جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

اللمعة السادسة والعشرون فی شرح الدعاء السادس والعشرین

زمان مطالعه: 11 دقیقه

بسم الله الرحمن الرحیم

و به نستعین

الحمد لله الذی جعل التذکّر للجیران و الأولیاء سنّةً سنیّةً، و البرّ و الإحسان إلیهم طریقةً جیّدةً؛ و الصلاة و السلام على الحقیقة الأحمدیّة، و على أهل بیته و عترته المعصومیّة.

فیقول المستعین للحضرة الأحدیّة على توفیق التذکّر للجیران و الأولیاء الحقیقیّة محمد باقر بن السیّد محمّد من السادات الموسویّة – کان الله جاراً و ولیّاً لهما فی العوالم الموجودیّة بحقّ محمّدٍ و آله خیر البریّة-: هذه اللمعة السادسة و العشرون من لوامع الأنوار العرشیّة فی شرح الصحیفة السجّادیّة – علیه و على آبائه و أبنائه صلاةٌ غیر متناهیةٍ -.

وَ کَانَ مِنْ دُعَائِهِ- عَلَیْهِ السَّلاَمُ- لِجِیرَانِهِ وَ أَوْلِیَائِهِ إِذَا ذَکَرَهُمْ.

«الجیران»: جمع جار؛ و هو لغةً: المجاور فی السکن – کما مرّ -. و قیل: «المجاور بلافاصلةٍ»(1)، کما قال الفیّومیّ: «جاوره مجاورةً(2): إذا لا صقه فی السکن»(3)

و شرعاً قیل: «من یلی الدار إلى أربعین ذراعاً من کلّ جانبٍ»، و به قال الشهید الأوّل فی اللمعة(4)؛

و قیل: «أربعین داراً من کلّ جانبٍ»؛

و قال الشهید الثانی فی شرح اللمعة: «و الأقوى الرجوع فی الجیران إلى العرف، لأنّ القول الأوّل و إن کان هو المشهور إلّا أنّ مستنده ضعیفٌ، و القول الثانی مستندٌ إلى روایةٍ عامّیّةٍ روتها عائشة من النبیّ – صلّى الله علیه و آله و سلّم – قال: «الجارّ إلى أربعین داراً»(5)

و کأنّه – رحمه الله – غفل عمّا رواه ثقة الإسلام فی الکافی(6) بسندٍ حسنٍ – بل صحیحٍ – عن أبی جعفرٍ – علیه السلام – انّه قال: «حدّ الجوار أربعون داراً من کلّ جانبٍ من بین یدیه و عن خلفه و عن یمینه و عن شماله»؛

و(7) عن أبی عبدالله – علیه السلام – قال: «قال رسول الله – صلّى الله علیه آله و سلّم -: کلّ أربعین داراً جیرانٌ من بین یدیه و من خلفه و عن یمینه و عن شماله». فمستند القول الثانی هاتان الروایتان، لا ماروته عائشة. فلا معدل من القول به؛ هکذا ذکره الفاضل الشارح(8)

و لکن المعمول به فی زماننا هذا انّ معرفته موکولٌ إلى العرف.

اعلم! أن حقّ الجوار قریبٌ من حقّ الرحم، فانّ له حقّاً وراء حقّ المسلم على أخیه المسلم؛ قال النبیّ – صلّى الله علیه و آله و سلّم -: «الجیران ثلاثةٌ: جارٌ له حقٌ واحدٌ، و هو

الجار المشرک له حقّ الجار؛ و جارٌ له حقّان حقّ الجوار و حقّ الإسلام، و هو الجار المسلم؛ و جارٌ له ثلاثة حقوقٍ حقّ الجوار و حقّ الإسلام و حقّ الرحم، و هو الجار المسلم ذوالرحم»(9)

و قیل له: «انّ فلانة تصوم النهار و تقوم اللیل إلّا انّها تؤذی جیرانها،

فقال: هی فی النار!»(10)؛

و قال – صلّى الله علیه و آله و سلّم -: «ما آمن بی من بات شبعانا و جاره جائعٌ»(11)؛

و عنه – صلّى الله علیه و آله و سلّم -: «ما زال أخی جبرئیل یوصینی بالجار حتّى ظننت أنه یورّث!»(12)

<و یطلق الجار على الناصر و الحلیف، و هو المعاهد؛ یقال منه: تحالفنا: إذا تعاهدا على أن یکون أمرهما واحداً فی النصرة و الحمایة، لأنّ کلّاً منهما لصاحبه على التناصر؛ و: بینهما حِلفٌ و حِلفةٌ - بالکسر - أی: عهدٌ>(13)

ثمّ اعلم! أنّه لا ینحصر حقّه فی کفّ الأذى، فانّه حقّ کلّ أحدٍ؛ بل لابدّ من الرفق و اسداء الخیر و تشریکه فیما یملکه و یحتاج هو إلیه من المطاعم، و عیادته فی المرض، و تعزیته عند مصیبته، و تهنئته فی مسرّته، و الصفح عن زلّته و ستر عورته، و غضّ البصر عن حرمته، و التوجّه لعیاله فی غیبته، و الإشارة إلى مصلحته، و تشییع جنازته، و أن

لایضایقه فیما یلتمس منه إذا أمکنه، و لم یضرّه مطلقاً، و لا یطیل البناء علیه فیشرف على بیته أو یحجب الهواء عنه إلّا بإذنه؛ و غیر ذلک ممّا ورد فی الأخبار. و معیار الکلّ رضاؤهم عنک، فان قالوا: أحسنت، کنت محسناً، و إن قالوا مسیءٌ، کنت مسیئاً – کما فی النبویّ -(14)

و علیک بالتعمیم فی الجار کما قلناه لک فی «الأبوین» و «الإبن» من الجسمانیّة و الروحانیّة.

<و «الأولیاء»: جمع ولیّ، فعیلٌ بمعنى فاعلٍ. و یطلق على معانٍ کثیرةٍ- کما مرّ غیر مرّةٍ-، و المناسب هنا-: المحبّ و المعین و الناصر و الصدّیق - ذکراً کان أو أنثى ->(13)

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ تَوَلَّنِی فِی جِیرَانِی وَ مَوَالِىَّ الْعَارِفِینَ بِحَقِّنَا، وَ الْمُنَابِذِینَ لأعْدَائِنَا بِأَفْضَلِ وَلاَیَتِکَ.

و «تولّنی» أی: اجعلنی متولّیاً لأمورهم و قضاء حوائجهم. قال ابن الأثیر فی النهایة: «و کأنّ الولایة تشعر بالتدبیر و القدرة و الفعل»(15)

و «فی» ظرفیّةٌ مجازیّةٌ.

و «موالیّ العارفین بحقّنا» أی: المحبّین و الناصرین العارفین بحقّنا، أی: بإمامتنا القائلین بنا و بأنّنا منصوصون من جانب الله و رسوله لخلافته و وصایته واحداً بعد واحدٍ، و کون طاعتنا مفروضةً کطاعة الله و رسوله – لقوله تعالى: (أَطِیعُوا اللهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِى الأَمْرِ مِنْکُمْ)(16) -. و کون محبّتنا واجبةً – لقوله تعالى: (قُلْ لَا أَسْأَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِی الْقُربَى)(17) -، و نحن خزّان علم الله و حججه على الخلائق کلّها، و نحن رؤساء الکلّ و الکلّ مرؤوسٌ، و بأیدینا تربیة الکلّ، و لنا الولایة الکلّیّة – کما مرّ غیر مرّةٍ -.

والحاصل: الاعتقاد فیهم ما اعتقدت فی حقّ محمّدٍ – صلّى الله علیه آله و سلّم – إلّا النبوّة. فخرج أهل الخلاف الّذین نصبوا عداوتهم و جهلوا حقّهم و ما عرفوهم، بل کفروا بهم! فصارت میتتهم میتةً جاهلیّةً!!. فالصفة حینئذٍ احترازیّةٌ.

و «المنابذه» – بالذال المعجمة -: مفاعلةٌ من النبذ، و هو طرح الشیء و رمیه؛ قال – تعالى -: (فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ)(18) أی: رفضوه و طرحوه و رموا به. و قیل-: «المنابذة-: المعاندة، من: نابذه على الحرب: کاشفه»(19) و هی صفةٌ أخرى لل «موالی». <و فی النعتین إشارةٌ إلى أنّ موالاتهم - علیهم السلام - لا یکون إلّا بمعرفة حقّهم و مخالفة أعدائهم و معاداتهم>(20)، و انّهم – علیهم السلام – أصول کلّ خیرٍ و أعداؤهم أصول کلّ شرٍّ، لما روی عن أبی عبدالله – علیه السلام – قال: «نحن أصل کلّ خیرٍ و من فروعنا کلّ برٍّ، فمن البرّ التوحید والصلاة والصیام و کظم الغیظ و العفو عن المسیء و رحمة الفقیر و تعهّد الجار و الإقرار بالفضل لأهله؛ و عدوّنا أصول کلّ شرٍّ و من فروعهم کلّ قبیحٍ و فاحشةٍ، فمنهم الکذب و البخل و النمیمة و القطیعة و أکل الرباء و أکل مال الیتیم بغیر حقًّه و تعدّی حدود الله الّتی أمر الله و رکوب الفاحشة(21) – ما ظهر منها و ما بطن – و الزنا و السرقة و کلّ ماوافق ذلک من القبیح؛ فکذب من زعم انّه معنا و هو متعلّقٌ بفروع غیرنا»(22)

و «الباء» من قوله: «بأفضل» إمّا للإستعانة – فیکون الظرف لغواً متعلّقاً ب «تولّنی» -؛ و إمّا للملابسة – فیکون مستقرّاً متعلّقاً بمحذوفٍ هو حالٌ من فاعل «تولّنی» -، أی: متلبّساً بأفضل ولایتک.

وَ وَفَّقْهُمْ لاِقَامَةِ سُنَّتِکَ، وَ الاخْذِ بِمَحَاسِنِ أَدَبِکَ فِی إِرْفَاقِ ضَعِیفِهِمْ، وَ سَدَّ خَلَّتِهِمْ، وَ عِیَادَةِ مَرِیضِهِمْ، وَ هِدَایَةِ مُسْتَرْشِدِهِمْ، وَ مُنَاصَحَةِ مُسْتَشِیرِهِمْ، وَ تَعَهُّدِ قَادِمِهِمْ، وَ کِتْمَانِ أَسْرَارِهِمْ، وَ سَتْرِ عَوْرَاتِهِمْ، وَ نُصْرَةِ مَظْلُومِهِمْ، وَ حُسْنِ مُوَاسَاتِهِمْ بِالْمَاعُونِ، وَ الْعَوْدِ عَلَیْهِمْ بِالْجِدَةِ وَ الاِفْضَالِ، وَ إِعْطَاءِ مَا یَجِبُ لَهُمْ قَبْلَ السُّؤَالِ.

هکذا فی نسخة الأمّ؛ و قیل: «و فی روایةٍ: «و وفّقنی»، و هو أولى»(23)؛

والعهدة علیه، لأنّ عدم الوجدان لا یدلّ على عدم الوجود.

و قیل: «یمکن أن یکون قوله- علیه السلام-: «فی إرفاق ضعیفهم» متعلّقاً ب- «ولایتک»، أو ب- «تولّنی»؛

و هو و إن کان بحسب الظاهر بعیداً لکنّه بحسب المعنى أحسن.

و قال الفاضل الشارح: «المناسب لعنوان الدعاء هو ما علیه الروایة من لفظ: «وفّقهم»، فیکون الغرض الدعاء لهم بالتوفیق باستعمال هذه الآداب و الأخذ بها فی معاشرة بعضهم بعضاً»(24)؛ انتهى.

أقول: هذا لا تناسبه فقرة القبل و فقرات البعد!؛ و القیل الثانی أقرب.

و «السُنّة» – بالضمّ -: الطریقة؛ و فی نسخةٍ: «سنن» – بالجمع -.

و «أدب» کلّ شیءٍ: محافظته على وجهٍ لا یتجاوز حدّه من طرفی الاِفراط و التفریط. و أدب کلّ شیءٍ بحسبه، فأدب الجسم جسمانیٌّ، و أدب النفس نفسانیٌّ، و أدب العقل عقلانیٌّ، و أدب الإله إلهیٌّ؛ بل الآداب کلّها آدابٌ إلهیّةٌ- کما لا یخفى على من له بصیرةٌ-.

و «فی أرفاق ضعیفهم». < بکسرة الهمزة: إیصال الرفق إلیهم؛ و بفتحها: أفعالٌ من

الرفق، و هو اللطف(25) >(26) و هو إمّا متعلّقٌ ب- «وفّقهم»، أو ب- «تولّنی»، أو بکلتیهما- على سبیل التنازع -، أو ب- «الإقامة» و «الأخذ».

و «السدّ»: الإصلاح.

و «الخلّة» الحاجة؛ أی: إصلاح حاجتهم.

و «هدایة مسترشدهم» أی: إرشاد من طلب الرشاد منهم.

و «مناصحة مستشیرهم» أی: قول محض الحقّ من غیر أن یخالطه الباطل لمن طلب المشورة منهم.

و «تعهّد قادمهم» أی: مراعاة من یرد علیهم من السفر- کالاستطلاع إلى خبره و القیام بحاجته -… و غیر ذلک -. و فی نسخة ابن ادریس: «و تفقّد غائبهم»؛ و فی الکفعمیّ تدخل هذه الفقرة فی الأصل.

< و «کتم» زیدٌ الحدیث کتماً: لم یطّلع علیه أحداً.

و «الأسرار»: جمع سِرّ – بالکسر -، و هو ما تخفیه و تکتمه من غیرک، و منه: «صدور الأحرار قبور الأسرار»؛ أی: إخفاء ما یحبّون إخفائه.

و «العوْرات» – بسکون الواو للتخفیف، و القیاس الفتح، و هو لغة هذیلٍ -: جمع عورة، و هی کلّ شیءٍ یستره الإنسان أنفةً أو حیاءً.

و «النُصرة» – بالضمّ -: الإعانة.

و «المواساة»: مصدر آسیته بنفسی – بالهمز و المدّ – أی: سوّیته بها. و فی النهایة: «المواساة: المشارکة و المساهمة فی المعاش و الرزق. و أصله الهمزة، و قد تقلب(27)»(28) و فی القاموس: «آساه بماله مواساةً: أناله و جعله فیه أسوةً. أو لا یکون ذلک إلّا من کفافٍ،

فان کان من فضلةٍ فلیس مواساةً(29)»(30) >؛(31) انتهى.

و «الماعون» أصله المعونة، فالألف بدل الهاء. و هو اسمٌ لما یعان به – کأثاث البیت <من القدر و الفأس و غیرهما ممّا جرت العادة بعاریته. و قیل: «الفرض و المعروف» >.(32)

<و قیل: «هو کالعاریة و نحوها»؛

و قیل: «هو مطلق الإعانة على أیّ نحوٍ کان»>(33)

و یسمّى الماء أیضاً «ماعوناً»، و یسمّى الطاعة و الانقیاد: «ماعوناً». <و فیه تلمیحٌ إلى الآیة الکریمة: (الَّذِینَ هُمْ یُرَاعُونَ - وَ یَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ)(34) روى فی تفسیره أبوبصیر عن الصادق - علیه السلام - قال: «هو القرض یقرضه و المعروف تصطنعه و متاع البیت یعیره، و منه الزکاة،

قال(35): فقلت(36): انّ لنا جیراناً إذا أعرناهم متاعاً کسروه(37) ! فعلینا جناحٌ بمنعهم(38) ؟

قال: لا، لیس علیک جناحٌ إن تمنعهم(39) إذا کانوا کذلک»(40) >.(41)

و جمعه مع الریاء والتهدید علیه یؤذن بتحریمه، والقول به غیر بعیدٍ لولا انعقاد الإجماع على کراهته.

و قوله – علیه السلام -: «و العود علیهم» من العائدة بمعنى: إیصال المعروف إلیهم(42)؛

أو بمعنى: الرجوع – أى: التکرار – علیهم بالإنعام.

و «الجدة»: الغناء والثروة.

و «الإفضال» هنا: الکثرة فی العطاء.

< و «إعطاء ما یجب لهم قبل السؤال» إمّا عطفٌ على «العود»؛ أو على: «الإفضال»؛ و التقدیر: و اعطائهم ما یجب لهم، فحذف المفعول الأوّل المضاف إلیه - لدلالة الکلام علیه - و أضاف المصدر إلى المفعول الثانی >(43)

وَ اجْعَلْنِی- اللَّهُمَّ!- أَجْزِی بِالاِْحْسانِ مُسِیئَهُمْ، وَ أُعْرِضُ بِالتَّجَاوُزِ عَنْ ظَالِمِهِمْ، وَ أَسْتَعْمِلْ حُسْنَ الظَّنِّ فِی کَافَّتِهِمْ، وَ أَتَوَلَّى بِالْبِرَّ عَامَّتَهُمْ، وَ أَغُضُّ بَصَرِی عَنْهُمْ عِفَّةً، وَ أُلِینُ جَانِبِی لَهُمْ تَوَاضُعاً، وَ أَرِقُّ عَلَى أَهْلِ الْبَلاَءِ مِنْهُمْ رَحْمَةً، وَ أُسِرُّ لَهُمْ بِالْغَیْبِ مَوَدَّةً، وَ أُحِبُّ بَقَاءَ النَّعْمَةِ عِنْدَهُمْ نُصْحاً، وَ أُوجِبُ لَهُمْ مَا أُوجِبُ لِحَامَّتِی، وَ أَرْعَى لَهُمْ مَا أَرْعَى لِخَاصَّتِی.

یعنی: أللهمّ اجعلنی موفّقاً لأنّ أعمل مع المسیئین من الجیران و الموالی الإحسان إلیهم بدلاً عن إساءتهم إلیّ، ف- «الجزاء» هنا یستعمل فی مقابلة السیّئة بالحسنة؛ قال الشاعر:

یَجزُونَ عَن ظُلمِ أَهلِ الْظُلمِ مَغْفِرَةً++

وَ عَن إِسَاءَةِ أَهلِ السُّوءِ إِحسَانَا(44)

و قال بالفارسیّة-:

بدى را بدى سهل باشد جزا++

اگر مردى أحسن إلى من أسا(45)

و «أعرض»- بصیغة المتکلّم- من: الإعراض؛ یقال: أعرضت عن الشیء: أضربت و ولّیت عنه، أی: أعفو و أتجاوز عن ظلم الظالمین منهم فی حقّی.

و «استعمل» به أی: أعمل بحسن الظنّ فی جملتهم و قاطبتهم.

و «کافّة» قیل: «فی الأصل اسمٌ لجماعةٍ تکفّ مخالفیها، ثمّ استعملت فی معنى جمیع».

و «التاء» فیها للنقل من الحرفیّة إلى الاسمیّة- کما فی عامّة و خاصّة-.

و قیل: «هی فی الأصل صفةٌ من «کفّ» بمعنى: منع، استعملت بمعنى الجملة بعلاقة انّها مانعةٌ للأجزاء عن التفرّق. و «التاء» فیها للتأنیث».

و أکثر النحویّین على أنها من الأسماء اللازمة للنصب على الحالیّة، و أنّها مختصّةٌ بمن یعقل، و یقع مضافةً؛ و کفاهم شاهداً قوله – علیه السلام -، فلا عبرة بقول من قال بخلافها.

قوله – علیه السلام-: «و أتولّی بالبر عامّتهم».

«البرّ»: العطف و الصلة و الاتّساع فی الإحسان، أی: و اجعلنی أمدّ و أعین جملتهم متلبّساً بالبرّ لهم و العطف علیهم.

<و «غضّ» الرجل بصره و من بصره - من باب نصر-: خفض.

و «العفّة»: الکفّ عمّا لا یحلّ، کنایةً عن ستر عیوبهم؛ أی: و اجعلنی أغضّ بصری عمّا لا یحلّ لى النظر إلیه من عوراتهم – أی: عیوبهم-. و انتصاب «عفّة» إمّا على المصدریّة- أی: أغضّ عفّةً – أو على المفعول لأجله – أی: للعفّة-؛ و قس علیه نظائره من المنصوبات الآتیة.

و «لین الجانب»-: کنایةٌ عن الرفق و التلطّف و التواضع؛ و منه قوله – تعالی-: (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ).(46) یقال: لان یلین لیناً و لَیاناً – بالفتح -، و یتعدّی بالهمزة و التضعیف، فیقال: ألانه و لیّنه تلییناً.

و «التواضع»: التذلّل، و هو خلاف الترفّع و التکبّر؛ أی: إلانة تواضعٍ، أو: لأجل التواضع.

و «رقّ» له یرقّ – من باب ضرب – رِقّةً – بالکسر -: عطف و تحنّن علیه. و عدّاه ب- «على» لتضمینه معنى: العطف و التحنّن.

و «أهل البلاء»: المبتلون بالمکروه.

و «الرحمة»: رقّة القلب >(47)؛ أی: أکون رقیق القلب على المبتلین منهم بالداء و المصائب.

و «أسرّ لهم» فی الصحاح: «أسررت الشیء: کتمته أو(48) أعلنته(49)، من الأضداد»(50) -(51) و لا یبعد إرادتهما هنا و إن کان الأوّل هو الأظهر(52)، لأنّ الثانی لا داعی إلیه مع خلافه للظاهر.

و «الغیب» بمعنى: الغیبة، أی: حال غیبتهم؛ أو بمعنى: القلب، أی: أسرّ لهم بقلبی «مودّةً».

و انتصاب «مودّة» – کنظائره السابقة – على المصدریّة، أو المفعول لأجله؛ أی: اسرار مودّةٍ، أو: لأجل المودّة.

قوله – علیه السلام-: «و أحبّ بقاء النعمة عندهم نصحاً» أی: و أجعلنی أحبّ و أودّ دوام النعمة عندهم محبّة نصحٍ لهم؛ أو: لأجل النصح – کنظائره-. و یحتمل أن یکون الانتصاب فی الکلّ على التمییزیّة.

قوله – علیه السلام-: «و أوجب لهم ما أوجب لحامّتی -… إلى آخره -»، بتشدید المیم- من: حمّ الشیء یحمّ حمّاً من باب ضرب-: قرب و دنا. ف- «حامّتی» أی: أقربائی و أهل بیتی؛ و منه قوله – صلّى الله علیه و آله و سلّم-: «هؤلاء أهل بیتی و حامّتی اذهب(53) عنهم الرجس»(54)

و «رعى» له حقّه و حرمته رعیاً و رعایةً: حفظه.

و «خاصّة» الإنسان: مَن له به خصوصیّةٌ من نسبٍ أو مودّةٍ.

و «التاء» فیها للمبالغة؛ أی: أوجب و ألزم لهم ما أوجب و أثبت لأقاربی.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ ارْزُقْنِی مِثْلَ ذَلِکَ مِنْهُمْ، وَ اجْعَلْ لِی أَوْفَى الْحُظُوظِ فِیما عِنْدَهُمْ، وَ زِدْهُمْ بَصِیرَةً فِی حَقِّی، وَ مَعْرِفَةً بِفَضْلِی حَتَّى یَسْعَدُوا بِی وَ أَسْعَدَبِهِمْ، آمِینَ رَبَّ الْعَالَمِینَ.

«الرزق»: هنا بمعناه اللغوی، و هو: العطاء؛ أی أعطنی مثل ما سألتک أن تجعلنی علیه فی معاشرتهم، فیکونوا لی کما أکون لهم و یریدوا فی حقّی ما أریده فی حقّهم.

و «أوفى» أی: أتمّ، من: و فى الشیء یفی: إذا تمّ.

<و «الحظوظ»: جمع حظّ بمعنى: النصیب.

و «فیما عندهم» أی: من محاسن الآداب و مکارم الأخلاق و صدق الموالاة و حسن الإعتقاد و الطاعة و الإنقیاد -… إلى غیر ذلک ممّا یرغب فیه السیّد الرئیس من موالیه و أتباعه->(55)

و «البصیرة»: العلم و الخبرة، و قد یراد بها: قوّة القلب المنوّر بنور القدس یرى بها حقائق الأشیاء و بواطنها، بمثابة البصر للنفس یرى به صور الأشیاء و ظواهرها؛ و هی الّتی تسمّیها الحکماء: العاقلة النظریّة و القوّة القدسیّة.

و قوله: «فی حقّی» أی: و فی الواجب الثابت لی على جمیع الخلق. و المراد ب- «حقّه» – علیه السلام – قیل: «اعتقاد إمامته و فرض طاعته و وجوب موالاته و الاقتداء به والردّ إلیه و التسلیم له»(56)؛ انتهى.

أقول: حقّه – علیه السلام – حقّ الإیجاد والتربیّة، فبعد الحقوق الواجبة حقوق الولایة

الکلّیّة؛ و لذا قال- صلّى الله علیه و آله و سلّم -: من مات و لم یعرف إمام زمانه مات میتةً جاهلیّةً»(57)

و «المعرفة»: إدراک الشیء على ما هو علیه؛ و قد تقدّم الکلام علیها.

اعلم! أنّ معرفة کلّ شیءٍ فرع الإحاطة به، و إحاطة المحاط على المحیط محالٌ، فمعرفته – علیه السلام – لا یحصل إلّا بمحبّته و متابعته. و بقدر المحبّة و المتابعة یحصل المعرفة حتّى وصل إلى أعلى الدرجات – کما یشاهد فی الحدیدة المحمیّة -. فالعلم و المعرفة قابلٌ للزیادة والنقیصة – کما مرّ بیانه فی الإیمان -.

و «الفضل» و الفضیلة: الدرجة الرفیعة فی الشرف و الحسب و العلم و المعرفة.

و «حتّى» بمعنى: کی التعلیلیّة؛ أی: کی تحصل لهم السعادة الأبدیّة بسببی و تحصل لی السعادة بسببهم؛ أمّا سعادتهم بسببه – علیه السلام – فظاهرةٌ، لأنّهم بسببه – علیه السلام – کسبوا الصفات الحسنة و فازوا إلى الدرجات الرفیعة و اتّصلوا بمبادیهم القدسیّة؛ و أمّا سعادته – علیه السلام – بهم فبسبب تربیتهم و إرشادهم و تبلیغهم إلى مطلوبهم و بغیتهم الأصلیّة الفطریّة و میلهم من الکثرة إلى الوحدة الحقیقیّة.

و قیل: «هو – علیه السلام – إذا قضى حقوقهم و عاملهم بأکرم الأخلاق المذکورة فقد استحقّ من الله – تعالى – جزیل الثواب، فکانت هذه السعادة من الله – تعالى – حاصلةً بسببهم»(58)؛

و قیل: «سعادته – علیه السلام – بهم إمّا سعادةٌ دنیویّةٌ باعتبار أنّهم متى اعتقدوا إمامته تحرّوا خدمته فسعد بهم فی الدنیا؛ و إمّا سعادةٌ أخرویّةٌ. و ذلک لأنّه یهدیهم و یدعو لهم و ینفعهم و یشفع لهم، و کلّ ذلک سببٌ لرفع الدرجات فی الآخرة؛ مع أنّ الشفاعة فوق جمیع

المراتب»(59)

<و «آمین»: اسم فعلٍ مبنیٌّ على الفتح، و معناه: استجب لی؛ أو: کذلک فلیکن. و فی الحدیث عن النبیّ - صلّى الله علیه و آله و سلّم -: «علمّنی جبرئیل- علیه السلام - آمین و قال-: انّه کالختم على الکتاب، أی-: استجب و اقبل دعائی»؛

و عن أمیرالمؤمنین – علیه السلام -: «انّ آمین خاتمٌ إلهیٌّ»>(60)، کما انّ الخاتم یحفظ الکتابة عن نظر الغیر فکذلک آمین یحفظ الدعاء عن الخیبة و یجعل الداعی مأموناً عن العقاب»(61)؛ و قد مرّ الکلام علیه مستوفىً فی آخر اللمعة الثانیة عشرة و السابعة عشرة، فلیرجع إلیه.

و قد وفّقنی الله – تعالى – لإتمام هذه اللمعة السادسة و العشرین فی لیلة الأحد من العشر الأوّل لشهر ربیع الثانی سنة إحدى و ثلاثین و مأتین بعد الألف من الهجرة النبویّة – علیه صنوف الآلآء و التحیّة -.


1) هذا قول ابن الإعرابیّ على ما حکاه عنه ثعلب، راجع: التعلیقة الآتیة.

2) المصابح: + و جواراً من باب قاتل، والاسم الجُوار بالضمّ.

3) راجع: «المصباح المنیر» ص 157.

4) راجع: «الروضة البهیّة» ج 5 ص 29.

5) راجع: نفس المصدر، انظر أیضاً: «بحارالأنوار» ج 65 ص 223.

6) راجع: «الکافی» ج 2 ص 669 الحدیث 2، وانظر: «وسائل الشیعة» ج 12 ص 132 الحدیث15855.

7) راجع: «الکافی» ج 2 ص 666 الحدیث 1، نفس المصدر و المجلّد ص 669 الحدیث 1، وانظر: «وسائل الشیعة» ج 12 ص 132 الحدیث 15856، «مستدرک الوسائل» ج 8 ص431 الحدیث 9906.

8) راجع: «ریاض السالکین» ج 4 ص 151.

9) راجع – مع تغییرٍ فی بعض الألفاظ -: «مستدرک الوسائل» ج 8 ص 424 الحدیث 9878، «جامع الأخبار» ص 138، «روضة الواعظین» ج 2 ص 388، «شرح نهج البلاغة» ج 17 ص 10.

10) راجع – مع تغییر -: «بحارالأنوار» ج 68 ص 394، «مجموعة ورّام» ج 1 ص 90.

11) راجع: «الکافی» ج 2 ص 668 الحدیث 14، «وسائل الشیعة» ج 12 ص 129 الحدیث15849، «بحارالأنوار» ج 74 ص 193، «عوالی اللئالی» ج 1 ص 269 الحدیث 74.

12) راجع: «مستدرک الوسائل» ج 8 ص 422 الحدیث 9869.

13) قارن: «ریاض السالکین» ج 4 ص 152.

14) لم أهتد إلى مراده.

15) راجع: «النهایة» ج 5 ص 227.

16) کریمة 59 النساء.

17) کریمة 23 الشورى.

18) کریمة 187 آل عمران.

19) هذا قول محدّث الجزائریّ، راجع: «نورالأنوار» ص 142.

20) قارن: «ریاض السالکین» ج 4 ص 153.

21) المصدر: الفواحش.

22) راجع: «الکافی» ج 8 ص 243 الحدیث 336، «وسائل الشیعة» ج 27 ص 70 الحدیث33226، بحارالأنوار» ج 24 ص 303.

23) کما عن المحدّث الجزائریّ ناسباً هذا الضبط إلى نسخة الکفعمیّ و غیرها، راجع: «نورالأنوار»ص 142.

24) راجع: «ریاض السالکین» ج 4 ص 154.

25) وانظر: «شرح الصحیفة» ص 261.

26) قارن: «نور الأنوار» ص 142.

27) النهایة:… الهمزة فقلبت واواً تخفیفاً.

28) راجع: «النهایة» ج 1 ص 50.

29) القاموس المحیط: بمواساةٍ.

30) راجع: «القاموس المحیط» ص 1159 القائمة 1.

31) قارن: «ریاض السالکین» ج 4 ص 157.

32) قارن: «التعلیقات» ص61.

33) قارن: «شرح الصحیفة» ص 262.

34) کریمتان 7 / 6 الماعون.

35) الکافی: قال.

36) الکافی: + له.

37) الکافی: + و أفسدوه.

38) الکافی: إن نمنعهم.

39) الکافی: علیکم جناحٌ إن تمنعوهم.

40) راجع: «الکافی» ج 3 ص 499 الحدیث 9، و انظر: «وسائل الشیعة» ج 9 ص 159 الحدیث11740.

41) » نورالانوار» ص 142.

42) وانظر: نفس المصدر.

43) قارن: «ریاض السالکین» ج 4 ص 160.

44) البیت لأنیف بن قریط العنبریّ، انظر: «شرح نهج البلاغة» ج 2 ص 109، «شرح المرزوقی على دیوان الحماسة» ج 1 ص 22.

45) البیت الشیخ السعدیّ، راجع: «بوستان» ص 271 السطر 15.

46) کریمة 159 آل عمران.

47) قارن: «ریاض السالکین» ج 4 ص 166.

48) المصدر: و.

49) المصدر: + أیضاً.

50) راجع: «صحاح اللغة» ج 2 ص 683 القائمة 2.

51) وانظر: «التعلیقات» ص 61.

52) خلافاً للمحدّث الجزائریّ حیث قال: «و إن کان الثانی هو الأظهر، بل قیل یتعیّن…»، راجع: «نور الأنوار» ص 142.

53) المصدر: أللهمّ فاذهب.

54) راجع: «بحارالأنوار» ج 35 ص 220، «تفسیر فرات الکوفیّ» ص 333 الحدیث 453، وانظر: «تأویل الآیات» ص 449، «شواهد التنزیل» ج 2 ص 62 الحدیث 684.

55) قارن: «ریاض السالکین» ج 4 ص 171.

56) هذا قول علّامة المدنیّ، راجع: «ریاض السالکین» ج 4 ص 172.

57) راجع: «بحارالأنوار» ج 32 ص 331، «مستدرک الوسائل» ج 18 ص 187 الحدیث22467، «وسائل الشیعة» ج 16 ص 246 الحدیث 21475، «الصراط المستقیم» ج 2 ص277، «الصوارم المهرقة» ص 89.

58) هذا قول علّامة المدنیّ، أیضاً راجع: «ریاض السالکین» ج 4 ص 172.

59) هذا قریبٌ من قول محدّث الجزائریّ، راجع: «نور الأنوار» ص 142.

60) قارن: «شرح الصحیفة» ص 264. والروایتان قد تکلّمنا حولهما فیما مضت من تعالیق الکتاب، و انظر أیضاً: التعلیقة الآتیة.

61) وانظر: «النهایة» ج 1 ص 72.