أللّهمّ إنّ هذین آیتان من آیاتک، و هذین عونان من أعوانک… یبتدران طاعتک برحمةٍ نافعةٍ أو نقمةٍ ضارّةٍ، فلا تمطرنا بهما مطر السّوء، و لا تلبسنا بهما لباس البلاء.
أللّهمّ صلّ علی محمّدٍ و آله، و أنزل علینا نفع هذه السّحائب و برکتها، واصرف عنّا أذاها و مضرّتها؛ و لا تصبنا فیها بآفةٍ، و لا ترسل علی معایشنا عاهةً.
أللّهمّ و إن کنت بعثتها نقمةً، و أرسلتها سخطةً… فإنّا نستجیرک من غضبک، و نبتهل إلیک فی سؤال عفوک؛ فمل بالغضب إلی المشرکین و أدر رحی نقمتک علی الملحدین.
(أللهم إن هذین آیتان من آیاتک) هذین: إشارة إلی البرق و الرعد، و آیتان: علامتان قال سبحانه: «و من آیاته یریکم البرق خوفاً و طمعاً- 24
الروم… أو کصیب من السماء فیه ظلمات و رعد و برق- 19 البقرة» (و هذین عونان من أعوانک) و لیس المراد بالعون هنا المعونة و المساعدة، لأنه تعالی یوجد ما یرید بکلمته و مشیئته و کفی بل المراد بالعون مجرد الطاعة فی تأدیة البشارة بالرحمة أو الإنذار بالنقمة کما قال الإمام (ع): (یبتدران): یسارعان إلی (طاعتک برحمة نافعة أو نقمة ضارة) الرحمة: الغیث، و النقمة: الصاعقة و ما أشبه، و قول الإمام هذا اقتباس من آیة الروم السابقة.
(فلا تمطرنا مطر السوء) کالسیول المغرقة و الصواعق المحرقة (و لاتلبسنا بهما لباس البلاء) لا یکن الرعد و البرق إنذاراً لنا بالمطر و الغمر فی الأسواء و الأدواء (و أنزل علینا نفع هذه السحائب…) کل ذلک و أکثر منه تقدم فی دعاء الاستسقاء رقم 19 (و إن کنت بعثتها…) إن تک السحاب و برقها و رعدها للوعید و الإنذار بالشر و العذاب فرحماتک یا رب الأرباب… أن تسمع شکوانا، و لا تخیب أملنا و رجانا، واصرف عذابک عنا إلی العصاة الجاحدین بالحق و العدل، و المشرکین الذین عبدوا الأموال من دونک، و أثاروا من أجلها الحروب و القتال، و انتهکوا الحرمات، و أفسدوا طعم الحیاة.
و ما من شک أن اللّه یستجیب الدعاء بشرطه و قیوده، قال سبحانه: «ادعونی استجب لکم- 60 غافر… و نوحاً إذا نادی من قبل فاستجبنا له- 76 الأنبیاء… فلولا أن کان من المسبحین للبث فی بطنه إلی یوم یبعثون- 14 الصافات»… إلی غیر ذلک. أنظر الدعاء 20 فقرة- ضع مع الدعاء شیئاً من القطران.
أللّهمّ أذهب محل بلادنا بسقیاک، و أخرج و حر صدورنا برزقک؛ و لا تشغلنا عنک بغیرک،
و لا تقطع عن کافّتنا مادّة برّک؛ فإنّ الغنیّ من أغنیت، و إنّ السّالم من وقیت، ما عند أحد دونک دفاعٌ، و لا بأحدٍ عن سطوتک امتناعٌ؛ تحکم بما شئت علی من شئت، و تقضی بما أردت فیمن أردت.
فلک الحمد علی ما وقیتنا من البلاء، و لک الشّکر علی ما خوّلتنا من النّعماء… حمداً یخلّف حمد الحامدین ورائه، حمداً یملأ أرضه و سماءه.
إنّک المنّان بجسیم المنن، الوهّاب لعظیم النّعم، القابل یسیر الحمد، الشّاکر قلیل الشّکر، المحسن المجمل ذو الطّول، لا إله إلّا أنت، إلیک المصیر.
(أللهم اذهب محل بلادنا بسقیاک) «و تری الأرض هامدة فإذا أنزلنا علیها الماء اهتزت و ربت و أنبتت من کل زوج بهیج- 5 الحج» و تقدم فی الدعاء 19 (و اخرج و حر صدورنا برزقک، و لا تشغلنا عنک بغیرک…) الوحر: الغیظ، و المعنی ارزقنا من العیش الکفایة کیلا تنصرف عنک نفوسنا، و تمتلیء بالغیظ، و تشتعل بالحسد لمن اقننی و استغنی. و تقدم فی الدعاء 20 و غیره (و لا تقطع عن کافتنا مادة برک…)کافتنا: جمیعنا، و مادة برک: دوام خیرک، و المعنی اجعل نعمتک علینا نامیة دائمة (فإن الغنی من أغنیت…) لا غنی إلا بک و منک، و لا فرار من سطوتک إلا إلیک، و علیک وحدک المعول فی کل شیء. و تقدم فی الدعاء 13 و غیره.
(تحکم بما شئت علی من شئت…) و لا دافع و مانع لما ترید. قال بعض العارفین: کل شیء ینتهی عند هذه الآیة: «إن ربک فعال لما یرید- 107 هود» و مثلها فی الوضوح: «إن الأمر کله للّه- 154 آل عمران» (حمداً یخلف حمد الحامدین…) هذا و ما بعده کنایة عن الکثرة الکاثرة. و مثله فی الدعاء الأول: «حمداً لا منتهی لحده، و لا حساب لعدده، و لا مبلغ لغایته، و لا انقطاع لأمده… أنظر فقرة الحمد فی الدعاء المذکور.
المنان): المنعم (المنن): النعم (المجمل): صاحب الجمیل و المعروف (ذو الطول): ذو الفضل و العطاء.