و هما مشروعان اجماعا و نصا، و منه ما تواتر عن الرسول الأعظم صلی الله علیه و آله و سلم: «لا سبق الا فی نصل، أو خف، أو حافر». و فائدتهما التمرن علی مباشرة النضال و الاستعداد، لممارسة القتال دفاعا عن الدین و الوطن.
و یدخل فی الحافر الخیل و البغال و الحمیر، و فی الخف الابل و الفیلة، و فی النصل السیف و السهم و الحراب، و اتفق الفقهاء کلمة واحدة علی أن هذه الأشیاء تجوز المسابقة بها علی عوض، لأنها منصوصة، و أیضا اتفقوا علی أن المسابقة بغیرها علی عوض لا تجوز، کالمسابقة بالمصارعة و السفن و الطیور، و بالعدو علی الأرجل، و برفع الأثقال و الأحجار و رمیها، و ما الی ذلک مما لم یرد فیه نص، و اختلفوا فی جوازها بلا عوض.
فذهب المشهور بشهادة صاحب الجواهر الی الجواز، و قال البعض بالتحریم، و سبب الاختلاف هو أن الباء من سبق فی حدیث: «لا سبق الا فی نصل أو خف أو حافر» هل هی مفتوحة أو ساکنة، فان کانت مفتوحة فمعنی الحدیث أن المال لا یبذل فی المسابقة الا بالخف و الحافر و النصل، و علیه تجوز المسابقة بغیر هذه الثلاثة بلا مال و عوض، و ان کانت ساکنة فالحدیث ینفی مشروعیة المسابقة من الأساس بعوض کانت أو بغیر عوض الا فی الثلاثة المنصوصة.. قال صاحب الجواهر: «فتح الباب هو المشهور – فالحدیث اذن – لا یدل الا علی عدم مشروعیة بذل العوض فی غیر الثلاثة، فیبقی غیرها علی أصل الجواز – أی المسابقة مع عدم العوض – و ان احتملنا الأمرین: فتح الباء و سکونها تسقط دلالة الحدیث، ویبقی أصل الجواز».
و نحن علی رأی صاحب الجواهر، حیث یری جواز المسابقة بالمصارعة و بالطیور و السفن، و بالعدو، و رفع الأثقال، و بالکتابة، لمعرفة أی الخطین أجود، و ما الی ذاک اذا لم تکن بعقد ملزم. و یجوز للسابق ان یأخذ المال من الدافع علی سبیل الوعد، بحیث له الوفاء به، والعدول عنه لعدم الدلیل علی التحریم، و الأصل الجواز.
قال صاحب الجواهر ما نصه بالحرف:
«ان التحقیق هو الحرمة و عدم الصحة ان أرید ایجاد عقد السبق بذلک، اذ لا ریب فی عدم مشروعیته بعوض أو بغیر عوض،(1) و لو للأصل، فضلا عن
النهی فی حدیث الحصر – و هو لا سبق الا فی نصل أو خف أو حافر – أما فعله لا علی وجه کونه عقد سبق فالظاهر جوازه للأصل، و السیرة المستمرة علی فعله فی جمیع الاعصار و الامصار من العوام و العلماء، و ما روی من مصارعة الحسن و الحسین علیهماالسلام و مکاتبتهما، و التقاطهما حب قلادة أمهما.. بل لا یبعد جواز العوض علی ذلک، والوعد به، مع استمرار الرضا، لا علی أنه عوض شرعی».
1) لا یشرع مع العوض، لأنه قمار، و لا من غیر عوض لانه لیس تملیکا لعین و لا لمنفعة، حتی یکون هبة أو عاریة، أو ما اشبه، و لیس فی الشریعة الاسلامیة عقد خال من التملیک و التملک من سائر وجوهه.