و فیه أربع مسائل:
المسألة الأولی: القیء:
مذهب الامام جعفر الصادق: أن القیء غیر ناقض للوضوء مطلقا نقل ذلک عنه صاحب الروض النضیر و غیره(1)
روی ذلک عن: عائشة و ابنعمر و ابنعباس و أبیهریرة و جابر و ابنالمسیب و سالم بن عبدالله و القاسم بن محمد و طاووس و عطاء و مکحول
و ربیعة و أبیثور و داود.
و هو قول مالک و الشافعی و ابنحزم(2)
و الحجة لهم:
1- روی عن ثوبان قال: قلت یا رسول الله هل یجب الوضوء من القیء، قال صلی الله علیه و سلم: «لو کان واجبا لوجدته فی کتاب الله»(3)
2- الأصل أن الخارج من غیر السبیلین لا ینقض الوضوء الا اذا قام الدلیل علی النقض، و لم یصح دلیل علی هذا(4)
و خالف ذلک جماعة: فقالوا: ان خروج القیء ناقض للوضوء قلیلا کان أو کثیرا.
روی ذلک عن: سیدنا عمر و علی و علقمة و قتادة و ابنسیرین و ابن أبیلیلی و الثوری و اسحاق و ابنالمبارک و الزهری و الأوزاعی و الحسن بن زیاد. و هو مذهب أبیحنیفة و أحمد و الزیدیة(5)
المسألة الثانیة: أثر خروج الدم فی الوضوء:
و قد سبق الکلام عنها عند الاحتجاج بقول الصحابی.
المسألة الثالثة: حکم القهقهة فی الصلاة و أثرها علی الوضوء:
أجمع العلماء: علی أن الضحک مطلقا خارج الصلاة غیر ناقض للوضوء و کذلک الضحک من غیر قهقهة فی الصلاة.
و أجمعوا أیضا: علی أن القهقهة فی الصلاة تبطل الصلاة(6) و حصل خلاف بین الفقهاء فی القهقهة فی الصلاة هل تبطل الوضوء أم لا؟
و مذهب الامام جعفر الصادق: أن القهقهة فی الصلاة تنقض الوضوء، لورود الأثر النبوی فیه.
نقل ذلک عنه صاحب البحر الزخار و غیره(7)
روی ذلک عن: جابر بن زید و أبیموسی و عبید السلمانی و عطاء و مکحول و الحسن والنخعی و الثوری الأوزاعی و الناصر و الهادی و القاسم و الیه ذهب أبوحنیفة و أکثر الزیدیة(8)
و الحجة لهم:
1- ما روی عن ابنعمر قال: قال رسول الله صلی الله علیه و سلم: «من ضحک فی الصلاة قهقهة فلیعد الوضوء و الصلاة»(9)
2- ما روی عن أبیموسی: «أمر رسول الله صلی الله علیه و سلم من ضحک أن یعید الوضوء و یعید الصلاة»(10)
و خالف ذلک جمهور العلماء: فذهبوا الی أن القهقهة فی الصلاة لا تنقض الوضوء روی ذلک عن: ابنمسعود و الزهری و عروة و اسحاق، و به قال أبوثور و داود و ابنحزم و الشوکانی و الیه ذهب مالک و الشافعی و أحمد(11)
المسألة الرابعة: نقض الوضوء بالکبیرة
مذهب الامام جعفر الصادق: أن الکبائر ناقضة للوضوء و کذا ما ورد الأثر النبوی به کتعمد الغیبة و الکذب و أذی المسلم. نقل ذلک عنه صاحب البحر الزخار و غیره(12)
روی ذلک عن: جابر بن زید و أبیموسی و عبیدة السلمانی و عطاء و مکحول و ابنمسعود و عائشة و الیه ذهب الهادی و القاسم و الناصر و أکثر الزیدیة(13)
و الحجة لهم:
1- قوله تعالی: «لئن أشرکت لیحبطن عملک»(14)
وجه الدلالة:
ان الاحباط یرجع الی الثواب لا الی الأعیان فقد عدمت. و الکبائر محبطة للأعمال وقد ثبت بالاتفاق أن الکبائر تبطل الوضوء الذی هو الثواب فیجب أن تبطل حکمه الذی هو الصحة و الاجزاء(15)
2- قوله صلی الله علیه و سلم: «الغیبة و الکذب ینقضان الوضوء»(16)
3- ما روی عن أنس قال «کان رسول الله صلی الله علیه و سلم یأمرنا بالوضوء من الحدث و أذی المسلم»(17)
4- ما روی عن أبیهریرة قال: بینما رجل یصلی مسبلا ازاره، اذ قال رسول الله صلی الله علیه و سلم: «اذهب فتوضأ» فذهب فتوضأ ثم جاء ثم قال له «اذهب فتوضأ» فذهب فتوضأ ثم جاء فقال له رجل یا رسول الله ما لک أمرته أن یتوضأ ثم سکت عنه فقال: «انه کان یصلی مسبل ازاره و ان الله تعالی لا
یقبل رجل مسبل ازاره»(18)
فأصحاب هذا الرأی ذکروا هذه الأحادیث و قاسوا بقیة الکبائر علیها بجامع أن کلا منها معصیة.
و قال بعض الفقهاء: ان الکبائر غیر ناقضة للوضوء.
روی ذلک عن: زید بن علی و المؤید و الامام یحیی الشوکانی و الیه ذهب الأئمة الأربعة حیث انهم ذکروا نواقص الوضوء و لم یذکروا الکبائر منها(19)
و قد رد الشوکانی حدیث أبیهریرة المتقدم بأن فی اسناده رجل مجهول لا یعرف حاله و قال: فلا تقوم به حجة و لا یصح الا ستدلال به علی نقض وضوء المسبل ازاره، فکیف یستدل به علی هذه القضیة الکلیة التی تعلم بها البلوی(20)
فاذن تبین لنا أن المسألة التی ذکرت لا دلیل علیها یصلح للعمل به فلو کان الدلیل صالح للعمل لما أهمله الجمهور.
1) الروض النضیر: 1 / 184 – 183؛ البحر الزخار: 2 / 88.
2) المصادر السابقة؛ حلیة العلماء: 1 / 193؛ المجموع: 2 / 58؛ المحلی: 1 / 255؛ القوانین الفقهیة: 30.
3) سنن أبیداود: 1 / 36؛ سنن ابنماجه: 1 / 187؛ البیهقی: 1 / 60؛ الأحادیث المختارة: 6 / 239؛ المستدرک علی الصحیحین: 1 / 275.
4) المحلی: 1 / 256؛ المجموع: 2 / 58.
5) المجموع: 2 / 54؛ المغنی: 1 / 119؛ السیل الجرار: 1 / 97؛ البدائع: 1 / 135؛ حاشیة ابنعابدین: 1 / 134 و ما بعده؛ فقه الامام علی: 124؛ البحر الرائق: 1 / 38؛ الفروع: 1 / 100.
6) المجموع: 2 / 65؛ رحمة الأمة: 12.
7) البحر الزخار: 2 / 90؛ الروض النضیر: 1 / 292.
8) المصادر السابقة؛ المحلی: 1 / 265؛ المغنی: 1 / 31؛ المجموع: 2 / 66؛ الاختیار: 1 / 11؛ ضوء النهار: 1 / 245.
9) الدار قطنی: 1 / 59؛ السنن الکبری (البیهقی): 1 / 144.
10) المصدران السابقان. بنفس الصفحات.
11) المغنی: 1 / 116؛ بدایة المجتهد: 1 / 43؛ المحلی: 1 / 266؛ القوانین الفقهیة: 26؛ السیل الجرار: 1 / 101؛ شرح الدردیر: 1 / 35.
12) البحر الزخار: 2 / 90 – 89؛ الروض النضیر: 1 / 293 – 292.
13) المصادر السابقة؛ ضوء النهار: 1 / 242؛ عیون الأزهار: 36.
14) سورة الزمر: 65.
15) الروض النضیر: 1 / 292.
16) أصبهان: 2 / 276.
17) مصنف ابن أبیشیبة: 1 / 125.
18) سنن أبیداود: 1 / 419؛ مختصر السنن للمنذری: 1 / 324.
19) انظر: البحر الزخار: 1 / 90؛ الهدایة: 1 / 14؛ الحاوی: 1 / 212؛ المغنی 1 / 160؛ السیل الجرار: 1 / 100؛ القوانین الفقهیة: 31.
20) السیل الجرار: 1 / 100.