و قال علیهالسلام: تأمل یا مفضل خلق الورق، فانک تری فی الورقة شبه العروق مبثوثة(1) فیها أجمع، فمنها غلاظ ممتدة فی طولها و عرضها، و منها دقاق تتخلل الغلاظ منسوجة نسجا دقیقا معجما، لو کان مما یصنع بالأیدی کصنعة البشر لما فرغ من ورق شجرة
واحدة فی عام کامل، و لأحتیج الی آلات و حرکة و علاج و کلام، فصار یأتی منه فی أیام قلائل من الربیع ما یملأ الجبال و السهل و بقاع الأرض کلها بلا حرکة و لا کلام، الا بالارادة النافذة فی کل شیء، و الأمر المطاع، و اعرف مع ذلک العلة فی تلک العروق الدقاق، فانها جعلت تتخلل الورقة بأسرها لتسقیها و توصل الماء الیها، بمنزلة العروق المبثوثة فی البدن لتوصل الغذاء الی کل جزء منها، و فی الغلاظ منها معنی آخر، فانها تمسک الورقة بصلابتها و متانتها، لئلا تنهتک و تتمزق، فتری الورقة شبیهة بورقة معمولة بالصنعة من خرق قد جعلت فیها عیدان ممدودة فی طولها و عرضها لتتماسک فلا تضطرب، فالصناعة تحکی الخلقة و ان کانت لا تدرکها علی الحقیقة(2)
1) أی منتشرة و متفرقة.
2) توحید المفضل: 157؛ بحارالأنوار 131:3.