یشترط فی المزارعة:
1 – الایجاب من صاحب الأرض، و القبول من العامل، و یتحققان بکل ما دل علیهما من قول أو فعل.
2 – أهلیة المتعاقدین لمباشرة العقود العوضیة.
3 – أن تکون حصة کل منهما من النماء معلومة و مشاعا بینهما بالتساوی أو بالتفاوت حسب الاتفاق، قال الامام الصادق علیهالسلام: لا تتقبل الأرض بحصة مسماة – أی کعشرین أو ثلاثین – ولکن بالنصف أو الثلث أو الربع أو الخمس. و عنه علیهالسلام فی روایة أخری: لا بأس بالمزارعة بالثلث و الربع و الخمس.
و یتفرع علی هذا الشرط أنه لو جعل النماء بکامله لاحدهما، أو شیئا معینا له، کقنطار – مثلا – و الباقی للآخر، أو یختص سهمه بما تنتجه الأرض أولا، أو بجانب خاص منها، أو بالذی یحصل من احدی القطعتین لو وقعت المزارعة علی أکثر من واحدة – کل هذه الشروط و ما الیها تفسد المزارعة، و تخرج العقد عن وضعها، لمنافاتها، لا شاعة الحصة التی هی شرط فیها.
و قد اختلف الفقهاء فی مسألتین تتصلان بهذا الشرط: الأولی اذا اشترطا اخراج مقدار معین من النماء، کالبذر، أو ضریبة السلطان، أو ما یصرف فی اصلاح الأرض، أو غیر ذلک، و ما زاد فهو بینهما.
و قد ذهب المشهور بشهادة صاحب المسالک الی عدم الجواز، اذ من الممکن أن لا تنتج الأرض الا المقدار المستثنی، فیبقی الآخر بلا شیء، و هو مناف لما ثبت من وضع المزارعة و قیامها علی اشتراک المتعاقدین فی النماء علی الاشاعة.
و قال جماعة، منهم الشیخ الطوسی من القدامی، و صاحب الجواهر من الجدد، قالوا بالجواز.
و قال السید أبوالحسن الاصفهانی فی وسیلة النجاة، و السید الحکیم فی منهاج الصالحین: «یجوز هذا الشرط اذا علما أو اطمأنا ببقاء شیء بعد اخراج المقدار، و الا یکون الشرط باطلا». أی أن جواز الشرط و صحته یتوقف علی أن یبقی شیء یقتسمانه بعد اخراج المقدار المستثنی.
و یرجع قول هذین السیدین فی حقیقته الی ما ذهب الیه المشهور من المنع خشیة أن لا یبقی شیء للآخر، و السیدان اجازا الشرط، مع العلم ببقاء شیء.
المسألة الثانیة: اذا اتفقا علی أن یعطی أحدهما للآخر مالا، أو یعمل له عملا بالاضافة الی حصته.
و قد ذهب المشهور الی صحة الشرط، و وجوب الوفاء به، قال صاحب الجواهر: «هذا هو المشهور، بل علیه عامة المتأخرین.. بل لم یعلم القائل بعدم الجواز». لحدیث: «المؤمنون عند شروطهم». و لقول الامام الصادق علیهالسلام: لیس لک أن تأخذ منهم شیئا، حتی تشارطهم.
4 – تعیین الأرض، فلا تصح المزارعة علی احدی القطعتین علی التردید..
أجل، تصح علی دونمات معلومات من قطعة معینة، کما لو قال: زارعتک علی عشر دونمات من هذه القطعة، و یکون تعیین مکان الدونمات لصاحب الأرض.
5 – صلاحیة الأرض و أهلیتها للزراعة، و لو بالعمل و العلاج.. و هذا الشرط بدیهی لا یحتاج الی دلیل بعد أن کانت الزراعة هی الموضوع المقصود من الاتفاق.. و یجب اعتبار هذا الشرط ابتداء و استدامة، فاذا حدث ما یمنع من الانتفاع بزراعة الارض کشف ذلک عن بطلان المزارعة من الأساس، لفوات الشرط فی المدة الباقیة.. و لا شیء علی المزارع للمالک و لا علی المالک للمزارع، لأن حصتهما انما هی فی النماء، و قد تعذر.
و قال صاحب الجواهر: «ان أخذت الزراعة موردا و قیدا للعقد، ثم انکشف عدم صلاحیة الأرض یبطل عقد المزارعة، و ان کانت الأرض هی محل العقد و مورده، والزراعة داعیا لا قیدا یصح العقد، و یکون المزارع بالخیار، لا مکان الانتفاع بالأرض فی جهة أخری».
و یلاحظ:
أولا: ان الزراعة هی نفس الموضوع لعقد المزارعة، فاذا انتفت انتفی العقد، و لا وجه للتفصیل.
ثانیا: اذا کانت الزراعة داعیا لا قیدا فالواجب لزوم العقد، و الخیار لا وجه له.
ثالثا: ان الفرق بین القید و الداعی، و ان کان صحیحا من الوجهة النظریة و الدقة العقلیة، لکنه بعید عن افهام عامة الناس، و لا یفرق بینهما الا الخاصة.. و بدیهة أن الأحکام الشرعیة منزلة علی الافهام العرفیة، لا الدقة العقلیة.
6 – تعیین المدة بالأیام أو الأشهر أو السنین، و یجب أن تتسع لبلوغ الزرع و ادرکه، قال الامام الصادق علیهالسلام: «یتقبل الأرض بشیء معلوم الی سنین مسماة».
و اذا اطلق، و لم یعین المدة یحمل الاطلاق علی ما عهد و عرف، فان لم یکن عرف بطلت المزارعة.
و تجوز المزارعة علی أکثر من عام علی شریطة الضبط، قال الامام الصادق علیهالسلام: لا بأس بقبالة الأرض من أهلها عشر سنین، و أقل من ذلک، و أکثر.