و نستخلص من هذه الأقوال ان هؤلاء الفقهاء قد أباحوا لحاکم الشرعی أن یطلق لعدم الانفاق سوی أن بعضهم خص ذلک بزوجة المعسر العاجز، کابن الجنید و صاحب الریاض، و بعضهم خصه بزوجة الممتنع عنه مع القدرة علیه، کصاحب الحدائق و الجواهر، و بعضهم عممه لهما معا، کالسید الحکیم و السید الیزدی.
و نحن نمیل الی رأیهما، و نری أن المعیار لجواز الطلاق هو تعذر الانفاق، سواء أکان سببه فقر الزوج و عجزه، أم عناده و عصیانه، و سواء أکان الزوج حاضرا، أم غائبا، لأن السبب الموجب هو عدم وصول الزوجة الی حقها فی
النفقة، و لأن قول الامام علیهالسلام: «لم یطعمها ما یقیم صلبها کان حقا علی الامام أن یفرق بینهما» عام و شامل لکل زوج لا ینفق علی زوجته لعسر أو عصیان، حاضرا کان أو غائبا. و فی ایامنا العلماء الکبار العدید من النساء، لا متناع الزوج عن الانفاق، فالسید محسن الأمین طلق زوجة رجل حکم علیه بالسجن المؤبد، و السید عبدالحسین شرفالدین طلق زوجة مهاجر من الغازیة، و السید أبوالحسن الاصفهانی و کل بعض الشیوخ بطلاق العشرات من النساء العاملیات، و بالأمس القریب و کل السید الحکیم بطلاق زوجة مهاجر من صور.
و قد ذاکرت الکثیر ممن أثق بعلمهم فی ذلک فرأیتهم علی یقین نم جواز الطلاق لعدم الانفاق، ولکنهم یحجمون خوفا أن تشیع الفوضی، و یتطفل من لیس أهلا للعلم، و لا أمینا علی الدین، فیجری الطلاق قهرا عن الزوج دون أن تتوافر المسوغات الشرعیة، و الأسباب الموجبة.. و الحل الوحید أن یتولی ذلک من تسالم العارفون به علی اجتهاده و عدالته و تحفظه.
