المنافع المباحة کلها للمالک، لأنها نماء ملکه، و أیضا کلها مضمونة علی الغاصب، لأن یده ید ضمان، فعلیه أن یغرم ما یفوت بسببها، سواء أکانت المنفعة عینا کاللبن و الشعر و الصوف و الثمر و الولد، أو غیرها کالسکن و اللباس و الرکوب، و سواء استوفاها الغاصب، أو لم یستوف منها شیئا، بل ذهبت المنفعة سدی. قال صاحب الجواهر: «الاجماع علی ذلک، بل و علی عدم الفرق فی المنافع بین الفوات و التفویت». و المراد بالفوات ذهاب المنافع من غیر استیفاء، و بالتفویت استیفاؤها.
و اذا غصب حیوانا هزیلا فعلفه، حتی سمن، ثم هزل، و عاد الی ما کان فعلی الغاصب ضمانه سمینا، تماما کما لو غصبه سمینا فهزل عنده. و کذلک اذا غصب شجرة ذابلة، فسقاها، و بذل الجهود حتی نمت و اینعت، ثم عادت الی ما کانت علیه حین الغصب فانه یضمنها نامیة یانعة، لأن الصفات تتبع العین، سواء أحدثت عند المالک أو الغاصب و ما یفوت منها فی ید الغاصب فعلیه ضمانه.
و اذا غصب أرضا فزرعها، أو غرسها أو بنی فیها، فالزرع و الغرس و نماؤهما للغاصب، ان کان البذر و الغرس و مواد البناء منه، و علیه أجرة المثل لصاحب الأرض، و ازالة کل ما یحدث فی الأرض بسبب الزرع و الغرس و البناء. و اذا طلب المالک من الغاصب أن یبیعه الزرع أو الغرس فلا یجبر الغاصب علی القبول. فقد سئل الامام الصادق علیهالسلام عن رجل زرع أرض رجل بغیر اذنه، حتی اذا بلغ الزرع جاء صاحب الأرض فقال: زرعت أرضی بغیر اذنی، فزرعک لی، و علی ما أنفقت، أله ذلک أم لا؟ فقال الامام علیهالسلام: للزارع زرعه، و لصاحب الأرض کراء أرضه.
و تجدر الاشارة الی أن للمالک أن یجبر الغاصب علی ازالة الزرع قبل أن ینضج – و ان تضرر ضررا جسیما – لأنه هو الذی سبب الاضرار لنفسه.. هذا، بالاضافة الی أجرة المثل مدة بقاء الزرع فی الأرض کما أشرنا.
و اذا حفر الغاصب فی الأرض بئرا، و حین استرجع المالک الأرض أراد الغاصب أن یطم البئر، و یرجع الارض کما کانت، فهل للمالک منعه من ذلک، و ابقاء البئر من غیر طم؟
الجواب: أجل، له ذلک، لأن الطم یستلزم التصرف فی ملک الغیر، و لا یجوز لأحد أن یتصرف فی ملک غیره الا باذنه.. أجل، اذا تضرر انسان بسبب البئر، و الحال هذی، فلا مسؤولیة علی الغاصب.
و قال صاحب الجواهر: للمالک أن یمنعه من طم البئر، و مع ذلک یبقی الضمان علی الغاصب اذا حدث شیء بسببها، لأن الحفر کان عدوانا من الغاصب، و العدوان سبب الضمان.
و یلاحظ بأن العدوان قد ارتفع برضا المالک بالبقاء، و علیه ترتفع المسؤولیة عن الغاصب، تماما کما لو کان المالک هو الذی حفر البئر.. وعلی أیة حال، فانی لا أتعقل الجمع بین منع الغاصب من الطم تحفظا من درک الضمان، و بین بقاء الضمان.