التزم الإمام الصادق (علیه السّلام) إزاء المستجدّات السیاسیة فی هذه المرحلة موقف الحیاد. لکنه من جانب آخر واصل العمل فی نهجه السابق و أخذ یتحرّک بقوة و یوسع من دائرة الافراد الصالحین فی المجتمع تحقیقا لهدفه الذی خطه قبل هذا الوقت و حفاظا على جهده فی بناء الانسان.
و من هذا المنطلق أصدر جملة من التوصیات لشیعته التی کان من شأنها أن تجنّبهم الدخول فی المعادلات السیاسیة المتغیرة التی تؤدی بنتیجتها إلى استنزاف الوجود الشیعی فی نظر الإمام (علیه السّلام) محذّرا من أسالیب العنف و المواجهة کخیار لهذه المرحلة.
فعن أبی بصیر قال: سمعت أبا عبد اللّه (علیه السّلام) یقول: «اتقوا اللّه و علیکم بالطاعة لأئمتکم، قولوا ما یقولون، و اصمتوا عما صمتوا، فإنکم فی سلطان من قال اللّه تعالى: وَ إِنْ کانَ مَکْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ(1) یعنی بذلک ولد العباس، فاتقوا اللّه فأنکم فی هدنة، صلّوا فی عشائرهم و اشهدوا جنائزهم، و أدّوا الامانة إلیهم»(2)
و یمکن بلورة سیرة الإمام (علیه السّلام) و منهجه السیاسی- مع الاطراف الطامعة بالحکم، أو العباسیین الّذین یرون فی الإمام الصادق (علیه السّلام) و خطه خطرا حقیقیا على سلطانهم- من خلال المواقف التالیة:
1) إبراهیم (14): 46.
2) الکافی: 8/ 210.
