جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

الحق المضمون

زمان مطالعه: 3 دقیقه

قالوا: یشترط فی الحق المضمون أن یکون ثابتا فی الذمة، فلا یصح أن تقول لشخص: اعط فلانا علی حسابی، و علی ضمان ما تعطیه، لأنه لم یثبت فی الذمة شی‏ء یتعلق به الضمان، و قد أجمع الفقهاء علی ذلک قولا واحدا.

ولکن العقلاء و أهل العرف یرون مثل هذا القائل مسؤولا و ملزما بتعهده، فما هو طریق الجمع بین بناء العقلاء علی صحة هذا التعهد، و اجماع العلماء علی فساد الضمان؟

الجواب: لیس من الضروری اذا لم یصح ضمانا مثل قوله: اعط فلانا، و أنا أعطیک عنه أن لا یصح اطلاقا.. لأن الصحة لا تنحصر بالضمان، و لا بالعقود

المسماة، فالمهم أن یصدق علی التعهد اسم العقد حقیقة عند أهل العرف، و التعهد المذکور یصدق علیه اسم العقد کما هو المفروض، فیشمله الا أن تکون تجارة عن تراض، و اوفوا بالعقود، و المؤمنون عند شروطهم.

و یجوز ضمان ما ثبت فی الذمة ثبوتا جائزا، لا لازما، کالمهر قبل الدخول، و ثمن المبیع فی زمن الخیار، لأن تمام المهر لا یستقر الا بالدخول، کما أن ثمن المبیع لا یستقر الا بعد مضی ز من الخیار، مع عدم الفسخ.

و قال الفقهاء: یجوز أن تضمن النفقة السابقة للزوجة، و لا یجوز ضمان النفقة المستقبلة، لأنها غیر ثابتة بالفعل، کما أنها عرضة لعدم الثبوت فی المستقبل بالنشوز أو الطلاق أو الموت.

و الذی نراه هو صحة ضمان النفقة المستقبلیة، لا لوجود المقتضی فقط، و هو الزوجیة، بل لأن هذا التعهد یصدق علیه اسم العقد فی نظر العرف، فیشمله (أوفوا بالعقود) تماما کما هو الشأن فی تعهد من قال: أعط فلانا و أنا أعطیک عنه، أما ان الزوجة عرضة للنشوز و الطلاق و موت الزوج فجوابه ان وجوب الوفاء بکل عقد علی حسب مقتضاه، فیجب أن ینفق المتعهد علی الزوجة مادام سبب الانفاق قائما.

و قال الشیخ أحمد کاشف الغطاء فی «وسیلة النجاة» باب الضمان: القول بصحة نفقة الزوجة للمستقبل لیس ببعید ان لم یکن اجماع. و قال السید کاظم الیزدی فی العروة الوثقی باب الضمان مسألة 38: «لا مانع من ضمان ما لم یجب بعد ثبوت المقتضی، و لا دلیل علی عدم صحته من نص أو اجماع، و ان اشتهر فی الألسن، بل فی جملة من الموارد حکموا بصحته. و قال فی المسألة 35: لا یبعد صحة ضمان النفقة المستقبلة للزوجة لکفایة وجود المقتضی و هو الزوجیة.

و لا یشترط فی صحة الضمان علم الضامن بمقدار الدین و جنسه، قال الامام الصادق علیه‏السلام: لما حضر محمد بن اسامة الموت دخل علیه بنوهاشم، فقال لهم: لقد عرفتم قرابتی و منزلتی منکم، و علی دین أحب أن تقضوه عنی، فقال علی بن الحسین علیه‏السلام: علی دینک کله.

فقد ضمن الامام علیه‏السلام دیون ابن‏اسامة دون أن یعلم مقدارها، أجل، لابد من المعرفة بالجنس و المقدار عنه الوفاء، لتوقفه علیه.

و لا یلزم الضمان الا بوفاء ما ثبت من الدین بالبینة، أو ما علم به هو بطریق من الطرق، علی أن یکون ثابتا وقت الضمان، لا ما یتجدد بعده کما قال الفقهاء، و لا ما یقر به المدین بعد الضمان، لأن الاقرار حجة قاصرة علی المقر وحده، و لا تتعداه الی غیره.

و اذا کان الضمان مطلقا غیر مقید بوقت من الأوقات یکون تابعا للدین لأنه فرع عنه فیؤجل الوفاء من الضامن ان کان الدین المضمون مؤجلا، و یعجل ان کان معجلا.

و یجوز ضمان الدین الحال بمؤجل، و المؤجل بمعجل، أو بزیادة الاجل، و بکلمة ان کل ما یتفق علیه الضامن و المضمون له فیما یعود الی التأجیل و التعجیل فهو صحیح و جائز، لأن الاجل حق لمن هو له فیجوز تأخیره، و تقدیمه برضا الطرف الآخر، و یجوز له اسقاطه اطلاقا، و فی جمیع الحالات لا یجوز للضامن أن یرجع علی المضمون عنه الا بأمرین: الأول أن یحل أجل الدین، لا أجل الضمان، الثانی أن یؤدی الضامن الدین للمضمون له، فاذا لم یؤده فلا یرجع علی المضمون عنه، حتی ولو حل أجل الدین، و اذا لم یحل الا جل فلا یرجع علیه، حتی ولو أدی الدین.

و یجوز لکل من الضامن و المضمون اشتراط الخیار مدة معینة، لعموم أدلة وجوب الوفاء بالشرط.