یکون الذبح صحیحا اذا وقع علی الصورة المأمور بها شرعا، و تتحقق هذه الصورة بالشروط التالیة بعد قصد الذبح، فان اخل باحدها عامدا کانت الذبیحة میتة.
1 – استقبال القبلة، مع الامکان اجماعا و نصا، و منه قول الامام علیهالسلام: اذا اردت ان تذبح ذبیحتک فاستقبل بها القبلة.
فمن ترک الاستقبال عامدا حرمت، و من ترکه نسیانا لم تحرم، فقد سئل الامام علیهالسلام عن ذبیحة ذبحت لغیر القبلة؟ فقال: کل، لا بأس بذلک، ما لم یتعمد.
و الجاهل بوجوب الاستقبال تماما کالناسی، فقد سئل الامام علیهالسلام عن رجل ذبح ذبیحة، جهل أن یوجهها الی القبلة؟ قال: کل منها.
قال صاحب الجواهر: یستفاد من النص ان الجاهل معذور هنا، و ان صدق علیه التعمد.(1)
أما من ترک الاستقبال متعمدا، لأنه لا یعتقد بوجوب الاستقبال فقال
صاحب الجواهر و المسالک: تحل ذبیحته، لأنه فی معنی الجاهل.
و یجب استقبال الذبیحة بمقادیم البدن بکاملها، و لا یکفی الاستقبال بمذبحها فقط، أما الذابح فلا یشترط فیه ذلک بل یستحب، فیجوز أن یذبح، و مقادیم بدنه الی الغرب، أو الشرق، قال صاحب الجواهر: «هذا هو المستفاد من النصوص المعتضدة بفتوی الفقهاء».
2 – محل الذبح، و هو أربعة أعضاء، یجب قطعها: الأول الحلقوم، و هو مجری النفس دخولا و خروجا. الثانی المری، و هو مجری الطعام و الشراب. الثالث و الرابع الودجان، و هما العرقان الغلیظان المحیطان بالحلقوم.
و لا بد من قطع هذه الأعضاء الأربعة بکاملها، فلا یکفی قطع، أو شق بعضها، و أیضا لابد أن یکون القطع من الأمام، أی المکان المعروف بالمذبح، فلا یحل الذبح من مؤخر العنق، لقول الامام علیهالسلام: «لا یصح أکل ذبیحة لا تذبح من مذبحها».. أجل، لو أدخل السکین تحت الاوداج، و قطعها الی فوق لا تحرم الذبیحة، ولکنه قد فعل ما ینبغی ترکه، و اذا قطع من الاوداج الرأس متعمدا فقد أثم.. ولکن الذبیحة لا تحرم، قال الامام الصادق علیهالسلام: لا تکسر الرقبة، حتی یبرد الرأس.. و سئل عن رجل ذبح طیرا، و قطع رأسه، أیؤکل منه؟ قال: نعم، ولکن لا یتعمد قطع رأسه.. و النهی هنا یدل علی التحریم دون الفساد.
و قد رأی جماعة من المتأخرین ان قطع الاوداج الأربعة لا یتحقق علی الوجه المطلوب شرعا الا اذا کان الذبح من تحت العقدة المسماة فی لسان العرف بالجوزة، بحیث تکون الجوزة مع الرأس.. و لیس فی النص عین ولا اثر لذلک، ولکن الفقهاء أخذوه عن أهل الخبرة و المعرفة الذین شهدوا له بأن قطع الاوداج الأربعة لا یتم الا ان تکون الجوزة مع الرأس.. فان صح هذا القول وجب أن تکون
الجوزة مع الرأس، و الا فلا.(2)
و لا بد من الاشارة هنا الی ما قاله صاحب المسالک من أنه لا دلیل علی وجوب قطع الاوداج الأربعة – غیر الحلقوم – الا الشهرة فقط، حیث اکتفی النص بذکر الحلقوم، فقد جاء فی صحیح الشحام: «اذا قطع الحلقوم، و خرج الدم فلا بأس به».
و أقصی ما استدل به القائلون بقطع الاوداج الأربعة ما جاء فی روایة ابنالحجاج عن الامام علیهالسلام: «اذا فری الاوداج فلا بأس بذلک».. وردهم صاحب المسالک بأنه لا تصریح فیها بأسماء الاربعة.
أما صاحب الجواهر فقد جزم و أصر علی قطع الاربعة، ولکنه لم یجد شیئا یرد به علی صاحب المسالک سوی قوله: قامت الشهرة العظیمة، و السیرة القطعیة، و اصالة عدم التذکیة.
و مهما یکن، فان المهم ان نکون علی علم بأن روایات أهلالبیت علیهمالسلام لم تنص صراحة الا علی الحلقوم، أما الثلاثة الباقیة فلم یرد لها ذکر صریح فی کلام الأئمة الأطهار علیهمالسلام.
و لیس من شک أن قطع الاربعة یوجب الیقین بحلیة الذبیحة، أما قطع الحلقوم فقط فلا ترکن النفس الیه، بخاصة بعد وجود السیرة و استمرارها منذ القدیم علی قطع الاربعة.
3 – تتابع قطع الاوداج الاربعة، فیقطعها جمیعا دفعة واحدة، أو یقطع الواحد تلو الآخر من غیر فاصل معتد به، فاذا فصل و تثاقل أمدا أکثر من المعتاد حرمت الذبیحة.
و الحق ان هذا لیس شرطا بذاته، و انما هو متفرع عن شرط استقرار الحیاة فی الحیوان عند ذبحه، فاذا قطع بعض الاوداج، و انتظر، حتی أشرفت الذبیحة علی الموت و قطع الاعضاء الباقیة تحرم لأن الشرط فی حلیة الذبیحة ان یستند موتها الی قطع جمیع الأعضاء، لا الی قطع بعضها دون البعض.
4 – التسمیة بقصد انها علی الذبیحة، فمن ترکها عامدا حرمت الذبیحة اجماعا و نصا، و یکفی قول الله اکبر، و الحمدلله، و لا اله الا الله، و بسم الله، و ما الیه، فقد سئل الامام علیهالسلام عن رجل ذبح، فسبح، أو کبر، أو هلل، أو حمد الله تعالی؟ قال: هذا کله من اسماء الله تعالی، و لا بأس به.
و لو نسی التسمیة لم تحرم الذبیحة اجماعا و نصا، و منه أن الامام الباقر أبا الامام الصادق علیهماالسلام سئل عن رجل ذبح و لم یسم؟ قال: ان کان ناسیا فلا بأس.
و ذهب جماعة من الفقهاء، منهم السید ابوالحسن الاصفهانی و السید الحکیم الی أن الذبیحة تحرم لو ترک الذابح التسمیة جهلا بوجوبها، لأن الجهل بالحکم لیس بعذر، و الفارق بین الجهل بوجوب الاستقبال، و الجهل بوجوب التسمیة هو النص، حیث صرح بأن الأول عذر، فخرج بذلک عن قاعدة «الجهل بالحکم لیس بعذر» و سکت عن الثانی، فبقی من موارد القاعدة و أفرادها.
5 – قال جماعة من الفقهاء، منهم صاحب الشرائع و الجواهر: یکفی فی حلیة الذبیحة أن یتحرک بعض اطرافها بعد الذبح، حتی ولو کان الطرف الاذن أو العین، أو یخرج منها الدم معتدلا، أی بقوة و دفع، فاذا تحرکت الذبیحة، و خرج
الدم متثاقلا لا معتدلا، أو خرج الدم معتدلا و لم تتحرک فهی حلال، و لا تحرم الا اذا اجتمع الامران معا: عدم الحرکة اطلاقا، و خروج الدم متثاقلا – أی سحا -.. قال الامام الصادق علیهالسلام: اذا تحرک الذنب، أو طرفت العین، أو الاذن فهو ذکی.. و سئل عن رجل ضرب بقرة بفأس، فسقطت، ثم ذبحها؟ قال: ان خرج الدم معتدلا فکلوا، و اطعموا، و ان کان خرج خروجا متثاقلا فلا تقربوه.
و الحق ان العبرة بأن نعلم استمرار حیاة الذبیحة الی تمام الذبح من غیر فرق بین أن یحصل من وجود الحرکة، أو من خروج الدم بقوة، أو من التنفس، أو أی شیء.. و ذکر الامام علیهالسلام الحرکة و الدم المعتدل، لأنهما أظهر العلامات علی الحیاة و أغلبها.
1) الجاهل علی قسمین: جاهل بالحکم، و هو الذی یعرف جهة القبلة، و یجهل وجوب الاستقبال، و جاهل بالموضوع، و هو الذی یعلم بوجوب الاستقبال، و یجهل جهة القبلة، و کلا الجاهلین معذور هنا، مع العلم بأن الفقهاء قالوا: ان الجهل بالموضوع عذر شرعی فی کل مورد، و ان الجهل بالحکم لیس بعذر بوجه عام، ولکنهم استثنوا من هذه القاعدة الجاهل بحکم الاستقبال بالذبیحة، لوجود النص.
2) قال صاحب الجواهر: بقی شیء کثر السؤال عنه فی زماننا، و هو دعوی تعلق الاعضاء الأربعة بالجوزة، فاذا لم یبقها الذابح فی الرأس لم یقطع الاربعة أجمع، أو لم یعلم بذلک، و ان قطع نصف الجوزة، و لم أجد لذلک أثر فی کلام الفقهاء و لا فی النصوص، و المدار علی قطعها، و العارفون أولی من غیرهم فی معرفة ذلک، و قد أشیر الیهم فی بعض النصوص بمن یحسن الذبح و یجیده. توفی صاحب الجواهر 1266 ه.