هل تملک الزوجة المهر المسمی بمجرد العقد، أو یتوقف ملکها له علی الدخول؟
ذهب المشهور بشهادة صاحب الجواهر و الحدائق الی أنها تملکه بالعقد و ان لم یدخل، لقوله تعالی: (فآتوا النساء صدقاتهن نحلة).(1) حیث أوجب تعالی اعطاء الصداق لهن دون أن یقیده بالدخول.. هذا، الی أن الرجل یملک التصرف بالمرأة یعود الی الدخول بمجرد العقد فوجب أن تملک هی المهر أیضا بمجرد العقد.
و تسأل: لقد ثبت عن الامام الصادق علیهالسلام أنه قال: لا یوجب المهر الا الوقاع.
و الجواب: ان هذا القول من الامام لا ینفی الملک قبل الوقاع، بل الملک موجود، ولکن لا یستقر الا بالوقاع.. و بکلمة ان الملک علی نوعین: ملک متزلزل، و ملک ثابت، و الزوجة تملک نصف المهر قبل الدخول ملکا متزلزلا، فاذا ما دخل الزوج صار الملک ثابتا.. هذا، الی ان صاحب الجواهر قال: ان هذه الروایة، و هی «لا یوجب المهر الا الوقاع» یراد بها نفی احتمال ثبوت المهر کاملا بالخلوة، و هو غیر بعید، لأن سیاقها یدل علی ذلک، و تأتی الاشارة الی ذلک فی فقرة الخلوة.
و یترتب علی ملک الزوجة للمهر بمجرد العقد احکام، منها ان لها التصرف فی المهر قبل قبضه و من غیر اذن الزوج اذا کان عینا خارجیة و منها ان نماءه لها من تاریخ العقد، و منها یجوز أن تمتنع عن الزوج حتی تقبض المهر المعجل کاملا.
و متی قبضت المهر فلا یحق لها الامتناع، و اذا امتنعت تعد ناشزا تسقط
نفقتها، و تستحق النفقة علی الزوج اذا امتنعت قبل أن تقبض المهر، لأن امتناعها لمبرر شرعی، علی شریطة أن لا تکون قد مکنته من نفسها، فاذا مکنته و لو مرة واحدة قبل أن تقبض المهر فلیس لها أن تمتنع بعد ذلک محتجة بعدم قبض المهر. قال صاحب الجواهر: «هذا هو المشهور، و هو أشبه بأصول المذهب و قواعده، لأن للزوج أن یستمتع بها بمجرد العقد – سواء أدفع المهر أو لم یدفعه – خرج من ذلک الاستمتاع قبل القبض بالاجماع، فیبقی الباقی علی أصله، و لأن حقها قد سقط برضاها، و لا دلیل علی عودته».
و اذا کانت الزوجة صغیرة لا تصلح للفراش، و الزوج کبیرا فلولی الزوجة أن یطالب بالمهر، و لا یجب الانتظار الی بلوغ الزوجة، لأن المفروض أنها تملک المهر بمجرد العقد، و اذا کانت الزوجة کبیرة، و الزوج صغیرا فلها أن تطالب ولی الزوج بالمهر، و لا یجب علیها الانتظار الی أن یبلغ، للسبب نفسه.
و اذا تشاح الزوج و الزوجة فقالت هی: لا أطیع، حتی أقبض المهر. و قال: هو: لا أعطی المهر، حتی تطیع أجبر الزوج علی تسلیم المهر الی أمین، و ألزمت هی بالطاعة، فان أطاعت سلم المهر الیها، و استحقت النفقة، و ان امتنعت فلا تعطی المهر، و تسقط نفقتها، و ان امتنع هو عن تسلیم المهر الی الأمین حکم علیه بالنفقة ان طلبتها، لأن النشوز من جهته لا من جهتها.
1) النساء: 4.