بسم اللّه الرحمن الرحیم
و به نستعین
اللّهمّ یا قاضی حوائج المحتاجین و قرّة عین الراجین و منتهى مطلب العارفین و غایة أطوار السالکین!، نحمدک على إنعام الوجود على العالمین و نشکرک على إعطائک الحیاة على الأوّلین و الآخرین؛ و الصلاة و السلام على غایة ایجاد السماوات و الأرضین محمّدٍ المبعوث على المخلوقات أجمعین، و على آله الهادین المهدیّین.
و بعد؛ فهذه اللمعة الثالثة عشرة من لوامع الأنوار العرشیّة فی شرح الصحیفة السجّادیّة، إملاء المحتاج إلى اللّه فی قضاء حوائجه فی الدنیا و الآخرة محمّد باقر بن السیّد محمّد من السادات الموسویّة ـ وفّقهما اللّه تعالى لحسن الخاتمة ـ.
وَ کَانَ مِنْ دُعَائِهِ ـ عَلَیْهِ السَّلاَمُ ـ فِی طَلَبِ الْحَوَائِجِ إِلَى اللَّهِ ـ تَعَالَى ـ.
و «الحوائج»: جمع حاجة على مذهب الجمهور ـ و إن خالف المبرّد و قال فی الکامل: «جمع الحاجة: حاج»(1) ـ ؛ و الشواهد لمذهب الجمهور من الحدیث و أشعار العرب العرباء
کثیرةٌ، کقوله – علیه السلام ـ: «استعینوا على انجاح الحوائج بالکتمان»(2)، و قوله: «إنّ للّه عباداً خلقهم لحوائج الناس»(3)، و قوله: «اطلبوا الحوائج إلى حسان الوجوه»(4)؛ <کقول الأعشى:
اَلنَّاسُ حَولَ قِبَابِهِ++
أَهلُ الْحَوَائِجِ وَ الْمَسَائِل(5)
و قول الفرزدق:
وَ لِی بِبِلاَدِ السِّندِ عِندَ أَمِیرِهَا++
حَوَائِجُ جَمَّاتٌ وَ عِندِی ثَوَابُهَا(6)
و قول أبی عمرو بن العلاء:
مَنْ عَفَّ خَفَّ عَلَى الْوُجُوهِ لِقَاؤُهُ++
وَ أَخُو الْحَوَائِجِ وَجهُهُ مَبذُولُ(7)>(8)
إلى غیر ذلک من الأحادیث و فقرات الأدعیة و أشعار الفصحاء، فلاعبرة بمخالفة الفرّاء(9) و من تبعه.
اللَّهُمَّ یَا مُنْتَهَى مَطْلَبِ الْحَاجَاتِ، وَ یَا مَنْ عِنْدَهُ نَیْلُ الطَّلِبَاتِ.
«منتهى» الشیء: غایته، و هو أقصى ما یمکن أن یبلغه فلایتجاوزه.
و «المطلب» إمّا مصدرٌ میمیٌّ، أو اسم مکانٍ، أو بمعنى المطلوب، و الإضافة بیانیّةٌ.
و المعنى ـ على طریقة الحکماء ـ هو ماذکرناه لک فیما سلف من: أنّ غایة جمیع المتحرّکات و المتشوّقات من القوى العالیة و السافلة فی تحریکاتها و أفاعیلها هی ذات اللّه ـ تعالى ـ، أو التقرّب إلیه، أو الوصول لدیه؛ فعند ذلک یطمئنّ قلوبهم و یسکن شوقهم و ینتهی عشقهم، و هو الفاعل و الغایة و دار الإقامة و محلّ الکرامة للوجود کلّه؛
و أمّا على طریقة العرفاء فلما مرّ أیضاً من: أنّ الإنسان لتطوّره فی الأطوار و ترقّیه من مقامٍ إلى مقامٍ و رتبةٍ إلى رتبةٍ له مزیّةٌ على سائر الأکوان و موجودات عالم الإمکان، فله التطوّرات و الترقّیات من لدن العقل الهیولانیّ و العقل المستفادّ إلى أن ینتهی إلى مرتبة حقّ الیقین و حقیقة حقّ الیقین ـ الّتی لیست مرتبةٌ فوقها، و هی مرتبة الفناء و البقاء بالله تعالى ـ.
<أو یکون المعنى: إنّ أطماع الانظار تختلف فی المقاصد و الارادات، فمنهم من یطلب زخارف العاجلة الدنیاویّة(10)، و منهم من یطلب الآجلة الأخرویّة(11)؛ و هؤلاء أیضاً أقسامٌ: فطالبٌ للحور و القصور، و طالبٌ للمشتهیّات و الشراب الطهور. و منهم من لیس نظره إلى الدنیا و الآخرة، بل مطلوبه و مقصوده الحضرة الأحدیّة، فالحاجات و الطَلِبات مختلفةٌ.
و إلى هذه الاختلافات أشار ـ تعالى ـ بقوله: (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجرِی مِنْ تَحتِهَا الاَْنهَارُ خَالِدِینَ فِیهَا وَ مَسَاکِنَ طَیِّبَةً فِی جَنَّاتِ عَدْنٍ وَ رِضوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَکبَرُ)(12)، و سیّد الموحّدین أمیرالمؤمنین – علیه السلام ـ بقوله: «ما عبدتک خوفاً من
نارک و لاطمعاً فی جنّتک، و لکن وجدتک مستحقّاً(13) للعبادة فعبدتک»(14)>.(15) و المعنى: إنّه
المنتهى إلیه فی طلب الحاجات عند الیأس من کلّ مطلوبٍ إلیه سواه، فانّ الطالب إذا یأس من المخلوقین فی قضاء حاجته انتهى إلیه ـ تعالى ـ فی طلبها. و عن أمیرالمؤمنین – علیه السلام ـ: «هو الّذی یتألّه إلیه عند الحوائج و الشدائد کلّ مخلوقٍ عند انقطاع الرجاء من جمیع مَن دونه و تقطّع الأسباب من کلّ من سواه»(16)
و قیل: «المراد: إنّ کلّ من تطلب منه الحوائج فهو یطلب حوائجه أیضاً من الغیر حتّى تنتهی سلسلة الاحتیاج إلیک، لأنّک لاتطلب حاجةً من غیرک؛ و إنّ قضاء الحوائج الّذی یجری على یدی عبادک یرجع بالأخرة إلیک، لأنّ الأسباب و الدواعی و الآلآت من سحاب جودک».
و قوله – علیه السلام ـ: «نیل الطلبات».
«نال» الشیء یناله نیلاً ـ من باب تعب ـ: أصابه.
<و «الطَلِبات» ـ بکسر اللام ـ: جمع طَلِبة ـ بفتح الطاء المهملة و کسر اللام ـ، و هی: ما تطلبه من شیءٍ. و تقدیم الظرف للحصر. و «الألف و اللام» فی «الطلبات» للاستغراق؛ أی: یا من توجد المطالب کلّها عنده لا من عند غیره، و نیل بعض الطلبات عند غیره لایتحقّق إلّا بإذنه و توفیقه>(17)
و على توحید الأفعال فالکلّ من عنده، فالحصر بحاله.
وَ یَا مَنْ لاَ یَبِیعُ نِعَمَهُ بِالاَثْمَانِ، وَ یَا مَنْ لاَ یُکَدِّرُ عَطَایَاهُ بِالاِمْتِنَانِ.
<«البیع» فی اللغة: مطلق المبادلة(18)، و هو إعطاء کلٍّ من المتابعین ما یریده من المال
عوضاً عمّا یأخذ من الآخر باتّفاقهما على ذلک؛ و فی الشرع: نقل الملک بعوضٍ معلومٍ بالإیجاب و القبول تملیکاً و تملّکاً مع التراضی. و المراد به هنا معناه اللغویّ.
و «الأثمان»: جمع ثَمَن ـ محرّکةً ـ، و هو العوض.
و «الباء» للمقابلة ـ نحو: اشتریته بالألف ـ>(17) و إنّما لایبیع إمّا لعدم احتیاجه إلیها، و
إمّا لعدم قدرة العباد على أداء ثمن أدنى نعمةٍ من نِعَمِها، لأنّ العباد قبل الوجود معدومون، و بعد الوجود لایملکون شیئاً! ـ لعبودیّتهم، کما قال تعالى: (عَبْداً مَمْلُوکاً لاَیَقْدِرُ عَلَى شَیْءٍ)(19) ـ. و لو ملکوا فلایمکنهم الوفاء بثمن نعمةٍ قلیلةٍ، فکیف بجلیلها؟!. و لأنّ کلّما یصلح منهم أن یقع ثمناً لها فهو أیضاً نعمةٌ من نِعَمِه ـ سبحانه ـ أنعمهم به.
قوله – علیه السلام ـ: «و یا من لایکدّر ـ… إلى آخره ـ».
«الکدر»: خلاف الصفو، أی: لایغشّ.
و «العطایا»: جمع عطیّة، و هی ما تعطیه غیرک.
و «الامتنان»: افتعالٌ من المنّ، و هو إظهار الاصطناع و اعتداد الصنائع ـ کأنْ تقول: أ لم أعطک کذا؟، و أ لم أحسن إلیک؟، و أ لم أعنک؟ ـ. و هو تعییرٌ یکدّر المعروف؛ فلذا نهى عنه بقوله: (لاَتُبْطِلُوا صَدَقَاتِکُمْ بِالْمَنِّ وَ الاَذَى)(20)، لأنّ المنّة شأن المنعم الّذی یهتمّ بشأن ما ینعم به و ینعم علیه، و لیس لشیءٍ من نعمه الجلیلة ـ الّتی هی أنعم بها على عباده ـ قدرٌ و درجةٌ بالنسبة إلى عظمته؛ و لا للمنعم علیه، لأنّه باطل الذات لاشیءٌ صرف، وجوده من منعمه فضلاً عن متفرّعات الوجود!؛ ما للتراب و ربّ الأرباب؟!.
و التحقیق فی المنّة ما ذکرناه لک؛ فتذکّر!.
وَ یَا مَنْ یُسْتَغْنَى بِهِ وَ لاَ یُسْتَغْنَى عَنْهُ.
کلا الفعلین بصیغة المجهول، و کذا ما فی الفقرة الآتیة.
و قد یقال: استغنیت بالشیء عن غیره، أی: اکتفیت به.
<و «رغب إلیه» أی: ابتهل و تضرّع و سأل.
و «رغب عنه»: کرهه فلمیرده>(21)
و ما تضمّنه هذه الفقرة من الاستغناء به ـسبحانه ـ و عدم الاستغناء عنه فظاهرٌ بعد ما قرّرناه لک فیما سبق من أنّه الغنیّ المطلق و الممکنات عین الاحتیاج و الفقر و الفاقة؛ فخصّ الاستغناء به ـ تعالى ـ عن غیره فی جمیع الأمور و استحال الاستغناء عنه فی شیءٍ منها.
وَ یَا مَنْ یُرْغَبُ إِلَیْهِ وَ لاَ یُرْغَبُ عَنْهُ.
و بتوحید الأفعال و کونه ـ سبحانه ـ هو المعطی المانع و الضارّ النافع ثبت انّه المرغوب إلیه دون من سواه.
وَ یَا مَنْ لاَتُفْنِی خَزَائِنَهُ الْمَسَائِلُ، وَ یَا مَنْ لاَ تُبَدِّلُ حِکْمَتَهُ الْوَسَائِلُ.
«فَنِی» المال یفنى ـ من باب تعب ـ فناءً: نفد؛ و یتعدّی بالهمزة، فیقال: أفنیته.
و المسائل: جمع المسألة، و هی تعمّ القال و الحال و الاستعداد.
و إنّما لم تفن خزائنه المسائلُ، لأنّ مسألة المعلولات متناهیةٌ و خزائنه غیر متناهیةٍ، و المتناهی لایفنی غیر المتناهی؛ و فی الحدیث القدسیّ: «یا عبادی! لو أنّ أوّلکم و آخرکم و إنسکم و جنّکم قاموا فی صعیدٍ واحدٍ فسألونی فأعطیت کلّ إنسانٍ مسألته ما نقص ذلک ممّا عندی شیئاً إلّا کما ینقص المخیط إذا دخل البحر!»(22) ـ أی: لاینقص شیئاً! ـ.
و «الحکمة»: هی العلم بحقائق الموجودات الخارجیّة على ما هی علیها بقدر الطاقة البشریّة؛
و قیل: «هی التخلّق بأخلاق اللّه»، أی: فی الإحاطة بصور المجرّدات و التقدّس عن المادّیّات؛ و إلیها الإشارة فی الحدیث عن النبیّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: «تخلّقوا بأخلاق اللّه»(23)، أی: تشبّهوا به فی هذین الأمرین. و لذا الأنبیاء الماضون و الفلاسفة الإلهیّون قالوا: هی التشبیه بالإله.
ثمّ اعلم! أنّ الحکمة لایمکن خروجها من هذین المعنیین، و ذلک لأنّها کمال الإنسان بلاشبهةٍ، و کمال الإنسان منحصرٌ فی شیئین:
أحدهما: أن یعرف الخیر لذاته؛
و الثانی: أن یعرف الخیر لأجل العمل به؛
فالمرجع فی الأوّل إلى العلم و الادراک المطابق؛
و فی الثانی إلى الفعل العدل.
و کمال هذین الأمرین فی نوع الإنسان مرتبة النبوّة و الولایة، و قد حکى اللّه عن ابراهیم الخلیل ـ و هو شیخ الأنبیاء! علیهم السلام ـ انّه قال: (رَبِّ هَبْ لِی حُکماً) ـ و هو الحکمة النظریّة ـ (وَ أَلْحِقنِی بِالصَّالِحِینَ)(24) ـ و هو الحکمة العملیّة ـ ؛ و حکى عن عیسى – علیه السلام ـ: (إنِّی عَبدُاللَّهِ آتَانِیَ الکِتَابَ)(25) ـ… الآیة، و ذلک إشارةٌ إلى الحکمة النظریّة ـ ثمّ (أَوصَانِی بِالصَّلاَةِ وَ الزَّکَاةِ مَادُمتُ حَیّاً)(26) ـ و هو إلى الحکمة العملیّة ـ ؛ و قال اللّه ـسبحانه ـ أمراً رسوله الخاتم و حبیبه ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ آللَّهُ) ـ و هو إلى الحکمة النظریّة ـ، ثمّ قال: (وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنبِکَ)(27) ـ و هو إلى الحکمة
العملیّة ـ. و بالجملة القرآن مملوٌّ من الآیات الدالّة على أنّ کمال الإنسان لیس إلّا فی تکمیل هذین الجزئین بهاتین الحکمتین.
و قال أبومسلم: «الحکمة فِعْلَةٌ من الحکم ـ کالنحلة من النحل ـ. و رجلٌ حکیمٌ: إذا کان ذا حجىً و لبٍّ و إصابة رأیٍ، و هو فی هذا الموضع فی معنى الفاعل؛ و یقال: أمرٌ حکیمٌ أی: محکمٌ، و هو فعیلٌ بمعنى: مفعولٍ، کما قال اللّه ـ تعالى ـ: (فِیهَا یُفْرَقُ کُلُّ أَمْرٍ حَکِیمٍ)(28)».
و هذا الّذی ذکره أبومسلم من اشتقاق اللغة.
و یروى عن مقاتل انّه قال: «تفسیر الحکمة فی القرآن یقع على أربعة وجوهٍ:
أحدها: المواعظ، ففی النساء(29): (أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَیکَ الکِتَابَ وَ الْحِکمَةَ)، و مثلها فی آل مران(30)؛
و ثانیها: الحکمة بمعنى: الفهم و العلم، و فی الأنعام(31): (أُولَئِکَ الَّذِینَ آتَینَاهُمُ الْکِتَابَ وَ الْحُکْمَ)؛
و ثالثها: الحکمة بمعنى: النبوّة، و فی ص(32): (وَ آتَینَاهُ الْحِکمَةَ)، یعنی: النبوّة؛ و فی البقرة(33) :
(وَ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلکَ وَ الْحِکْمَةَ)(34)؛
و رابعها: القرآن بما فیه من عجائب الأسرار، و فی النحل(35): (أُدْعُ إِلَى سَبِیلِ رَبِّکَ بِالْحِکمَةِ وَ الْمَوعِظَةِ آلحَسَنَةَ)»(36)
و فی العیّاشی(37) عن الصادق – علیه السلام ـ: «الحکمة: المعرفة، و الفقه(38): الدین»؛ و فی مصباح الشریعة(39) عنه – علیه السلام ـ: «الحکمة ضیاء المعرفة و میراث التقوى و ثمرة الصدق، و لو قلت: ما أنعم اللّه على عباده بنعمةٍ أنعم و أعظم و أرفع و أجزل و أبهى من الحکمة!، لقلت!!؛ قال اللّه ـ عزّ و جلّ ـ: (یُؤْتِى الْحِکْمَةَ مَنْ یَشَاءُ وَ مَنْ یُؤْتَ الْحِکْمَةَ فَقَدْ أُوتِیَ خَیراً کَثِیراً وَ مَا یَذَّکَّرُ إِلاَّ أُولُوا الاَلْبَابِ)(40)، أی: لایعلم ما أودعت و هیّأت فی الحکمة إلّا من استخلصته لنفسی و خصّصته بها. و الحکمة هی الکتاب، و صفة الحکیم الثبات عند اوائل الأمور و الوقوف عند عواقبها؛ و هو هادی خلق اللّه إلى اللّه».
و فی الکافی(41) عن النبیّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ انّه کان ذات یومٍ فی بعض أسفاره
إذ لقیه رکبٌ، فقالوا: السلام علیک یا رسول اللّه!،
فالتفت إلیهم و قال: «ما أنتم؟
فقالوا(42): مؤمنون(43) !
قال: فما حقیقة إیمانکم؟
قالوا: الرضا بقضاء اللّه و التسلیم لأمر اللّه و التفویض إلى اللّه(44) !
فقال رسول اللّه ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ: علماء حکماء کادوا أن یکونوا من الحکمة أنبیاء!. فان کنتم صادقین فلاتبنوا مالاتسکنون و لاتجمعوا مالا تأکلون و اتّقوا اللّه
الّذی إلیه ترجعون!».
ثمّ لایخفى شرف الحکمة من جهاتٍ عدیدةٍ:
منها: ماذکرناه فی الأحادیث المذکورة؛
و منها: انّها صارت سبباً لوجود الأشیاء على الوجه الأکمل ـ إذ ما لمیعرف الوجود على ما هو علیه لایمکن ایجاده و ایلاده ـ، و الوجود خیرٌ محضٌ و لاشرف إلّا فی الخیر الوجودیّ؛ و هذا المعنى مرموزٌ فی قوله ـ تعالى ـ: (وَ مَنْ یُؤْتَ الْحِکْمَةَ)(40) ـ… إلى آخره ـ.
و بهذا الاعتبار سمّى اللّه نفسه حکیماً فی مواضع شتّى من کتابه، و وصف أنبیاءه و أولیاءه بالحکمة و سمّاهم ربّانیّین حکماء بحقائق الهویّات ـ کما لایخفى على المتتبّع فی الآیات ـ.
و «الوسائل»: جمع وسیلة، و هی ما یتوصّل به إلى الغیر؛ و المعنى: انّ الوسائل و التدابیر لاتغیّر حکمة العلیم القدیر، و لو بعث ألف وسیلةً فی قضاء أدنى حاجةٍ و کانت خلاف حکمته لمتقض إلّا أن تکون تلک الوسائل أیضاً من حکمته و موافقته لقضائه ـ کما مرّ تحقیقه فی مفتتح اللمعة الأولى ـ.
وَ یَا مَنْ لاَ تَنْقَطِعُ عَنْهُ حَوَائِجُ الْمحْتَاجِینَ.
لمّا مرّ من أنّ علّة الاحتیاج إلى العلّة هی الإمکان، و هو لازمٌ لمهیّة الممکن لاینفکّ عنها أبداً، فالاحتیاج مستمرٌّ دائمٌ لایتصوّر انقطاعه.
وَ یَا مَنْ لاَ یُعَنِّیهِ دُعَاءُ الدَّاعِینَ.
بالعین المهملة و النون المخفّفة من باب الإفعال من العناء، بمعنى: التعب؛ و بالنون المشدّدة
من باب التفعیل، بمعنى: التتعیب ـ کما هو فی نسخة ابن ادریس(45) ـ، و فی نسخة الشهید ـ رحمه اللّه ـ بالمهملة الساکنة بین الیائین المثنّاتین من تحتٍ المضمومة ما قبل و المکسورة مابعد(46)، من الإعیاء، و هو الإتعاب و الإعجاز؛ و الکلّ ناظرٌ إلى قوله ـ تعالى ـ: (وَ لَمْ یَعْیَ بِخَلْقِهِنَّ)(47) و فی بعض النسخ من باب ثلاثی المجرّد بمعنى: لایقصده و لایهمّه ـ کما وقع فی الحدیث: «من حسن إسلام المرء ترکه ما لایعنیه»(48) ـ. و المعنى: ان دعاء الداعین و عدمه بالنسبة إلى جناب قدسه على السواء، لأنّ الأمور تجری على وفق قضائه و قدره ـ کما مرّ ـ.
و قیل: «المعنى: إنّ دعاءهم على مراتب کثرتهم و تعدّد مطالبهم لاتوجب المشقّة و الانضجار و التعب، لأنّها من توابع المزاج و الباری ـ تعالى ـ منزّهٌ عنه و عن لواحقه».
تَمَدَّحْتَ بِالْغَنَاءِ عَنْ خَلْقِکَ وَ أَنْتَ أَهْلُ الْغِنَى عَنْهُمْ، وَ نَسَبْتَهُمْ إِلَى الْفَقْرِ وَ هُمْ أَهْلُ الْفَقْرِ إِلَیْکَ.
<«تمدّح» ـ على تَفَعَّل ـ: أظهر مدح نفسه.
و «الغَناء» بالفتح و المدّ: الکفایة؛ و بالکسر و القصر: عدم الحاجة، و قد وردت الروایة بالوجهین>(49) و إنّما فصّل هذا عمّا قبله لاختلافٍ بینهما بالخبریّة و الانشائیّة.
و قد مرّ معنى «الفقر» و «الغنى»، و انّ اللّه ـ تعالى ـ هو الغنیّ من جمیع الجهات و الحیثیّات و انّ الممکنات عین الفقر و الاحتیاج.
و هاتان الفقرتان ناظرتان إلى قوله ـ تبارک وتعالى ـ: (یَا أَیُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى
للَّهِ وَ للَّهُ هُوَ الغَنِیُّ)(50)؛ فتذکّر!(51)
فَمَنْ حَاوَلَ سَدَّ خَلَّتِهِ مِنْ عِنْدِکَ وَ رَامَ صَرْفَ الْفَقْرِ عَنْ نَفْسِهِ بِکَ فَقَدْ طَلَبَ حَاجَتَهُ فِی مَظَانِّهَا وَ أَتَى طَلِبَتَهُ مِنْ وَجْهِهَا. وَ مَنْ تَوَجَّهَ بِحَاجَتِهِ إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِکَ أَوْ جَعَلَهُ سَبَبَ نُجْحِهَا دُونَکَ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْحِرْمَانِ، وَ اسْتَحَقَّ مِنْ عِنْدِکَ فَوْتَ الإِحْسَانِ.
<«الفاء» للسببیّة.
و «حاول» الشیء حوالاً و محاولةً: طلبه و قصده.
و «سدّ» الثلمة سدّاً أی: أصلحها.
و «الخَلّة» ـ بالفتح ـ: الفقر و الحاجة>(52)
و «رام» بمعنى: طلب
و من «مظانّها» أی: من مواقعها، جمع مظِنَّة ـ بکسر الظاء المعجمة ـ: الموضع؛ قال الجوهری: «مظنّة الشیء: موضعه و مألفه الّذی یظنّ کونه فیه، و الجمع: المظانّ»(53)؛ و قال الزمخشریّ فی الفائق: «المظنّة: المعلم، من ظنّ بمعنى: علم»(54)
و «أتى» أی: جاء طلبته، أی: ما طلبه من شیءٍ.
«من وجهها» أی: جهتها و طریقتها الّتی توصله إلیها. و فی روایةٍ(55) : «من وِجهتها»، و هی ـ بکسر الواو ـ بمعنى: الوجه، و توجّه إلى الشیء: أقبل بوجهه علیه.
«نجحها». «النجح»: الظفر بالمطلوب، أی: قضاءها و الظفر بها، أی: جعل أحداً من
خلقک سبب حصول حاجته، غیرک.
«فقد تعرّض» أی: تصدّى، و منه: «تعرّضوا لنفحات(56) اللّه»(57)
و «الحِرمان» ـ بالکسر ـ أی: المحرومیّة من حاجته، لأنّ طلب الشیء من غیر موضعه و معدنه موجبٌ للحرمان و فوت الإحسان؛ فقد ورد فی الحدیث ما یدلّ على هذا المعنى صریحاً(58) و روى ثقةالإسلام فی الکافی(59) باسناده عن الحسن بن علوان قال: «کنّا فی مجلسٍ نطلب فیه العلم و قد نفدت نفقتی فی بعض أسفاری(60)، فقال لی بعض أصحابنا: مَن تؤمّل لما قد نزل بک؟
فقلت: فلاناً،
فقال: إذاً – و اللّه! ـ لاتسعف حاجتک و لایبلغک أملک و لاتنجح طلبتک!
قلت: و ما علّمک ـ رحمک اللّه! ـ ؟
قال: إنّ أبا عبداللّه – علیه السلام ـ حدّثنی انّه قرأ فی بعض الکتب أنّ اللّه ـ تعالى ـ یقول: «و عزّتی و جلالی و مجدی و ارتفاعی على عرشی لأقطعنّ أمل کلّ مؤمّلٍ غیری بالیأس، و لأکسونّه ثوب المذلّة عند الناس و لأنحّینّه من قربی و لأبعدنّه من فضلی. أ یؤمّل غیری فی الشدائد و الشدائد بیدی؟! و یرجو غیری و یقرع(61) باب غیری و بیدی مفاتیح الأبواب و هی مغلقةٌ و بابی مفتوحٌ لمن دعانی؟!، فمن ذا الّذی أمّلنی لنوائبه فقد قطّعته(62)
دونها؟! و من ذا الّذی رجانی لعظیمه فقطعت رجاءه منی؟!. جعلت آمال عبادی عندی(63)
فلمیرضوا بحقّی و ملأت سماواتی ممّن لایملّ من تسبیحی و أمرتهم أن لایغلقوا الأبواب بینی و بین عبادی فلم یثقوا بقولی!. أ لم یعلم من طرقته نائبةٌ من نوائبی انّه لایملک کشفها أحدٌ غیری إلّا من بعد إذنی؟!، فما لی أراه لاهیاً عنّی؟!. أعطیته بجودی ما لمیسألنی ثمّ انتزعته منه فلم یسألنی ردّه و سأل غیری؟!، أ فیرانی أبدء بالعطاء قبل المسألة ثمّ أسئل فلاأجیب سائلی؟!، أ بخیلٌ أنا فیبخّلنی عبدی؟!، أ و لیس الجود و الکرم لی؟!، أو لیس العفو و الرحمة بیدی؟!، أ و لست(64) أنا محلّ الآمال فمن یقطعها دونی؟!، أ فلایخشى المؤمّلون أن یؤمّلوا
غیری!؟؛ فلو أنّ أهل سماواتی و أهل أرضی أمّلوا جمیعاً ثمّ أعطیت کلّ واحدٍ منهم مثل ما أمّل الجمیع ما انتقص من ملکی مثل عضو ذرّةٍ!، و کیف ینقص ملکٌ أنا قیّمه!!. فیا بؤساً للقانطین من رحمتی!، و یا بؤساً لمن عصانی و لم یراقبنی!!».
و عن الإمام الهمام جعفر الصادق – علیه السلام ـ قال: «إذا أراد أحدکم أن لایسأل ربّه شیئاً إلّا أعطاه فلییأس من الناس کلّهم و لایکون رجاؤه(65) إلّا عند اللّه، فإذا علم اللّه ـ تعالى ـ ذلک من قلبه لمیسأل اللّه شیئاً إلّا أعطاه»(66) و فی هذا المعنى أحادیث أخر روتها الخاصّة و العامّة.
لایقال: هذا منافٍ لما روى من انّه «أبى اللّه أن یجری الأشیاء إلّا بأسبابها(67)»(68)، فکیف یذمّ من رجع إلى الغیر لظنّه أنّه سببٌ!؟
لأنّا نقول: قد مرّ تحقیق ذلک فی هذا الکتاب غیر مرّةٍ، سیّما فی مفتتح دعاء التحمید.
و بالجملة فالأولى و الأحرى للعبد أن یفوّض أمره إلى اللّه ـ تعالى ـ، فان شاء اللّه أن یکون قضاء حاجته على ید أحدٍ جعله وسیلةً له، و إلّا فلا.
<و قال أبوالحسین الفارسی: «من سکن إلى شیءٍ دون اللّه فهلاکه فیه؛ سکن یوسف إلى عنایة الّذی ظنّ انّه ناجٍ منها و قال له: اذکرنی (فَلَبِثَ فِی السِّجنِ بِضعَ سِنِینَ)(69)؛ و توسّل موسى بالفقر فقال: (رَبِّ إِنِّی لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَیَّ مِنْ خَیْرٍ فَقِیرٌ)(70)، فقبض اللّه له شعیباً حتّى دعاه و أوّاه و بلغ أمره إلى ما بلغ من هناک؛ و حیث طلب الطعام مع الخضر من غیره منعا، کما حکى اللّه عنهما: (فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَیَا أَهْلَ قَریَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهلَهَا فَأَبَوا أَنْ یُضَیِّفُوهُمَا)(71) فکلّ ما تسکن إلیه فهو تارکک، و کلّ ما تمیل إلیه فهو مائلٌ عنک، و کلّ ما تعتمد علیه فهو ساقطٌ؛ فلاتسکن إلى شیءٍ دون اللّه ـ تعالى ـ»؛ انتهى>(72)
أقول: من استشعر لاشیئیّة الممکنات و بطلانها فی حدود اللّه ـ تعالى ـ فکیف یتوسّل بهم! ـ اللّهمّ استشعرنا بطلانها و لاشیئیّتها، بمحمّدٍ و أهل بیته ـ.
اللَّهُمَّ وَ لِیَ إِلَیْکَ حَاجَةٌ قَدْ قَصَّرَ عَنْهَا جُهْدِی، وَ تَقَطَّعَتْ دُونَهَا حِیَلِی، وَ سَوَّلَتْ لِی نَفْسِی رَفْعَهَا إِلَى مَنْ یَرْفَعُ حَوَائِجَهُ إِلَیْکَ وَ لاَ یَسْتَغْنِی فِی طَلِبَاتِهِ عَنْکَ، وَ هِیَ زَلَّةٌ مِنْ زَلَلِ الْخَاطِئِینَ وَ عَثْرَةٌ مِنْ عَثَرَاتِ الْمُذْنِبِینَ.
«قصّر» إمّا من باب التفعیل، أو من باب قعد بمعنى: العجز.
و «الجُهد» بضمّ الجیم: المشقّة و الطاقة؛ و بالفتح: الجدّ و السعى.
و «الحِیَل»: جمع حیلة، و هی الحذق فی تدبیر الأمور. و فی نسخة ابن ادریس: «حیلتی» ـ مفرداً ـ، أی: صارت مقطوعةً تدبیراتی عندها؛ و نعم ما قیل بالفارسیّة:
سدّ راه جلوه مستانه نتواند شدن++
سیل تقدیر تو را خار و خس تدبیرها
و «التسویل»: التحسین و التزیین؛ <و قیل: «تقدیر معنىً فی النفس على الطمع فی تمامه».
و «الرفع» فی الأجسام: حقیقةٌ فی الحرکة و الانتقال، و فی المعانی: محمولٌ على ما یقتضیه المقام؛ فـ: رفع حاجةً إلى فلانٍ: ذکرها له لیقضیها؛ و: رفع إلیه الحدیث: أخبره به؛ و قس على ذلک.
و «الزلّة»: الخطیئة، من زلّت قدمه ـ من بابی ضرب و تعب ـ زلّاً و زَللاً: إذا زلقت و دحضت فی طینٍ و نحوه>(73)
و فی نسخة ابن ادریس «الخطّائین» ـ بتشدید المهملة ـ بدل «الخاطئین».
و ضمیر «و هی» راجعٌ إلى تسویل النفس؛ أی: رفع الحاجة إلى المخلوق المحتاج فی انجاح حاجته الیک زلّةٌ من الخاطین، لأنّ الفقیر المحتاج لایمکنه أن یعطی أحداً شیئاً؛ فانّ فاقد الشیء کیف یکون معطیاً لهذا الشیء؟!؛ و هو بدیهیٌّ؛ و نعم ما قیل بالفارسیّة:
ذات نایافته از هستى بخش++
کى تواند که شود هستى بخش
کورى کجا عصاکش کور دگر شود؟
و «العثرة»: السقوط على الوجه، و قد جاء بمعنى الخطیئة.
فان قلت: کیف یجوز علیه – علیه السلام ـ هذا التسویل و هو معصومٌ؟(74)
قلت: هذه بالنسبة إلى الجنبة البشریّة لا باعتبار العصمة الإلهیّة؛ و قد أشیر إلى هذا فی قول یوسف – علیه السلام ـ: (إِنَّ النَّفسَ لاََمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّی)(75)، و قوله ـ تعالى ـ: (وَ لَولاَ أَنْ ثَبَّتنَاکَ لَقَدْ کِدْتَ تَرکَنُ إِلَیهِمْ شَیْئاً قَلِیلاً)(76)، و قوله – علیه السلام ـ
: «لاتکلنی إلى نفسی طرفة عینٍ»(77)
ثُمَّ انْتَبَهْتُ بِتَذْکِیرِکَ لِی مِنْ غَفْلَتِی، وَ نَهَضْتُ بِتَوْفِیقِکَ مِنْ زَلَّتِی، وَ رَجَعْتُ وَ نَکَصْتُ بِتَسْدِیدِکَ عَنْ عَثْرَتِی.
«الانتباه»: القیام من النوم.
و «التذکیر»: إعادة ما قد استثبته القلب فانمحى عنه بنسیانٍ أو غفلةٍ.
و «نهضت» بمعنى: قمت.
و «التوفیق» قد مرّ معناه.
و «نکصت» ـ بالصاد المهملة ـ بمعنى: رجعت.
<و «التسدید»: تقویم إرادة الإنسان و حرکاته نحو الغرض المطلوب لیتهجّم إلیه فی أسرع مدّةٍ؛ مأخوذٌ من تسدید السهم نحو الغرض، و هو توجیهه إلیه>(78) أی: انتبهت و تیقّظت من سنة الغفلة اللازمة للبشریّة بتذکیرک إیّای. و إنّما قال – علیه السلام ـ ذلک، لأنّ رفع الحاجة إلى المحتاج الفقیر لیس من فعل ذی الشعور المتیقّظ!. و قمت من السقوط فی الزلّة بتوفیقک و رجعت بتسدیدک و تحکیمک إیّای عن خطیئتی، لأنّ الخلاص من تسویلات النفس الأمّارة لایمکن إلّا بتوفیقاتٍ ربّانیّةٍ و تلطّفاتٍ سبحانیّةٍ.
وَ قُلْتُ: سُبْحَانَ رَبِّی کَیْفَ یَسْأَلُ مُحْتَاجٌ مُحْتَاجاً؟ وَ أَنَّى یَرْغَبُ مُعْدِمٌ إِلَى مُعْدِمٍ؟
«سبحان ربّی»: تعجّبٌ من سؤال المحتاجِ المحتاجَ و رغبة المعدم إلى المعدم؛ أی: أنزّه ربّی
من هذا الأمر العجیب.
و «کیف» للإستفهام الانکاریّ، و هی فی محلّ نصبٍ على التشبیه بالحال ؛ أو الظرف، أی: على أیّ حالٍ أو فی أیّ حالٍ یسأل محتاجٌ محتاجاً؟! ـ… إلى آخره ـ.
و «أنّى» مثلها فی جمیع ما ذکر.
و «المُعدِمُ»: اسم فاعلٍ على وزن «مُکرِم» ـ من العُدم، بالضمّ و التسکین ـ بمعنى: الفقر، لا من العَدَم ـ بالفتحتین ـ: نقیض الوجود. و هو و إن کان من باب الإفعال لکنّه لازمٌ، أی: ذو فقرٍ إلى ذی فقرٍ. هکذا ذکره الفاضل الشارح(79) و غیره من الشرّاح(80)
و نحن نقول: یمکن أن یکون المُعدِم من العدم ـ: نقیض الوجود ـ، لأنّ الممکن معدوم الذات لا شیءٌ صرفٌ فی حدّ ذاته ـ کما هو مقرّرٌ فی محلّه ـ. و على هذا لایلزم التکرار فی کلامه – علیه السلام ـ.
و من هاتین الفقرتین ظهر انّ التابعیّة و التعلّق بالغیر و الفقر و الحاجة عین حقائق الموجودات الإمکانیّة، لا انّ لها حقائق على حیالها إلّا التعلّق بالغیر و الفقر و الحاجة إلیه، بل هی فی ذاتها محض الفاقة و التعلّق؛ فلاحقائق لها إلّا کونها توابع لحقیقةٍ واحدةٍ؛ فالحقیقة واحدةٌ و لیس غیرها إلّا شؤونها و أطوارها؛ فتدبّر تفهم!.
و قد قیل: «استغاثة المخلوق بالمخلوق کاستغاثة المسجون بالمسجون!»(81)
فَقَصَدْتُکَ ـ یَا إِلَهِی! ـ بِالرَّغْبَةِ، وَ أَوْفَدْتُ عَلَیْکَ رَجَائِی بِالثِّقَةِ بِکَ. وَ عَلِمْتُ أَنَّ کَثِیرَ مَا أَسْأَلُکَ یَسِیرٌ فِی وُجْدِکَ، وَ أَنَّ خَطِیرَ مَا أَسْتَوْهِبُکَ حَقِیرٌ فِی وُسْعِکَ.
«قصد» بمعنى: طلب ـ وزناً و معنىً ـ.
<و «وَفَدَ» على الملک و نحوه وَفْداً ـ من باب وعد ـ: قصده زائراً للاسترفاد و الانتجاع؛ و یتعدّی بالألف فیقال: أوفدته>(82)
و «الوثوق»: الاعتماد.
و «الباء» فی الموضعین إمّا للسببیّة ـ أی: بسبب الرغبة، أو بسبب اعتمادی علیک ـ، أو للملابسة ـ أی: متلبّساً بالابتهال و التضرّع و السؤال لک، أو بالاعتماد على وفائک ـ.
و «الیسیر»: القلیل.
و «الوجد» ـ بالضمّ و الکسر ـ بمعنى: الجدة، و هی السعة فی المال و الغنى و القدرة، أی: قلیلٌ فی سعتک و غناک، أو فی قدرتک.
و «الخطیر» هو ما له قدرٌ و منزلةٌ.
و «الحقیر»: خلاف الخطیر.
و «الوُسع» ـ بالضمّ ـ: الطاقة و القوّة؛ و بالفتح و الکسر أیضاً لغتان. و قد یطلق على الثروة و الغنى. و هذا لأنّه ـ سبحانه ـ غیر متناهى الحضرة، بخلاف الممکنات.
وَ أَنَّ کَرَمَکَ لاَ یَضِیقُ عَنْ سُوَالِ أَحَدٍ.
«الکرم» یطلق على ضدّ اللؤم؛ و یطلق على الجود، و هو المراد هنا، کأنّه – علیه السلام ـ أشار بهذا إلى قوله ـ تعالى ـ: (رَحمَتِی وَسِعَتْ کُلَّ شَیْءٍ)(83) لإعطاء الوجود له.
<حکى أبوالقاسم الدمشقیّ قال: «کنت واقفاً على حلقة الشبلیّ فی جامع المدینة، فوقف سائلٌ على حلقته و جعل یقول: یا اللّه! یا جواد!، فتأوّه الشبلیّ و صاح!، فقال: کیف یمکن أن أصف الحقّ بالجود و مخلوقٌ یقول فیَّ مثله!!
تَعَوَّدَ بَسطَ الکَفِّ حَتَّى لَو أَنَّهُ++
ثَنَاهَا لِقَبضٍ لَمْتُطِعْهُ أَنَامِلُه
تَرَاهُ إِذَا مَا جِئْتَهُ مُتهَلِّلاً++
کَأَنَّکَ تُعطِیهِ الَّذِی أَنتَ آمِلُه
وَ لَو لَمْیَکُنْ فِی کَفِّهِ غَیرَ رُوحِهِ++
لَجَادَ بِهَا! فَلْیَتَّقِ اللَّهَ سَائِلُه
هُوَ الْبَحرُ مِنْ أَیِّ النَّوَاحِی أَتَیْتَهُ++
فَلُجَّتُهُ المَعرُوفُ وَ الْبِرُّ سَاحِلُهُ(84)
ثمّ بکى و قال: بلى یا جواد!، أنت الجواد؛ فانّک أوجدت تلک الجوارح و بسطت تلک الهمم، ثمّ مننت بعد ذلک على قومٍ بالاستغناء عنهم و عمّا فی أیدیهم، و أنت الجواد کلّ الجواد!، فانّهم یعطون عن محدودٍ و عطاؤک لاحدّ له، و یفتقرون إذا أعطوا و لاتفتقر من العطاء و لاتعجز عن الجزاء؛
فَیَا جَوَاداً یَعلُو کُلَّ جَوَادٍ++
وَ بِهِ جَادَ کُلُّ مَن جَادَ!>(85)
وَ أَنَّ یَدَک بِالْعَطَاء
ـ و فی نسخة ابن ادریس: «بالعطایا» ـ.
أَعْلَى مِنْ کُلِّ یَدٍ.
أی: جودک یعلو کلّ جودٍ و إنعامک أجلّ من إنعام کلّ أحدٍ. و لمّا کان ظهور الإنعام و الجود فی الأکثر من الید أوردها – علیه السلام ـ مجازاً عن النعمة بالعلاقة المحلّیّة ـ کما وقع فی الحدیث: «أسرعکنّ لحوقاً بی أطولکنّ یداً»(86)، أی: نعمةً ـ.
اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ احْمِلْنِی بِکَرَمِکَ عَلَى التَّفَضُّلِ وَ لاَتَحْمِلْنِی بِعَدْلِکَ عَلَى الاْسْتِحْقَاقِ.
<«حملته» على الدابة: أرکبته علیها، ثمّ استعمل فی المعانی؛ یقال: حملته على الفعل أی: أغریته به، و حملته على الفضل أی: عاملته به>(87) و المعنى: أللّهمّ عاملنا بفضلک و لاتعاملنا بعدلک، فانّک لو عاملتنا بعدلک لعذّبتنا على استحقاقنا للعذاب.
فان قلت: الفضل لایتحقّق فی الوجود، لأنّ إعطاء الوجود بقدر الاستعداد و الاستحقاق الذاتیّة للأعیان الثابتة فی الحضرة العلمیّة؛
قلنا: الفضل بالفیض الأقدس و العدل بالفیض المقدّس؛ فتبصّر إن کنت من أهله!.
فَمَا أَنَا بِأَوَّلِ رَاغِبٍ رَغِبَ إِلَیْکَ فَأَعْطَیْتَهُ وَ هُوَ یَسْتَحِقُّ الْمَنْعَ.
«الفاء» للتعلیل.
و «الواو» للحال؛
و کذا فی قوله:
وَ لاَ بِأَوَّلِ سَائِلٍ سَأَلَکَ فَأَفْضَلْتَ عَلَیْهِ وَ هُوَ یَسْتَوْجِبُ الْحِرْمَانَ.
یعنى: کثیراً مّا من الجماعة المستحقّین للحرمان و المنع توجّهوا إلى جناب جودک فأعطیتهم و لم تحرمهم و الحال انّهم مستحقّون للحرمان، و هذا عادةٌ مستمرّةٌ لک قد آلفه منک مخلوقاتک؛ فتمنّیت أنا أن لا أکون محروماً، لأنّی لست بأوّل سائلٍ سألک.
و هذا یعمّ السؤال الظاهریّ و الفطریّ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، وَ کُنْ لِدُعَائِی مُجِیباً،
کما وعدتنا بقولک: (أُدْعُونِی أَستَجِبْ لَکُمْ)(88)
وَ مِنْ نِدَائِی قَرِیباً،
کما قلت ـ و قولک الحقّ ـ: (وَ إِذَا سَأَلَکَ عِبَادِی عَنِّی فَإِنِّی قَرِیبٌ)(89)، و قوله: (وَ نَحنُ أَقرَبُ إِلَیهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِیدِ)(90)، و قوله: (فَإِنِّی قَرِیبٌ)(89)، و قوله: (وَ هُوَ مَعَکُمْ أَیْنَ مَا
کُنتُمْ)(91)
و هذا قرب العلّة من المعلول، کما قال ـ تعالى ـ: (أَلاَ إِنَّهُمْ فِی مِرْیَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلاَ إِنَّهُ بِکُلِّ شَیْءٍ مُحِیطٌ)(92)
وَ لِتَضَرُّعِی رَاحِماً، وَ لِصَوْتِی سَامِعاً.
<«التضرّع»: التذلّل و الابتهال و المبالغة فی السؤال.
و «راحماً» أی: کاشفاً لبلوائی>(93)، فانّک أرحم الراحمین.
و «لصوتی سامعاً»: کنایةٌ عن إجابة الدعاء، أی: استجب دعائی!.
وَ لاَتَقْطَعْ رَجَائِی عَنْکَ وَ لاَتَبُتَّ سِیْبِی مِنْکَ.
«البتّ»: القطع.
و «السِیْب» ـ على وزن عیب ـ مرادفٌ للرجاء؛ و هو مؤکّدٌ للفقرة الأولى؛ أی: لاتقطّع حبل تمنّائی منک. و المشهور: «سبب»(94) ـ بالبائین الموحّدتین التحتانیّتین ـ، و هو الحبل
الّذی یردّ به غصن الشجرة، ثمّ استعیر لکلّ ما یتوصّل به إلى شیءٍ؛ أی: لاتقطّع وسیلتی من فیض جودک بأن تکلنی إلى غیرک.
وَ لاَ تُوَجِّهْنِی فِی حَاجَتِی هَذِهِ وَ غَیْرِهَا إِلَى سِوَاکَ. وَ تَوَلَّنِی بِنُجْحِ طَلِبَتِی وَ قَضَاءِ حَاجَتِی وَ نَیْلِ سُوْلِی قَبْلَ زَوَالِی عَنْ مَوْقِفِی هَذَا بِتَیْسِیرِکَ لِیَ الْعَسِیرَ وَ حُسْنِ تَقْدِیرِکَ لِی فِی جَمِیعِ الأُمُورِ.
«تولّاه» أی: صار له ولیّاً ـ أی: معیناً قائماً بأمره کافلاً بمصالحه ـ، أی: کنْ لی معیناً و قائماً بأمری بقضاء ما أطلبه منک.
و «السُؤْل» ـ بالضمّ و سکون العین ـ: ما تسأله من غیرک، فُعْلٌ بمعنى مفعولٍ؛ أی: باصابة مسؤولی.
و «موقفی» أی: مقامی بین یدیک بهذا الدعاء. و قیل: «لفظ الموقف یدلّ على أنّه ینبغی أن یقرء هذا الدعاء قائماً».
و «الباء» إمّا للسببیّة، أو للملابسة متعلّقةٌ بـ «النجح»؛ أی: بأن تجعل مشکلی و شدّة أمری سهلاً یسیراً بلاتعبٍ و لاعناءٍ بسبب
«حسن تقدیرک فی جمیع الأمور»، قیل: «هو عبارةٌ عن إیجادها على وفق الحکمة و المصلحة بحیث لو زاد على ذلک المقدار أو نقص عنه لاختلّت مصلحة ذلک المقدّر و تغیّرت منفعته»(95)
و قال الفاضل الشارح: «و الظاهر انّ المراد بـ «حسن التقدیر» هنا: أن یکون ما یقدّره له حسناً نافعاً من غیر قبیحٍ و لا مضرّةٍ»(96)
وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ صَلاَةً دَائِمَةً نَامِیَةً لاَ انْقِطَاعَ لاَبَدِهَا وَ لاَ مُنْتَهَى لاَمَدِهَا، وَ اجْعَلْ ذَلِکَ عَوْناً لِی وَ سَبَباً لِنَجَاحِ طَلِبَتِی، إِنَّکَ وَاسِعٌ کَرِیمٌ.
«الدوام»: الثبات و الاستمرار.
و «نمى» ینمی ـ من باب رمى ـ نَماءً ـ بالفتح و المدّ ـ: کثر و زاد؛ و فی لغةٍ «نمى» ینمو نموّاً ـ من باب قعد ـ.
و «الأبد»: هو استمرار الوجود فی أزمنةٍ مقدّرةٍ غیر متناهیةٍ فی جانب المستقبل؛ و یقابله «الأزل»، و هو: استمرار الوجود فی أزمنةٍ مقدّرةٍ غیر متناهیةٍ فی جانب الماضی.
و «الأمد»: الغایة.
و هذا تأکیدٌ و مبالغةٌ، و إلّا فلاانقطاع للأبد و الأمد.
و «العون»: المعین، و هو الظهیر على الأمر.
و «الواسع» ـ من أسمائه تعالى ـ: هو الّذی وسّع غناه کلّ فقیرٍ و رحمته کلّ شیءٍ(97) و فی هذه الفقرة إشارةٌ إلى ما روی عن أبی عبداللّه – علیه السلام ـ: «لایزال الدعاء محجوباً حتّى یصلّى على محمّدٍ و آل محمّدٍ»(98)؛
و عنه – علیه السلام ـ: «من دعا و لمیذکر النبیّ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ رفرف الدعاء على رأسه، فإذا ذکر النبیّ – صلّى اللّه علیه و آله و سلّم ـ رفع الدعاء»(99)؛
و عنه – علیه السلام ـ: «من کانت له إلى اللّه حاجةٌ فلیبدء بالصلاة على محمّدٍ و آل محمّدٍ(100)، ثمّ یسأل حاجته، ثمّ یختم بالصلاة على محمّدٍ و آل محمّدٍ(100)؛ فانّ اللّه ـ عزّ و جلّ ـ أکرم من أن یقبل الطرفین و یدع الوسط. إذا کانت الوسط(101) الصلاة على محمّدٍ و آل محمّدٍ
لاتحجب عنه»(102)
وَ مِنْ حَاجَتِی ـ یَا رَبِّ! ـ کَذَا وَ کَذَا ـ وَ تَذْکُرُ حَاجَتَکَ ـ.
و لمّا کان مطالب الداعی و حاجاته غیر محصورةٍ و لامتناهیةٍ فلابدّ له أن یعدّ حاجاته و مطالبه بأن یقال: مِن حاجتی کذا و کذا.
فـ «من» تبعیضیّةٌ.
و «کذا»، قال الفاضل الشارح: «کنایةٌ عن اسم الحاجة. و هی مرکّبةٌ من «کاف» التشبیه و «ذا» الّتی للإشارة. إلّا أنّه لایحکم على «ذا» بأنّها فی موضع جرٍّ، و لا على «الکاف» بأنّها متعلّقةٌ بشیءٍ، و لا بأنّ فیها معنى التشبیه، إذ لامعنى له هنا. فلاوجه لتکلّف إدّعائه، لأنّ الترکیب کثیراً مّا یزیل معنى المفردین و یحدث لمجموعهما معنىً لمیکن، و یحکم على مجموع الکلمتین بأنّه فی موضع رفعٍ أو نصبٍ أو جرٍّ بحسب العوامل الداخلة علیها. و هو هنا فی محلّ رفعٍ على أنّه مبتدءٌ خبره الجارّ و المجرور قبله؛ و التقدیر: کذا و کذا من حاجتی. و قال الفیّومیّ فی المصباح المنیر: «کذا، تکون کنایةً عن الأشیاء، تقول: فعلت کذا، و قتل کذا. و الأصل: «ذا»، ثمّ دخل علیه «کاف» التشبیه بعد زوال معنى الإشارة و التشبیه و جعل کنایةً عمّا یراد به. و هو معرفةٌ، فلایدخله الألف و اللام»(103)؛ انتهى.
و الصواب ما ذکرناه أوّلاً من أن معنى الإشارة و التشبیه إنّما زالا بالترکیب ـ کما نصّ علیه ابن هشام فی فوح الشذا بمسألة کذا»(104)؛ انتهى کلام الفاضل الشارح.
أقول: ما نقله من الفیّومیّ یرجع إلى ما ذکره أوّلاً بأدنى التفاتٍ!، فلامعنى لقوله: «و الصواب» ـ کما لایخفى على أولی الألباب ـ.
قوله – علیه السلام ـ: «و تذکر حاجتک» أی: تسمّیها، لما ورد فی الحدیث من: «انّه ـ تعالى ـ یحبّ أن تبثّ إلیه الحوائج»(105)؛ و فی الکافی(106) باسناده عن أبی عبداللّه – علیه السلام ـ قال: «إنّ اللّه ـ تبارک و تعالى ـ یعلم ما یرید العبد إذا دعاه، و لکنّه یحبّ أن تبثّ إلیه الحوائج؛ فاذا دعوت فسمّ حاجتک».
ثُمَّ تَسْجُدُ وَ تَقُولُ فِی سُجُودِکَ: فَضْلُکَ آنَسَنِی وَ إِحْسَانُکَ دَلَّنِی، فَأَسْأَلُکَ بِکَ وَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ ـ صَلَوَاتُکَ عَلَیْهِمْ ـ أَن لاَتَرُدَّنِی خَائِباً؛ یَا أَرحَمَ الرَّاحِمِیِنَ إِنَّکَ سَمِیعُ الدُّعَاءِ قَرِیبٌ مُجِیبٌ.
أی: تفضّلک صار سبباً لأنسی.
و «إحسانک دلّنی» أی: لمّا علمت انّک أنت المحسن و المفضّل فأدعوک و أسألک، لا من جهة أنّ لی استعداد المسألة منک ـ لأنّ ما یستند إلى نفسه هو اللاشیئیّة و البطلان، کما مرّ فیما سبق تحقیق ذلک ـ ؛ فلذا قال – علیه السلام ـ: «فأسألک بک و بمحمّدٍ ـ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم،… إلى آخره ـ».
—
و قد وفّقنی اللّه ـ تعالى ـ لاتمامه فی یوم الخمیس لستٍّ بقین من شوّال المکرّم عام ثلاثین و مأتین و ألف من الهجرة النبویّة ـ علیه آلاف التحیّة ـ.
1) و انظر: «مختار الصحاح» ص 91.
2) لم أعثر علیه بألفاظه، و قریبٌ منه ما یوجد فی: «بحار الأنوار» ج 74 ص 166، «تحف العقول»ص 48، «شرح نهج البلاغة» ج 1 ص 316، «عوالی اللئالی» ج 1 ص 285 الحدیث 133.
3) راجع: «عوالی اللئالی» ج 1 ص 373 الحدیث 86.
4) المضبوط منه: «اطلبوا الخیر…»، راجع: «وسائل الشیعة» ج 12 ص 139 الحدیث 15878،«بحار الأنوار» ج 30 ص 414، و الحدیث على هذا لایکون شاهداً للمصنّف. نعم، فی کثیرٍ من الأحادیث: «اطلبوا الحوائج یوم الثلثاء» ـ أو ما یقربه ـ، راجع: «وسائل الشیعة» ج 11 ص353 الحدیث 14996.
5) راجع: «لسان العرب» مادّة حوج ج 2 ص 243 القائمة 2، «تاج العروس» ج 3 ص 333القائمة1.
6) راجع: نفس المصدرین المذکورین فی التعلیقة السالفة.
7) راجع: «لسان العرب» ج 2 ص 244 القائمة 1، «تاج العروس»: نفس المجلّد و الصفحه.
8) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 10.
9) کذا فی النسختین.
10) المصدر: ـ الدنیاویّة.
11) المصدر: ـ الأخرویّة.
12) کریمة 72 التوبة.
13) المصدر: أهلاً.
14) راجع: «بحار الأنوار» ج 67 ص 197. و انظر: «عوالی اللئالی» ج 2 ص 11 الحدیث 18،«القصص» ـ للجزائری ـ ص 211، «نهج الحقّ» ص 248.
15) قارن: «نور الأنوار» ص 105، مع اختلافٍ فی بعض الألفاظ.
16) لم أعثر علیه منسوباً إلى أمیرالمؤمنین – علیه السلام ـ، و روی منسوباً إلى سیّدینا السجّاد والعسکری ـ علیهما و على آبائهما و أولادهما آلاف التحیّة و الثناء ـ، راجع: «معانی الأخبار»ص 4 الحدیث 2، «التفسیر المنسوب إلى الإمام» ص 21 الحدیث 5، «التوحید» ص 230الحدیث 5.
17) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 14.
18) و انظر: «المصباح المنیر» ص 96.
19) کریمة 75 النحل.
20) کریمة 264 البقرة.
21) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 16.
22) لم أعثر علیه، و انظر: «بحار الأنوار» ج 68 ص 154، «أعلام الدین» ص 212.
23) راجع: «بحار الأنوار» ج 58 ص 129.
24) کریمة 83 الشعراء.
25) کریمة 30 مریم.
26) کریمة 31 مریم.
27) کریمة 19 محمّد.
28) کریمة 4 الدخان.
29) کریمة 113 منها.
30) کریمة 7 منها.
31) کریمة 89 منها.
32) کریمة 20 منها.
33) کریمة 251 منها.
34) و انظر أیضاً: «تاج العروس» ج 16 ص 161 القائمة 2.
35) کریمة 125 منها.
36) و فی «وجوه قرآن» لأبی الفضل حبیش بن ابراهیم التفلیسی ـ و الّذی ترجم فیه «وجوه القرآن» لمقاتل بن سلیمان: انّ الحکمة على خمسة وجوه، بزیادة «تفسیر القرآن» کوجهٍ خامسٍ لمعانی الحکمة، راجع: «وجوه قرآن» ص 80.
37) راجع: «تفسیر العیّاشی» ج 1 ص 151 الحدیث 498، و انظر أیضاً: «بحار الأنوار» ج 24ص 86.
38) المصدر: التفقّه فی.
39) راجع: «مصباح الشریعة» ص 448، و انظر أیضاً: «بحار الأنوار» ج 1 ص 215.
40) کریمة 269 البقرة.
41) راجع: «الکافی» ج 2 ص 52 الحدیث 1. و انظر أیضاً: «مستدرک الوسائل» ج 12 ص 167الحدیث 13795، «أعلام الدین» ص 122، «التوحید» ص 371 الحدیث 12.
42) المصدر: + نحن.
43) المصدر: + یا رسول اللّه.
44) المصدر: التفویض إلى اللّه و التسلیم لأمر اللّه.
45) کما حکاه المحقّق الداماد، راجع: «شرح الصحیفة» ص 161.
46) انظر: نفس المصدر المذکور فی التعلیقة السالفة.
47) کریمة 33 الأحقاف.
48) راجع: «وسائل الشیعة» ج 12 ص 199 الحدیث 16080، «بحار الأنوار» ج 1 ص 150،«تحف العقول» ج 1 ص 395، «شرح نهج البلاغة» ج 6 ص 258.
49) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 19.
50) کریمة 15 فاطر.
51) و انظر: «نور الأنوار» ص 106.
52) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 20.
53) راجع: «صحاح اللغة» ج 6 ص 2160 القائمة 2.
54) راجع: «الفائق» ج 2 ص 381.
55) کما حکاه العلّامة المدنی، راجع: «ریاض السالکین» ج 3 ص 20.
56) المصدر: + رحمة.
57) راجع: «مجموعة ورّام» ج 1 ص 10، و انظر أیضاً: «شرح نهج البلاغة» ج 6 ص 193.
58) کما ورد: «لا تسأل الحوائج غیر أهلها و لا تسألها فی غیر حینها و لا تسأل ما لست له مستحقّاًفتکون للحرمان مستوجباً»، راجع: «شرح نهج البلاغة» ج 20 ص 321.
59) راجع: «الکافی» ج 2 ص 66 الحدیث 7، و انظر أیضاً: «بحار الأنوار» ج 68 ص 30، «منیةالمرید» ص 160.
60) المصدر: الأسفار.
61) المصدر: + بالفکر.
62) المصدر: لنوائبه فقطّعته.
63) المصدر: + محفوظة.
64) المصدر: لیس.
65) المصدر: لا یکون له رجاءٌ.
66) راجع: «الکافی» ج 2 ص 148 الحدیث 2، و انظر أیضاً: «وسائل الشیعة» ج 7 ص 142الحدیث 8953، «بحار الأنوار» ج 72 ص 108.
67) المصدر: بالأسباب.
68) راجع: «الکافی» ج 1 ص 183 الحدیث 7، «بحار الأنوار» ج 2 ص 90، «بصائر الدرجات»ص 6 الحدیث 1، «عوالی اللئالی» ج 3 ص 286 الحدیث 27.
69) کریمة 42 یوسف.
70) کریمة 24 القصص.
71) کریمة 77 الکهف.
72) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 22.
73) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 24.
74) هذا السؤال أورده العلّامة المدنی فی نفس المقام أیضاً ثمّ أجاب منه بنحوٍ آخر، انظر: «ریاض السالکین» ج 3 ص 24.
75) کریمة 53 یوسف.
76) کریمة 74 الإسراء.
77) راجع: «الکافی» ج 2 ص 524 الحدیث 10، «من لایحضره الفقیه» ج 4 ص 187 الحدیث5431، «التهذیب» ج 3 ص 99 الحدیث 31.
78) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 28.
79) راجع: «ریاض السالکین» ج 3 ص 29.
80) العبارة مأخوذةٌ حرفیّاً من کلام المحقّق الداماد، راجع: «شرح الصحیفة» ص 161.
81) کما حکاه المحقّق الداماد و المحدّث الجزائری، راجع: «شرح الصحیفة» ص 161، «نورالأنوار» ص 106.
82) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 29.
83) کریمة 156 الأعراف.
84) الأبیات لزهیر فی مدح حصن بن حذیفة بن بدر، و للتفصیل حولها راجع إلى تعلیقاتنا على نفس القطعة فی «الراح القَراح» ـ للحکیم السبزواری ـ ص 221.
85) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 30.
86) راجع: «بحار الأنوار» ج 18 ص 114، «المناقب» ج 1 ص 140.
87) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 33.
88) کریمة 60 غافر.
89) کریمة 186 البقرة.
90) کریمة 16 ق.
91) کریمة 4 الحدید.
92) کریمة 54 فصّلت.
93) قارن: «ریاض السالکین» ج 3 ص 34.
94) و العلّامة المدنی نحى فی شرحه منحى هذه اللفظة، راجع: «ریاض السالکین» ج 3 ص 35.
95) کما حکاه العلّامة المدنی، انظر: «ریاض السالکین» ج 3 ص 36.
96) راجع: نفس المصدر المذکور فی التعلیقة السالفة.
97) انظر: «بحار الأنوار» ج 88 ص 55. و انظر أیضاً: «عدّة الداعی» ص 331، «الفتوحات المکّیة» ج 2 ص 510، «روح الأرواح» ص 389.
98) راجع: «الکافی» ج 2 ص 491 الحدیث 1، «وسائل الشیعة» ج 7 ص 93 الحدیث 8827،«بحار الأنوار» ج 90 ص 316.
99) راجع: «الکافی» ج 2 ص 491 الحدیث 2، «وسائل الشیعة» ج 7 ص 93 الحدیث 8828،«بحار الأنوار» ج 90 ص 316.
100) المصدر: آله.
101) المصدر: ـ الوسط.
102) راجع: «بحار الأنوار» ج 90 ص 316، «عدّة الداعی» ص 167.
103) العبارة منقولةٌ من غیر تقییدٍ بألفاظها، راجع: «المصباح المنیر» ص 725.
104) راجع: «ریاض السالکین» ج 3 ص 37.
105) راجع: نفس المصادر المذکورة فی التعلیقة الآتیة، و انظر أیضاً: «عوالی اللئالی» ج 4 ص 20الحدیث 56.
106) راجع: «الکافی» ج 2 ص 476 الحدیث 1، و انظر أیضاً: «وسائل الشیعة» ج 7 ص 33الحدیث 8636، «بحار الأنوار» ج 90 ص 312.