أتأذن لی أن أصعد هذه الأعواد فأتکلم بکلمات فیهن لله رضا و لهؤلاء الجالسین أجر و ثواب..
و بهت الحاضرون و أعجبوا من هذه الشخصیة العملاقة، اذ کیف استطاع أن یرد علی خطیب الجامع فأفحمه ثم ألقم یزید بن معاویة حجرا، غیر مکترث و لا مبال بسلطانه و بطشه، مع أنه فی حالة الأسر، ولکن رفض یزید أن یأذن له، و هنا ارتفعت الضجة و کثر اللغط و ألح الجالسون علیه بالسماح له فرد علیهم یزید قائلا:
ان صعد المنبر لم ینزل الا بفضیحتی و فضیحة آل أبیسفیان..
فتعجبوا من ذلک و قالوا له:
و ما مقدار ما یحسن هذا العلیل؟!
انهم لا یعرفون الامام علیهالسلام، فالصورة مشوهة تعتریها ضبابیة قد أعدمت الرؤیة لهؤلاء الجالسین، لأنهم یحسبونه کبقیة الناس ولکن الطاغیة یعرفه تماما و یعلم انه من أهل بیت قد زقوا العلم زقا، و أخذوا یلحون علیه فی السماح له فأذن له و اعتلی أعواد المنبر، و فی هذا الجو نزلت الصاعقة علی رأس یزید بن معاویة و من حوله…
فقد صعد الامام علیهالسلام و خطب خطابا رائعا لم یشاهد له التاریخ مثیلا فی روعته و بلاغته و قد أبکی العیون، و اضطرب الجالسون، و أخذ خطابه بمجامع القلوب فلا تری أحدا الا و قد انشد الی خطابه بجمیع مشاعره و الیک نصه: