یجوز لمن استأجر أرضا أن یعطیها لغیره بالمزارعة، لأن المعیار لصحة المزارعة أن تکون منفعة الأرض مملوکة لمن یزارع علیها، أما ملکیة رقبة الأرض فلیست بشرط، قال الامام الصادق علیهالسلام: لا بأس أن تستأجر الأرض بدراهم، و ان تزارع الناس علی الثلث، أو الربع، أو أقل، أو أکثر اذا کنت لا تأخذ من الرجل الا ما أخرجت أرضک.
و أیضا یجوز للعامل الذی تقبل الأرض من المالک أن یزارع غیره، أی ینقل حقه بکامله فی الزراعة الی من یشاء، علی شریطة أن یکون حق المالک محفوظا.
و أیضا یجوز له أن یشارک فی عمل الزراعة من شاء بشیء من حصته.. و الوجه فی ذلک أن العامل قد ملک المنفعة بعقد لازم، و الناس مسلطون علی أموالهم، فیکون له، والحال هذی، أن ینقلها کلا أو بعضا الی غیره، و لیس لأحد أن یعارضه بشیء کما له أن یبیعها، و یتعلق فیها حق الدائنین، و الخمس و الزکاة، و ما الی ذلک من آثار الملکیة.
ذکر هذا الفقهاء فی کتبهم دون أن ینقلوا فیه خلافا.. أجل، قال جماعة منهم: یجوز ذلک للعامل اذا لم یشترط المالک علیه مباشرة العمل بنفسه، و مع هذا الشرط لا یجوز أن یزارع الغیر أو یشارکه.
ولکن لصاحب الجواهر هنا جملة تشعر بأن للعامل أن یزارع و یشارک من أراد، حتی ولو نهاه المالک، و اشترط علیه المباشرة بنفسه، لأن المزارعة ملک للعامل، و الناس مسلطون علی أموالهم، و لأن بعض الفقهاء نقل الاجماع علی أن البائع لو اشترط علی المشتری أن لا یبیع العین التی اشتراها منه لا یجب الوفاء
بالشرط، و علی هذا، اذا اشترط المالک أن یعمل المزارع بنفسه فلا یجب الوفاء بالشرط.. و هذا نص عبارة الجواهر بالحرف: «لکن فی صحة هذا الشرط – یرید شرط المالک مباشرة العامل – بحث لعموم: الناس مسلطون علی أموالهم، و لما حکی من الاجماع فی کتاب البیع علی عدم صحة مثل هذا الشرط».
و مهما یکن، فان هذی التفاصیل لم یرد فیها نص بالذات، و انما استخرجت من القواعد العامة، و لم یرد نص الا بخصوص مشارکة العامل لغیره بعد أن باشر العامل، فقد سئل الامام علیهالسلام عن الرجل یبذر فی الأرض مئة جریب أو أقل أکثر طعاما أو غیره، فیأتیه رجل یقول له: خذ منی ثمن نصف هذا البذر، و نصف نفقتک علی أن تشرکنی فیه؟ قال الامام علیهالسلام: لا بأس.
ولکن تخصیص هذه الروایة بالمشارکة بعد العمل لا یجعلها خاصة، لأن المعیار فی جواز المشارکة و المزارعة أن تکون المنفعة ملکا للعامل، و لیس من شک أن العامل قد ملک المنفعة بالعقد لا بالعمل، و لا بظهور الزرع، و علیه فیجوز له أن ینقلها الی غیره بمجرد وقوع العقد.