و فیه مسألتان:
المسألة الأولی: حکم الجمعة مع أئمة الجور:
فی هذه المسألة عن الامام جعفر الصادق روایتان:
الروایة الأولی: هی تحریم حضور جمعة أئمة الجور و التحریج فی ذلک و التأثیم و ان حضر أعاد مطلقا، ان علم، و فی الوقت فقط ان جهل.
نقل ذلک عنه صاحب البحر الزخار(1)
و روی أنه سئل جعفر بن محمد الباقر علیهماالسلام عن صلاة الجمعة مع الامام الجائر، و قال السائل: أصلی خلفه و أجعلها تطوعا، فقال الامام جعفر الصادق: (لو قبل التطوع قبلت الفریضة)(2)
روی ذلک عن: زید بن علی و النفس الزکیة و ابراهیم بن عبدالله و علی بن الحسین و الناصر و القاسم و المؤید بالله(3)
الحجة لهم:
1- قول علی رضی الله عنه (من سود علینا فقد أشرک فی دمائنا)(3)
2- أنه اجماع أهل البیت – رضی الله عنهم أجمعین -(4)
الروایة الثانیة: منع حضور أئمة الجور من غیر تأثیم، و لا اعادة علیه فقد روی عن جعفر بن محمد أنه قیل له: أکان الحسن و الحسین اذا صلیا خلف مروان بن الحکم یعیدان؟
قال: لا ما کانا یزیدان عن الصلاة معه غیر النوافل.
نقل ذلک عنه الشافعی و غیره(5)
و الذی یبدو: ان هذه الأدلة لا تقوم بها حجة، و ذلک لورود أدلة أخری صریحة، تدل علی وجوب اقامة الجمعة مع امام عادل أو جائر، منها:
ما روی عن جابر: أن النبی صلی الله علیه و سلم خطب و أخبرهم بفرضیة الجمعة ثم قال: «فمن ترکها فی حیاتی أو بعدی وله امام أو جائر استخفافا بها أو حجودا لها، فلا جمع الله شمله و لا بارک فی أمره»(6)
وجه الدلالة:
أن الحدیث یؤکد فرضیة الجمعة و أنه یجب حضورها مع الامام سواء کان عادلا أم جائرا.
و أما دعوی الاجماع من أهل البیت علی عمومهم فغیر صحیحة. فقد ثبت کما تقدم أن الحسن و الحسین کانا یصلیان خلف مروان بن الحکم و لا ینعقد الاجماع بخروجهما، وقد نازع الامام یحیی و محمد بن ابراهیم الوزیر و غیرهما فی ثبوت الاجماع من العترة و لو صح لهم ما خالفوه اذ لا یستجیزون مخالفة اجماع العترة.
فالمسألة ظنیة قطعا، و لهم فیها ما ذهبوا الیه من المنع و التأثیم محامل، کان یکون المصلی خلف أئمة الجور ممن یعتقد تحریم ذلک و انما یفعله طمعا فی دنیاهم و رغبة فی مداهنتهم.
و أنهم قصدوا بالمنع حضور جمعة، مع قوم من أئمة الجور قد بلغوا حد الکفر بما ظهر منهم من الاستهانة بالدین، و الاصرار علی ترک الجمعة لعدم وجود من کملت فیه شروط الامامة المعتبرة یؤدی الی هدم رکن من أرکان الشریعة، و هذا یؤدی الی أن یمضی جمیع عمره محروما من هذه الفریضة التی وردت فیها نصوص الکتاب و السنة بمجرد تخمینات علیلة بل یمضی علیه أسلافه قرنا بعد قرن و یأتی من بعده بطنا بعد بطن و تلک السنة المحمدیة میتة فی أکفانها مهانة بین لداتها، فما هذه الا خیبة فظیعة و زلة شنیعة، و کسر لعصا المسلمین(7)
أما اشتراط الامام العادل للجمعة:
فقال بعضهم: ان الامام العادل شرط لصحة الجمعة فلا تصح بدونه.
و هو قول المهدی، و أبیحنیفة و روایة عن أحمد الا أن أباحنیفة و أحمد أجازا أن یقیمها من أذن له الامام.
و ذهب جمهور العلماء و منهم: مالک و الشافعی و الشوکانی: الی عدم اشتراط الامام العادل، و قالوا: لا دلیل علیه(8)
المسألة الثانیة: حکم الجهر بالقراءة یوم الجمعة.
و قد سبق الکلام عنها عند الاحتجاج بالاجماع.
1) البحر الزخار: 3 / 11 – 10.
2) هامش المصدر السابق.
3) المصدر السابق.
4) المصدر السابق؛ الروض النضیر: 2 / 21.
5) مسند الشافعی: 2 / 55 الأم: 1 / 59؛ السنن الکبری: 3 / 122؛ الحاوی: 2 / 353.
6) سنن ابنماجه: 1 / 343؛ مجمع الزوائد: 2 / 192.
7) الروض النضیر: 2 / 222.
8) انظر البحر الزخار: 2 / 9؛ عیون الأزهار: 100؛ الهدایة: 1 / 83 – 82 المقنع: 1 / 249؛ السیل الجرار: 1 / 297؛ القوانین الفقهیة: 79؛ المنهاج القویم: 274؛ الایضاح للشماخی: 1 / 605؛ قواعد الاسلام للجیطالی: 1 / 356.