قدمنا أن المنفعة تنتقل الی المستأجر بمجرد انعقاد العقد، و ان له التنازل عنها و تقبیلها الی من یشاء بعوض و غیر عوض اذا لم یشترط علیه المباشرة بنفسه، و یتفرع علی ذلک مسألتان:
الأولی: أن المستأجر یحق له أن یؤجر العین لنفس المنفعة التی استؤجرت العین لها دون غیرها الا اذا کانت أقل منها ضررا، فمن اکتری سیارة – مثلا – لیرکب فیها خمسة أشخاص فلا یجوز للمستأجر أن یکریها لنقل الأمتعة، أو لیرکب فیها ستة، بل لیرکب فیها خمسة حسبما جری علیه الاتفاق، و بالأولی لرکوب أربعة.
المسألة الثانیة: هل یجوز للمستأجر أن یسلم العین المستأجرة الی المستأجر الثانی من دون موافقة المالک و اذنه، أو لا بد من الموافقة و الاذن؟
و تظهر النتیجة علی فرض اشتراط الموافقة أنه اذا سلم المستأجر الأول للثانی بلا موافقة المالک یکون ضامنا للعین علی کل حال، حتی و لو تلفت من غیر تعد أو تفریط، أما اذا لم تکن الموافقة شرطا فلا یضمن العین الا مع التعدی أو التفریط.
و الجواب: أن اذن المالک و موافقته لیس بشرط، اذا لم یکن المؤجر قد اشترط علی المستأجر أن لا یؤجر العین اطلاقا، أو أن لا یؤجرها الا بموافقته، لأن جواز الاجارة من الغیر یستدعی قهرا جواز تسلیم العین للمستأجر الثانی، و الا فلا معنی لجواز الاجارة دون جواز القبض و التسلیم، و من هنا قیل: الاذن بالشیء اذن فی لوازمه. و قوی الشهید الثانی فی شرح اللمعة جواز التسلیم بغیر اذن المالک.. هذا، الی أن الروایات التی أباحت للمستأجر أن یؤجر مطلقة غیر مقیدة باذن المالک و موافقته.
و المستأجر الثانی مسؤول عن الأجرة نحو المستأجر الأول، و الأول مسؤول عنها نحو المالک، و کل من المستأجر الأول و الثانی مسؤول نحو المالک عن العین اذا حصل علیها تعد أو تفریط، أی أن المالک مخیر فی الرجوع علی من یشاء منهما.