العنن داء یعجز معه الرجل عن عملیة الجنس، و أجمعوا بشهادة صاحب الجواهر و الحدائق علی أنه عیب تتسلط المرأة بسببه علی فسخ الزواج، سواء أکان سابقا علی العقد، أم حدث بعده، و قبل الدخول.
و تسأل: اذا حدث العنن و تجدد بعد الوطء و لو مرة واحدة: فهل لها الخیار؟
نقل صاحب الجواهر عن ابنزهرة و الشیخ المفید أن لها الفسخ، و قال صاحب المسالک ما نصه بالحرف: «ذهب المفید و جماعة الی أن لها الفسخ أیضا، للاشتراک فی الضرر الحاصل بالیأس من الوطء، و اطلاق الروایات بثبوت الخیار للمرأة من غیر تفصیل – بین الدخول و عدمه – کصحیحة محمد بن مسلم، و روایة الکنانی، قال: سألت الامام الصادق علیهالسلام عن امرأة ابتلی زوجها، فلا یقدر علی الجماع أبدا، أتفارقه؟ قال: نعم، ان شاءت، و غیرهما من الروایات الکثیرة المعتبرة الاسناد».
و یظهر من صاحب المسالک المیل الی هذا القول، ولن القول الاشهر بشهادة صاحب الجواهر أنه لا خیار لها، لأن الامام الصادق علیهالسلام قال فی العنین: اذا علم أنه لا یأتی النساء فرق بینهما – أی بینه و بین زوجته – فاذا وقع علیها دفعة واحدة لم یفرق بینهما. و فی روایة أخری أنه قال: کان علی علیهالسلام یقول: اذا تزوج
الرجل امرأة فوقع علیها مرة، ثم أعرض عنها فلیس لها الخیار، لتصبر فقد ابتلیت.
و علیه تکون هذه الروایة و ما الیها مقیدة لروایة الکنانی و ما فی معناها.
سؤال ثان: اذا عجز عن وطئها دون غیرها، مع العلم بأنه لا مانع من جهتها فهل یثبت لها خیار الفسخ؟
ذهب صاحب الجواهر، و کثیر من الفقهاء الی أنه لا خیار لها.
و الذی نراه أنه لها تمام الحق فی فسخ الزواج، لأنه اذا واقع غیرها فلا یجب علیها أن تغتسل هی من الجنابة، و ضررها لا یرتفع بانتفاع غیرها.. هذا الی أن قول الامام فی روایة ابنمسکان: «فان اتاها و الا فارقته» و قوله فی روایة البختری: «فان خلص الیها و الا فرق بینهما» ظاهر فی وطئها هی بالذات، لا فی وطء غیرها… و لعل هذا ما دعا الشیخ المفید الی القول بأن لها الخیار، قال صاحب المسالک: «و یظهر من المفید أن المعتبر قدرته علیها، و لا عبرة بقدرته علی غیرها، لأنه قال: لو وصل الیها و لو مرة واحدة فهو أملک بها، و ان لم یصل الیها فی السنة کا لها الخیار».. و من تأمل بألفاظ المفید هذه، و قارن بینها و بین الروایات عن أهلالبیت علیهمالسلام یجد أن الشیخ المفید قد اقتبسها من الروایات بالذات.
و اذا علمت بالعنن و رضیت به سقط حقها فی الخیار، و لا یجوز لها العدول بحال، قال صاحب الجواهر: «اذا ثبت العنن فان صبرت عالمة بالعنن و بأن لها الخیار فلا خلاف فی عدم الخیار لها بعد ذلک اذا ارادته، لأنه حق یسقط بالاسقاط، و لقول الامام علیهالسلام: متی اقامت المرأة مع زوجها بعد ما علمت أنه عنین، و رضیت به لم یکن لها خیار بعد الرضا».
و اذا علمت بالعنن، و لم تصبر رفعت أمرها الی الحاکم، و یؤجله الحاکم
بدوره سنة کاملة من حین المرافعة علی أن تساکن الزوج طوال فصول السنة، و لا تمتنع عنه أبدا، فان واقعها فلا خیار لها، و الا کان لها الفسخ اجماعا و نصا، و منه قول الامام الباقر أبیالامام جعفر الصادق علیهماالسلام: العنین یؤخر سنة من یوم مرافعة امرأته، فان خلص الیها، و الا فرق بینهما، و ان رضیت أن تقیم معه، ثم طلبت الخیار بعد ذلک یرد طلبها.
و قال بعض الفقهاء: ان السر فی تحدید مدة التأجیل بسنة هو أن یمر الرجل فی الفصول الأربعة، اذ من الجائز أن یتعذر الجماع علیه لحرارة فی جسمه فتزول فی الشتاء، أو برودة فتزول فی الصیف، أو یبوسة فتزول فی الربیع، أو رطوبة فتزول فی الخریف.
و ذا فسخت حیث یجوز لها الفسخ فلها نصف المهر، و لا عدة علیها، فقد جاء فی الصحیح بشهادة صاحب المسالک عن الامام الباقر أبیالامام جعفر الصادق علیهماالسلام: «فان وصل الیها و الا فرق بینهما، و أعطیت نصف الصداق، و لا عدة علیها».
و لها أن تفسخ دون أن تستأذن الحاکم، و انما ترجع الیه لضرب الأجل فقط، لأنه من وظائفه، أما الفسخ فهو حق خاص بها لا یتصل بالحقوق العامة من قریب أو بعید، تماما کغیره من الخیارات.