من الجرائم ما یستدعی ارتکابها التعدی علی حق الله فقط، کالزنا بغیر المتزوجة، و اللواط، و شرب المسکر، فان من یفعل شیئا من هذه الموبقات فقد اعتدی علی حق الله، أی الحق العام، لأن الزنا و اللواط حصل برضا الطرفین، و لا طرف ثان فی شرب المسکر.. و الوجه فی أن هذا الفعل تعد علی حق الله أن الفاعل قد خالف أمره سبحانه، و استهان بحرماته جل و عز، و نشر الفساد فی الأرض.. الذی یضر بالمجتمع و الصالح و العام.. و بدیهة ان کل ما یمس الصالح بسوء فهو تعد علی حق الله.
و من الجرائم ما یستدعی ارتکابها التعدی علی حق الله و العبد معا، کالقذف و السرقة فان فیهما جهة شخصیة، و هی الضرر و الأذی لشخص معین. و أیضا فیهما مخالفة لأمر الله، و اضرار بالمجتمع و الصالح العام، لانتشار الفساد فی الأرض.
و یفترق کل من الحقین عن الآخر بأن الحق الخاص یجوز العفو عنه، و لا یجوز العفو عن الحق العام الا اذا ثبت بالاقرار علی التفصیل المتقدم فی فقرة توبة السارق، و توبة الشارب، و مسقطات الحد من هذا الفصل، و فی فقرة التوبة من اللواط، و لا طهارة أفضل من التوبة من فصل الحدود و التعزیرات.
و یفترقان أیضا بأن اقامة حد الله المحض لا تتوقف علی المطالبة، و لا یرثه أحد. أما اقامة السارق و القاذف فتتوقف علی المطالبة، و تنتقل حق المطالبة الی الورثة. و أیضا یقیم الحاکم حد الله بمجرد علمه، و لا یقیم الحد به فی حقوق الناس. و سبق الکلام عن ذلک فی فصل «اللواط و السحاق و القیادة» فقرة طریق الاثبات، رقم 3.
و اذا أقیم الحد علی السارق فعلیه أن یعید المسروق، و لا یسقط عنه بحال. قال الامام الباقر أبوالامام الصادق علیهماالسلام: السارق یتبع بسرقته، و ان قطعت یده و لا یترک أن یذهب بمال امریء مسلم.