جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

اللمعة الثامنة عشرة فی شرح الدعاء الثامن عشر

زمان مطالعه: 3 دقیقه

بسم اللّه الرحمن الرحیم

و به نستعین

الحمد للّه المحمود فی کلّ لسانٍ و مشکور، الدافع لکلّ شرٍّ و محذورٍ، الرافع لکلّ مرٍّ و معسورٍ؛ و الصلاة و السلام على نبیّه الّذی عجّل له کلّ مطلبٍ میسورٍ، و على آله و أهل بیته الّذین بهم قوى الدین المنصور.

و بعد؛ فیقول العبد الملتجی إلى الحضرة الأحدیّة من کلّ محذورٍ و بلیّة محمّد باقر بن السیّد محمّد من السادات الموسویّة: هذه اللمعة الثامنة عشرة من لوامع الأنوار العرشیّة فی شرح الصحیفة السجّادیّة ـ علیه و على آبائه و أبنائه صلواتٌ و سلامٌ غیر متناهیةٍ ـ.

وَ کَانَ مِنْ دُعَائِهِ ـ عَلَیْهِ السَّلاَمُ ـ إِذَا دُفِعَ عَنْهُ مَا یَحْذَرُ، أَوْ عُجِّلَ لَهُ مَطْلَبُهُ.

«الدفع»: الصرف.

و «التحذیر»: التخویف.

و «عجّل له مطلبه»: قضاه له بسرعةٍ؛ و حذف الفاعل و اسناد الفعل إلى المفعول لتعیّنه.

اللَّهُمَّ لَکَ الْحَمْدُ عَلَى حُسْنِ قَضَائِکَ، وَ بِمَا صَرَفْتَ عَنِّی مِنْ بَلاَئِکَ.

«القضاء» فی اللغة بمعنى: الحکم، و فی الاصطلاح: عبارةٌ عن الحکم الإلهیّ فی أعیان الموجودات على ما هی علیه من الأحوال الجاریة من الأزل إلى الأبد.

و «بما صرفت ـ… إلى آخره ـ» عطفٌ على «حسن قضائک».

و «الباء» للسببیّة، <و «ما» موصولةٌ؛ أی: و لأجل الّذی صرفت عنّی من بلائک؛ أو بمعنى: «على» و «من» بیانیّةٌ>(1)، فهو محمودٌ علیه ـ کالمعطوف علیه ـ لاصلة للـ «حمد»

حتّى یکون محموداً به.

فَلاَ تَجْعَلْ حَظِّی مِنْ رَحْمَتِکَ مَا عَجَّلْتَ لِی مِنْ عَافِیَتِکَ، فَأَکُونَ قَدْ شَقِیتُ بِمَا أَحْبَبْتُ وَ سَعِدَ غَیْرِی بِمَا کَرِهْتُ.

<و لمّا کان الحمد سبباً و موجباً للمزید ـ کما قال تعالى: (لَئِنْ شَکَرْتُمْ لاَزِیدَنَّکُمْ)(2) ـ

جعل طلب عدم الاقتصار على المحمود علیه مترتّباً على الحمد، کأنّه قال: إذا حمدتک على حسن قضائک و صرف بلائک فلاتجعل نصیبی من رحمتک>(3) الغیر المتناهیة منحصراً فی دفع ما حذّرت عنه؛ أو المعنى: فلاتجعل حظّی و نصیبی من عافیتک العاجلة خاصّةً من غیر أن تنضمّ إلیه ما أخّرت من ثواب آخرتک بما أحببت من العافیة العاجلة بسبب ما کرهت من العافیة الآجلة. و الحاصل: إنّی أطلب منک صرف البلاء و العافیة فی الدنیا مع العافیة فی الآخرة، فإن کنت تعطی أحدهما فاعطنی عافیة الآخرة لا العکس؛ کما قیل.

قال بعضهم: «ما من بلیّةٍ إلّا و فیها خیرةٌ عاجلةٌ ثمّ عنها و علیها عوضٌ و مثوبةٌ آجلة، و هی زائلةٌ فانیةٌ و المثوبة علیها دائمةٌ باقیةٌ، فهی فی الحقیقة نعمةٌ لانقمةٌ و منحةٌ لامحنةٌ ـ لما یترتّب علیها من حطّ الذنوب و رفع الدرجات ـ، کما روی عن أبی عبداللّه – علیه

السلام ـ: «ما أحبّ اللّه قوماً إلّا ابتلاهم»(4)؛

و عنه – علیه السلام ـ قال: «قال رسول اللّه: إنّ عظیم البلاء یکافأ به عظیم الجزاء، فإذا أحبّ اللّه عبداً ابتلاه بعظیم البلاء»(5)؛

و عنه – علیه السلام ـ: «إنّ اللّه إذا أحبّ عبداً غتّه بالبلاء»(6) ـ «غتا» أی: غمسه فیه ـ؛ إلى غیر ذلک من الأحادیث الّتی وردت فی هذا الباب.

وَ إِنْ یَکُنْ مَا ظَلِلْتُ فِیهِ، أَوْ بِتُّ فِیهِ مِنْ هَذِهِ الْعَافِیَةِ بَیْنَ یَدَیْ بَلاَءٍ لاَ یَنْقَطِعُ، وَ وِزْرٍ لاَ یَرْتَفِعُ فَقَدِّمْ لِی مَا أَخَّرْتَ، وَ أَخِّرْ عَنِّی مَا قَدَّمْتَ.

<«الظلول»: الکینونة بالنهار.

و «المبیت»: الکینونة باللیل؛ یقال: ظَلَّ یَظِلّ ظلولاً ـ من باب تعب ـ، و: بات یبیت مبیتاً و بیتوتةً و مباتاً>(7) أی: ما صرفت النهار فیه و ما صرفت اللیل فیه.

و «من هذه العافیة» بیانٌ لما «بین یدی بلاء» ـ أی: أمامه ـ، و المراد به البلاء الأخرویّ ـ أعاذنا اللّه و إیّاکم منه! ـ.

<و جملة «لاینقطع» فی محلّ جرٍّ صفةٌ للـ «بلاء».

و «الوِزر» ـ بالکسر ـ: الإثم.

و «لایرتفع» أی: لاینقطع و لایزول.

و «الفاء» من قوله: «فقدّم لی» رابطةٌ للجواب؛ و المعنى: لو کانت هذه العافیة الّتی أنا فیها متقدّمةً على بلاءٍ أخرویٍّ دائمٍ>(8) لا انقطاع له فقدّم العذاب الأخرویّ ـ الّذی أخّرته عنّی ـ و أخّر العافیة الدنیاویّة الّتی قدّمت لی، لأنّ عذاب الدنیا مع راحة الآخرة أحبّ إلیَّ من العکس.

فَغَیْرُ کَثِیرٍ مَا عَاقِبَتُهُ الْفَنَاءُ، وَ غَیْرُ قَلِیلٍ مَا عَاقِبَتُهُ الْبَقَاءُ، وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ.

هذا بمنزلة الدلیل من الفقرة السابقة. فـ «الفاء» تعلیلیّةٌ، یعنی: النعمة الدنیویّة إذا کانت عاقبتها الفناء فلیست بکثیرةٍ و إن کانت عظیمةً، و النعمة الأخرویّة بالعکس؛ و لنعم ما قیل:

قَلِیلٌ مِنْکَ یَکْفِینِی وَ لَکِنْ++

قَلِیلُکَ لاَیُقَالُ لَهُ قَلِیلُ(9)

و فی بعض النسخ: «فصلّ على محمّدٍ و آله الطیّبین الطاهرین».


1) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 222.

2) کریمة 7 ابراهیم.

3) قارن: نفس المصدر.

4) راجع: «الکافی» ج 2 ص 109 الحدیث 2، «وسائل الشیعة» ج 12 ص 175 الحدیث16002، «مستدرک الوسائل» ج 2 ص 429 الحدیث 2373، «بحار الأنوار» ج 78ص 196.

5) راجع: «الکافی» ج 2 ص 253 الحدیث 8، «بحار الأنوار» ج 64 ص 209، «تحف العقول» ص 41، «الخصال» ج 1 ص 18 الحدیث 64.

6) راجع: «الکافی» ج 2 ص 253 الحدیث 6، «وسائل الشیعة» ج 3 ص 263 الحدیث 3549،«بحار الأنوار» ج 64 ص 208، «التمحیص» ص 34 الحدیث 25.

7) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 225.

8) قارن: نفس المصدر و المجلّد ص 226.

9) لم أعثر على قائله، و انظر: «الحدائق الندیّة» ص 229 السطر 19.