بسم اللّه الرحمن الرحیم
و به نستعین
یا من هو مرجع استقالة المذنبین و مفزع انتحاب المنیبین و ساتر عیوب الخاطئین و غافر ذنوب العاصین، و الصلاة و السلام على خاتم النبیّین و على آله و أهل بیته الطیّبین.
و بعد؛ فیقول العبد المذنب المستغیث إلى رحمة ربّه القادر القویّ محمّد باقر بن السیّد محمّد الموسویّ ـ غفر اللّه ذنوبهما و جعل الجنّة مثواهما ـ هذه اللعمة السادسة عشرة من لوامع الأنوار العرشیّة فی شرح الصحیفة السجّادیّة ـ علیه و على آبائه و أبنائه صلواتٌ متتالیةٌ و سلاماتٌ مترادفةٌ إلى یوم القیامة ـ.
وَ کَانَ مِنْ دُعَائِهِ ـ عَلَیْهِ السَّلاَمُ ـ إِذَا اسْتَقَالَ مِنْ ذُنُوبِهِ، أَوْ تَضَرَّعَ فِی طَلَبِ الْعَفْوِ عَنْ عُیُوبِهِ.
<«استقال» أی: سأل الإقالة، و هی التجاوز عن الذنب. و أصلها من: أقال عثرته: إذا رفعه من سقوطه؛ و منه الإقالة فی البیع، لأنّها رفع العقد.
و «الذنوب»: جمع ذنب، و هو الإثم؛ و عرّف: بأنّه ما یحجب العبد عن اللّه.
و «التضرّع»: التذلّل و الابتهال؛ من: ضَرع له یضرَع ـ بالفتح فیهما ـ ضراعةً أی: ذلّ.
و «العفو»: المحو، و عدّی بـ «عن» لتضمینه معنى التجاوز.
و «العیوب»: جمع عیب، و هو الوصمة.
اللَّهُمَّ یَا مَنْ بِرَحْمَتِهِ یَسْتَغیثُ الْمُذْنِبُونَ، وَ یَا مَنْ إِلَى ذِکْرِ إِحْسَانِهِ یَفْزَعُ الْمُضْطَرُّونَ، وَ یَا مَنْ لِخِیفَتِهِ یَنْتَحِبُ الْخَاطِؤُونَ.
تقدیم الجارّ و المجرور فی المواضع الثلاثة لإفادة الحصر>(1)
و قوله – علیه السلام ـ: «یا من برحمته» بدلٌ عن قوله: «أللّهمّ».
و «الباء» إمّا للسببیّة؛ أو للصلة.
و «الإغاثة»: طلب النصرة و الإعانة و کشف الشدّة، یقال: أغاثهم اللّه برحمته أی: کشف شدّتهم.
<و «الذکر» فی اللغة: التنبّه لشیءٍ(2)، و إذا ذکرت شیئاً فقد تنبّهت له، و من ذکّرک شیئاً فقد نبّهک علیه؛ و قد مرّ معناه الاصطلاحیّ و أقسامه فیما سبق.
و «یفزع» أی: یلتجأ.
و «المضطرّ»: مفتعَلٌ من الضرورة، و هو الّذی اشتدّ ضرّه و بلغ منه کلّ مبلغٍ>(3) و
وجه الالتجاء إلیه: إنّ ذکر الاحسان شکرٌ له، و شکره تزید فیه؛ أمّا الأوّل فلقوله ـ تعالى ـ: (وَ أَمَّا بِنِعمَةِ رَبِّکَ فَحَدِّثْ)(4)؛ و أمّا الثانی فلقوله ـ سبحانه ـ: (لَئِنْ شَکَرتُمْ لاََزِیدَنَّکُمْ)(5) فالمضطرّ یلتجىء لازدیاد الإحسان إلى ذکره.
و قیل: «فیه إشارةٌ إلى أنّ ذکر إحسانه ـ سبحانه ـ یسدّ خلَّتهم، فکیف إذا أحسن علیهم باحسانه الجسیم؟!».
و «الخیفة»: الخوف؛ أصلها: خِوْفة، فقلبت الواو یاءً ـ لانکسار ما قبلها ـ.
قوله – علیه السلام ـ: «ینتحب الخاطؤون» أی: یرفعون أصواتهم بالبکاء.
و «النحب» ـ بالهاء المهملة ـ: البکاء، و «النحیب»: رفع الصوت بالبکاء، و «الانتحاب»: البکاء بصوتٍ طویلٍ و مدٍّ، و «الانتحاب» أیضاً: مطاوع نحبه ینحبه بمعنى فزعه، و «المناحبة»: المخاطبة و المراهبة.
و فی نسخةٍ: «الخطّاؤون»(6)
یَا أُنْسَ کُلِّ مُسْتَوْحِشٍ غَرِیبٍ، وَ یَا فَرَجَ کُلِّ مَکْرُوبٍ کَئِیبٍ، وَ یَا غَوْثَ کُلِّ مَخْذُولٍ فَرِیدٍ، وَ یَا عَضُدَ کُلِّ مُحْتَاجٍ طَرِیدٍ.
«الأنس»: مصدر قولک: آنست به أنساً ـ ککفرت به کفراً ـ مبنیٌّ للمفعول، یقال: آنس زیدٌ: إذا سکن قلبه و لم ینفر؛ أی: یا من یأنس به کلّ مستوحشٍ غریبٍ. أو المراد من «الأنس»: المونس؛ و بـ «الفرج»: المفرّج ـ من باب زیدٌ عدلٌ ـ للمبالغة.
و «الوحشة»: هی خلاف الأنس.
و «الکئیب» من الکئابة بمعنى: الغمّ و السآمة؛ و أیضاً: الکَأَبَة ـ بالتحریک ـ و الکآبة ـ بالمدّ ـ: سوء الحال من الحزن و انکسار البال؛ أی: یا مونس کلّ غریبٍ من الوطن المجازیّ أو الحقیقیّ ـ کما مرّ سابقاً ـ صار بفقد المونس صاحب وحشةٍ!، و یا دافع غمّ کلّ مغمومٍ محزونٍ!.
و «الغوث»: اسمٌ من أعانه و نصره.
و «الخذلان»: خلاف الغوث، من خَذَله یَخذُله ـ من باب قتل ـ: إذا ترک عونه و نصرته، و الاسم: الخِذلان ـ بالکسر ـ.
و «الفرید»: المنفرد.
<و «العضد» فی الأصل ما بین المرفق و الکتف، ثمّ استغیر للمعین و الناصر؛ و الجامع
الاستعانة، و هی استعارةٌ تبعیّةٌ.
و «الطرید»: فعیلٌ بمعنى مفعولٍ، من طرده طرداً ـ من باب قتل ـ: إذا دفعه و أبعده>(7)
أَنْتَ الَّذِی وَسِعْتَ کُلَّ شَیْءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً، وَ أَنْتَ الَّذِی جَعَلْتَ لِکُلِّ مَخْلُوقٍ فِی نِعَمِکَ سَهْماً.
«وسِع» الإناء المتاع ـ بالکسر ـ یسعَه ـ بالفتح ـ، أی: اتّسع له؛ أی: رحمتک و علمک شاملان لکلّ شیءٍ. لما مرّ تحقیق ذلک سابقاً من أنّ الشیء مساوقٌ للوجود و انّ العلم عین الوجود، فرحمته و علمه یعمّان کلّ الأشیاء.
و «السهم»: النصیب، و هو فی الأصل واحد «السهام» الّتی یُضرب بها فی المیسر ـ و هی القداح ـ ثمّ سمّی ما یفوز به الفالج سهماً تسمیةً بالسهم بالمضروب به، ثمّ کثر حتّى سمّی کلّ نصیبٍ سهماً»؛ قاله الزمخشریّ فی الفائق(8)
و أتى بلفظ «النعم» مجموعاً ـ کما هو فی أمّ النسخ ـ ایذاناً بتنوّعها، لأنّ منها ما هو محسوسٌ و غیر محسوسٍ، و معلومٌ و غیر معلومٍ؛ فلاعبرة بما فی بعض النسخ من المفرد.
و جاء بالعائد فی خبر الموصول مخاطباً و إن کان الأکثر کونه غائباً ـ کما فی الفقرات الآتیة ـ استلذاذاً بالخطاب.
وَ أَنْتَ الَّذِی عَفْوُهُ أَعْلَى مِنْ عِقَابِهِ، وَ أَنْتَ الَّذِی تَسْعَى رَحْمَتُهُ أَمَامَ غَضَبِهِ.
أی: عفوه أکثر مع اتّصافه بالعلوّ، و لذا لم یقل: «أکثر». و قیل: «أعلى، أی: أغلب، کقوله ـ تعالى ـ: (لاَتَخَفْ إِنَّکَ أَنتَ آلاَعلَى)(9)، أی: أنت الغالب علیهم».
<و «سعى» یسعى سعیاً ـ من باب أبى ـ: عدا فی مشیه.
و «الأمام» ـ بالفتح ـ نقیض الوراء. و سعی الرحمة أمام الغضب عبارةٌ عن سبقها له ـ کما ورد فی دعاءٍ آخر: «سبقت رحمتک غضبک»(10) ـ.
قال شارح الفصوص فی معنى: «سبق الرحمة الغضب»: «اعلم! أنّ الغضب فی جناب الإلهیّ لیس إلّا افاضة الوجود على حالٍ غیر ملائمٍ للمغضوب علیه فی المغضوب علیه بحیث یتضرّر و یتألّم؛ و لاشکّ انّ تلک الإفاضة أمرٌ وجودیٌّ یطلب الوجود ـ الّذی هو الرحمة ـ، فما لم یتحقّق الوجود ـ الّذی هو الرحمة ـ لم یتحقّق الغضب، فهو مسبوقٌ بالحرمة؛ و أیضاً إفاضة الوجود مطلقاً هو الرحمة، لکن قد ینصبغ باعتباره متعلّقةً بصبغ الغضب، و لاشکّ انّ انصباغها بهذا الصبغ متأخّرٌ عنها، فهذا معنىً آخر لسبق الرحمة الغضب. و قد یجعل الصبغ بمعنى الغلبة، فسبق الرحمة الغضب باعتبار غلبتها علیه آخراً»(11)؛ انتهى>(12)
اعلم! أنّ الرحمة على نوعین:
رحمةٌ ذاتیّةٌ مطلقةٌ امتنانیّةٌ هی الّتی وسعت کلّ شیءٍ، و من هذه الرحمة کلّ عطاءٍ تقع لا عن سؤالٍ أو حاجةٍ و لا لسابقة حقٍّ أو استحقاقٍ لوصفٍ ثابتٍ للمعطى له أو حالٍ مرضیٍّ یکون علیه(13) کالدرجات و الخیرات الحاصلة فی الجنّة لقومٍ بالبرّ المسمّى فی الجمهور:
عنایةً، لابعملٍ عملوه و خیرٍ قدّموه، کما ورد: «انّه تبقى فی الجنّة مواضع خالیةً یملأها اللّه
بخلقٍ یخلقهم لم یعملوا خیراً قطّ! إمضاءً لسابق حکمه و قوله، لکلّ واحدةٍ منکما ملؤها»(14)
و متعلّق طمع إبلیس هذه الرحمة الامتنانیّة الّتی لایتوقّف على شرطٍ. و قد حکی أنّ سهل التستریّ رأى إبلیس فقال له: هل ترجو رحمةً من عند اللّه؟
قال: نعم!، لأنّ رحمته (وَسِعَتْ کُلَّ شَیْءٍ)،
فقال سهلٌ: لکنّه قیّدها بقوله: (فَسَأَکْتُبُهَا لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ)(15) ـ… الآیة ـ،
فقال إبلیس: مه یا سهل! فانّ التقیید صفتک لا صفته!!؛
و الرحمة الأخرى هی الرحمة الفائضة عن الرحمة الذاتیّة و المنفعلة عنها بالقیود الّتی من جملتها الکتابة ـ المشار الیها بقوله: (کَتَبَ رَبُّکُمْ عَلَى نَفسِهِ الرَّحمَةَ)(16)، و بقوله: (فَسَأَکْتُبُهَا لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ) ـ. فهی مقیّدةٌ موجبةٌ بشروطٍ من أعمالٍ و أحوالٍ و غیرهما.
و قیل: «لاشکّ انّه کما تکون الرحمة أمام الغضب تکون خلفه أیضاً ـ لأنّ غضبه لیس غیر متناهٍ ـ، فینقطع الغضب بالرحمة، کما اشار إلیه ـ سبحانه ـ بقوله: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسرِ یُسراً – إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ یُسْراً)(17) حیث وقع العسر بین یسرین. روی عنه ـ صلّى الله علیه و آله و سلّم ـ إنّه خرج مسروراً فرحاً، و هو یضحک و یقول: «لن یغلب عسرٌ یسرین»(18) إذ من قواعد العربیّة: انّه إذا أعید المعرّف فالمراد الأوّل، بخلاف المنکّر ـ قال الفرّاء: «إنّ العرب یقول: إذا ذکرت نکرةً و أعدتها(19) نکرةً صارتا اثنتین، کقولک: کسبت درهماً کما(20) کسبت درهماً، فالثانی غیر الأوّل؛ و إذا أعدتها معرفةً فهی هی ـ. فعلم أن غضباً واحداً بین الرحمتین من رحماته: سابقةٍ و لاحقةٍ؛ فاللام الأولى لتعریف الجنس و إفادة الاستغراق، و
الثانیة لافادة العهد»(21)
و قیل: «لمّا کانت الرحمة مقصودةً بالذات و الغضب مقصوداً بالعرض ـ و ما بالذات مقدّمٌ على ما بالعرض ـ کانت الرحمة سابقةً للغضب»(22)؛
و قیل: «لأنّ غضبه ـ تعالى، کما عرفت ـ من حیث الرحمة الواسعة». و قد روی عن الصادق – علیه السلام ـ: «إنّ اللّه ـ تعالى ـ لمّا نفخ فی آدم الروح ثمّ عطس آدم ألهمه اللّه ـ تعالى ـ قول: الحمد للّه ربّ العالمین؛ فقال اللّه ـ تبارک و تعالى ـ: رحمک اللّه یا آدم!. فهذا معنى قول النبیّ ـ صلّى الله علیه و آله و سلّم ـ: یا من سبقت رحمته غضبه»(23)
و الحقّ انّ المراد بـ «الرحمة السابقة للغضب» هو الوجود المنبسط الّذی وسعت کلّ شیءٍ وجوداً و مهیّةً، لأنّ المراد بالرحمة هو الخیر و الفیض الفائض من الفیّاض؛ و لمّا کان هذا خیراً ـ بل هو الخیر! ـ و شاملاً لجمیع الموجودات عبّر عنها بها، فوجود الغضب أیضاً من رحمة اللّه على عین الغضب. فبالرحمة أوجد اللّه عین الغضب، فیکون أصله خیراً. و کذا ما یترتّب علیه من الآلآم و الأسقام و البلایا و المحن و أمثالها ممّا لایلائم بعض الطبائع؛ و إلیه أشار ـ صلّى الله علیه و آله و سلّم ـ بقوله: «إنّ الخیر کلّه بیدیک و الشرّ لیس إلیک»(24)
و من أمعن النظر فی لوازم الغضب ـ من الأمراض و الآلآم و الفقر و الجهل و الموت و غیر ذلک ـ یجدها کلّها بما هی أعدامٌ أو أمورٌ عدمیّةٌ معدودةً من الشرور، و أمّا بما هی موجوداتٌ فهی کلّها خیراتٌ فائضةٌ من منبع الرحمة الواسعة ـ الّتی هی الوجود الانبساطیّ
الشامل لکلّ شیءٍ ـ. فعلى هذا یجزم العقل بأنّ صفة الرحمة ذاتیّةٌ للّه ـ تعالى ـ و صفة الغضب عارضةٌ ناشئةٌ من أسبابٍ عدمیّةٍ، إمّا لقصور الوجودات الإمکانیّة عن الکمال بحسب درجات بُعدها عن الحیّ القیوم، أو لعجز المادّة عن قبول الوجود على الوجه الأتمّ.
حکى الشیخ العراقی فی رسالته المسمّاة باللمعات: «انّه سمع أبویزید البسطامیّ هذه الآیة: (یَومَ نَحْشُرُ المُتَّقِینَ إِلَى الرَّحمَنِ وَفْداً)(25)، فشهق شهقةً و قال: من یکون عنده!، کیف یحشر إلیه؟!. و جاء آخر فقال: مِن اسم الجبّار إلى اسم الرحمن، من القهّار إلى الرحیم»(26)؛ انتهى.
أقول: إنّما أشار العراقیّ بقوله: «و جاء آخر» إلى الشیخ محیی الدین الأعرابی. و المراد: انّ الموجودات کلّها موجودةٌ بوجودٍ جمعیٍّ قرآنیٍّ إلهیٍّ قبل وجودها بوجودٍ تفصیلیٍّ فرقانیٍّ فی عالم الأسماء، و هو مراد من قال: «إنّ رحمته ـ و هی الصفات الجمالیّة ـ مقدّمةٌ على غضبه ـ و هو صفاته الجلالیّة ـ ؛ بل عند التحقیق لاغضب له أصلا!؛ فتدبّر.
وَ أَنْتَ الَّذِی عَطَاوُهُ أَکْثَرُ مِنْ مَنْعِهِ.
«العطاء» ـ بالمدّ و القصر ـ: اسمٌ من أعطیته الشیء: إذا سمحت له به.
و ذلک لأنّ عطاؤه مستمرٌّ مستقرٌّ، بخلاف منعه، إذ الممکن کما یحتاج إلى العلّة المحدثة و الموجبة یحتاج إلى العلّة المبقیة؛ لأنّ علّة الاحتیاج إلى العلّة المبقیة هی الإمکان، و هو لازمٌ لذات الممکن.
و قیل: «و لمّا کانت نعم اللّه ـ تعالى ـ المتسفیضة عن جوده و عطائه على خلقه غیر منحصرةٍ و لامعدودةٍ ـ کما قال سبحانه: (وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَتُحْصُوهَا)(27) ـ و کان
منعه لا عن بخلٍ و لا ضیقٍ ـ بل لحکمةٍ و مصلحةٍ ظاهرةٍ أو خفیّةٍ ـ لاجرم کان عطاؤه أکثر من منعه»(28)؛ کما ورد فی الحدیث القدسیّ: «إنّ من عبادی من لایصلحه إلّا الفقر و لو أغنیته لأفسده ذلک ـ… الحدیث ـ»(29)، و هو الّذی مرّ سابقاً. فسبحان(30) من لایزیده کثرة العطاء
إلّا کرماً و جوداً!.
وَ أَنْتَ الَّذِی اتَّسَعَ الْخَلاَئِقُ کُلُّهُمْ فِی وُسْعِهِ، وَ أَنْتَ الَّذِی لاَ یَرْغَبُ فِی جَزَاءِ مَنْ أَعْطَاهُ، وَ أَنْتَ الَّذِی لاَ یُفْرِطُ فِی عِقَابِ مَنْ عَصَاهُ.
«الوسع» ـ مثلّثةً ـ: الجدة و الغنى ـ کالسعة، و الهاء عوضٌ من الواو ـ.
و من الأسماء الحسنى: «الواسع»، و هو الّذی وسع غناه فقر فقراء عباده و وسع رزقه جمیع خلقه؛ أو وسع علمه و إحسانه و إنعامه جمیع ماسواه حتّى یبلغه إلى ما یتمنّاه. و سعة العبد فی وسع الصدر بحیث لایضیق لخوف الفقر و غلبة الحرص و الشکّ و الشبهة.
و قیل: «وسع الظرف الماء، و: اتّسع الماء فی الظرف؛ کما یقال فی الفارسیّة: «این کوزه گنجایش این آب دارد»، یا: «این آب در این کوزه مى گنجد» و شبهه، و المراد هو الثانی، أی: کلّ الخلائق فی سعة رحمته یعیشون بالاستراحة. فقوله: «اتّسع» مطاوعٌ لوسِعه الشیء ـ بالکسر ـ یسعه سعةً فاتّسع هو فیه».
و «الجزآء» ـ بالمد ـ: المکافاة على الشیء؛ و المعنى: أنت الّذی لایطلب العوض ممّن أعطاه، فانّه ـ سبحانه ـ غنیٌّ مطلقٌ عمّا سواه. و فیه تنزیهٌ له ـ تعالى ـ عن صفة المخلوقین، لأنّ الرغبة فی الجزاء من لوازم الاحتیاج، و هو ینافی وجوب الوجود. و أیضاً: إنّما الداعی و الغایة الأخیرة لفعله هو ذاته المقدّسة، و إذا کان کذلک فلایرغب فی جزاء مَن أعطاه.
و قیل:«لایرغب بأن یتوقّع الطاعة فی مقابلة عطائه، فانّه لاتزید فی ملکه طاعة المطیعین و لاتنقصه معصیة العاصین».
و «لایُفرِط» من باب الإفعال؛ یقال: أفرط فی الأمر یفرط افراطاً أی: أسرف و تجاوز الحدّ. و بروایة ابن ادریس من باب التفعیل من: فرّط فی الأمر تفریطاً(31) أی: قصّر فیه و ضیّعه حتّى فات؛ <و المعنى على هذا: انّه ـ سبحانه ـ لایترک عقاب من عصاه إهمالاً و تقصیراً منه، بل یجازی العاصی بمعصیته، کما قال فی محکم کتابه: (لَیْسَ بِأَمَانِیِّکُم وَ لاَ أَمَانِیِّ أَهْلِ الْکِتَابِ مَنْ یَعْمَلْ سُوءً یُجْزَ بِهِ وَ لاَیَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِیّاً وَ لاَنَصِیراً)(32)>(33)، و کلّما یمکن التخفیف ـ بحیث لایفوت العدل فی استیفاء الحقّ لمن له الحقّ ـ فَعَلَه. روی انّه لمّا نزلت الآیة المذکورة بکى المسلمون و حزنوا، و قالوا: یا رسول اللّه! ما أبقت هذه الآیة من شیءٍ!
فقال ـ صلّى الله علیه و آله و سلّم ـ: «أما و الّذی نفسی بیده انّها کما نزلت، و لکن ابشروا و قرّبوا و سدّدوا: انّه لاتصیب أحداً منکم مصیبةٌ إلّا کفّر اللّه بها حتّى الشوکة یشاکها أحدکم فی قدمه!»(34)؛
و عن أبی جعفرٍ- علیه السلام ـ: «إنّ اللّه إذا کان من أمره أن یکرم عبداً له و له ذنبٌ ابتلاه بالسقم، فان لم یفعل ذلک به(35) ابتلاه بالحاجة، فان لم یفعل ذلک به(35) شدّد علیه الموت لیکافأه بذلک!»(36)؛
و عن أبی عبداللّه – علیه السلام ـ قال: «قال رسول اللّه: قال اللّه ـ تعالى ـ: و عزّتی و جلالی لا أخرج عبداً من الدنیا و أنا أرید أن أرحمه حتّى استوفی منه کلّ خطیئةٍ عملها، إمّا
بسقمٍ فی جسده و إمّا بضیقٍ فی رزقه و إمّا بخوفٍ فی دنیاه، فان بقیت علیه بقیّةٌ شدّدت علیه عند الموت»(37) و الأخبار فی هذا المعنى کثیرةٌ.
و فی روایةٍ: «یَفْرُط»(38) ـ بفتح الیاء و ضمّ الراء، من باب نصر ـ، أی: یعجّل، و منه فی التنزیل الکریم: (إِنَّا نَخَافُ أَنْ یَفْرُطَ عَلَیْنَا)(39) أی: یبادر بعقوبتنا و یعجّل علینا بها؛
فالمعنى: إنّه ـ سبحانه ـ لایبادر و لایعجّل فی عقاب من عصاه، بل یحلم و یتأنّی علیه لیراجع التوبة تفضّلاً منه؛ أو لما فی ذلک من الحکمة و المصلحة الّتی هو أعلم بها.
وَ أَنَا ـ یَا إِلَهِی! ـ عَبْدُکَ الَّذِی أَمَرْتَهُ بِالدُّعَاءِ، فَقَالَ لَبَّیْکَ وَ سَعْدَیْکَ، هَا أَنَا ذَا ـ یَا رَبِّ! ـ مَطْرُوحٌ بَیْنَ یَدَیْکَ.
و هذه الجملة عطفٌ على سابقتها؛ و إنّما أعاد النداء لبعد العهد، فلایتوهّم انّه خارجٌ عن سیاق سابقه.
و حاصل الکلام: یا إلهی! أنت صاحب الرحمة الواسعة و النعم السابقة و أنا طالبٌ للأمور المذکورة بأمرک المطاع فی قولک: (أُدْعُونِی أَستَجِبْ لَکُمْ)(40)
و «لبّیک» قال الفاضل الشارح: «مثنّى مصدر: لبّ بالمکان: إذا قام به. و جوّز أن یکون مصدر «ألبّ» بمعنى: لبّ، فیکون محذوف الزوائد. و الأوّل هو المختار، لأنّ الأصل عدم الحذف، فالأصل إذن ألبّ لک لبّین، أی: أقیم على طاعتک لبّاً کثیراً متتالیاً متکرّرآ؛ و لیس المراد خصوص الاثنین و جعلت التثنیة دالّةً على التکثیر، لأنّها أوّل تضعیفٍ للعدد.
و زعم یونس انّ «لبّیک» مفردٌ کـ «لدیک»، و الأصل: لَبَب ـ کجعفر ـ قلبت الباء الأخیرة یاءً لثقل التضعیف، ثمّ قلبت الیاء ألفاً لتحرّکها و انفتاح ما قبلها، ثمّ صارت یاءً
بالاضافة إلى الضمیر ـ کلدیک و علیک ـ. و سعدیک تابعة لبّیک أی: أسعدک إسعاداً بعد إسعادٍ، یعنى: إطاعةً و امتثالاً بعد امتثالٍ، أی: کلّما دعوتنی لبّیتک و أجبتک و ساعدتک. و لایستعمل بدونها، و تستعمل لبّیک بدونها. و هما منصوبان بعاملٍ محذوفٍ واجب الحذف لوجود القرینة ـ و هی النصب المشعر بالحذف، و قیام التکریر مقام الحذف ـ ؛ کذا قیل.
و دُفع بأنّ التکریر لایصلح لذلک ـ لکونه أمراً معنویّاً، فلاینوب عن اللفظ المحذوف ـ. ثمّ یرد نحو: (ارْجِعِ الْبَصَرَ کَرَّتَینِ)(41)، لأنّه مصدرٌ مثنّىً فیه معنى التکریر و لم یجب حذفه.
قال الرضیّ: «لیس وقوع المصدر(42) مثنىً من الضوابط الّتی یعرف بها وجوب حذف فعله،
سواءٌ کان المراد بالتثنیة التکریر ـ نحو: (ارْجِعِ الْبَصَرَ کَرَّتَینِ)؛ أی: رجعاً کثیراً مکرّراً ـ أو کان لغیر التکریر ـ نحو: ضربته ضربتین، أی: مختلفتین ـ ؛ بل الضابط لوجوب الحذف فی هذا و أمثاله: اضافته إلى الفاعل أو المفعول»(43) و بیانه: إنّه لمّا کان حقّ الفاعل و المفعول به أن یعمل فیهما الفعل و یتّصلا به و استحسن حذف الفعل فی هذا و أمثاله بقی المصدر مبهماً لایدرى ماتعلّق به ـ من فاعلٍ أو مفعولٍ ـ، فذکر ما هو مقصود المتکلّم من أحدهما بعد المصدر لیختصّ به، فلمّا تبیّن بعد المصدر بالاضافة قبح اظهار الفعل بل لمیجز، و یقدّر عامل لبیک من معناها و عامل سعدیک من لفظها، و الکاف بینهما فی موضع المفعول لأنّ المعنى لزوماً و انقیادآ لاجابتک و مساعدةً لما تحبّه.
و زعم الأعلم أنّ الکاف حرف خطابٍ لاموضع لها من الإعراب کهی فی «ذلک»، و حذفت النون لشبه الاضافة، و لأنّ الکاف تطلب الاتّصال کاتّصالها باسم الإشارة و النون تمنعها من ذلک، فحذفت(44)؛
و ردّ بأنّ وقوع الاسم الظاهر و ضمیر الغائب موضع الکاف فی قوله:
فَلَبَّى فَلَبَّى یَدِی مسوَرٌ(45)
و قوله:
فَقُلتُ لَبِّیَهْ لِمَن یَدعُونِی(46)
بطل کونها حرفاً»(47)؛ انتهى کلامه.
قوله – علیه السلام ـ: «ها أنا ذا یا ربّ» بدل: «لبّیک و سعدیک»، فیکون مقول القول.
و لفظة «ها» ـ مقصوراً ـ: للتقریب، کما إذا قیل: أین أنت؟ فتقول إذا کنت قریباً منه: ها أنا ذا.
و یحتمل أن یکون جملةً مستأنفةً منقطعةً عمّا قبلها لامحلّ لها من الإعراب.
و قوله – علیه السلام ـ: «مطروحٌ بین یدیک»، یقال: طَرَحتُه طَرْحاً ـ من باب نفع ـ : رمیت به و ألقیته، فهو مطروحٌ بالمذلّة و الخضوع عند جناب قدسک؛ شبّه نفسه – علیه السلام ـ فی المذلّة و الخضوع و الخشوع بمریضٍ فقیرٍ مطروحٍ بین یدی طبیبٍ له کمال احتیاجٍ إلیه یتوقّع منه تفقّد حاله.
أَنَا الَّذِی أَوْقَرَتِ الْخَطَایَا ظَهْرَهُ، وَ أَنَا الَّذِی أَفْنَتِ الذُّنُوبُ عُمُرَهُ.
«أوقرت» أی: أثقلت، من الوقر بمعنى: الثقل.
و «أفنت» فی أکثر النسخ الصحیحة بالنون(48)، من: فنى الشیء ـ کرضی ـ فناءً ـ بالمدّ-:
عدم؛ و یعدّی بالهمزة فیقال: أفنیته. و اسناد الإفناء إلى الذنوب مجازٌ عقلیٌّ لتلبّس الفاعل بها؛ أی: أنا الّذی صرف و أذهب فی اکتساب الذنوب عمره حیث صرفه فی العصیان ـ لأنّ الذنوب تهدم الأعمار و تقرّب الآجال، کما ورد فی کثیرٍ من الأخبار(49) ـ. و فی بعض النسخ: «أفثت» ـ بالثاء المثلّثة ـ من: فثى القدر: إذا سکن غلیانه، و المراد هنا: الکسر.
وَ أَنَا الَّذِی بِجَهْلِهِ عَصَاکَ، وَ لَمْ تَکُنْ أَهْلاً مِنْهُ لِذَاکَ.
<«بجهله» متعلّقٌ بـ «عصاک».
و «الباء» للسببیّة، أی: بسبب جهله.
و لیس المراد بـ «الجهل» هنا عدم العلم، بل عدم التفکّر فی العاقبة>(50)، لأنّ من علم
إحسانک الکثیر المتقدّم و تکلیف القلیل مع الثواب الجزیل ـ الّذی ترجع إلى المکلّف ـ و غناک عنه و علم انّه لایفوته أجر عملٍ و لامهرب له من سلطانک و سطوتک و لم یطعک فلیس ذلک إلّا من کمال جهله بشأن معرفتک یا ربّ!، <فیجب علیک قبول توبته و غفران ذنبه إذا تاب(51) و هو ناظرٌ إلى قوله ـ تعالى ـ: (إِنَّمَا التَّوبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِینَ یَعمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ((52)
و اختلف فی معنى قوله: (بِجَهَالَةٍ) على وجوهٍ:
أحدها: إنّ کلّ معصیةٍ یفعلها العبد جهالةٌ و إن کانت على سبیل العمد، لأنّه یدعو إلیها الجهل و یزیّنها للعبد، و هو مرویٌّ عن الصادق – علیه السلام ـ کما قال فی مجمع البیان(53)، فانّه قال: «کلّ ذنبٍ عمله عبدٌ(54) و إن کان عالماً فهو جاهلٌ حین خاطر بنفسه فی معصیة ربّه،
فقد حکى الله ـ سبحانه ـ قول یوسف فی إخوته(55): (هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلتُمْ بِیُوسُفَ وَ أَخِیهِ إِذْ أنْتُمْ جَاهِلُونَ)(56)، فنسبهم إلى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم فی معصیة اللّه ـ تعالى ـ(57)؛
وثانیها: إنّ معنى قوله: (بِجَهَالَةٍ): إنّهم لایعلمون کنه ما فیه من العقوبة کما یعلم الشیء ضرورةً(58)؛
و ثالثها: انّ معناه: إنّهم یجهلون انّها ذنوبٌ و معاصٍ، فیفعلونها إمّا بتأویلٍ یخطؤون فیه، و إمّا بأن یفرّطوا فی الاستدلال على قبحها.
و ضعّفه الرمّانیّ بأنّه خلاف إجماع المسلمین»>(59)
و قد تکرّر وجه صدور أمثال تلک الکلمات عنه؛ فتذکّر!.
هَلْ أَنْتَ ـ یَا إِلَهِی! ـ رَاحِمٌ مَنْ دَعَاکَ فَأُبْلِغَ فِی الدُّعَاءِ؟ أَمْ أَنْتَ غَافِرٌ لِمَنْ بَکَاکَ فَأُسْرِعَ فِی الْبُکَاءِ؟
<هذا الاستفهام حمله على الحقیقة ممتنعٌ، فالمراد منه إمّا طلب ایجاب الرحمة و سؤال تحقّقها سریعاً ـ کما قال الزمخشریّ فی قوله تعالى: (وَ قِیلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ)(60): «و المراد منه استعجالهم و استحثاثهم، کما یقول الرجل لغلامه: هل أنت منطلقٌ: إذا أراد أن یحرّک منه و یحثّه على الانطلاق(61)؛ و منه قول تأبّط شرّا:
هَلْ أَنْتَ بَاعِثُ دِینَارٍ لِحَاجَتِنَا(62) ؟
یرید: إبعثه لنا سریعاً و لاتبطىء به»(63)؛ انتهى ملخّصاً>(64)؛
و إمّا للتقریر بمعنى التحقیق و الإثبات ـ نحو: (هَلْ فِی ذَلِکَ قَسَمٌ لِذِی حِجْرٍ)(65) ؟. کما قال فی المطوّل: «قد یقال التقریر بمعنى: التحقیق و التثبیت»(66)، لا بمعنى حمل المخاطب على الاقرار بأمرٍ یعرفه و إلجاؤه إلیه کما توهّمه بعضٌ، فانّ هذا المعنى لیس بمرادٍ هنا قطعاً ـ.
و «أبلغ» فی الشیء: إذا فعله بمبالغةٍ. و الروایة المشهورة: «فأبلغ» ـ باسناده إلى المتکلّم ـ، و هو فعلٌ مضارعٌ من باب الإفعال منصوبٌ بأن مضمرةً بعد «فاء» السببیّة فی جواب الاستفهام؛ و فی روایة ابن ادریس: «فأبلَغَ»(67) ـ باسناده إلى ضمیر الغائب ـ، فهو فعل ماضٍ معطوفٌ بالفاء على «دعاک».
و کذا «فأُسرِعَ» فی الفقرة اللاحقة.
قوله – علیه السلام ـ: «أم أنت غافرٌ لمن بکاک».
<«أم» حرف عطفٍ، و هی هنا منقطعةٌ و معناها: الاضراب ـ کبل ـ. و تقتضی مع ذلک استفهاماً، و التقدیر: أم هل أنت غافرٌ لمن بکاک>(68)
و «البکاء»: قیل: «بالمدّ: الصوت الّذی یکون مع البکاء، و بالقصر: الدموع و خروجها»(69)؛
و قیل: «البکاء: غلیان قدر القلب من اشتعال نیران الأحزان»؛
و قیل: «البکاء: تموّج بحر العین من هیوب ریاح الهموم و الغموم»؛
و قیل: «البکاء: انتثار کواکب الدموع من سماء السویداء»؛
و قیل: «البکاء: رشحات سحاب القلوب عند تراکم أبخرة الحزن و العشق و الشوق».
و المراد من «البکاء على اللّه»: البکاء على ما فاته من طاعته؛ أو على ما ارتکبه من عصیانه. و یحتمل أن یکون من باب الحذف و الایصال، أی: بکا إلیک فحذف الجارّ توسّعاً و أوصل. و هو کثیراً وقع فی فصیح الکلام ـ کقوله تعالى: (فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ)(70)، أی: إلیه؛ و: (سَنُعِیدُهَا سِیرَتَهَا)(71)، أی: إلیها ـ.
و سبب البکاء: إنّ الإنسان إذا حدث به حالةٌ متضادّةٌ بشهوته و طبیعته تحرّک الروح منه نحو الباطن هرباً من ذلک المؤذی، فیتمدّد الأعصاب نحو الباطن و یضیق الدماغ و العین و الصدر و الوجه و ینعصر منافذها و یحدث شکل البکاء و یخرج حینئذٍ ـ بالضرورة ـ ما فی الدماغ من الرطوبات الرقیقة بالدمع و المخاط، کما یخرج الماء من الاسفنجة المغموسة فیه عند غمز الید علیها.
و سبب حصول تلک الرطوبات هو إنّ الألم الموجب للبکاء یسخن القلب لتوجّه الروح و الدم إلیه ـ و الروح أحرّ ما فی البدن ـ، و یرتفع منه و من نواحیه حینئذٍ أبخرةٌ حارّةٌ إلى الدماغ فیذیب الرطوبات الّتی فیه، و ترفعها و تسیلها و تبرد هی بنفسها و یغلظ حین وقوفها فیه، و تصیر رطوباتٍ فلاتنفذ فی الامین(72) لغلظها، و لأنّها تصعد دفعةً ـ و هی کثیرةٌ ـ لایتخلّل شیءٌ فیهما إلّا فی زمانٍ طویلٍ، فیدفعها الدماغ بالعصر إلى جهة العین لاتّصال الامین بها فیخرج من المنفذ الّتی عند الحاجب و یکون حارّةً لبقیّة الحرارة الحادثة له بالغلیان فی القلب. و کلّما کان الموجب أقوى کان الدمع أحرّ.
و جمیع ما تلوناه لک من سبب البکاء و خروج الدموع على ما حقّقه الأطبّاء نظائر ما حقّقه الحکماء من سبب حدوث الأمطار و نزول القطرات؛
فَالعَینُ غَیمٌ یَسکُبُ++
وَ الدَّمعُ غَیثٌ ینضبُ
وَ اللَّحظُ مُزنٌ هَاطِلٌ++
وَ الجَفنُ ذَیلٌ یَسحبُ
وَ انْسَانُ عَینِی بِالْبُکَـ++
ـاءِ یُحکِى غَرِیقاً یَرسبُ!
و نعم ما قیل: «إذا عصفت ریاح الوساوس من مهابّ الأفکار فی جوّ الصدور المعتلّة و ارتفعت أبخرة الکروب عن أراضی القلوب إلى أکناف الحواسّ المحتلّة فتراکمت بها غیوم الغموم و الأحزان و تزاحمت منها صواعق الهموم و الأشجان و لمعت فیها بروق التحرّق و الالتهاب و سمعت لها رعود التأوّه و الانتحاب هطلت أمطار البکاء على أقطار الجفون و نزلت قطرات الدموع إلى أطراف العیون و سالت من میزاب الأشفار إلى حدود خدود المتلهّفین و انبتت سنابل الحسرة من موات صدور المتأسّفین؛ و ذاک لایسمن و لایغنی من جوعٍ، فبئس مثوى المتحیّرین!، (فَمَا بَکَتْ عَلَیهِمُ السَّمَاءُ وَ الاَْرضُ وَ مَا کَانُوا مُنْظَرِینَ)!!»(73)
أَمْ أَنْتَ مُتَجَاوِزٌ عَمَّنْ عَفَّرَ لَکَ وَجْهَهُ تَذَلُّلاً؟ أَمْ أَنْتَ مُغْنٍ مَنْ شَکَا إِلَیْکَ فَقْرَهُ تَوَکُّلاً؟
«أم» هذه کالّتی قبلها، إلّا انّها تحتمل أن یکون هنا للاضراب فقط ـ من غیر تقدیر هل ـ.
و «التجاوز»: العفو ـ کما مرّ ـ.
و «التعفیر»: مسح الوجه على التراب، فلایبعد أن یقال هنا بالتجرید. و فی القاموس: «العَفَر ـ محرّکةً ـ: ظاهر التراب»(74)
<و «تذلّلاً و توکّلاً» یحتمل نصبهما على المصدریّة، أی: فتذلّل تذلّلاً و توکّل توکّلاً؛ و على الحالیّة، أی: متذلّلاً و متوکّلاً؛ و على المفعول لأجله، أی: لأجل التذلّل و التوکّل.
و «التوکّل» عرّف بـ: أنّه الثقة بما عند اللّه و الیأس عمّا فی أیدی الناس.
و قیل: «هو صدق الانقطاع إلى اللّه» ـ یعنی: أن لاتکون لک حاجةٌ إلى غیر اللّه ـ ؛
و قیل: «هو أن لاتطلب لنفسک ناصراً غیر اللّه و لا لرزقک قاسماً غیر اللّه و لا لعملک شاهداً غیر اللّه»؛
و قیل: «هی نفی الشکوک و التفویض إلى مالک الملوک»(75)>(76)
و بالجملة هو من أعلى منازل السالکین و أعظم درجات الموحّدین الموقنین(77)، و قد ورد فی مدحه من الکتاب و السنّة ماورد: (إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُتَوَکِّلِینَ)(78)، و: (عَلَى اللَّهِ فَلْیَتَوَکَّلِ الْمُتَوَکِّلُونَ)(79)، و: (مَنْ یَتَوَکَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)(80)؛ قال الصادق – علیه السلام ـ: «من أعطى ثلاثاً لم یمنع ثلاثاً: من أعطى الدعاء أعطى الاجابة، و من أعطى الشکر أعطى الزیادة، و من أعطى التوکّل أعطى الکفایة؛ قال اللّه ـ تعالى ـ: (وَ مَنْ یَتَوَکَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسبُهُ)، و قال: (لَئِنْ شَکَرتُمْ لاَزِیدَنَّکُمْ)(5)، و قال: (أُدْعُونِی أَسْتَجِبْ لَکُمْ)(40)»(81)؛
و قال النبیّ ـ صلّى الله علیه و آله و سلّم ـ: «لو أنّکم تتوکّلون على اللّه حقّ توکّله لرزقتم کما ترزق الطیور تغدوا خماصاً و تروح بطاناً»(82)؛
و قال: «من انقطع إلى اللّه کفاه اللّه کلّ مؤونةٍ و رزقه من حیث لایحتسب، و من انقطع
إلى الدنیا وکّله إلیها»(83)
و هو اعتماد القلب على اللّه و احالتها إلیه و التبرّی عن کلّ حولٍ و قوّةٍ باسناد الأمور کلّها إلى حوله و قوّته. و هو موقوفٌ على الاعتقاد الجازم الثابت بأن لا فاعل إلّا هو و لاحول و لاقوّة إلّا بحوله و قوّته، و أنّ له تمام العلم و القدرة على کفایة العباد؛ ثمّ تمام الرحمة و العنایة، و لیس ورائها علمٌ و قدرةٌ و لارحمةٌ و عنایةٌ.
و ممّا یناسب ایراده من الحکایات ما رواه جابر الجعفیّ قال: قال الحسن بن علیّ بن أبی طالبٍ – علیه السلام ـ: «ضقت ضیقاً شدیداً، و کان عطائی من معاویة فی کلّ سنةٍ مأة ألف درهمٍ. فحبسها عنّی إحدى السنین، فدعوت بدواةٍ و قرطاسٍ لأکتب إلى معاویة. ثمّ أمسکت، فرأیت النبیّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ فی منامی، فقال لی: کیف أنت یا حسن؟
فقلت: بخیرٍ، و خبرته بما حبس من المال عنّی،
فقال: دعوت بداوةٍ لتکتب إلى مخلوقٍ مثلک تذکرة حاجتک!
فقلت: یا أبت! کیف؟
قال: قل: ألّلهمّ أقذف فی قلبی رجاءک و اقطع رجائی عمّن سواک حتّى لاأرجو أحداً غیرک، أللّهمّ ما ضعفت عنه قوّتی و قصر عنه أملی و لم تنته إلیه رغبتی و لم تبلغه مسألتی و لم تخبر على لسانی ممّا أعطیت الأوّلین و الآخرین من الیقین فاخصصنی به یا ربّ العالمین!.
قال الحسن – علیه السلام ـ: ما لهجت به أسبوعاً حتّى بعث إلیَّ معاویة بألف ألف درهمٍ و خمسمأة ألف درهمٍ!، فقلت: الحمد للّه الّذی لاینسی من ذکره و لایخیّب من دعاه و لایقطع رجاء من رجاه. فرأیت النبیّ ـ صلّى الله علیه و آله و سلّم ـ بعد ذلک فی منامی، فقال: کیف أنت یا حسن؟
فقلت: بخیرٍ یا أبت؛ و حدّثته بحدیثی، فقال: یا بُنیّ هکذا من رجا الخالق و لم یرج المخلوقین!»(84)
و من ذلک ما حکاه(72) عن أبی حمزة الخراسانی انّه قال حکایةً عن نفسه: «أنا أمشی فی طریق الحج إذ وقعت فی بئرٍ، فنازعتنی نفسی أن أستغیث، فقلت: لا و اللّه!. فما استتمّ هذا الخاطر حتّى مرّ برأس البئر رجلان، فقال أحدهما للاخر: تعال حتّى نسدّ رأس هذا البئر لئلّا یقع فیه أحدٌ، فطمّا رأس البئر، فهممت أن أصیح فقلت: إلى من هو أقرب منهما!. فما مضت إلّا ساعةٌ حتّى رأیت شیئاً کشف عن رأس البئر و أدلى رجله و کأنّه یقول: تعلّقْ بی بهمهمةٍ له أعرف ذلک!، فقلقت به فأخرجنی، فإذا هو سبُعٌ!، و هتف هاتفٌ: یا أباحمزة! أ لیس هذا أحسن؟ نجّیناک من التلف بالتلف!!»(85)؛ القصّة.
و من ذلک ما حکاه(86) عن بنّان الجمّال، قال: «کنت فی طریق مکّة أجیء من مصر و معی زادٌ، فجاءتنی إمراةٌ و قالت لی: یا بنّان! أنت حمّالٌ تحمل على ظهرک الزاد و تتوهّم انّه لایرزقک!
قال: فرمیت بزادی، ثمّ أتى علیَّ ثلاثٌ لم آکل، فوجدت خلخالاً فی الطریق، فقلت فی نفسی: أحمله حتّى یجیء صاحبه فربّما یعطینی شیئاً فأردّه علیه، فإذا أنا بتلک المرأة قالت لی: أنت تاجرٌ تقول حتّى عسى أن یجیء صاحبه فآخذ منه شیئاً!، ثمّ رمت إلیَّ شیئاً من الدراهم و قالت: انفقها، فاکتفیت بها إلى قریبٍ من مصر».
قال(86): «و قیل: فی الزمن الأوّل رجلٌ فی سفرٍ و معه قرصٌ، فقال: إن أکلته متّ!، فوکّل
اللّه به ملکاً و قال له: إن أکله فارزقه و إن لم یأکله فلاتعطه غیره. فلم یزل القرص معه إلى أن مات و بقی عنه القرص بعده!»(87)
إلى غیر ذلک من الوقائع و الحکایات.
1) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 107.
2) کما قال الفیروزابادیّ: «الذکر ـ بالکسر ـ: الحفظ للشیء»، راجع: «القاموس المحیط» ص370 القائمة 2.
3) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 108.
4) کریمة 11 الضحى.
5) کریمة 7 ابراهیم.
6) کما عن المحقّق الداماد: «و فی «خ» و بخطّ «ع»: الخطّاؤن»، راجع: «شرح الصحیفة» ص 175.
7) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 110.
8) راجع: «الفائق» ج 2 ص 212.
9) کریمة 68 طه.
10) راجع: «الکافی» ج 2 ص 528 الحدیث 20، «المصباح» ـ للکفعمی ـ ص 49، «مصباح المتهجّد» ص 127.
11) الشیخ بحث عن سبق الرحمة الغضب ثمّ قال: «فهذا معنى سبقت رحمته غضبه»، راجع:«فصوص الحکم» ص 166. و الظاهر رجوع هذا اللقب ـ أی: شارح الفصوص ـ إلى القیصری و انصرافه إلیه من بین شرّاح الفصوص، و لکن لم أعثر على العبارة فی شرحه علیه ولا فی غیره من الشروح، فانظر مثلاً: «شرح القیصری على الفصوص» ص 968، «شرحالعارف الجندی» علیه ص 557، «شرح العارف الکاشانی» علیه ص 252.
12) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 113.
13) و انظر: «مصباح الأنس» ص 359.
14) لم أعثر علیه، و روى أحمد: «یبقى من الجنّة ما شاء اللّه أن یبقى، فینشىء اللّه لها خلقاً ما شاء»،راجع: «مسند أحمد» ج 3 ص 265.
15) کریمة 156 الأعراف.
16) کریمة 54 الأنعام.
17) کریمتان 5 / 6 الشرح.
18) راجع: «المستدرک على الصحیحین» ج 2 ص 528، «کنز العمّال» الحدیث 2946، «فتح الباری» ج 7 ص 712.
19) المصدر: اعادتها.
20) المصدر: ـ کما.
21) هذا مع اختلافٍ یسیر و زیادة بعض الألفاظ قول المحدّث الجزائری، راجع: «نور الأنوار»ص 112.
22) کما حکاه العلّامة المدنی، راجع: «ریاض السالکین» ج 3 ص 114.
23) لم أعثر علیه، و انظر: «نور الأنوار» ص 112، «بحار الأنوار» ج 15 ص 32.
24) لم أعثر علیه منسوباً إلى النبیّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ، و روی: «و الخیر فی یدیک والشرّ لیس إلیک» منسوباً إلى آله الأطهار، راجع: «الکافی» ج 3 ص 310 الحدیث 7، «من لایحضره الفقیه» ج 1 ص 303 الحدیث 916، «بحار الأنوار» ج 81 ص 206.
25) کریمة 85 مریم.
26) قال: «ابو یزید این آیت بشنید: (یَومَ نَحشُرُ المُتَّقِینَ إِلَى الرَّحمَنِ وَفْداً)، نعرهاى زد و گفت:من یکون عنده إلى أین یحشر؟!، آنکس که نزد او باشد بکجا حشر شود؟؛ دیگرى بشنید وگفت: من اسم الجبّار إلى الرحمن و من اسم القهّار إلى اسم الرحیم»، راجع: «لمعات» ص 84.
27) کریمة 18 النحل.
28) هذا قول العلّامة المدنی، راجع: «ریاض السالکین» ج 3 ص 114.
29) راجع: «بحار الأنوار» ج 67 ص 16، «التوحید» ص 398 الحدیث 1، «علل الشرائع» ج 1ص 12 الحدیث 7، مع تغییرٍ یسیر.
30) فی النسختین: + الّذی، و حذفناه لاستقامة المعنى.
31) کما حکاه المحقّق الداماد، راجع: «شرح الصحیفة» ص 117.
32) کریمة 123 النساء.
33) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 118.
34) لم أعثر علیه، و فی معناه ما رواه الفریقین، فانظر: «التبیان» ج 3 ص 337، «تفسیر القرطبی»ج 5 ص 398، «الدرّ المنثور» ج 2 ص 226 السطر 21.
35) المصدر: ـ به.
36) راجع: «التمحیص» ص 38 الحدیث 35.
37) راجع: «الکافی» ج 2 ص 444 الحدیث 3، «مستدرک الوسائل» ج 11 ص 331 الحدیث13180، «ارشاد القلوب» ج 1 ص 182.
38) کما حکاه العلّامة المدنی، انظر: «ریاض السالکین» ج 3 ص 119.
39) کریمة 45 طه.
40) کریمة 60 غافر.
41) کریمة 4 الملک.
42) شرح الکافیة: وقوعه.
43) راجع: «شرح الرضی على الکافیة» ج 1 ص 329.
44) لتفصیل ذلک راجع: «الحدائق الندیّة» ص 211 السطر 6.
45) صدره:دَعَوتُ لَمَّا نَابَنِی مِسوَرٌانظر: نفس المصدر، و أیضاً: «شرح الرضی على الکافیة» ج 1 ص 329.
46) راجع: «شرح الرضی على الکافیة» نفس المجلّد و الصفحة، أیضاً: «الحدائق الندیّة» ص 211السطر 78.
47) راجع: «ریاض السالکین» ج 3 120، مع تغییرٍ فی بعض الألفاظ.
48) و انظر: «نور الأنوار» ص 113.
49) کما وقع فی استغفارٍ کان أمیرالمؤمنین – علیه السلام ـ یستغفر به سبعین مرّة فی سحر کلّ لیلةٍ: «أللّهمّ و استغفرک لکلّ ذنبٍ یدنی الآجال و یقطع الآمال و یبتر الأعمار»، راجع: «بحارالأنوار» ج 84 ص 334.
50) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 122.
51) المصدر: ـ إذا تاب.
52) کریمة 17 النساء.
53) راجع: «مجمع البیان» ج 3 ص 43.
54) مجمع البیان: العبد.
55) مجمع البیان: لاخوته.
56) کریمة 89 یوسف.
57) المصدر: ـ کما قال فی… ـ تعالى ـ.
58) هذا قول الفرّاء، راجع: التعلیقة الآتیة.
59) قارن: «نور الأنوار» ص 113.
60) کریمة 39 الشعراء.
61) هیهنا حذف المصنّف قطعةً من کلام الزمخشریّ.
62) الشطر الثانی محذوفٌ هنا، و هو فی «الکشّاف»: أَو عَبد رَبٍّ أَخَا عَون بْن مِخْراقِ راجع: التعلیقة الآتیة.
63) راجع: «الکشّاف» ج 3 ص 112.
64) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 124.
65) کریمة 5 الفجر.
66) راجع: «المطوّل» ص 236.
67) کما حکاه العلّامة المدنی، راجع: «ریاض السالکین» ج 3 ص 125.
68) قارن: نفس المصدر.
69) هذا قول المحقّق الداماد، راجع: «شرح الصحیفة» ص 178.
70) کریمة 66 یس.
71) کریمة 21 طه.
72) کذا فی النسختین.
73) کریمة 29 الدخان.
74) راجع: «القاموس المحیط» ص 412 القائمة 1.
75) انظر: «الرسالة القشیریّة» ص 269.
76) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 127.
77) و انظر: «شرح العارف الکاشانی على منازل السائرین» ص 171، «عوارف المعارف»ص 499.
78) کریمة 159 آلعمران.
79) کریمة 12 ابراهیم.
80) کریمة 3 الطلاق.
81) راجع: «الکافی» ج 2 ص 65 الحدیث 6، «وسائل الشیعة» ج 15 ص 213 الحدیث20308، «بحار الأنوار» ج 68 ص 129.
82) راجع: «بحار الأنوار» ج 68 ص 151، «جامع الأخبار» ص 117، «مجموعة ورّام» ج 1ص 222.
83) راجع: «روضة الواعظین» ج 2 ص 426، «مجموعة ورّام» ج 1 ص 222، «مشکاة الأنوار»ص 18.
84) لم أعثر على مصدرٍ لهذه الحکایة فی مصادرنا الحدیثیّة، نعم، أوردها ابن کثیر مع تفاوتٍ بین مافی کتابه و بین ما فی المتن، راجع: «البدایة و النهایة» ج 8 ص 37.
85) حکاه عنه کلٌّ من القشیریّ و الغزالی، راجع: «الرسالة القشیریّة» ص 272، «احیاء علوم الدین» ج 4 ص 272.
86) کذا أیضاً فی النسختین.
87) انظر أیضاً: «الرسالة القشیریّة» ص 271.