جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

حکم الشرط الفاسد

زمان مطالعه: 3 دقیقه

اذا لم تتوافر الشروط المتقدمة لصحة الشرط یکون فاسدا لا یجب الوفاء به بالاتفاق، ولکن هل یفسد العقد لفساد الشرط؟. و بکلمة: هل الشرط الفاسد یکون مفسدا للعقد أیضا، أو ان فساده لا یستدعی فساد العقد؟.

قال جماعة کثر من کبار الفقهاء المتقدمین و المتأخرین: ان فساد الشرط یوجب فساد العقد، کقاعدة کلیة، لا نخرج عنها الا بدلیل تعبدی خاص(1)

و الحق بعکس ما قالوه تماما، و ان الشرط الفاسد من حیث هو لا یستدعی

فساد العقد، و ان الحکم بفساد العقد مع فساد الشرط لا یکون الا بدلیل خاص، اذ لا تلازم عقلا و لا عرفا و لا شرعا بین الفسادین بما هما، بل لقد ثبت فی الشریعة فی العدید من الموارد أن فساد الشرط لا یستدعی فساد العقد، و من ذلک الروایات الواردة فی باب الزواج، و قد ذکرنا بعضها فی فقرة «غیر مخالف للکتاب» من هذا الفصل. و منها ما جاء فی غیر الزواج أیضا فقد روی الحلبی عن الامام علیه‏السلام أن عائشة اشترت بریدة، و هی مملوکة، فأعتقتها، و کان موالیها الذین باعوها اشترطوا علی عائشة أن لهم الولاء، و لکن الرسول الأعظم صلی الله علیه و اله و سلم قضی بأن الولاء لمن أعتق، أی لعائشة، و معنی هذا أن البیع صحیح و الشرط فاسد. و قد اعترف الشیخ الانصاری بصحة هذه الروایة سندا، و ظهورها فی عدم الافساد متنا، و قال ما نصه بالحرف الواحد:«الانصاف ان الروایة فی غایة الظهور». ولکنه مع ذلک قال: «الانصاف ان المسألة فی غایة الاشکال… و وجه الاشکال – علی ما یظهر من عبارته – هو قول جماعة من الکبار بأن الفاسد مفسد أیضا.

أما نحن فننکر ذلک کقاعدة عامة، و نقول بأن الفاسد قد یفسد و قد لا یفسد… انه یفسد اذا کان منافیا لمقتضی العقد، أو مستلزما للمحال، أو لجهالة أحد العوضین، و قد لا یفسد اذا لم یوجب شیئا من ذلک، و نعرض التفصیل کما یلی:

1- یکون الشرط فاسدا و مفسدا اذا کان منافیا لمقتضی العقد، کاشتراط عدم التملک فی عقد البیع، أو عدم التصرف اطلاقا فی البیع، أو عدم الاستمتاع بالزوجة بشتی ألوان الاستمتاع.

2- أیضا یکون فاسدا و مفسدا اذا کان مسلتزما للمحال، کاشتراط بیع المبیع من البائع، و بینا وجه المحال و سببه فی فقره «غیر محال» من هذا الفصل.

3- أیضا یکون مفسدا اذا کان الشرط مجهولا، علی أن تستدعی جهالة

الشرط الجهل بأحد العوضین، کما لو قال: اشتریت منک الفرس بشرط أن یکون له العدید من الصفات الحسنة. و لم یبین ما أراد بالصفات الحسنة، أما اذا کانت جهالة الشرط لا تستدعی الجهل بأحد العوضین فیفسد الشرط دون العقد، کما لو قال: اشتریت هذا الفرس علی أن تفعل شیئا، فالفرس معلوم بالعیان، و العقد علیه لا یوجب غررا، فیقع صحیحا، أما جهالة الشرط فتفسده وحده، ما دامت لم تسر الی المعقود علیه.

4- أما اذا کان الشرط مخالفا لکتاب الله، و سنة نبیه فینظر: فان تعلقت المخالفة فی المعقود علیه نفسه، کبیع الخشب بشرط جعله صنما، و العنب خمرا فسد العقد بالاتفاق، و فیه روایات عن أهل البیت علیهم‏السلام، و ان اقتصرت المخالفة علی الشرط، کبعتک هذا بشرط أن تشرب الخمر، أو تترک الصلاة فسد الشرط فقط دون العقد.

5- و اذا کان الشرط غیر مقدور ینظر: فان رجع العجز الی المعقود علیه نفسه، کبیع الزرع بشرط أن یجعله سنبلا، و الدابة بشرط أن یجعلها تحمل فی المستقبل فسد الشرط و العقد… أما اذا تعلق العجز بالشرط وحده، کما لو باعه الدار بشرط أن یخیط له الثوب بساعة، أو یجعله من الأعلام المبرزین فسد الشرط دون العقد.

6-أن لا یکون للشرط أیة منفعة لأحد، و لا غرض مقصود للعقلاء، کالبیع بشرط أن یأخذ من ماء البحر، ثم یرده الیه، فاذا اشترط هذا، و ما الیه من اللغو و العبث سقط الشرط و بقی العقد علی الصحة بالاتفاق.

و تقدم هذا التفصیل استطرادا فی تعداد الشروط لصحة الشرط، و جمعنا الشتات فی هذه الفقرة زیادة فی التوضیح، لأن الکثیر من متفقهی العصر یذهلون

عن هذا التفصیل الذی تحتمه الاصول و القواعد، فیستخرجون القاعدة العامة من مورد، أو موردین، دون أن یستقرأوا و یتتبعوا جمیع الموارد، فتری أحدهم اذا وقف علی شرط یتنافی مع مقتضی العقد قال: ان فساد الشرط یوجب فساد العقد اطلاقا، و یعارضه آخر قائلا: بل ان فساده لا یقتضی الفساد اطلاقا، یعارض لا لشی‏ء الا لأنه اطلع علی شرط لا یقتضی ذلک.

لذا نکرر للمرة الثالثة أن الشرط المنافی لمقتضی العقد، و المستلزم للمحال فاسد و مفسد، و ان الشرط الذی لا فائدة منه فاسد غیر مفسد، و ان الجهالة و العجز و المخالفة للمبادی‏ء الشرعیة ان رجع شی‏ء منها الی المعقود علیه بالذات فسد الشرط و افسد العقد، و ان اقتصرت الجهالة و العجز و المخالفة علی الشرط فقط سقط الشرط دون العقد، و ما عدا ذلک من الشروط التی توافرت فیها جمیع عناصر الصحة فهی غیر فاسدة و لا مفسدة، فان تحقق الشرط لزم العقد، و ان تخلف ثبت الخیار بین الفسخ و الامضاء مجانا.


1) یظهر من أقوال الشیخ الانصاری أن الفقهاء اتفقوا قولا واحدا علی أن الشرط الذی یکون منافیا لمقتضی العقد و المستلزم للمحال، و للجهل بأحد العوضین، أو کان من قبیل بیع الخشب بشرط أن یجعله صنما، کل هذه الشروط یفسد معها العقد و انما اختلف الفقهاء فیما عدا ذلک من الشروط.