اتفقوا علی أن الزوجة الدائمة تجب نفقتها علی الزوج، و ان المتمتع بها لا نفقة لها، و اختلفوا: هل تجب النفقة بمجرد العقد، أو أنها لا تجب الا بالعقد و الطاعة معا.
و یظهر الفرق بین القولین فی موارد:
«منها» اذا اختلفا فی الطاعة، فقالت هی: لم امنع عنک نفسی فأنا مطیعة مستحقة للنفقة. و قال هو: بل أنت ناشزة، فلا تستحقین النفقة، فعلی القول الأول، و هو ان العقد لوحده موجب للنفقة یکون الزوج مدعیا، علیه البینة، و هی منکرة علیها الیمین، و علی القول الثانی، و هو ان الموجب للنفقة العقد و الطاعة تنعکس الآیة، و یکون هو منکرا، و هی مدعیة.. و بتعبیر الفقهاء انه علی الأول یکون العقد مقتضیا للنفقة، و النشوز مانعا، و الأصل عدم المانع، حتی یثبت العکس، و علی القول الثانی تکون الطاعة شرطا لوجوب النفقة، و الأصل عدم وجود الشرط، حتی یثبت العکس.
و «منها» اذا عقد علیها، و بقیت أمدا عند أهلها، فتجب نفقتها علی القول الأول طوال تلک المدة، لمکان العقد الذی افترضنا أنه مقتض للنفقة، و لا تستحقها علی القول الثانی.
و علی أیة حال، فقد ذهب أکثر الفقهاء بشهادة صاحب الشرائع و الحدائق الی أن العقد بمجرده لا یوجب النفقة، بل لابد من ثبوت الطاعة معه. قال صاحب الحدائق: «لم أقف علی مصرح بأن العقد بمجرده موجب للنفقة».
و الصواب ان العقد بمجرده لا یقتضی النفقة، و لا عدمها، و ان ما دل من الروایات علی وجوب طاعة الزوجة للزوج انما ورد لبیان حقه علیها، و لا دلیل فیه من قریب أو بعید علی أن الطاعة شرط للنفقة أو لیست بشرط، کما ان ما دل علی وجوب النفقة انما ورد لبیان أصل الوجوب من حیث الفکرة، بصرف النظر عن الطاعة و النشوز.
و ربما انا نعلم أن الزوجة المطیعة لها النفقة، و ان الناشزة لا تستحقها، و انا
نشک أن هذه المرأة مطیعة أو غیر مطیعة، و لا دلیل أو أصل یثبت أحد الأمرین فیکون الأصل عدم وجوب النفقة، حتی یثبت العکس، و علی هذا، اذا طلبت النفقة فعلیها أن تثبت أنها مطیعة، فاذا عجزت عن الاثبات حلف الزوج، وردت دعواها.
أجل، اذا علمنا الحال السابقة، و أنها کانت مطیعة استصحبنا وجود الطاعة، و حکمنا بالنفقة، حتی یثبت العکس، و اذا علمنا بأنها کانت ناشزة استصحبنا النشوز، حتی یثبت العکس، مع العلم بأن مجرد الشک فی النشوز کاف باسقاط النفقة.