الفرق بین الوصیة و منجزات المریض أن التصرف فی الوصیة معلق علی الموت، أما المنجزات فهی التی لم تعلق علی الموت، سواء لم تعلق ابدا، أو علقت علی أمر آخر یصح فیه التعلیق، کما لو نذر فی مرضه أن یضحی بهذا الکبش اذا رزق ذکرا، ثم ولد له ذکر بعد موته، فیدخل فی منجزات المریض. و قد جاء فی کتاب المغنی فی فقه الحنابلة، و کتاب التذکرة فی فقه الامامیة أن منجزات المریض تشترک مع الوصیة فی خمسة اشیاء، و تفترق عنها فی ستة.
و یظهر من الاتفاق فی لفظ العبارتین أن العلامة الحلی صاحب التذکرة الذی توفی سنة 726 ه قد أخذ عن ابنقدامة صاحب المغنی المتوفی سنة 620 ه. و من المفید أن نلخص اقوالهما فیما یلی:
أما الخمسة التی تشترک فیها المنجزات مع الوصیة فهی:
1- أن کلا منهما یقف نفوذها علی الخروج من الثلث، أو اجازة الورثة.
2- أن المنجزات تصح للوارث عند الامامیة، تماما کالوصیة، و عند الأربعة لا تصح للوارث، کما أن الوصیة کذلک.
3- أن کلا منهما أقل ثوابا عند الله من الصداقة فی حال الصحة.
4- ان المنجزات یراحم بها الوصایا فی الثلث.
5- ان خروجها من الثلث معتبر حال الموت لا قبله، و لا بعده.
و أما الستة التی تفترق بها المنجزات عن الوصیة فهی:
1- أن الموصی یجوز له الرجوع عن وصیته، و لا یجوز الرجوع للمعطی فی المرض عن عطیته اذا تحقق القبول و القبض من المعطی له، و السر أن الوصیة تبرع المشروط بالموت، فما دام الشرط لم یتحقق فانه یجوز العدول، أما العطیة فی المرض فهی مطلقة و غیر مشروطة بشیء.
2- أن المنجزات یکون قبولها، أو ردها علی الفور و فی حیاة المعطی، أما الوصیة فلا حکم لقبولها، و لا لردها الا بعد الموت.
3- أن المنجزات تفتقر الی شروط، کالعلم بحقیقة العطیة و عدم الضرر، و الوصیة لا یشترط فیها ذلک.
4- أن المنجزات تقدم علی الوصیة اذا ضاق الثلث عنهما معا، الا فی العتق، فان الوصیة به تقدم علی غیره من العطایا المنجزة، و هو رأی الامامیة و الحنفیة و الشافعیة (التذکرة باب الوصیة).
5- أن المنجزات اذا ضاق عنها الثلث بدیء بالأول فالأول عند الشافعیة و الحنابلة، أما الوصیة اذا ضاق عنها الثلث فیدخل النقص علی الجمیع، کما أشرنا فی تزاحم الوصایا. و الامامیة یبدأون بالأول فالأول فی المنجزات و الوصایا.