و التحم معسکر الحق مع جیوش الضلال و الباطل، و قد تسابق أصحاب
الامام الحسین مع أهلبیته بشوق و رغبة الی الموت، لیظفروا بالنعیم الدائم، و قد قادوا بذلک حرکة الایمان، و لم تضعف لأی واحد منهم عزیمة الایمان، و قد دللوا بتضحیاتهم الهائلة علی عظمة الاسلام الذی منحهم تلک الروح الوثابة التی استطاعوا بها – علی قلتهم – أن یقابلوا تلک الوحوش الکاسرة، و ینزلوا بها أفدح الخسائر.
لقد أبدی أصحاب الحسین و أهلبیته من صنوف البسالة و الشجاعة ما یفوق حد الوصف و الاطراء، خصوصا أباالفضل العباس علیهالسلام، فقد واسی أخاه الحسین، و فداه بروحه، و لیس فی تاریخ الانسانیة فی جمیع مراحلها أخوة أصدق، و لا أنبل و لا أوفی من تلک الأخوة، و قد أشاد الامام زینالعابدین علیهالسلام بها قال علیهالسلام:
«رحم الله عمی العباس، فلقد آثر وأبلی، و فدی أخاه بنفسه، حتی قطعت یداه، فأبدله الله عزوجل بهما جناحین یطیر بهما مع الملائکة فی الجنة، کما جعل لجعفر بن أبیطالب، و ان للعباس منزلة، عند الله تعالی یغبطه بها جمیع الشهداء یوم القیامة…»(1)
و کان أبوالفضل العباس هو آخر من قتل من اخوة الحسین، و قد وقف الامام (ع) علی الجثمان المقدس، و هو یلفظ شظایا قلبه الذی مزقته الکوارث قائلا:
«الآن انکسر ظهری و قلت حیلتی..».
و شعر الامام بالوحدة و الضیعة بعد فقده لأخیه الذی لم یترک لونا من ألوان البر و المواساة الا قدمها له، و قد أتینا علی أخبار شهادته و عظیم رزیة الامام بها فی کتابنا (حیاة الامام الحسین).
1) البحار 9 / 147.