نذکر فی هذه الفقرة الشروط التی لا بد من توافرها فی الهبة بشتی أنواعها:
1 – الایجاب من الواهب، و القبول من الموهب له، و یکفی کل ما دل علی التراضی من قول أو فعل، قال صاحب الجواهر: «السیرة القطعیة متحققة فی المقام علی حصول الهبة بالمعاطاة».
و قال السید الیزدی فی الملحقات: «الا قوی کفایة المعاطاة فی الهبة، و انها تفید الملک».
2 – أن یکون کل من الواهب و الموهوب له عاقلا بالغا مختارا، لأن الهبة ایجاب و قبول و قبض، و القاصر و المکره لا یصح ایجابه و لا قبوله و لا قبضه، و للوصی و الولی أن یقبلا الهبة للقاصر، مع المصلحة.
و لا تصح الهبة من المحجر علیه لسفه أو فلس، لأنه ممنوع من التصرفات المالیة، و تصح الهبة له.
3 – ان یجوز تملک الموهوب له للشیء الموهوب، فلا تصح هبة المصحف لغیر المسلم.
4 – لا تصح هبة ما سیوجد، کالثمرة المتجددة، و ما تحمله الدابة فی المستقبل،
لأن الهبة تملیک فی الحال. قال صاحب مفتاح الکرامة: «و منه یعلم عدم صحة هبة دهن السمسم قبل عصره، و زیت الزیتون قبل استخراجه، و ما یجری مجراه، لأنه فی حکم المعدوم.. و قد جوزوا الوصیة بالمعدوم، کالثمرة المتجددة، لأنها لیست تملیکا فی الحال».
5 – اتفقوا علی أن القبض شرط، ولکنهم اختلفوا: هل هو شرط لصحة الهبة، بحیث لا تنعقد الا به، أو هو شرط للزوم، بعمنی أن الهبة تتم و تنعقد بلا قبض؟
و تظهر الثمرة بین القولین من وجوه: الأول أن النماء المتخلل بین العقد و القبض یکون للواهب اذا کان القبض شرطا للصحة و للموهوب ان یکن شرطا للزوم. الثانی أن نفقة الشیء الموهوب ان احتاج الی نفقة تکون علی الواهب ان اعتبرنا القبض شرطا للصحة، و علی الموهوب ان اعتبرناه شرطا للزوم. الثالث أن الشیء الموهوب یکون میراثا ان مات الواهب قبل القبض بناء علی أنه شرط للصحة، اما بناء علی أنه شرط للزوم یکون الوارث بالخیار، ان شاء أقر هبة مورثة، و ان شاء فسخها. الرابع أن قبض الموهوب له للشیء الموهوب لا یصح الا باذن الواهب، ان کان القبض شرطا للصحة، و یصح القبض بلا اذنه، ان کان شرطا للزوم.
و قد ذهب المشهور بشهادة صاحب الحدائق، و ملحقات العروة الی أن القبض شرط للصحة، لا للزوم، و ان الهبة لا تنعقد، و لا تتم الا بالقبض، و استدلوا علی ذلک یقول الامام الصادق علیهالسلام: الهبة لا تکون أبدا هبة، حتی یقبضها.. و ما خالف هذه الروایة فهو شاذ متروک.
و یتفرع علی ذلک أن القبض لا یصح الا باذن المالک.. و یجوز أن یتأخر
القبض عن الایجاب و القبول، و لا یعتبر اتصاله بهما، و لا حصوله فی مجلس.
6 – اتفقوا علی أن الموهوب یجوز أن یکون عینا معلومة فی الخارج، و جزءا مشاعا من عین، و کلیا فی شیء معین، کصاع حنطة من هذه الصبرة، حیث لا مانع من القبض فی شیء من ذلک.
أما الدین فان کان فی ذمة الموهوب له فتصح هبته، و الهبة هنا تفید فائدة الابراء الذی لا یشترط فیه القبول عند أکثر الفقهاء. قال صاحب الجواهر: «تصح الهبة لمن علیه الحق بلا خلاف أجده، بل فی بعض کتب مشایخنا الاتفاق علیه، و لعله لصحیح معاویة بن عمار عن الامام الصادق علیهالسلام، قال: سألته عن الرجل یکون له علی الرجل دراهم، فیهبها له، أله أن یرجع فیها؟ قال: لا».
و لا تصح هبة الدین لغیر من هو علیه عند المشهور، لأن القبض شرط فی صحة الهبة، و ما فی ذمة غیر الموهوب له یمتنع قبضه، لأنه کلی، لا وجود له فی الخارج.
7 – لا یشترط العلم بمقدار الشیء الموهوب، فیجوز هبة ما فی الکیس، و هبة حصة شائعة من عین مجهولة الکم و المقدار، کنصف هذا البستان مع عدم العلم بمساحته.
و قال السید الیزدی فی ملحقات العروة: تجوز هبة الفرد المردد، کأحد هذین.