المغارسة أن یتفق اثنان علی أن تکون الأرض من أحدهما یدفعها الی الآخر، لیغرس فیها نوعا من الشجر علی أن یکون بینهما، و قد أجمع الفقهاء بشهادة صاحب الجواهر و الحدائق علی بطلان ذلک، سواء أجعل للغارس جزء من الأرض، أو لم یجعل له منها شیء.
و لم یذکر صاحب الجواهر وجها للبطلان الا أصل الفساد، و هذه عبارته بالحرف: «المغارسة باطلة عندنا، لأن الاصل الفساد».
و قال صاحب العروة الوثقی: «حکی عن الاردبیلی، و صاحب الکفایة الاشکال فی هذا الأصل، لا مکان استفادة الصحة من العمومات، و هی فی محله ان لم یکن اجماع».. و العمومات الموجبة للصحة هی تجارة عن تراض، و المؤمنون عند شروطهم.
و نحن علی رأی القائل بالجواز و الصحة ما دام التراضی متحققا من الطرفین، و الشروط سائغة، و غیر مجهولة، أما الاجماع فلیس بشیء بعد أن عرفنا مستنده، و أنه أصل الفساد، لأن هذا الأصل محکوم بالعمومات، کما قال المحقق
الاردبیلی.
و علی افتراض عدم صحة هذه المعاملة مغارسة فانها تصح صلحا، أو غیره من العقود، و ان لم تکن من العقود المسماة، و ذلک أن یجعل نصف الغرس و سقیه و خدمته مدة معینة لقاء جزء من الأرض، أو لقاء منفعتها أمدا معینا، قال السید أبوالحسن الأصفهانی فی وسیلة النجاة آخر باب المساقاة: «بعد بطلان المغارسة یمکن التوصل الی نتیجتها بادخالها تحت عنوان آخر مشروع، کأن یشترکا فی الأصول.. ثم یؤجر الغارس نفسه لغرس حصة صاحب الأرض و سقیها و خدمتها مدة معینة بنصف منفعة الأرض فی تلک المدة، أو نصف عینها».. الی غیر ذلک من الطرق السائغة شرعا.