغفله الشیطان عن عیوب نفسه و أشغله بعیوب الناس!، و ما أحسن حال من أشغله عیوب نفسه عنها ـ کما قال النبیّ، صلّى اللّه علیه و آله و سلّم(172) ـ.
فاللازم على العاقل المؤمن باللّه و بما جاءت به رسله إذا ابتلى بهذه الخصلة الذمیمة السعی فی قلعها و قمعها بالتذکّر لمفاسدها الأخرویّة – و المواظبة على التشدیدات الواردة فیها ـ، و الدنیویّة من صیرورتها سبباً للعداوة أو ازدیادها غالباً ـ فربّما انجرّ إلى ما لایمکن تدارکه من الفواحش، کالقتل و الضرب و نحوهما ـ. و بالجملة فلیتفکّر بعد ذلک فی أنّ العیب إن کان خلقیاً فذمّه فی الحقیقة ذمٌّ لصنع الخالق و لیس اختیاریّاً له حتّى یثبت له!، و إن کان اختیاریّاً فانّ عیوب نفسه لیست بأقلّ و أهون منه. و لو زعم أن لاعیب له کان ذلک من أعظم العیوب!، مضافاً إلى ما ارتکبه من الغیبة؛ و إنّ تألّم الغیر من غیبته کتألّمه بغیبة الغیر له، فان رضی بذا فلیرض بذاک؛ فیدعوه التذکّر و التفکّر المذکوران إلى العزم على الترک ـ إن شاء اللّه تعالى ـ.
1) راجع: «الکافی» ج 2 ص 169 الحدیث 2، و انظر أیضاً: «وسائل الشیعة» ج 19 ص 217الحدیث 24458، «بحار الأنوار» ج 71 ص 224، «الأمالی» ـ للطوسی ـ ص 98الحدیث 149.
2) المصدر: + على المسلم.
3) المصدر: فقال له.
4) المصدر: منهن.
5) المصدر: شیئاً.
6) المصدر: + له.
7) المصدر: تبادره.
8) المصدر: + بولایته.
9) راجع: «الکافی» ج 2 ص 166 الحدیث 4، «بحار الأنوار» ج 58 ص 148، «الإختصاص»ص 32، «مصادقة الإخوان» ص 48 الحدیث 2.
10) کریمة 29 الفتح.
11) راجع: «الکافی» ج 2 ص 174 الحدیث 15، «وسائل الشیعة» ج 12 ص 215 الحدیث16119، «مستدرک الوسائل» ج 9 ص 54 الحدیث 10180، «بحار الأنوار» ج 71ص 256.
12) المصدر: + علیه السلام انّی.
13) راجع: «الکافی» ج 2 ص 146 الحدیث 13، و انظر أیضاً: «وسائل الشیعة» ج 15 ص 287الحدیث 20537، «بحار الأنوار» ج 90 ص 363، «الخصال» ج 1 ص 243 الحدیث 98.
14) المصدر: أنفسهم و أموالهم.
15) المصدر: المؤمن.
16) راجع: «الکافی» ج 2 ص 235 الحدیث 19، و انظر أیضاً: «وسائل الشیعة» ج 12 ص 278الحدیث 16300، «بحار الأنوار» ج 72 ص 236، «مجموعة ورّام» ج 2 ص 85، «المحاسن» ج1 ص 285 الحدیث 426.
17) کریمة 18 لقمان.
18) لم أعثر علیه بألفاظه، و انظر: «الکافی» ج 4 ص 27 الحدیث 6، «من لایحضره الفقیه» ج 2ص 55 الحدیث 1683، «وسائل الشیعة» ج 16 ص 296 الحدیث 21582، «روضةالواعظین» ج 2 ص 371.
19) راجع: «مستدرک الوسائل» ج 8 ص 353 الحدیث 9642، «بحار الأنوار» ج 71 ص 392،«صحیفة الرضا» ص 52 الحدیث 51.
20) هذا جزءٌ من حدیثٍ طویل، راجع: «من لایحضره الفقیه» ج 1 ص 320 الحدیث 947،«وسائل الشیعة» ج 12 ص 67 الحدیث 15662، «بحار الأنوار» ج 82 ص 329، «عللالشرائع» ج 2 ص 366 الحدیث 1، «مفتاح الفلاح» ص 276.
21) راجع: «من لایحضره الفقیه» ج 1 ص 383 الحدیث 1128، «وسائل الشیعة» ج 8 ص 430الحدیث 11092، «الأمالی» ـ للمفید ـ ص 26 الحدیث 9، «التوحید» ص 458الحدیث 24.
22) لم أعثر علیه، و قریبٌ منه: «انّا معاشر الأنبیاء أمرنا ان نکلّم الناس…»، راجع: «الکافی» ج 1ص 23 الحدیث 15، «مستدرک الوسائل» ج 11 ص 208 الحدیث 12759، «بحار الأنوار»ج 1 ص 85، «تحف العقول» ص 54.
23) راجع: «المحجّة البیضاء» ج 3 ص 350، مع تصرّفٍ.
24) و انظر: «نور الأنوار» ص 122.
25) کریمة 32 الحجّ.
26) کریمة 30 الحجّ.
27) راجع: «بحار الأنوار» ج 73 ص 38، و انظر: «مستدرک الوسائل» ج 9 ص 97 الحدیث 10329، «کشف الریبة» ص 81.
28) راجع: «بحار الأنوار» ج 73 ص 38، «شرح نهج البلاغة» ج 15 ص 132، «العمدة» ص326 الحدیث 546.
29) راجع: «مستدرک الوسائل» ج 9 ص 159 الحدیث 10551.
30) تمامه: «قیاماً فلیتبوّأ مقعده من النار»، راجع: «مستدرک الوسائل» ج 9 ص 65 الحدیث10218، «بحار الأنوار» ج 74 ص 92، «اعلام الدین» ص 201، «الأمالی» – للطوسی ـ ص537، «مکارم الأخلاق» ص 471.
31) راجع: «القواعد و الفوائد» ج 2 ص 159 القاعدة 209.
32) و جمیع هذا الفصل نقله المحدّث الجزائریّ، راجع: «نور الأنوار» ص 122.
33) کذا فی النسختین، و لکن فی «المحجّة البیضاء»: «قال أبوحامد: و الانحناء عند السلام منهیٌّعنه»، راجع: «المحجّة البیضاء» ج 3 ص 390.
34) کریمة 110 الکهف.
35) راجع: «المحجّة البیضاء» ج 3 ص 390، و انظر: «إتحاف السادة المتّقین» ج 6 ص 281،«المغنی عن حمل الأسفار» ج 2 ص 203.
36) لم أعثر علیه فی مصادرنا الروائیّة، و قریبٌ منه ما مضى آنفاً قبل سطورٍ، و انظر: «سنن الترمذی» ج 5 ص 84 الحدیث 2755، «مشکاة المصابیح» الرقم 4699، «المغنی عن حمل الأسفار» ج 2 ص 203.
37) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 301.
38) انظر: «جامع السعادات» ج 1 ص 372.
39) انظر: نفس المصدر و المجلّد ص 373، «المحجّة البیضاء» ج 1 ص 257.
40) راجع: «أنوار العقول» القطعة 66 ص 141.
41) نهج البلاغة: + و.
42) راجع: «نهج البلاغة» الکلمة 454 ص 555، و انظر: «شرح ابن أبی الحدید» علیه ج 20 ص150، «غرر الحکم» ص 311 الحکمة 7184.
43) انظر: «شرح نهج البلاغة» ج 13 ص 149، ج 20 ص 150.
44) لم أعثر علیه، و انظر: «مسکّن الفؤاد» ص 91.
45) راجع: «جامع السعادات» ج 1 ص 373.
46) کریمتان 8 / 7 السجدة.
47) لم أعثر على هذه المحاضرة مرویّةً عن محضر سیّدنا الکلیم، و هناک: «أتى رسول اللّه رجل ٌفقال: یا رسول اللّه! أنا فلان بن فلان حتّى عدّ تسعةً!، فقال له رسول اللّه ـ صلّى اللّه علیه وآله و سلّم ـ: أما انّک عاشرهم فی النار»، راجع: «الکافی» ج 2 ص 329 الحدیث 5، «وسائلالشیعة» ج 16 ص 43 الحدیث 20927، «مستدرک الوسائل» ج 12 ص 88الحدیث 13959.
48) کریمة 39 النور.
49) البیت صدر قطعةٍ للشیخ السعدی، راجع: «کلّیات سعدی» ص 850.
50) کریمة 53 المؤمنون / 32 الروم.
51) شرح الرضی: و ذلک إذا قصد لزوم.
52) راجع: «شرح الرضی على الکافیة» ج 2 ص 138.
53) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 302 مع حذفٍ.
54) لم أعثر علیه، و عنه: «… و فلانٌ یقادر لی: یطلب مساواتی، و تقادر الرجلان: طلب کلّ واحدٍمساواة الآخر»، راجع: «أساس البلاغة» ص 495 القائمة 1.
55) راجع: «صحاح اللغة» ج 4 ص 1513 القائمة 2.
56) القاموس: ـ هو.
57) راجع: «القاموس المحیط» ص 270 القائمة 1.
58) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 307، مع اختصارٍ.
59) کریمة 157 البقرة.
60) انظر: «شرح الصحیفة» ص 201.
61) و انظر: «التعلیقات» ص 47.
62) قارن: «نور الأنوار» ص 123.
63) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 313.
64) کما حکاه المحقّق الداماد، راجع: «شرح الصحیفة» ص 202.
65) راجع: «التعلیقات» ص 47.
66) راجع: «الأمالی» ص 305 الحدیث 611، ص 701 الحدیث 1498، و انظر أیضاً: «مستدرک الوسائل» ج 11 ص 326 الحدیث 13167، «بحار الأنوار» ج 70 ص 354.
67) الأمالی: بوار.
68) قارن: «نور الأنوار» ص 123، مع تقدیمٍ و تأخیرٍ.
69) کریمة 3 الضحى.
70) و هذه هی قراءة ابن عبّاس و عروة بن الزبیر و هشام بن عروة و غیرهم، راجع: «البحرالمحیط» ج 8 ص 485، «تفسیر القرطبی» ج 20 ص 94، «التفسیر الکبیر» ج 31 ص 209.
71) المصدر: ـ و إن کانت… الندرة.
72) کما حکاه المحدّث الجزائری، راجع: نفس المصدر.
73) المصدر: التوبیخ و التعنیف.
74) راجع: «النهایة» ج 1 ص 73.
75) المصدر: ـ بها.
76) راجع: «ریاض السالکین» ج 3 ص 315.
77) هذا قول محدّث الجزائری، راجع: «نور الأنوار» ص 123.
78) لتفصیل هذا الکلام راجع: «التعلیقات» ص 47.
79) العبارة لمتوجد بتمامها فی المطبوع من شرحه، راجع: «شرح الصحیفة» ص 203.
80) راجع: نفس المصدر.
81) راجع: نفس المصدر ص 204، مع تغییرٍ یسیرٍ فی بعض الکلمات.
82) قد قلنا آنفاً انّ هذا الإدّعاء لم یوجد فی المطبوع من شرحه.
83) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 317.
84) قارن: «نور الأنوار» ص 124.
85) کریمة 49 البقرة / 141 الأعراف / 6 إبراهیم.
86) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 318.
87) کریمتان 2 / 8 المائدة.
88) النصّ المصحفیّ هو بالتحریک، و التسکین هو قراءة عاصم و ابن عامر و نافع و الحسن و شعبةو غیرهم، انظر: «البحر المحیط» ج 3 ص 422، «التفسیر الکبیر» ج 3 ص 353، «النشر فی القراءات العشر» ج 2 ص 253.
89) راجع: «صحاح اللغة» ج 1 ص 57 القائمة 2.
90) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 320.
91) و هذا هو مختار محقّق الفیض مع احتماله الوجه الآخر، راجع: «التعلیقات» ص 47.
92) المصدر: من.
93) المصدر: ـ فطلب… تبدیلها.
94) راجع: «الأربعین» ـ للماحوزی ـ ص 345، «الغدیر» ج 7 ص 35، «الأصول الأصیلة» ص47، و ابن أبی الحدید نسب القطعة إلى الحلّاج، راجع: «شرح نهج البلاغة» ج 11 ص 222.
95) راجع: «الکافی» ج 1 ص 402 الحدیث 2، «بحار الأنوار» ج 2 ص 190، «بصائر الدرجات»ص 25 الحدیث 21.
96) هذا رأی محقّق الفیض، راجع: «التعلیقات» ص 48، و انظر أیضاً: «شرح الصحیفة»ص 205.
97) راجع: «ریاض السالکین» ج 3 ص 320.
98) راجع: نفص المصدر و المجلّد ص 321.
99) راجع: «تهذیب اللغة» ج 1 ص 57 القائمة 1.
100) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 322.
101) راجع: «مستدرک الوسائل» ج 12 ص 230 الحدیث 13960، «جامع الأخبار» ص 105،«عوالی اللئالی» ج 3 ص 283 الحدیث 17، «منیة المرید» ص 103، فی صورٍ شتّى قریبةٍ.
102) المصدر: + یده عن عشیرته فانّما یقبض.
103) راجع: «الکافی» ج 2 ص 154 الحدیث 19، «بحار الأنوار» ج 71 ص 121.
104) هذا قول العلّامة المدنیّ، راجع: «ریاض السالکین» ج 3 ص 323.
105) صحاح اللغة: ـ یقال… داریته.
106) راجع: «صحاح اللغة» ج 6 ص 2335 القائمة 2.
107) هذا قول محقّق الداماد، راجع: «شرح الصحیفة» ص 205.
108) و انظر: «التعلیقات» ص 48.
109) راجع: «جامع الأخبار» ص 85، «وسائل الشیعة» ج 12 ص 18 الحدیث 15528،«مستدرک الوسائل» ج 7 ص 27 الحدیث 7554.
110) قلنا فیما سبق انّنا لم نعثر على مصدرٍ لهذا القول.
111) کریمة 27 البقرة / 25 الرعد.
112) المصدر: طریق الحقّ.
113) المصدر: + الآیات.
114) المصدر: فانّ للوجود الحقیقیّ رباطاً وحدانیّاً و للقرابة المعنویّة الإیمانیّة صلةً.
115) کریمة 38 / 26 البقرة، 24 الأعراف.
116) کریمة 148 البقرة / 48 المائدة.
117) کریمة 21 الحدید.
118) کریمة 54 الزمر.
119) کریمة 81 یوسف.
120) کریمة 68 الزمر.
121) کریمة 29 الحجر / 72 ص.
122) کریمة 85 الإسراء.
123) راجع: «تفسیر القرآن الکریم» ـ لصدر المتألّهین ـ ج 2 ص 246.
124) المصدر: فلانٌ عنیدٌ.
125) راجع: «أساس البلاغة» ص 436 القائمة 2.
126) کریمة 54 آل عمران / 30 الأنفال.
127) کریمة 43 فاطر.
128) کریمة 45 النحل.
129) کریمة 54 آل عمران.
130) کما حکاه الراغب، راجع:«الذریعة» ص 360.
131) کریمة 76 یوسف.
132) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 328.
133) کریمة 8 فاطر.
134) إشارةٌ إلى ما رواه علیّ بن فضّال عن أبیه انّه قال: سألت الرضا عن قول اللّه ـ عزّ و جلّ ـ(وَ مَکَرُوا وَ مَکَرَ اللَّهُ) [54 آلعمران]… فقال: «انّ اللّه – عزّ و جلّ ـ لایسخر ولایستهزىء و لایمکر و لایخادع، و لکنّه – عزّ و جلّ ـ یجازیهم جزاء السخریّة و جزاءالاستهزاء و جزاء المکر و الخدیعة»، راجع: «بحار الأنوار» ج 3 ص 318.
135) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 330.
136) قارن: «شرح الصحیفة» ص 206، و انظر: «نور الأنوار» ص 124.
137) کریمة 199 الأعراف.
138) لم أعثر علیه لا فی مصادرنا و لا فی مصادر العامّة و إن وصف المصنّف الخبر بکونه «المشهوربین الخاصّ و العامّ»، و انظر: «معدن الجواهر» ص 33.
139) کریمة 4 القلم.
140) المصدر: ـ ألا.
141) المصدر: + و أعطى فی اللّه.
142) راجع: «بحار الأنوار» ج 74 ص 154.
143) المرویّ فی الکتاب جزءٌ من حدیثٍ شریفٍ، و لتمامه راجع: «الکافی» ج 2 ص 126 الحدیث11، «وسائل الشیعة» ج 16 ص 183 الحدیث 21300، «بحار الأنوار» ج 66 ص 247.
144) راجع: «الکافی» ج 2 ص 127 الحدیث 16، «وسائل الشیعة» ج 16 ص 177 الحدیث21285، «بحار الأنوار» ج 66 ص 250.
145) لم أعثر علیه.
146) راجع: «ریاض السالکین» ج 3 ص 332.
147) قال: «و أللهمّ سدّدنی: وفّقنی»، راجع: «أساس البلاغة» ص 290 القائمة 1.
148) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 333.
149) راجع: «الکافی» ج 2 ص 345 الحدیث 5، «وسائل الشیعة» ج 12 ص 262 الحدیث16255، «بحار الأنوار» ج 72 ص 186، «إرشاد القلوب» ج 1 ص 178.
150) راجع: «الکافی» ج 2 ص 344 الحدیث 1، «وسائل الشیعة» ج 12 ص 261 الحدیث16253، «بحار الأنوار» ج 72 ص 184، «إرشاد القلوب» ج 1 ص 178، «مجموعة ورّام» ج2 ص 207.
151) قارن: «نور الأنوار» ص 124، مع تقدیمٍ و تأخیرٍ.
152) المصدر: بحیث لو سمعه لغضب.
153) المصدر: لو سمعا مثله، بدل: کما… الأخبار.
154) المصدر: لو سمعها لغضب.
155) راجع: «بحار الأنوار» ج 72 ص 222، «کشف الریبة» ص 5، «مجموعة ورّام» ج 1 ص 118.
156) لم أعثر علیه، وانظر: «إتحاف السادة المتّقین» ج 7 ص 538.
157) روى ورّام عن عائشة انّها قالت: دخلت علینا إمرءةٌ، فلمّا ولّت أومأت بیدی انّها قصیرةٌ،فقال النبیّ ـ صلّى الله علیه و آله و سلّم ـ: «قد اغتبتها»، راجع: «مجموعة ورّام» ج 1ص 118.
158) لتفصیل الحکایة راجع: «شرح نهج البلاغة» ج 9 ص 68.
159) راجع: «مستدرک الوسائل» ج 9 ص 117 الحدیث 10407، «بحار الأنوار» ج 72 ص 257،مع تغییرٍ فی اللفظ.
160) مضى آنفاً تخریج الحدیث، فراجعه.
161) المصدر: ـ انّ.
162) راجع: «بحار الأنوار» ج 72 ص 225، «کشف الریبة» ص 18، «مجموعة ورّام» ج 1ص 119.
163) المصدر: الخلائق.
164) راجع: «بحار الأنوار» ج 72 ص 226، «شرح نهج البلاغة» ج 9 ص 69، «کشف الریبة»ص 19.
165) لم أعثر علیه بألفاظه، و انظر: «عوالی اللئالی» ج 1 ص 265 الحدیث 57، «مستدرک الوسائل» ج 9 ص 133 الحدیث 10465.
166) لم أعثر علیه أیضاً، و روی: «من ذبّ عن عرض أخیه المسلم کان ذلک حجاباً له من النار»،راجع: «ارشاد القلوب» ج 1 ص 186، «مجموعة ورّام» ج 1 ص 72.
167) کریمة 12 الحجرات.
168) راجع: «شرح نهج البلاغة» ج 9 ص 60.
169) راجع: «الکافی» ج 2 ص 356 الحدیث 1، «وسائل الشیعة» ج 12 ص 280 الحدیث16306، «بحار الأنوار» ج 72 ص 220، «کشف الریبة» ص 10.
170) راجع: «مستدرک الوسائل» ج 7 ص 322 الحدیث 8293، «بحار الأنوار» ج 72 ص 258،«جامع الأخبار» ص 146.
171) لم أعثر علیه بألفاظه، و انظر: «مستدرک الوسائل» ج 9 ص 117 الحدیث 10407، «بحارالأنوار» ج 72 ص 257.
172) إشارةٌ إلى قوله ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: «طوبى لمن منعه عیبه عن عیوب المؤمنین»،راجع: «الکافی» ج 8 ص 168 الحدیث 190، و انظر أیضاً: «بحار الأنوار» ج 1 ص 205.