جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

للمعة التاسعة عشرة فی شرح الدعاء التاسع عشر

زمان مطالعه: 14 دقیقه

بسم اللّه الرحمن الرحیم

و به نستعین

الحمد للّه المسقی للغیب المغدق بعد الجدب المحرق و المحیی للأرض بنباتها المونق بعد الموت المطبق؛ و الصلاة و السلام على نبیّه المشفق و على أهل بیته، سیّما ولیّه الّذی هو لعدوّه موبقٌ.

و بعد؛ فهذه اللمعة التاسعة عشرة من لوامع الأنوار العرشیّة فی شرح الصحیفة السجّادیّة ـ علیه و على آبائه و أبنائه صلواتٌ غیر متناهیة ـ، إملاء العبد المحتاج إلى اغداق سحاب فضله و إحسانه محمّد باقر بن السیّد محمّد ـ أحیى اللّه قلبه بسحاب عرفانه ـ.

وَ کَانَ مِنْ دُعَائِهِ ـ عَلَیْهِ السَّلاَمُ ـ عِنْدَ الاِسْتِسْقَاءِ بَعْدَ الْجَدْبِ.

«الاستسقاء»: استفعالٌ بمعنى طلب السقی، و قد صار حقیقةً شرعیّةً على طلب الغیث بالدعاء و الاستغفار.

<و «الجدب»: هو حبس الأمطار و غور الأنهار. و العلّة فیه قاله الصادق - علیه السلام ـ: «إذا فشا الزنا ظهرت الزلازل، و إذا أمسکت الزکاة هلکت الماشیة، و إذا جار الحکّام فی القضاء أمسک القطر من السماء، و إذا خفرت الذمّة نصر المشرکون على

المسلمین»(1)

و قد کان الاستسقاء مشروعاً فی جمیع الأدیان و الملل ـ بحکم قوله تعالى: (وَ إِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى)(2) ـ، و أنکره أبوحنیفة(3)؛ و هو منکرٌ.

و الظاهر انّه – علیه السلام ـ کان یدعو بهذا الدعاء عند الجدب مع صلاة الاستسقاء ـ و سایر آدابه ـ و بدونه، و هو أحد أفراد الاستسقاء>(4)

و هو أنواعٌ؛ أدناه الدعاء بلاصلاةٍ و لا خلف صلاةٍ، و أوسطه الدعاء خلف الصلاة، و أفضله الاستسقاء برکعتین و خطبتین.

و کیفیّته أن یأمر الخطیب الناس بالتوبة و ردّ المظالم و تصفیة النفس من الرذائل الخلقیّة و صوم ثلاثة أیّامٍ أوّلها یوم السبت و آخرها یوم الاثنین، هذا منصوصٌ؛ أو ثلاثة أیّامٍ أوّلها یوم الأربعاء و آخرها یوم الجمعة ـ لأنّها وقتٌ لإجابة الدعاء، حتّى رویت: «انّ العبد لیسأل الحاجة فیؤخّر قضاؤها إلى الجمعة»(5) ـ.

فإن لم یکونوا بمکّة أصحروا، و إن کانوا بها صلّوا بالمسجد الحرام.

و یستحبّ لهم الخروج حفاةً ـ و نعالهم بأیدیهم ـ فی ثیابٍ بذلةٍ متخشّعین مستغفرین. و یخرج الإمام خاشعاً متبذّلاً متنظّفاً لا متطیّباً.

و یستحبّ الخروج بذوی الزهد و الصلاح و الشیوح و الأطفال و البهائم و العجائز ـ لأنّهم مظنّة الرحمة على المذنبین ـ، لا الشواب و الفسّاق و أهل الخلاف و الکفّار ـ و لو أهل

الذمّة ـ. و یفرّق بین الأطفال و الأمّهات، و ینادی المؤذّنون بدل الأذان: الصلاة ـ ثلاثاً ـ.

و وقتها من طلوع الشمس إلى الزوال، فیصلّی الإمام بالناس رکعتین ـ کالعیدین ـ، یقرء فی الأولى بعد الحمد سورةً بالجهر، ثمّ یکبّر خمساً و یقنت عقب کلّ تکبیرةٍ بالاستغفار و سؤال اللّه ـ تعالى ـ طلب الغیث و توفیر المیاه و انزال الرحمة. و من المأثور فیه: «أللّهمّ اسق عبادک و إماءک و بهائمک(6)، و انشر رحمتک، و احی بلادک المیتة»(7) ثمّ یکبّر السادسة و یرکع و یسجد السجدتین، ثمّ یقوم إلى الرکعة الثانیة فیقرء بعد الحمد سورةً، ثمّ یکبّر أربعاً و یقنت عقب کلّ تکبیرةٍ ـ کما فی الأولى ـ، ثمّ یکبّر و یسجد و یتشهّد.

فإذا سلّم صعد المنبر و حوّل رداءه ـ فیجعل الّذی على یمینه على یساره، و الّذی على یساره على یمینه ـ، و یترکه محوّلاً حتّى ینزعه، و هذا للاتّباع و التفاؤل ـ.

و یخطب بخطبتین، فإذا فرغ استقبل القبلة و کبّر اللّه مأة مرّة، ثمّ یلتفت عن یمینه و یهلّل اللّه مأة مرّة، ثمّ یلتفت عن یساره و یسبّح اللّه مأة مرّة، ثمّ یستدبر القبلة و یستقبل الناس و یحمد اللّه مأة مرّة رافعاً بکلّ ذلک صوته، و الناس یتابعونه فی الأذکار دون الالتفات إلى الجهات.

فإن سقوا، و إلّا عادوا ثانیاً و ثالثاً من غیر قنوطٍ، بانین على الصوم الأوّل إن لم یفطروا بعده، و إلّا بصومٍ مستأنفٍ(8)

و یصحّ من المسافر و فی کلّ وقتٍ؛ و من الرجل وحده ـ و لو فی بیته ـ.

اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَیْثَ، وَ انْشُرْ عَلَیْنَا رَحْمَتَکَ بِغَیْثِکَ الْمُغْدِقِ مِنَ السَّحَابِ،

الْمُنْسَاقِ لِنَبَاتِ أَرْضِکَ، الْمُونِقِ فِی جَمِیعِ الاْفَاقِ.

قیل: «لم یصدّره – علیه السلام ـ بالثناء علیه ـ تعالى ـ و الصلاة على محمّدٍ و آله – علیهم السلام ـ و الاعتراف بالذنوب ـ کما هو دأبه فی طلب الحوائج ـ، و کأنّ النکتة فیه ضیق المقام، و انّه لایسع إلّا طلب الحاجة ـ سیّما و الغرض یعود إلى سائر الناس ـ»(9)

«اسقنا»: یجوز أن یقرء بالقطع، من الإسقاء؛ و بالوصل من السقی، یقال: سقاه اللّه الغیث و أسقاه؛ قال الراغب: «الإسقاء أبلغ من السقی، لأنّ الإسقاء أن تجعل له ما یسقى منه و یشرب، و السقی أن تعطیه ما یشرب»(10)؛

و قیل: «السقی، لما لا کلفة فیه، و لهذا ذکر فی شراب الجنّة ـ نحو: (سَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً)(11) ـ، و الاسقاء لما فیه کلفةٌ، و لهذا ذکر فی ماء الدنیا ـ نحو: (لاََسقَینَاهُمْ مَاءً غَدَقاً)(12) -(13) -.

و «الغیث»: المطر؛ یقال: قد غاث المطر الأرض، أی: أحیاها. و یسمّى النبات الّذی ینبت به «غیثاً»، تسمیةً باسم السبب، فیقال: رعینا الغیث. و قال الجوهریّ: «و ربّما سمّی السحاب و النبات بذلک»(14)؛ و یقال أیضاً للسحاب الواقع فی أیّامه: غیثٌ، و فی غیر أیّامه: مطرٌ.

و «المغدق»: المطر الکثیر القطر، أو کبیره(15)؛ یقال: غدق المطر غدقاً ـ من باب تعب ـ و أغدق إغداقاً: کثر ماؤه و قطره.

و «السَّحاب» ـ بالفتح ـ: جمع سحابة لا مفرد، بدلیل قوله ـ تعالى ـ : (وَ یُنْشِىءُ

السَّحَابَ الثِّقَالَ)(16)، فانّه لوکان مفرداً لقیل: «الثقیل». و قد یستعمل مذکّراً ـ مثل قوله تعالى: (وَ السَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَینَ السَّمَاءِ)(17)، لأنّ الجمع الّذی بینه و بین مفرده «التاء» یستعمل تارةً مؤنّثاً و تارةً مذکّراً ـ؛ کذا فی مجمع البیان(18)

و السحاب هو الغیم، سمّی بذلک لانسحابه فی الهواء.

«المنساق لنبات» أرضها أی: المسوق لرواء نباتها، أو لانباتها؛ و «السوق»: حثّ الماشی فی السیر حتّى یقع الاسراع فیه.

<و «النَّبات» ـ بالفتح ـ: مصدر نبت البقل نبتاً و نباتاً ـ من باب قتل ـ، ثمّ قیل لما ینبت: نبتٌ و نباتٌ؛ و هو المراد هنا. و «اللام» للتعلیل، أی: لأجل انباته، أو لیسقیه>(19)

<و «المونق» ـ على وزن موجِب ـ: إمّا من الأنق ـ بالتحریک ـ بمعنى: الکلاء ـ فـ «المونق» بمعنى: المنبت المخرج له ـ ؛ أو بمعنى: الفرح و السرور، أی: سببٌ للأنق و الفرح؛ و إمّا من الأنیق بمعنى: المعجب ـ من قولهم: أنقنی حسنه أی: أعجبنی ـ>(20)، أی: لانباتها المعجب.

فقوله: «لنبات» متعلّقٌ بـ «المنساق»، و قوله: «أرضک» صفةٌ للنبات، و قوله: «فی جمیع الآفاق» متعلّقٌ بـ «أرضک».

<و «الآفاق»: جمع أُفُق ـ بضمّتین -، و هو الناحیة، أی: فی جمیع نواحی الأرض>(19)

و یحتمل أن یکون المراد: اسقنا غیث الحیاة من سماوات العقول المجرّدة إلى أراضی الجسمانیّة المادّیّة و انشر الرحمة علینا بغیث الحیاة و الفیوضات الکثیرة القطر من السحاب المنساق من النفس الرحمانیّ الظاهر من الجنّة لنبات أرضک الهیولانیّ بأنواع أشجار الصور النوعیّة الجمادیّة و النباتیّة و الحیوانیّة فی جمیع الآفاق و النواحی المادّیّة؛ و امنن علینا بایناع الثمرة،

أی: باتمام الکمالات اللائقة بکلٍّ من الأنواع الثلاثة؛ هذا فی العالم الکبیر.

و أمّا فی العالم الصغیر الإنسانیّ فنقول: اسقنا غیث الحیاة من سماوات الأرواح الأمریّة إلى أراضی الجسدانیّة العنصریّة و انشر الرحمة الواسعة علینا بغیث الحیاة الکبیرة القطر المنساق من السحاب النفس الإنسانیّ لنبات أرضک الجسدانیّ بأنواع الأشجار القوى الطبیعیّة و الحیوانیّة و الإنسانیّة فی جمیع الآفاق و النواحی الجسدانیّة.

و علیک بتطبیق سائر فقرات هذا الدعاء على هذا السیاق إن کنت من أهله!، ترکنا بیانها خوفاً للإطالة.

وَ امْنُنْ عَلَى عِبَادِکَ بِإِینَاعِ الثَّمَرَةِ، وَ أَحْیِ بِلاَدَکَ بِبُلُوغِ الزَّهَرَةِ، وَ أَشْهِدْ مَلاَئِکَتَکَ الْکِرَامَ السَّفَرَةَ؛ بِسَقْیٍ مِنْکَ نَافِعٍ، دَائِمٍ غُزْرُهُ، وَاسِعٍ دِرَرُهُ، وَابِلٍ سَرِیعٍ عَاجِلٍ.

«المنّ»: الإنعام و الاحسان.

<و «بإیناع الثمرة» أی: بتمام نضجها و بلوغها الاقتطاف>(21)؛ یقال: یَنعِت الثمار ینعاً ـ

من بابی نفع و ضرب ـ: أدرکت و نضجت، و الاسم: الیَنع ـ بضمّ الیاء و فتحها ـ. <و أینعت ـ بالألف ـ ایناعاً أکثر استعمالاً من الثلاثی.

و «الَثمَر» بفتحتین، و «الثمرة» مثله. فالأوّل مذکّرٌ و یجمع على ثمار ـ مثل: جبل و جبال ـ، و الثانی مؤنّثٌ و الجمع ثمرات ـ کقصبة و قصبات ـ. و الثمر و الثمرة: الحمل الّذی تخرجه الشجرة ـ سواءٌ أکل أم لا ـ>(19)

و «أحی بلادک ببلوغ الزهرة» عطفٌ على «اسقنا».

و «الزهْر» ـ بالتحریک و التسکین ـ: هی النَور ـ بفتح النون ـ، و واحدته: الزهرة ـ کالتمر و التمرة ـ؛

و قیل: «لایسمّى زهراً حتّى یتفتّح»(22)؛

و قیل: «حتّى یصفرّ»(23)

<و «زهرة الأرض»: نضارتها و غضارتها و حسنها و بهجتها>(24)

و «أشهِد»: أمرٌ من باب الإفعال، أی: احضر؛ من: شهد المجلس: إذا حضره ـ و منه: (مَا أَشْهَدْتَهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَ الاَرضِ)(25)، أی: أحضرتهم ـ.

و «السفرة» قد مرّ تفسیره فی اللمعة الثالثة. و المراد هنا: أهل السفارة؛ أی: احضر أهل السفارة بیننا و بینک فی إیصال المیاه إلینا. و قد مرّ فی اللمعة الثالثة ـ فی تفسیر قوله علیه السلام: «و خزّان المطر… إلى آخر الدعاء» ـ: انّه إشارةٌ إلى ملائکة ما تحت السماء ـ و هم مبادی الصور النوعیّة للأنواع الطبیعیّة العنصریّة ـ. فکلّ ملکٍ من جنس ما یدبّره و یحرّکه بإذن اللّه و أمره، فملک الریاح من باب الریاح، و ملک الأمطار من باب الأمطار، و ملک الجبال من باب الجبال -… و هکذا ـ. أو المراد من «السفرة»: الکتبة من الملائکة(26) ـ: الّذین ینسخون الکتب من اللوح المحفوظ ـ، على أنّه جمع «سافر» من السِفْر، و هو الکُتُب.

<و فائدة إشهاد الملائکة و إحضارهم توقّع مزید الرحمة و البرکة و استجابة الدعاء و قبوله، لأنّ لکلّ موجودٍ ملکٌ موکّلٌ به ـ کما عرفت(27) ـ.

و إنّما خصّ «الکرام السفرة»، لأنّهم الوسائط بین اللّه و بیننا ـ کما مرّ ـ ؛

أو لمزید تعطّفهم على المؤمنین، فقد فسّر «الکرام» من قوله ـ تعالى ـ: (بِأَیدِی سَفَرَةٍ – کِرَامٍ بَرَرَةٍ)(28) بـ: المتعطّفین على المؤمنین(29)؛>(30)

أو المراد من الکتب: هی الملائکة العلویّة ـ و هی العقول المقدّسة المؤثّرة فی تلک الملائکة السفلیّة. «کرامٌ» لشرفها و قربها من اللّه.

قوله – علیه السلام ـ: «بسقی»، قال الفاضل الشارح: «باؤه للسببیّة، و هی إمّا متعلّقةٌ بالأفعال الثلاثة الّتی قبلها ـ على طریق التنازع ـ و إعمال الأخیر منها فی المجرور و الأوّلین فی ضمیره، ثمّ حذفه، لأنّه فضلةٌ و لا لبس، و الأصل ـ: و امنن على عبادک بایناع الثمرة به و أحی بلادک ببلوغ الزهرة به ـ.

لایقال: یلزم منه تعلّق حرفی جرٍّ بمعنىً واحدٍ بفعلٍ واحدٍ من غیر إبدالٍ، و هو غیر جائزٍ؛

لأنّا نقول: حرفا الجرّ هنا لیسا(31) بمعنىً واحدٍ، بل «الباء» من قوله: «بایناع الثمرة» للتعدیة و «ایناع الثمرة» واقعٌ موقع المفعول به ـ ألاَ ترى انّ «منّ» قد یتعدّى بنفسه، فیقال: من ّعلیه کذا، کما یقال: منّ علیه بکذا؟!، قال الفیّومی فی المصباح: «منّ علیه العتق و غیره و به منّاً من باب قتل: أنعم علیه به»(32) ـ ؛ و «الباء» من قوله: «ببلوغ الزهرة» للالة ـ و تسمّى باء الاستعانة ـ ؛ و «الباء» من قوله: «بسقی» للسببیّة، فاختلف معنى الحرفین. فتعلّقهما بالأوّل کقولک: منّ اللّه على زیدٍ بخلاصه برحمته، و بالثانی کقولک: قطعت الشجرة بالسکین بقوّتی؛ و هذا ممّا لاریب فی جوازه.

و إمّا متعلّقةٌ بالمصدرین ـ أعنی: الإیناع و البلوغ ـ على جهة التنازع أیضاً، فیکون السقی سبباً لإیناع الثمرة و بلوغ الزهرة، کما قال ـ تعالى ـ: (وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الَّثمَرَاتِ رِزْقاً لَکُمْ)(33)؛ قال المفسّرون: «خروج الثمرات إنّما هو بقدرته ـ تعالى ـ و

مشیّته، و لکنّه جعل الماء سبباً فی إخراجها و مادّةً لها ـ کالنطفة فی الحیوان ـ بأن أودع فی الماء قوّةً فاعلةً و فی الأرض قوّةً منفعلةً قابلةً یتولّد من اجتماعهما أصناف الثمرات؛ أو بأن أجرى عادته بافاضة صور الثمار و کیفیّاتها المتخالفة على المادّة الممتزجة من الماء و التراب، و هو ـ سبحانه ـ قادرٌ على أن یوجد جمیع الأشیاء بلا أسبابٍ و موّادٍ کما أبدع نفوس الأسباب و الموادّ؛ و لکن له ـ عزّ و جلّ ـ فی انشائها متقلّبةً فی الأحوال و متبدّلةً فی الأطوار من بدائع حکمٍ باهرةٍ یتجدّد لأولی الأبصار عبراً و تزیدهم طمأنینةً إلى عظیم قدرته و لطیف رحمته ما لیس فی إبداعها بغتةً»(34)؛ انتهى کلامه.

قوله – علیه السلام ـ: «غُزْره» ـ <بضمّ الغین المعجمة ثمّ الزاء ثمّ الراء المهملة ـ: جمع غزیر؛ و بفتح العین ـ کما فی نسخة ابن ادریس ـ: الکثرة>(21)؛ أی: کثر مطره.

«دِرَره» ـ بکسر الدال و فتح الراء المهملتین، کعِنَب ـ أی: صبوبة، قال الجوهریّ: «للسحاب درّةٌ أی: صبٌّ، و الجمع: دررٌ»(35) و فی بعض النسخ بفتح الدال(36) بمعنى: الدفع ـ أی: بمعنى: الادرار و السیلان ـ ؛ و فی نسخةٍ: درّه(37)

<و «الوابل» و «الوبل»: المطر العظیم القطر، یقال: وَبَلت السماء وَبْلاً ـ من باب وعد ـ أی: اشتدّ مطرها؛ و کان الأصل: وبل مطر السماء، فحذف ـ للعلم به ـ، و لهذا یقال للمطر: وابلٌ>(38)

تُحْیِی بِهِ مَا قَدْ مَاتَ، وَ تَرُدُّ بِهِ مَا قَدْ فَاتَ، وَ تُخْرِجُ بِهِ مَا هُوَ آتٍ، وَ تُوَسِّعُ بِهِ فِی الاَْقْوَاتِ.

جملة «تحیی» فی محلّ جرٍّ صفةٌ «لسقى».

و «الحیاة» و «الموت» استعارتان للأرض، کما وقع فی کلام اللّه ـ تعالى ـ کثیراً ـ کقوله سبحانه: (یُحیِى الاَْرضَ بَعدَ مَوتِهَا)(39) ـ.

و «ما قد مات» أی: من النبات و نفعه.

و «ما هو آتٍ» أی: ما یمکن أن ینبته الأرض بسبب المطر.

و «الأقوات»: جمع قوت، و هو مایؤکل لیمسک الرمق؛ أی: توسّع بسبب ذلک الغیث فی قوت العباد.

سَحَاباً مُتَرَاکِماً هَنِیئاً مَرِیئاً طَبَقاً مُجَلْجَلاً، غَیْرَ مُلِثٍّ وَدْقُهُ، وَ لاَ خُلَّبٍ بَرْقُهُ.

<«سحاباً»: منصوبٌ على الحالیّة من «سقی». و صحّ کونه حالاً ـ مع جموده ـ لکونه نوعاً لصاحبه؛ و کونه عن نکرةٍ لتخصیصها بالنعوت المتقدّمة. و یجوز أن یکون مفعولاً(40)

لفعلٍ محذوفٍ، أی: نسألک ـ>(41) أو: أرسل ـ سحاباً. و یحتمل أن یکون بدل الکلّ من «الغیث»، و لهذا وصف بقوله: «متراکماً» ـ کما فی قوله تعالى: (بِالنَّاصِیَةِ – نَاصِیَةٍ کَاذِبَةٍ)(42) ـ، لأنّه إذا أبدل النکرة من المعرفة فلابدّ من الوصف.

و «المتراکم»: المجتمع الضخم.

و «الهنیء»: الطیّب اللذیذ الطعم، <من: هنُأ الطعام ـ من بابی علم و کرم ـ: ساغ و طاب و لذّ.

و «المریء» ـ مهموزاً ـ: المحمود العاقبة؛ من: مرء الطعام مراءةً ـ مثل: ضخم ضخامةً ـ>(43) و قیل: «الهنیء من الطعام: ما لا تعب فیه و لا إثم، و المریء ما لا داء

فیه»(44)

<و «الطَبَق» ـ بالتحریک ـ: العامّ الشامل الکثیر، کأنّه یطبق الأرض جمیعاً ـ و «الطیّب»: ما تستلذّه الحواسّ و النفس -.

و «مجلجلاً» أی: ذا رعدٍ، و «الجلجلة»: صوت الرعد؛ قال فی القاموس: «الجلجلة: التحریک و شدّة الصوت، و صوت الرعد(45)، و سحابٌ مجلجلٌ و غیثٌ جلجال»(46) و فی النسخ المشهورة على اسم المفعول، و فی نسخةٍ قدیمةٍ على اسم الفاعل؛ فعلى الأوّل معناه: انّ الملک یجلجله فیصوّت؛ و على الثانی معناه: المصوّت.

و «غیر ملثٍّ» أی: غیر دائمٍ و لا مقیمٍ. و أصله من: ألثّ فلانٌ بالمکان: إذا أقام و لایبرح.

و «الودق»: المطر>(43)

«و لاخلّبٍ برقه». <«الخلّب» ـ بضمّ الخاء المعجمة و تشدید اللام المفتوحة ـ: السحاب الّذی لا مطر فیه. و «البرق الخلّب»: المطمِع المخلِف.

اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَیْثاً مغِیثاً مَرِیعاً مُمْرِعاً عَرِیضاً وَاسِعاً غَزِیراً، تَرُدُّ بِهِ النَّهِیضَ، وَ تَجْبُرُ بِهِ الْمَهِیضَ.

«المغیث» هنا مفعِلٌ من الغیث، بمعنى: الکلاء و النبات مجازاً>(47)

و «غیثاً مغیثاً» أی: مطراً موجباً للغیث و النبات؛ أو: «مُغیثاً» ـ بضمّ المیم ـ من الاغاثة، أی: یکون سبباً للاستغاثة، یعنی: یقضی حوائج المحتاجین؛ أو تأکیدٌ ـ کلیلٍ ألیلٍ و ظلٍّ ظلیلٍ ـ، أی: مطراً شدیداً.

و «مریعاً» ـ بفتح المیم على صیغة فعیلٍ، من: مرع الوادی مراعةً، ککرم کرامةً ـ أی: أخصب بکثرة الکلاء؛ و بضمّ المیم ـ کما فی نسخة ابن ادریس ـ: الکثیر النماء، من أراع الطعام: إذا صارت له زیادةً فی العجز و الخبز، و أراعت الإبل: إذا کثرت أولادها؛ أی: یصیر سبباً للریع و النماء. <و یروى: «مُربعاً» ـ بضمّ المیم و الباء الموحّدة ـ، أی: مغنیاً عن الارتیاد لعمومه؛ فـ: الناس یریعون حیث کانوا أی: یقیمون و لایطلبون و یرتادون المراعی فی غیر مرابعهم ـ من أربعوا: إذا أقاموا فی المرابع.

و قال الخطائی: أی: منبتاً للربیع.

قال بعضهم: «و الأوّل هو الأعرف، لأنّ الإرباع بمعنى: انبات الربیع قلّما ذکر فی کلامهم»>(48)

و «مُمرِعاً» ـ بضمّ المیم، على صیغة الفاعل من باب الإفعال ـ بمعنى: المخصب أیضاً، من: مرُع الوادی ـ بضمّ الراء ـ مراعةً، و أمرع المکان امراعاً أی: صار ذا خصبٍ و کلاءٍ و عشبٍ.

و «عریضاً» ـ بالعین المهملة و الضاء المعجمة ـ أی: کثیراً ـ کما فی القرآن: (فَذُو دُعَاءٍ عَرِیضٍ)(49)، و فی قوله صلّى اللّه علیه و آله و سلم لعثمان فی انهزامه یوم أحد: «لقد ذهبت عریضاً یا عثمان!»(50) ـ. و فی نسخة ابن ادریس بالغین المعجمة(51)، أی: طریّاً جدیداً؛ یقال: لحمٌ غریضٌ؛ و یقال لماء المطر: غریضٌ مفروضٌ.

و «واسعاً» أی: بالغاً کلّ مکانٍ یحتاج إلى المطر.

و «غزیراً» من الغزارة بمعنى: الکثرة.

و «النهیض»: فعیلٌ بمعنى فاعلٍ، و هو صفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ، أی: النبت النهیض؛ یقال:

نهض النبت ینهض أی: استوى. و قیل: «النهیض: النبات، لأنّه نهض من الأرض على ساقه»؛ أی: تردّ بذلک المطر المذکور النبات الیابس إلى الطراوة و النضارة.

و «جَبَرت» العظم جبراً ـ من باب قتل ـ: أصلحته فجبر هو؛ و جبر جبراً أیضاً و جبوراً: صلح، یستعمل لازماً و متعدّیاً.

و «المهیض»: النبات المکسور، و فی الأصل کسر العظم بعد جبره؛ یقال: هاض العظم کسره بعد الجبر و هو مهیضٌ. <شبّه النبات المنکسر ـ للقحط ـ بالعظم المکسور، فاستعار له لفظ المهیض تصریحاً بالاستعارة، و قرّنها بذکر الجبر ـ الّذی من لوازم المستعار منه ـ ترشیحاً>(52)

اعلم! أن الترشیح فی اللغة التزیین، و تربیة الأمّ ولدها باللین قلیلاً قلیلاً(53)؛

و فی الاصطلاح ینقسم إلى: ترشیح التشبیه ـ و هو: ذکر وصفٍ ملائمٍ للمشبّه به ـ؛

و: ترشیح المجاز ـ و هو: ذکر وصفٍ ملائمٍ للمعنى الحقیقیّ ـ ؛

و: ترشیح الاستعارة ـ و هو: ذکر وصفٍ ملائمٍ للمستعار منه ـ.

و تفصیل ذلک انّ الاستعارة ـ بالمعنى الّذی ذکرنا لک فی اللمعة الأولى ـ ثلاثة أقسام:لأنّها إمّا أن لم یقترن بشیءٍ یلائم المستعار له أو المستعار منه؛ أو قرّنت بمایلائم المستعار له أو المستعار منه؛

فالأوّل مطلقةٌ، لأنّها لم یقیّد بصفةٍ و لا تفریعٍ ـ نحو: عندی أسدٌ ـ ؛

و الثانی مجرّدةٌ، لخلوّها عن المبالغة ـ کقول کثیّر:

غَمرُ الرَّدَاءِ إِذَا تَبَسَّمَ ضَاحِکاً++

غَلِقَتْ بِضِحکَتِهِ رِقَابُ المَالِ(54)

أی: کثیر العطاء، استعار الرداء للعطاء ـ لأنّه یصون عرض صاحبه کما یصون الرداء ما یلقى علیه ـ ؛ ثمّ وصفه بالغمر ـ الّذی هو یلائم العطاء دون الرداء ـ تجریداً للاستعارة. و ذلک

لأنّه قد شاع وصف العطاء بالکثرة و تعارف، دون الرداء؛ و القرینة على ذلک سیاق الکلام؛ و قیل: «لفظ الغمر». و یقال: غلق الرهن فی ید المرتهن: إذا لم یقدر الراهن على انفکاکه؛ یعنی: إذا تبسّم و شرع فی الضحک غلقت رقاب أمواله فی أیدی السائلین. فحاصل المعنى: انّ السائلین یأخذون مال الممدوح من غیر علمه و یجیؤن إلى حضرته، فتبسّم و لا یأخذ منهم، فیملکونه!.

و الثالث: مرشّحةٌ، و هو: ما قرن بما یلائم المستعار، نحو: (أُولَئِکَ الَّذِینَ اشْتَرَوُا الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ)(55)، فانّه استعار الاشتراء للاستبدال و الاختیار، ثمّ فرّع علیها مایلائم الاشتراء من الربح و التجارة.

و مثال الترشیح بالصفة قولک: جاورت الیوم بحراً ذاخرآ متلاطم الأمواج. و قد اجتمع التجرید و الترشیح فی قوله:

لَدَى أَسَدٍ شَاکِی السِّلاَحِ مُقَذِّفٌ++

لَهُ لِبَدٌ أَظْفَارُهُ لَمْ تُقَلَّمِ(56)

فـ «شاکی السلاح» تجریدٌ، لأنّه وصفٌ یلائم المستعار له ـ أعنی: الأسد الحقیقیّ ـ. و الترشیح أبلغ من الإطلاق و التجرید، و من جمع الترشیح والتجرید، لاشتماله على تحقیق المبالغة و التشبیه ـ لأنّ فی الاستعارة مبالغةً فی التشبیه ـ، فتزیینها و تربیتها بما یلائم المستعار منه تحقیقٌ لذلک و تقویةٌ له.

و ما ذکر فی الاستعارة یجری فی التشبیه و المجاز و التوریة(57)؛ فتذکّر!.

اللَّهُمَّ اسْقِنَا سَقْیاً تُسِیلُ مِنْهُ الظِّرَابَ، وَ تَمْلاُ مِنْهُ الْجِبَابَ، وَ تُفَجِّرُ بِهِ الاَنْهَارَ، وَ تُنْبِتُ بِهِ آلاَشْجَارَ، وَ تُرْخِصُ بِهِ الاَسْعَارَ فِی جَمِیعِ الاَمْصَارِ.

«سُقیاً» ـ بفتح السین و ضمّها(58) ـ: مفعولٌ مطلقٌ لـ «اسقنا».

<و «سال» الماء یسیل سیلاً ـ من باب باع ـ: جرى، و أسلته إسالةً: أجریته>(52)

و «الظراب» ـ على وزن کتاب -: هو الآکام، و هی بالفارسیّة: تلّ؛ و قیل: «هو الجبل الصغیر، أو المنبسط على الأرض»(59) و إیقاع فعل «الإسالة» على «الظراب» مجازٌ عقلیٌّ.

و «الجِباب» ـ بالکسر، جمع جُب بالضمّ ـ: البئر(60)

و «التفجیر» هو أن تفتحّ للماء طریقاً لیخرج من منبعه و یسیل جاریاً.

<و «الأنهار»: جمع نَهَر ـ بالتحریک - لغةٌ فی النَهْر - بالسکون، مثل: سبب و أسباب ـ، و بالتسکین یجمع على نُهُر ـ بضمّتین - و أنهر؛ و هو: المجرى الواسع من مجاری الماء. و إیقاع التفجیر علیها مجازٌ عقلیٌّ.

و «الأشجار»: جمع شجر، و هو ما له ساقٌ صلبٌ من النبات یقوم به – کالنخل و غیره ـ.

و «الرُخص» ـ بالضمّ ـ: ضدّ الغلاء.

و «الأسعار»: جمع سِعر ـ بالکسر ـ>(61)، و هو مایقدّر من الثمن. و «السعر» إن لم یکن للعبد فی أسبابه مدخلٌ فهو من اللّه – کما هو مذهب الإمامیّة -، لا انّ کلّ سعرٍ بأیّ وجهٍ کان – کجبر السلطان الرعیّة على سعرٍ مخصوصٍ ترقیّاً أو نزولاً ـ منسوبٌ إلى اللّه. و الأشاعرة بناءً على أصلهم من أنّه لافاعل إلّا اللّه یقولون: انّ السعر من فعل اللّه.

و اختلف المعتزلة، فقال بعضهم: «هو فعلٌ مباشرٌ من العبد، إذ لیس ذلک إلّا مواضعةً

منهم على البیع و الشراء بثمنٍ مخصوصٍ»؛ و قال آخرون: «هو متولّدٌ من فعل اللّه ـ تعالى ـ. و هو تقلیل الأجناس و تکثیر الرغبات بأسبابٍ هی من فعله»(62)

و «الأمصار»: جمع مِصر ـ بالکسر ـ، و هو البلد العظیم.

وَ تَنْعَشُ بِهِ الْبَهَائِمَ وَ الْخَلْقَ، وَ تُکْمِلُ لَنَا بِهِ طَیِّبَاتِ الرِّزْقِ، و تُنْبِتُ لَنَا بِهِ الزَّرْعَ، وَ تُدِرُّ بِهِ الضَّرْعَ، وَ تَزِیدُنَا بِهِ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِنَا.

قال فی القاموس: «نعشه: رفعه، أو: ذکره ذکراً حسناً، أو: جبر فاقته»(63)، و الأخیر أنسب(60)؛ أی: یجبر به فقر الخلائق و فاقتهم.

<و «البهائم»: جمع بهیمة، و هی کلّ ذات أربعٍ من دوابّ البرّ و البحر؛ و کلّ حیوانٍ لایمیّز فهو بهیمةٌ.

و «تکمل» من باب الإفعال و التفعیل.

و «طیّبات الرزق» قد تقدّم الکلام علیه.

و «الزرع»: ما أنبتت بالبذر، تسمیةً بالمصدر؛ و منه یقال: حصدت الزرع أی: النبات. قال بعضهم: «و لایسمّى زرعاً إلّا و هو غضٌّ طریٌّ».

و «درّ» اللبن درّاً ـ من بابی ضرب و قتل ـ: کثر؛ و أدرّه اللّه أی: کثّره.

و «الضرغ»: الثدی لکلّ ذات ظلفٍ و خفٍّ. و «ادراء الضرع» کـ «اجراء النهر» مجازٌ عقلیٌّ>(64)

و «تزیدنا به» أی: بذلک المطر قوّةً إلى قوّتنا؛ أی: القوّة الروحانیّة – الّتی هی الإطمینان ـ إلى القوّة البدنیّة؛ و هو تلمیحٌ إلى قوله ـ تعالى ـ حکایةً عن هود: (وَ یَا قَومِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّکُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَیهِ یُرسِلِ السَّمَاءَ عَلَیکُمْ مِدْرَاراً وَ یَزِدْکُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِکُمْ)(65)

اللَّهُمَّ لاَتَجْعَلْ ظِلَّهُ عَلَیْنَا سَمُوماً، وَ لاَتَجْعَلْ بَرْدَهُ عَلَیْنَا حُسُوماً، وَ لاَتَجْعَلْ صَوْبَهُ عَلَیْنَا رُجُوماً، وَ لاَتَجْعَلْ مَاءَهُ عَلَیْنَا أُجَاجاً.

قال فی القاموس: «الظلّ من السحاب: ما وارى الشمس منه، أو سواده»(66)؛

و قیل: «الظلّ هو الفیء الحاصل من حاجزٍ بینک و بین الشمس مطلقاً»(67)؛

و قیل: «مخصوصٌ بما کان منه إلى الزوال، و ما بعده هو الفیء»(68)؛

و قال ابن قتیبة فی أوّل أدب الکاتب: «یذهبون – یعنی العوامّ ـ إلى أنّ الظلّ و الفیء بمعنىً، و لیس کذلک، بل الظلّ یکون غدوةً و عشیّةً و من أوّل النهار إلى آخره. و معنى الظلّ: الستر، و منه: أنا فی ظلّک، و منه: ظلّ الجنّة، و ظلّ شجرها إنّما هو سترها و نواحیها، و ظلّ اللیل: سواده، لأنّه یستر کلّ شیءٍ، و ظلّ الشمس ما سترته الشخوص من مسقطها. و أمّا الفیء فلایکون إلّا بعد الزوال و لایقال لما قبل الزوال فیءٌ، و إنّما سمّی ما بعد الزوال فیئاً لأنّه ظلٌّ فاء من جانبٍ إلى جانبٍ، و الفیء: الرجوع»(69)؛ انتهى.

و الحقّ انّ الظلّ مایحدث من الجسم الکثیف عند نور الشمس علیه، و الفیء هو الظلّ الحادث بعد الزوال، لأنّه مأخوذٌ من «فاء» بمعنى: رجع.

<و «السَموم» ـ بالفتح ـ: الریح الحارّة.

و «الحُسوم» ـ بالضمّ ـ:مصدرٌ – کالصعود و الهبوط -، یقال: حسمه حسماً و حُسوماً ـ من باب ضرب ـ یعنی(70) : قطعه؛ و منه قیل للسیف: حساماً، لأنّه قاطعٌ؛ أی: لاتجعل برده علینا قطعاً ـ أی: قاطعاً ـ>(71) أو هو بمعنى: التتابع، أی: لاتجعل برده علینا متتابعاً، فانّ البرد إذا تتابع أهلک؛ أو هو بمعنى: النحس و الشرّ(72)، یقال للّیل: الحسوم، لأنّها تحسم الخیر عن أهلها.

و «الصَوب» ـ بالفتح ـ: نزول المطر و انصبابه.

و «الرجم»: القتل، و أصله: الرمی بالحجارة. و «الرجوم» فی الدعاء یحتمل أن یکون جمعاً و مصدراً.

و «الأُجاج» ـ بالضمّ ـ: الشدید الملوحة؛ و قیل: «الشدید المرارة».

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ ارْزُقْنَا مِنْ بَرَکَاتِ السَّمَاوَاتِ وَ الاَْرْضِ، إِنَّکَ عَلَى کُلِّ شَىْءٍ قَدِیرٌ.

اختتم الدعاء بالصلاة للأمر بالابتداء و الاختتام بها فی الحدیث(73) لاستجابة الدعاء ـ

کما مرّ ذکره ؛ فتذکّر -.

و «البرکات»: جمع برَکَة – بالتحریک -، و هی الزیادة و النماء، و تطلق على مطلق الخیر.

و قوله – علیه السلام ـ: «إنّک على کلّ شیءٍ قدیرٌ» تعلیلٌ للدعاء و مزید استدعاءٍ

للإجابة.

هذا آخر اللمعة التاسعة عشرة من لوامع الأنوار العرشیّة فی شرح الصحیفة السجّادیّة، إملاء المحتاج إلى رشحات رحمة الحضرة الأحدیّة محمّد باقر بن السیّد محمّد من السادات الموسویّة ـ ریّاها اللّه تعالى زروع آماله فی الدنیا و الآخرة -. و قد وفّقنی اللّه ـ تعالى ـ لاتمامها فی لیلة الأربعاء من شهر محرّم الحرام سنة إحدى و ثلاثین و مأتین و ألفٍ من الهجرة النبویّة.


1) راجع: «تهذیب الأحکام» ج 3 ص 147 الحدیث 21، «الخصال» ج 1 ص 242 الحدیث95.

2) کریمة 60 البقرة.

3) راجع: «کتاب الخلاف» ج 1 ص 685 المسألة 460، «المبسوط» ـ للسرخسی ـ ج 2 ص 76،«المجموع» ج 5 ص 100، «بدایة المجتهد» ج 1 ص 207.

4) قارن: «نور الأنوار» ص 116.

5) لم أعثر علیه. و قریبٌ منه: «انّ المؤمن لیدعو فیؤخّر اجابته إلى یوم الجمعة»، راجع: «الکافی»ج 2 ص 489 الحدیث 6، و انظر أیضاً: «من لایحضره الفقیه» ج 1 ص 422 الحدیث 1243.

6) المصدر: ـ و بهائمک.

7) راجع: «من لایحضره الفقیه» ج 1 ص 527 الحدیث 1550، و انظر أیضاً: «مستدرک الوسائل» ج 6 ص 183 الحدیث 6720، «بحار الأنوار» ج 88 ص 339، «المصباح» ـ للکفعمیّ ـ ص 416.

8) هذا تحریر کلام ثانی الشهیدین، راجع: «الروضة البهیّة» ج 1 ص 690.

9) هذا قول محدّث الجزائری، راجع: «نور الأنوار» ص 116.

10) راجع: «المفردات» ص 415 القائمة 2 ـ مع تقدیمٍ و تأخیر ـ.

11) کریمة 21 الإنسان.

12) کریمة 16 الجن.

13) کما حکاه العلّامة المدنی، راجع: «ریاض السالکین» ج 3 ص 233.

14) راجع: «صحاح اللغة» ج 1 ص 289 القائمة 1.

15) و انظر: «نور الأنوار» ص 117.

16) کریمة 12 الرعد.

17) کریمة 164 البقرة.

18) قال: «و السحاب جمع سحابة، و لذلک قال الثقال؛ و لو قیل الثقیل لجاز»، راجع: «مجمع البیان» ج 6 ص 21. فلایخفى ما فی کلام المصنّف.

19) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 234.

20) قارن: «نور الأنوار» ص 117، مع تغییرٍ یسیرٍ.

21) قارن: «نور الأنوار» ص 117.

22) هذا مختار العلّامة المدنیّ، راجع: «ریاض السالکین» ج 3 ص 235.

23) قال الفیومیّ: «قالوا: و لایسمّى زهراً حتّى یتفتّح، و قال ابن قتیبة: حتّى یصفرّ»، راجع:«المصباح المنیر» ص 351.

24) قارن: «شرح الصحیفة» ص 195.

25) کریمة 51 الکهف.

26) لنقد هذا الاحتمال راجع: «نور الأنوار» ص 117.

27) المصدر: ـ لأنّ… عرفت.

28) کریمتان 16 / 15 عبس.

29) لم أعثر على هذا التفسیر فی کتب المفسّرین، فانظر مثلاً: «مجمع البیان» ج 10 ص 268،«التبیان» ج 10 ص 272، «تفسیر القرطبی» ج 19 ص 216.

30) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 235.

31) المصدر: لیس.

32) قال: «منّ علیه بالعتق و غیره منّاً ـ من باب قتل ـ، و امتنّ علیه به أیضاً: أنعم علیه به»،راجع: «المصباح المنیر» ص 798.

33) کریمتان 22 البقرة، 32 إبراهیم.

34) راجع: «ریاض السالکین» ج 3 ص 236.

35) راجع: «صحاح اللغة» ج 2 ص 656 القائمة 1.

36) انظر: «شرح الصحیفة» ص 195.

37) انظر: نفس المصدر أیضاً.

38) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 238.

39) کریمات 19 / 50 الروم، 17 الحدید.

40) المصدر: منصوباً.

41) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 239.

42) کریمتان 16 / 15 العلق.

43) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 240.

44) هذا قول الهرویّ على ما حکاه عنه المحقّق الداماد، راجع: «شرح الصحیفة» ص 196. و انظر:«التعلیقات» ص 45، «نور الأنوار» ص 117.

45) القاموس: + و الوعید.

46) راجع: «القاموس المحیط» ص 900 القائمة 2.

47) قارن: «شرح الصحیفة» ص 196.

48) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 243.

49) کریمة 51 فصّلت.

50) «… و رجع عثمان بعد ثلاثة أیّام فقال النبیّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلم -: لقد ذهبت بهاعریضاً»، راجع: «نهج الحقّ» ص 249. و لم أعثر علیه بلفظه إلّا فی ما حکاه المحقّق الداماد،راجع: «شرح الصحیفة» ص 197.

51) کما حکاه المحدّث الجزائریّ، راجع: «نور الأنوار» ص 117.

52) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 244.

53) انظر: «القاموس المحیط» ص 213 القائمة 2.

54) راجع: «دیوان کثیّر عزّة» ص 112.

55) کریمة 16 البقرة.

56) البیت من معلّقة زهیر بن أبی سلمى الشهیرة، راجع: «جمهرة أشعار العرب» ص 107.

57) لجمیع ذلک راجع: «الطراز» ج 1 ص 236.

58) کذا، و قال المحدّث الجزائری: «بفتح السین مع التنوین مصدرٌ و بضمّها بلاتنوینٍ اسمه، کما فی نسخة ابن ادریس»، راجع: «نور الأنوار» ص 117.

59) کما عن الفیروزآبادیّ، راجع: «القاموس المحیط» ص 116 القائمة 1. و انظر: «التعلیقات» ص46، «نور الأنوار» ص 117.

60) و انظر: «شرح الصحیفة» ص 198.

61) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 246.

62) لجمیع ذلک راجع: «الذخیره فی علم الکلام» ص 274، «تقریب المعارف» ص 94، «أنوارالملکوت» ص 194، «إرشاد الطالبین» ص 293، «شرح القوشجی على التجرید» ص 357السطر 4.

63) قال: «نعشه اللّه – کمنعه ـ: رفعه… و فلاناً: جبره بعد فقرٍ، و المیّت: ذکره ذکراً حسناً»، راجع:«القاموس المحیط» ص 562 القائمة 1.

64) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 248.

65) کریمة 52 هود.

66) راجع: «القاموس المحیط» ص 946 القائمة 1.

67) کما حکاه العلّامة المدنیّ، راجع: «ریاض السالکین» ج 3 ص 250.

68) هذا قول أبی الهیثم، راجع: «لسان العرب» ج 11 ص 416 القائمة 1.

69) راجع: «أدب الکاتب» ص 27.

70) المصدر: بمعنى.

71) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 250.

72) هذا هو مختار محقّق الداماد، راجع: «شرح الصحیفة» ص 199.

73) اشارةٌ إلى قول أبی عبداللّه – علیه السلام ـ: «إذا دعا أحدکم فلیبدء بالصلاة على النبیّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ، فانّ الصلاة على النبیّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ مقبولةٌ، ولم یکن اللّه لیقبل بعض الدعاء و یردّ بعضاً»، راجع: «وسائل الشیعة» ج 7 ص 96 الحدیث8836، «الأمالی» – للطوسی ـ ص 172 الحدیث 290.