(الذی قصرت عن رؤیته أبصار الناظرین، و عجزت عن نعته أوهام الواصفین) الوهم: الخیال والتصور، و مهما سمت العقول فإنها تنتهی إلی حد، والمخلوق المحدود لا یحیط بالخالق المطلق الذی لا ینتهی إلی حد أما العیون فلا تری إلا المادة، والله منزه عنها. و قال السنة أتباع الأشعری: إن رؤیة الله تعالی ممکنة، واستدلوا بظاهر الآیة 23 من القیامة: «وجوه یومئذ ناضرة إلی ربها ناظرة» ولکن هذا الظاهر غیر مراد بنص القرآن الکریم: «لا تدرکه الأبصار و هو یدرک الأبصار- 103 الأنعام… قال رب أرنی أنظر إلیک قال لن ترانی- 143 الأعراف… فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعة بظلمهم- 153 النساء» و وجه الجمع بین الآیات أن یکون المراد بقوله تعالی: «إلی ربها ناظرة» أنها تنظر إلی فضله و ثوابه لا إلی ذاته القدسیة، و مصدر القرآن واحد، و آیاته یفسر بعضها بعضاً.
و فی الحدیث: «تفکروا فی خلق الله، ولا تفکروا فی ذات الله» و إذا تاهت العقول و عجزت عن توهم الذات القدسیة، فکیف تراها الأعین؟
ابتدع بقدرته الخلق ابتداعاً، واخترعهم علی مشیّته اختراعاً، ثمّ سلک بهم طریق إرادته، و بعثهم فی سبیل محبّته، لا یملکون تأخیراً عمّا قدّمهم إلیه، ولا یستطیعون تقدّماً الی ما أخّرهم عنه.