جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

هل عقد الهبة جائز؟

زمان مطالعه: 3 دقیقه

سبق أن الهبة تتم، و تنعقد بالایجاب و القبول و القبض، و ان القبض شرط فی الصحة، لا فی اللزوم.. أجل، ان قاعدة وجوب الوفاء بالعقد تستدعی أن

یکون عقد الهبة بعد القبض لازما الا ما خرج بالدلیل کما هو الشأن فی جمیع العقود، ولکن ثبت النص عن الامام الصادق علیه‏السلام أنه قال: اذا کانت الهبة قائمة بعینها فله أن یرجع فیها، و الا فلیس.

و هذا النص یخرج الهبة من عموم قاعدة وجوب الوفاء بالعقد، و یجعل القاعدة فی الهبة عدم وجوب الوفاء الا ما خرج بالدلیل، و قد دل الدلیل علی خروج الموارد التالیة و لزومها:(1)

1 – ذهب المشهور بشهادة صاحب مفتاح الکرامة، و ملحقات العروة الی أن هبة القرابة تلزم بمجرد القبض، و لا یجوز للواهب القریب الرجوع عن هبته لقریبه، سواء أکان قد تصرف الموهوب له فی الشی‏ء الموهوب، أو لم یتصرف، فقد سئل الامام الصادق علیه‏السلام عن الرجل یهب الهبة، أیرجع فیها ان شاء، أم لا؟ قال: تجوز – أی تنفذ – الهبة لذی قربة، و الذی یثاب من هبته، و یرجع فی غیر ذلک ان شاء.

و جاء فی کتاب الجواهر، و المسالک، و مفتاح الکرامة، و ملحقات العروة، و یغرها أن المراد بالقرابة کل قریب بعدت لحمته، أو قربت، جاز زواجه من الواهب، أو لم یجز، وارثا کان، أو غیر وارث، مسلما کان، أو غیر مسلم.

2 – ذهب أکثر الفقهاء بشهادة صاحب الجواهر، و مفتاح الکرامة الی أن هبة أحد الزوجین للآخر لا تلزم بالقبض، بل یجوز لکل منهما الرجوع عنها، ولکن علی کراهیة.

و قال جماعة، منهم صاحب الجواهر، و صاحب ملحقات العروة، و السید

الاصفهانی فی وسیلة النجاة قالوا: اذا وهب الزوج زوجته، أو الزوجة زوجها فان الهبة تلزم بمجرد حصول القبض، تماما کما هو الحکم فی القرابة النسبیة، و استدلوا بروایة عن الامام الصادق علیه‏السلام جاء فیها: «لا یرجع الرجل فیما یهب لامرأته، و لا المرأة فیما تهب لزوجها».

3 – تلزم الهبة بالقبض اذا کانت بعوض و مقابل، کما لو فرض الواهب علی الموهوب له القیام بالتزام خاص، لمصلحة الواهب أو لمصلحة أجنبی، أو للمصلحة العامة.. و لا فرق بین أن یکون العوض قلیلا أو کثیرا قال صاحب الجواهر: «بلا خلاف أجده فی ذلک مضافا الی قول الامام الصادق علیه‏السلام: اذا عوض صاحب الهبة فلیس له أن یرجع».

4 – تلزم الهبة اذا هلک الشی‏ء الموهوب بفعل الموهوب له، أو بفعل أجنبی، أو بآفة سماویة، لقول الامام الصادق علیه‏السلام: اذا کانت الهبة قائمة بعینها فله أن یرجع فیها، و الا فلیس.

5 – اذا مات الواهب، أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة، لأنها لا تنعقد الا به، و اذا مات الواهب بعد القبض فلیس لورثته الرجوع، لأن حق الرجوع متصل بشخص الواهب، لا بورثته. و کذا تلزم بموت الموهوب له بعد القبض، حیث ینتقل الملک الی ورثته فلا یکون الموهوب قائما بعینه. قال السید لایزدی فی ملحقات العروة الوثقی ص 164 طبعة 1344 ه:

«اذا مات الموهوب له بعد القبض سقط جواز الرجوع، لأن المال انتقل الی ورثته، فلیس قائما بعینه، مع أن القدر المعلوم جواز الرجوع علی الموهوب له – لا علی ورثته – و اذا مات الواهب بعد الاقباض، و قبل الرجوع لزمت الهبة، و لیس لوارثه الرجوع وفاقا للعلامة، و الشهید، و فخر المحققین، و المحقق الثانی،

و تبعهم المحقق القمی للاصل بعد عدم الدلیل علی الانتقال الی وارثه. ودعوی أن حتی الرجوع الثابت للواهب ینتقل الی ورثته، کما فی حق الخیار مدفوعة بأن جواز الرجوع لیس حقا، حتی یدخل فی عموم ما ترک المیت من مال أو حق فهو لوارثه، بل هو حکم شرعی، فلیس من متروکات المیت، بل لو شک فی کونه حقا أو حکما فهو کذلک – أی لا یورث – لعدم صدق کونه من الترکة. و علی فرض کونه حقا خاصا فالقدر المتیقن کونه قائما بنفس، فلا یقبل الانتقال، و لا یستفاد من النص الا جواز الرجوع لنفس الواهب».

6 – من الأسباب التی تجعل الهبة لازمة أن ینقل الموهوب له الشی‏ء الموهوب عن ملکه بالبیع أو الهبة أو الوقف، أو یغیره تغییرا یصدق معه أن العین لیست قائمة بذاتها، کالحنطة یطحنها، و قطعة القماش یفصلها ثوبا، أما مجرد لبس الثوب، أو رکوب الدابة فلا یمنع من الرجوع بالهبة. قال الشهید فی اللمعة: ج 1 باب العطیة:

«یصح الرجوع بالهبة بعد الاقباض ما لم یتصرف الموهوب له تصرفا متلفا للعین، أو ناقلا للملک، أو مغیرا للعین، کقصارة الثوب، و نجارة الخشب، و طحن الحنطة».

و قال صاحب ملحقات العروة:

«ان اجارة الموهوب له العین الموهوبة یخرجها عن کونها قائمة بعینها فلا یجوز للواهب الرجوع معها.. و کذا لو رهنها، أو غرس فی الأرض أشجارا، أو بنی فثیها دارا، أو الورق جعله کتابا، أو سندا… کل ذلک یمنع الواهب من الرجوع عن الهبة، و یجعلها لازمة.. و المعیار لجواز الرجوع أن یکون الشی‏ء الموهوب بحاله لم یتغیر، فاذا تغیر فلا رجوع.


1) قال صاحب الجواهر: «ان الهبة من العقود اللازمة، و ان اعتراها الجواز فی بعض مواردها». و الحق أنها من العقود الجائزة لما ذکرنا، و لا نحکم بلزوم مورد منها الا بدلیل خاص.